المرأة التي قالت لا.. في «ليلة العيد»

.
.


كتبت- صفاء عبد الرازق*

المرأة التي قالت لا هي المرأة الأكثر جرأة من بين كل النساء، حين تصرخ وتفيق وتبتعد، فترفض الذل والعنف والإهانة، لذلك هي الجزء الأهم فى الحكاية.

فيلم" ليلة العيد" يدور فى جزيزة على ضفاف النيل، يعيش سكانها في معزل واستقلال بعيدًا عن زحمة المدينة نسبيًا، فنجد عزيزة "يسرا" تعول زوجها المتقاعد حسين "سيد رجب"، الذي يعرف جيدًا أنها مطمع وأن صاحب الفيللا شريف "أشرف فايق" يحاول التحرش بها دائما، لكن الزوج لا يمانع طالما يحصل على المال.

عرَّى فيلم "ليلة العيد" المعاناة في حياة النساء، متجسدة في أشكال مختلفة، العنف الزوجي، الاستغلال الجنسي والديني، والعنف الأسري، وزواج القصرات وتشويه الأعضاء التناسلية "الختان"، الذي يرفضه الدين الإسلامي وجميع الأديان السماوية، وكذا حقوق الإنسان.

كشف الفيلم مفاهيم جديدة في المناطق النائية فيما يخص تنميط وضع المرأة هناك، وهو ما يعبر عن جهل قطاع كبير من سكان تلك المناطق، بحقوق المرأة، خاصة الجهل بجُرْم ختان البنات، رغم أن القانون يعاقب على هذه العادة، فالنموذج  المستنير في الفيلم، وهي الأم هدي "نجلاء بدر" ترفض ختان ابنتها، إلا أن الجدة "عارفة عبد الرسول"، وهي امرأة عنكبوتية يتجسد فيها التسلط المجتمعي المعتاد، تصر على ختان الطفلة وتجبر والدها على هذا الفعل، ما يؤدي إلى هروب الأم وابنتها من الجزيرة.

ومن خلال تلك الجدة، حاول المخرج سامح عبد العزيز أن يكشف عن الوجه الآخر للنساء، فهي متسلطة وتلصص على ابنها  شعبان "محمود حافظ" وزوجته "نجلاء بدر"، وهذا معتاد في مجتمعنا المصري، خاصة في المناطق الأكثر فقرًا، حيث يسكن الرجل مع أمه.

 حاول المؤلف أحمد عبد الله أن يرصد حكايات معتادة يومية، تتسبب في وضع نفسي مرير، تقع فيه النساء، نتيجة التنميط لشكل معين للمرأة التي تميل إلى ممارسة الرياضة العضلية "رفع اثقال"، فنجد منال "يسرا اللوزي"، تتعرض للتعنيف المتكرر من قبل والدها الذي يصر على أنها امرأة وليست رجلًا، وبالتالي لا يصح أن تمارس "تلك الألعاب التي تفقدها أنوثتها"، كما رصد الفيلم العنف الأسري من خلال شخصية عنتر "أحمد خالد صالح" الذي يعذب زوجته "ريهام عبد الغفور" بأسوأ أنواع العذاب النفسي والبدني، فهو زوج مدمن، يتعاطى المخدرات بصورة شبه يومية ويمارس معها العلاقة بالإكراه والاغتصاب، ويقدم على حلق شعرها أمام المنطقة، لتكون عبرة للجميع.

 الفيلم حاول جاهدًا أن يصنع وجبة دسمة للمشاهد، لكن دون أن يلجأ إلى التفاصيل الخاصة بكل شخصية، فمر على شخصية مختلفة ومتميزة، تعارض أفكارًا مجتمعية سائدة، وهي منال، مرور الكرام، دون تركيز على معاناتها. 

 فضح الفيلم عادة ذكورية، ناتجة عن خلل مجتمعي دائما ونفسي أحيانًا، نراها في مسعود" أحمد عبد الله" الذي يجبر شقيقته نهلة "هنادي مهنا" على الزواج من رجل مسن ترفضه، وتتكرر المأساة فى ليلة العيد، بتزويج قاصر، وهي الطفلةعايدة.

ونلاحظ أيضًا أن المخرج سامح عبد العزيز شخصية كرر شخصية فرحانة "سميحة أيوب" التي استخدمها من قبل في فيلم" ساعة ونصف"، في نموذج جسدته وقتها الراحلة كريمة مختار، أما عزيزة "يسرا" فهي نفسها بملامح المرأة المغلوبة على أمرها في الفيلم القديم سمية الخشاب، مع بعض التغييرات.

حاول الفيلم على استحياء أن يبرز مجتمعًا، يحاول رغم المعوقات، أن ينهض بأي شكل من الأشكال، في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية تحكم المجتمع من أمعائه، وهي نقظة ضوء مستقبلية جيدة، خاصة بالنسبة إلى المرأة، التي شهدت وستشهد في الأيام المقبلة، قوانين متغيرة تحمي النساء من العنف المحيط..

 

 

* عضو مجلس إدارة بجمعية الفيلم

 

 

ترشيحاتنا