الاستثمار عند سور الازبكية.. من بائع كتب متجول الى صاحب دار نشر عالمية

سور الكتب بالازبكية
سور الكتب بالازبكية



. الازبكية وسينما الترسو فسحة الطبقة الشعبية
. يقصدها بعض القادمين من الوجة القبلى لطلب الرزق بالقاهرة . 
.قريبة من سكن المماليك وقصر الالفى بك مقر سكن نابليون قائد الحملة الفرنسية
. وفى شارع فاروق انشأ سينما رمسيس 1931 لجميع المصريين دون تميز طبقى

 

الاماكن حكايات تنبض.. تشعر.. تحس .. تركن عقارب الزمن لتحكى
لنا نقوش على جدار سور او معبد او حائط او حتى تجاعيد على بشرة عجوز ساكن
بجوار السور او يسير حامل قنديل وكتاب ويبقى دائما سور الازبكية شاهد ساكت
على مر السنين يبتسم لنا احيانا ولكنه كثيرا ما يلقى علينا اللوم لماذا تركنا الزمن
ينال من بريقه الذى كان ..
الازبكية
لم تكن منطقة الازبكية من الاماكن السكنية ولكنها كانت متنفس خاص
لسكان القاهرة لوجود مجموعة برك مياة تسير فيها المراكب الخشبية البسيطة
يقصدها بعض القادمين من الوجة القبلى لطلب الرزق بالقاهرة و للساكن متنزة
شعبى بسيط وكانت قريبة من سكن المماليك على مسافة منها بعض القصور
السكنية ومنها قصر الالفى بك مقر سكن نابليون قائد الحملة الفرنسية ( 1798 ـ
1801 ) حتى جاء الخديو اسماعيل ( 1830 ـ 1895 ) من بعثته بالخارج والتى
شاهد فيها تحذيرات اوربية من زيارة القاهرة لانها منطقة وباء بها البعوض
والحشرات بعدها قرر الخديو اسماعيل وضع تنظيم ادارى للبلاد واعادة بناء
القاهرة لتنافس عواصم العالم .. اقام الخديو المبانى الفخمة والقصور واعاد تطوير
منطقة الازبكية وقد جاء بمهندس ، اسمه "متاتيا"  قام بتحديث المنطقة المركزية
لمدينة القاهرة ، وخطط حديقة الأزبكية وصمم دار الأوبرا فى مكانها التاريخى
الشهير قبل أن تحترق وانشا بها حديقة كبيرة تحتوى على الاشجار النادرة التى
جاءت خصيصا لها وعدد من المسارح واضاف اليها البعد الجمالى وسور خاص
للحديقة مبنى على الطراز الاوربى اسفل حجر من الرخام ورصيف يجلس عليه
بعض الماره من تعب اليوم . واقام عمارة تحمل اسم المهندس الايطالى اسفلها
قهوة متاتيا و قد جلس على مقاعد هذا المقهى شخصيات ذات أسماء رنانة فى
تاريخنا ، أبرزهم على الإطلاق جمال الدين الأفغانى الذى ألقى أول خطاب سياسى
له من هذا المقهى كما أسس من خلاله أول حزب سياسى فى التاريخ الحديث

.والزعيم سعد باشا والمناضل التونسى الحبيب بورقيبة وعدد من الكتاب والزعماء


سينما الترسو قبل السور
وتنقسم سينما الترسو الى سينما صيفى وسينما شتوى ..السينما الصيفى هى ساحة
كبيرة مفتوحة ( دون سقف ) الاضاءة بها محدودة ومقسمة الى صالة وبلكون .
والبلكون هو الكراسى الاعلى او الابعد من الشاشة وعادة ماتسم السينما الى صالة
وباكون بسعر مختلف بعض الشئ ويكثر الذهاب اليها فصل الصيف نادر ماتعمل
فى الشتاء واحيانا ماتكون الكراسى متحركه داخل السينما وفى الاسكندرية كانت
البداية الاولى للسينما الصيفى ( سينا توغرافى ) لصاحب الامتياز ( هنرى ديللو )
فى يناير 1897 وهى عبارة عن ساحة كبيرة وضعت فيها الآت العرض السينمائى
وبعد وصول المصور ( بروميو ) الذى استطاع تصوير ميدان القناصل وميدان
محمد على وعرضها بسينما لوميير فى يونيو 1907 اعتبر هذا التاريخ بداية
الانتاج السينمائى المصرى .
والسينما الشتوى هى الشكل الاقرب سينما لها سقف داخل مبنى او منفرده بمبنى
خاص مكان كبير يتسع لعدد من الكراسى وشاشة عرض كبيرة ومقسمة الى صالة
وبالكون واحيانأ ( لوج ) وهو المكان الخاص بعدد محدود جدا من الافراد وعاده
مايطلق عيه ملتقى العشاق او اصحاب الذوق الخاص وكان المكان الخاص
بالعائلات التى تبتعد عن دوشة الصاله والتعليقات المصاحبه للمشاهد .
وبعد ان انشأ المخرج والممثل محمد كريم ( ديسمبر 1896-27 مايو 1972مخرج
مصري بدأ حياته ممثلاً. أخرج للسينما فيليمن كلاهما يحمل اسم زينب، لكن الفيلم
الأول فيلم صامت أُنتج عام 1930، والثاني فيلم ناطق أنتج عام 1952. ارتبط
اسمه مع الموسيقار محمد عبد الوهاب حيث أخرج له الأفلام السبعة التي قام
ببطولتها من الوردة البيضاء حتى لست ملاكاً . كما أخرج فيلم دليلة من بطولة عبد
الحليم حافظ عام 1956، وهو أول فيلم مصري يظهر بطريقة سينما سكوب .
أخرج فيلم أولاد الذوات عام 1932، وهو في رأي البعض أول فيلم عربي ناطق.)
شركة بالاسكندرية لصناعة الافلام ذاد الاقبال على الذهاب الى السينما ربما
لرخص ثمنها بالمقارنة للمسرح او كازينوهات روض الفرج وعماد الدين .. وكان
على اصحاب السينما ان تقسم لاستيعاب العدد الاكبر من الجماهير والطبقات
المختلفة وبالفعل تم تقسيم السينما الواحده الى البلكون لطبقة الاغنياء والصالة
بمسافة اقل من البلكون لابناء الطبقة الوسطى والافندية والترسو وهو المكان
الارخص وخاص بالطبقة الشعبية ولما كان الترسو يمثل مصدر ازعاج شديد لانه
غالبا ماتعلوا فيه الاصوات عند مشاهد العنف و الالفاظ الخارجة عند عرض
المشاهد الحميمية استعانت السينما ( بلطجى ) داخل الترسو يقوم بتنظيم الجلوس
ومحاولة السيطرة ومع صيحات اصوات جمهور الترسو تعرف مدى رضا المشاهد
على الفيلم ( سينما اونطة عايزين فلوسنا ) النداء الاشهر لرواد الترسو وعند

عرض فيلم الفتوة 1957 لم يرضى جمهور الترسو على ضرب فريد شوقى فى اول
الفيلم بالقفا فقام الجمهور بتكسير ابواب وكراسى السينما وتكبد صاحب السينما
الخسائر لدرجة انه رفع قضية على فريد شوقى يطالبة بتعويضة على الخسائر .
وامام عشوائية جمهور الترسو كان لابد من انشاء سينما خاصة لكل فئة يمكنها
المشاهدة بشكل افضل فكانت الحاجة لانشاء سينما للطبقة الراقية والوسطى التى
اعادت على اعتبار فسحة نهاية الاسبوع مشاهدة فيلم جديد .. وكذلك القضاء على
تميز بعض الفئات داخل المجتمع ( سينما ريالتو" و"الكورسال" بالإسكندرية كانت
تخصص مقاعد الدرجة الأولى للأجانب، بينما الدرجة الثانية للمصريين، كذلك كانت
سينما أولمبيا بالقاهرة تخصص مقاعد الجزء الأيمن لأبناء الجاليات الأوربية، بينما
كانت تخصص الجانب الأيسر لأبناء البلد. ) .
وفى شارع فاروق انشأ سينما رمسيس 1931 لجميع المصريين دون تميز طبقى
للاجانب واستمر بناء دور العرض السينمائى مع زيادة انتاج الافلام المصرية 16
حتى وصل الى 67 فيلم عام 1946 وكانت المحاولات الاولى لتلوين بعض اجزاء
من الافلام .

سور الكتب
مع مطلع القرن العشرين واذدهار حركة طباعة الكتب والدوريات المختلفة
نشط بائع الكتب المتجول القادم من الجنوب يحمل عدد من الكتب او بعض
الدوريات ( الهلال ـ الاستاذ ـ المصورـ الكشكول ) ويتجول بين مقاهى وسط البلد
يبيع الكتب فى مشهد اعتاد رواد المقاهى علية يجلس الزبون ويبدأ فى البحث عن
الكتاب المطلوب او يطلب من البائع البحث له عن كتاب معين مع وعد باللقاء فى
ميعاد يحدده ويقوم بائع الكتب بالبحث فى المكتبات المنتشرة بدرب الجماميز او
يالدخول فى مذاد لبيع الكتب وشراء كمية واعادة فرزها او شراء مكتبات كبار
الكتاب . وبعد الانتهاء من عملية البيع والشعور بالتعب من التجوال يذهب بائع
الكتب الى اقرب مكان سور حديقة الازبكية يضع بضاعته اعلى السور الحجرى
ويستريح على الرصيف مستندا على السور .. وكثيرا ماكان يأتى احد المارة ويبدأ
فى تقليب الكتب الموضوعة ساعة الراحة ويشترى منها .. حاول البائع تسهيل
مهمة المشترى فقام برص الكتب بشكل يتيح فرصة رؤية الكتاب واحيانا يلجأ الى
استخدام حبل ورص الكتب عليه ومع الوقت استغنى البائع عن التجوال اليومى
على المقاهى واصبح السور مكان خاص لبيع الكتب مع تقسيم مساحة السور لكل
بائع يفرش عليه بضاعته من الكتب والمجلات والدوريات واصبح للمكان سمعه
خاصة بالاضافة الى اناقة الحديقة والمسرح الخاص والقهوة وكازينو بديعة وكلها
لصفوة المجتمع . تغنى السيدة ام كلثون على مسرح حديقة الازبكية ( اعلان
منشور بمجلة الكشكول مرسوم بيد الفنان الاسبانى سانتيس ) وتقام الاوبرا
ومسرح جورج ابيض .. وقد يعتبر المكان رائع ولكن دائما ما تبدأ عمليات الكر
والفر بين الحكومة وبائعى الكتب حيث ترى الحكومة انه لايصح ان يجلس هؤلاء

الباعة بجوار المنطقة الراقية لاولاد الذوات فكانت كثيرا ماتستخدم خراطيم المياة
لتفريق باعة الكتب الذين عادة مايعودوا الى نفس المكان بمجرد انتهاء الحملة ..
امام حالة الارتباك امر النحاس باشا بتقنين اوضاع بائعى الكتب باقامة اكشاك
خاصة بسيطة بجوار مسرح جورج ابيض وبالفعل اقيم اكشاك لبائع الكتب مما
شجع البعض منهم فى دخول مزاد بيع الكتب والشراء بكميات وتخزينا وراجت
حالة البيع والشراء واستقر الوضع حتى كان حريق القاهرة يناير 1952 والذى
طال قدر كبير من السور .


ثورة يوليو والسور
اهتمت ثورة يوليو بالثقافة مع زيارة الرئيس عبد الناصر لمنطقة
الحسين كثيرا لصلاة الجمعة أمر بانشاء اكشاك خاصة مقفولة لكل بائع واحتفظ
البائع بالكشك الخاص به واصبح مكان ثقافى خاص للكتاب وطالبى العلم وطلاب
الازهر وملتقى مثقفى تلك الفترة جلس عليه نجيب محفوظ لشراء الكتب وخاصة
كتب الفلسفلة وعلم النفس واصبح زبون دائم على المكان واقيم للسور بورصة
خاصة للكتب 1957 تنشر اسعار الكتب فى بعض الجرائد وازدهرت حالة البيع
والشراء خاصة للدوريات واصبح مكان لشراء الكتب والمجلات القديمه واحتفظ
بائع السور ببعض الدوريات للزبون الخاص .. وظل هذا الحال حتى فترة السبيعنات
فترة السبيعنات والسور
هل تؤثر السياسة فى حركة البيع داخل السور الاابة تسمعها دائم
من تجار الكتب فالحالة السياسية والاقتصادية لها تأثير خاص على حركة
الشراءوالبيع داخل السوق .. صراع الرئيس السادات مع اليسار المصرى ادى الى
زيادة الطلب على كتب اليسار التى اصبحت تباع على انها ممنوعات يفرض البائع
سعرة على الزبون وعرف القارئ مكانه والبائع داخل السوق ومعظم مكتبات
اليسار بيعت لتجار السور وحتى كتب المركز الثقافى الروسى التى امر الرئيس
السادات بغلقة كانت كل الكتب هناك داخل السوق .
ومع الوقت وفى اواخر الثمانينات تغير وجه المكان مع التفكير فى بناء جراج
متعدد الطوابق واقامة نفق الازهر وهدم معالم المكان من عمارة متاتيا التى تأثرت
كثيرا بزلزال 1992 واختفاء كازين بديعة لاقامة مول تجارى وخلع اشجار حديقة
الازبكية لبناء مترو الانفاق تغير واختفى السوق وبكت صفحات الكتاب على اطلال
السور وانتشر هناك الباعة الجائلين ببضاعة ليس لها علاقة بثقافة المكان ولكنها
تعبر عن ثقافة مرحلة اختفى فيها مداد القلم وعاد الآلم لبائع الكتب حاول محافظ
القاهرة تعويض اصحاب الاكشاك بمكان اخر خلف حديقة الخالدين بالدراسة ميعاد
بعيد عن الرواد مما دفع البعض منهم الى ترك المهنة التى لم يورثها لابناءة
واختار البعض منهم اماكن اخرى سور حديقة الحيوان وجامعة القاهرة ميدان

الجيزة والبعض منهم اختار منطقة وسط البلد بجوار نقابة المحامين والشهر
العقارى .


سور الازبكية فى معرض الكتاب
بعد الانتهاء من حفر وتشغيل مترو الانفاق حاولت محافظة القاهرة
تعويض تجار سور الابكية ببناء عدد 132 كشك لبيع الكتب والعودة بجوار مطلع
محطة العتبة ومسرح الطليعة ولكن معالم المكان تغيرت سادت العشوائية وباعة
الملابس واصوات سائقى الميكروباص حتى السور تغير من الكتاب الثقافى الى
الكتب الخارجية المستعملة باقل من سعرها ليكتسب السوق مشترى اخر من اولياء
الامور وطلبة المدارس وانتشر الكتب الحديثة باسعار اقل عن المكتبات ووفر
السور ماكينة التصوير لتصوير بعض الكتب النادرة جدل التى ربما لا يمتلك البائع
سوى نسخة واحده . وعانى الكثير من تجار السوق من ضعف البيع وقلة الزبون
حتى فكر الدكتور سمير سرحان ( 1941 ـ 2006 ) رئيس الهيئة المصرية العامة
للكتب فى اقامة سور موازى لسور الازبكية بجوار الهيئة على كورنيش النيل وكان
اقتراح رحب به تجار السوق الا ان تعنت البيروقراطية فقد منعت محافظة القاهرة
اقامت السور لان الكورنيش من اختصاص المحافظة وليس هيئة الكتب وكحل
وسط فكر الدكتور سمير سرحان بتخصيص مساحة لسور الازبكية داخل معرض
الكتاب سنويا باسعار ايجار بسيطة تعويضا عن حالة الكساد فى تجربة ناجحة
سنويا يرتادها رواد معرض الكتاب .
الآن يبقى السور والاكشاك والناس ومحاولات كل يوم لانتشار الكتاب فى اماكن
اخرى لاكتساب مشترى جديد فى سور السدة زينب بجوار محطة المترو وبالشرقية
وهناك بشارع النبى دنيال بالاسكندرية وفى منطقة شبرا بجوار سور مدرسة
التوفيقية كلها صور لسور تحكى وتشهد عن ذكرى كانت ولم يبقى منها الى اطلال
تقاوم البقاء

ترشيحاتنا