وسط المشكلات، هناك من طوعوا أنفسهم لإشعال شمعة، تضيئ طريقًا للحل.. محمد طاهر، الذي يحلو له تلقيب نفسه بـ"زعيم عصابة البهجة" أطلق مبادرة تحت اسم: "خلوا الونس يسري"، عبارة عن سرد مشكلات أصدقائه على صفحته بـ"فيس بوك" والدعوة إلى مناقشتها وطرح حلول لها.

يقول طاهر: "الفكرة بدأت بشكل عفوي، بقالي سنتين تقريبا بستقبل رسايل فيها فضفضة وبوح، وحكي ناس عن هموم ومشاكل وأزمات شخصية ونفسية وعاطفية وأسرية، كان بيلفت انتباهي إن كتير قادرين يحكوا لحد مايعرفوهوش، تفاصيل غاية في الشخصانية والخصوصية، لأنهم مش لاقيين حد قريب منهم يسمعهم".

ويضيف: "ناس كتير عندها طاقة مشاعر رائعة، لكنهم بلا صديق يستوعبهم بكل أخطائهم ومشاكلهم وعقدهم وكلاكيعهم، بيدوروا على ونس وأمان ودفا وسند ومحبة، وحد يسمع ويطبطب من غير ما ينصح ولا يصنّف ولا ينصب لهم محاكم أخلاقية.. ناس كتير غرقانة في الشاشات فتحول تواصلهم الإنساني مع اللي حواليهم إلى رسايل إليكترونية وشات عابر، لأنهم فقدوا قيمة الصداقة المباشرة، فمن هنا بدأت تنفيذ (خلوا الونس يسري) من أكتوبر قبل الماضي". خلال أيام تحولت الفكرة من الواقع الافتراضي على الانترنت إلى حقيقة على الأرض، يقول: "بدأت أرتب لقاءات جماعية نلتقي فيها، نتعارف ونتكلم ونسمع بعض ونستوعب وعملت حاجة اسمها (عهد الونس)، كإطار عام للقاءات، عشان تكون فرصة لاستفزاز الإنسانية اللي جوانا، وبناء شخصيات أسلم وأنبل وأطيب".

زعيم البهجة يوضح: "العهد ده بيشترط على إن كل حد في الونس يتعامل بنبل وإنسانية مع الكل، ويكون مساحة آمنة لكل اللي حواليه، ونصه: لا يظلم ولا يجرح ولا يستغل ولا يخون ولا يخوّن ولا يكذب ولا يلعب بمشاعر حد ولا يصنّف ولا يقيّم ولا يحاكم، فقط يسند ويطبطب ويستوعب وتعامل بأقصى قدر من حسن الظن وحسن النية".

وعن النتائج يؤكد: "غالبية اللي دخلوا الونس حياتهم اتغيرت. فيه ناس كانت بتفكر في الانتحار، وفيه ناس كانوا فقدوا القدرة على الكلام، والتواصل مع اللي حواليهم، حتى كلامهم كان تهتهة، حاليا بقوا رائعين وملامحهم زهزهت".

ويرى طاهر أن الأزمات العاطفية هي إنسانية في المقام الأول، "حد حاسس بالوحدة، فبيغرق في مشاعر سلبية، أو يسمح لمشاعر مش سوية تسيطر عليه وتشوه نفسيته، ولما بيلاقوا سند وونس، بيستقووا على ضعفهم، ويتغيروا، وياخدوا قرارات صح في وقت مناسب". ويؤكد: "حاليا عددنا في القاهرة 100 فرد، أعمارهم ما بين 18 و37 سنة، وعندنا فرق للونس في كذا محافظة، ولقاءاتنا بتبقى في الغالب عبارة عن حكي وفضفضة ومناقشات ولعب وغناوي ومسابقات".