فيلم «مقسوم».. عندما تنجو النساء مرتين

.
.

كتبت- صفاء عبد الرازق

أجمل الحكايات حكاية النساء، لأنهن دائماَ مختلفات، حكاياتهن تصنع مزيجًا من التوتر والادعاء، فنجدهن يحاولن النجاة من الحياة مرتين، مرة من سطوة الطبيعة على أجسادهن ومرة عندما يُخدعن بها.

في السينما دائما تترك المرأة أثرًا في سرد الحكاية، فنجد "مقسوم" فيلما بسيط لكنه يحمل مشاكل المرأة فى عالم مختلف، يثير شغفك ويطرح أسئلة متعددة لماذا النساء تعساء؟!.

فيلم "مقسوم" يحكي حكاية ثلاث نساء مختلفات عن بعضهن البعض، لكن يجمعهن شغف الموسيقى والحياة، وتختار إحداهن البعد من أجل حياة مستقرة لتفوز بـ"اليانصيب" وهو الاستقرار الذي سعت إليه بقوة لدرجة سرقة زوج صديقتها، نرى في الفيلم مشاكل من نوع خاص، مشاكل الطبقة التي تحاول أن تنجو من التلاشي من الحياة، ومن الوجع النفسي ومن العنف الأسري  .

 

يبدأ فيلم مقسوم بمشاهد من فترة التسعينيات لفرقة من ثلاث بنات اسمها "صاحبتي" ليمرر للمشاهد حياة هؤلاء فى الماضى، حين كان لهن وجود في فترة سابقة، ورغم كونهن صديقات إلا أنهن يتفرقن لأسباب عدة، عندما تخون رانيا (أسماء إبراهيم) صديقتها هند (ليلي علوي) بخطف زوجها وهو (سيد رجب)، الذي يحاول دائما أن يسيطر عليها بشتى الطرق الممكنة لإبعادها عن أصحابها مرة أخرى، وعندما تحاول إحدى شركات الدعاية أن تقيم حفلا لهن، أما إيمي (شيرين رضا) فكانت تعكس شخصية  شيرين رضا نفسها، فهي الست الذكية التي لا تسعى إلى الحب -عكس صديقتها هند- وكل محاولاتها الغرامية المتعددة تتناسب معها.

حاول المؤلف هيثم دبور والمخرجة كوثر يونس أن يُظهرا الجانب الخفي من الأفكار المتشددة التى كنا نعتقد أنها اختفت مع الحداثة المُطردة في عالم مليء بالسوشيال ميديا، لكن أخفق المؤلف -فى تقديري- عندما حاول أن يبرز هذا التشدد بشكل عشوائي وغير منطقي، خاصة في المشهد الذي حاولت فيه "هند" أن تطلب مشروبها من مكان مخصص لبيع الهدايا الفرعونية.

فيلم مقسوم حاول أن يضع نساءه في مأزق نفسي مثير للشفقة، أولا لأن الحياة لديهن سطحية والإجبار على التخلي سهل، مما ساعد ابنة إيمي "شيرين رضا"، تخفي عن أمها حملها من زوجها طارق "محمد شاهين" لخوفها من تكرار هروب زوجها الذي يكره تحمل المسئولية، فنجد أن شخصية إيمي تمثل الطبقة الأكثر استمتاعًا بالحياة، ممن يذهبن الى دكاترة التجميل، ليخفين تقدمهن فى العمر.

من المشاهد المعبرة والأجمل فى الفيلم، الانهيار الكامل لعالم "رانيا"، عندما تقرر أن تتخلص وتتحرر من الحياة الروتينية التي أجبرت عليها، من سيطرة وعنف زوجي، فتسقط فى المياه وتغتسل.

فى الواقع، فإن المخرجة كوثر يونس قدمت السجون النسائية، بشكل خفيف الظل دون اللجوء إلى عنف بدني أو نفسي، فكان للسجن دور فى تلطيف الأجواء بين الأصدقاء الثلاثة بعد خلافات دامت ثلاثين سنة.

حاول "مقسوم" أن يبرز عالم آخر للنساء الذين يعانون من مشاكل مختلفة، عكس ما تتعرض له بعض النساء الأخريات فى المجتمعات الأكثر فقرًا، لكنها فى النهاية مشاكل نفسية أكثر تعقيدًا، جاءت عوامل وتراكمات الزمن.

نجح الفيلم فى إظهار سيد رجب في شخصية الزوج المتسلط الذي يحب ويبحث عن زوجته "أسماء إبراهيم" فور هروبها من البيت، بعد اتصال "سارة عبد الرحمن" لإقناعها بحفل شركة الدعاية.

لكن أخفق الفيلم وتحديدا المؤلف هيثم دبور فى عدم التجديد فيما يخص حكاية النساء الثلاثة التي قُدمت من قبل فى عدة أفلام، أهمها "أحلى الأوقات" و"حب البنات"، وغيرهما من الأعمال السينمائية، التي بحثت من خلال بطلاتها عن الحب والذات .

"مقسوم"، فيلم خفيف يجعلك تتوقف لحظات وتبتسم وتعترف أن الحياة تستحق المحاولة.

 

 

ترشيحاتنا