«الحقوق السياسية والتمثيل النيابى»: نسعى لنظام انتخابى يُحقق التعبير الحقيقى عن الناخبين

د. محمد عبدالغنى مقرر لجنة «الحقوق السياسية والتمثيل النيابى»
د. محمد عبدالغنى مقرر لجنة «الحقوق السياسية والتمثيل النيابى»

أساس الحوار الإختلاف بين السلطة والمُعارضة

 

تعديل قانون «مباشرة الحقوق السياسية» دون الحديث عن الحريات العامة.. أمر مستحيل

أكرم نجيب

تأتى المبادرة التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى بشأن «الحوار الوطنى»، فى ظروف غاية الأهمية لتُعبّر عن مختلف طوائف وفئات الشعب، وبعد العديد من الجلسات والمشاورات تم التوصل لعدد من لجان هذا الحدث المرتقب وبالتالى مقرر لهذه اللجان، أجرينا حوار مع الدكتور محمد عبد الغنى مقرر لجنة مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابى، والذى أكد أن الحوار الوطنى يمثل انفراجة أمل للأمة المصرية، وجاء بعد أن أدرك الرئيس عبد الفتاح السيسى بوجود حالة من عدم الرضا، وأنه لابد من العمل على بلورة مقترحات للقوانين تتصدى لكل من يتحايل عليها، كما أن مهمتهم اقتراح نظام انتخابى يُحقق الغاية من أى نظام سياسى بجانب شعور الجماهير بجدية الحوار وضرورة سماع كل أصوات السياسيين والخبراء.. وإليكم نص الحوار:
 

الرئيس عبد الفتاح السيسى أطلق مبادرة الحوار الوطنى وأكد أن الخلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية.. فما رأيك فى هذه المبادرة؟
فكرة إطلاق الحوار مهمة جدًا وتعبر عن وعى شديد، وأن الأزمة التى نعيشها سواء سياسيًا أو اقتصاديًا فى حاجة إلى حوار حقيقى بين أبناء المجتمع الواحد لكى يشعروا بأن هناك من يُعبّر عنهم وأن صوتهم مسموع وأن هناك أفكارًا قابلة للطرح من أجل تغيير الواقع إلى الأفضل، وأن كل ما سبق يمكن أن ينصب على التقدير الشديد لهذه الدعوة وللفهم الواسع لمدى احتياجنا لهذا الحوار، ولابد من الإشارة إلى أن وجود حالة حوار داخل المجتمع حاجة ضرورية لأن المواطن إذا شعر فى أى وقت بأن صوته ليس مسموعًا سيصبح ذلك خطرًا كبيرًا على سلامة المجتمع واستقراره سياسيًا واقتصاديًا وحتى أمنيًا، حتى مع الجهد الكبير المبذول للحفاظ على الأمن لكن مع وجود الحوار سيكون ذلك كفيلًا بحفظ الأمن أكثر.


كيف ترى تشكيل مجلس أمناء الحوار الوطنى ولجانه؟ وهل تم تحقيق التنوع المنشود من مختلف التيارات السياسية ؟
لابد أن نتفق بأن طريقة إطلاق الحوار من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسى كانت تعنى أنه حوار بين السلطة والمعارضة التى لم تكن مسموعة، وبالتالى منذ انطلاق الحوار وهناك اتفاق مفهوم على وجود توازن بين القوى المؤيدة للسلطة والقوى المؤيدة للمعارضة تحت مظلة الحوار، كذلك لابد أن ينعكس الحوار على تكوينات مجلس الأمناء واللجان.


هل ترى ضرورة استحداث لجان أخرى للحوار الوطنى غير المُعلن عنها فى التشكيل؟
فى تقديرى أن تنظيم اللجان بشكلها الحالى مناسب جدًا، ونحن بحاجة إلى التركيز على نقاط محددة كلنا نعرفها، فتوسيع دائرة عمل الحوار الوطنى ولجانه ليس فى مصلحتنا وسيستنفد الكثير من الجهد وسيكون بمثابة مضيعة للوقت دون عائد حقيقى، والناس فى حاجة إلى الاقتناع بأن هذا الحوار جاد ومنتج.. فكلما توسعت كلما تفرعت وكلما أعطى هذا شعورا للمواطنين بأنه مكلمة، و»الشعب يريد أن يشعر بإجراءات تُخفّف عنه الظروف الاقتصادية والاجتماعية وتُعطيه الأمل فى مستقبل أفضل، فالحوار سياسى بامتياز ويمثل انفراجة للأمة المصرية التى تشعر بأزمة، وبالتالى الاختيارات فى مراحلها الأخيرة كانت بمثابة رمانة الميزان للعمل على إنجاح الحوار، حيث عكست التوازن بين القوى المختلفة وتوسعت لتشمل معظم الأحزاب وضمان تمثيلها داخل لجان الحوار الوطني، التى تم توزيعها بما يسمح بإضافة كل القوى، وهذا شئ إيجابى جدًا نتمنى انعكاسه على نجاح الحوار واستمراره أثناء إدارة فعالياته بأن تكون هناك رغبة حقيقية فى إقامة حوار جاد، والحقيقة هى أن السياسة دائمًا هى التى تقود المجتمع اقتصاديًا واجتماعيًا، فعندما يكون هناك نظام سياسى لديه انحيازات حقيقية اقتصادية واجتماعية، فهو يعمل عليها، وبالتالى بدء الحوار بالجزء السياسى يضمن فى المستقبل سلامة المجتمع واستقراره، وهو ما سيعطى الشعور للمجتمع بجدية الحوار والأمل فى مستقبل أفضل.


كيف ترى حملات التشويه التى يقودها البعض على الحوار الوطنى؟
هناك نوعان من المهاجمين، أولهما من ينكر ويكذب الحاجة لوجود حوار وطنى بحجة أن كل الأمور بخير وفى أحسن الأحوال، وهذا رد فعل غير مُبرر لأن الرئيس عبد الفتاح السيسى نفسه عندما أطلق هذا الحوار كان يشعر بحاجتنا له، فلا يمكن أن يكون لديه هذا الشعور الواضح والفهم لمشاعر شعبه ويأتى من يقول بأننا لسنا فى حاجة للحوار أو بسرد الموضوع بشكل خاطئ.. أما عن النوع الثانى من المهاجمين فهم أعداء الوطن الخارجون عن مظلة العمل الوطنى، وهذه نقطة شديدة الأهمية لكون أحد مهام الحوار إعادة الاعتبار لتحالف 30 يونيو الذى خرج لحماية مصر وإعادة هذا الوطن إلى أحضان أبنائه ووضعها على المسار الصحيح لتصبح بلدًا يمتلك الديمقراطية ويسمع للصوت الآخر تحقيقًا لما تمنيناه فى دستور 2014، وهو ما يصب فى صالح جبهة تحالف 30 يونيو وأهمية استعادته مرة أخرى، لذا فإن من هاجموا هذا الحوار رفضًا له على أساس أنه لا يوجد حوار ولا أمل هم أعداء الوطن.


ما رأيك فى توقيت إطلاق مبادرة الحوار الوطنى؟
أن تأتى متأخرًا خير من ألا تأتى أبدًا.. ومن المؤكد أن للتوقيت ظروفه وكل لحظة متوافقة مع الضغوط والأحداث المُحيطة بها، ونتمنى دائمًا وجود حوار مجتمعى مستمر، فالتوقيت قد يساعد مصر فى تجاوز الأزمة الاقتصادية والسياسية التى نمر بها، وبالتالى تظهر أهمية التشبث بالأمل ولا نلوم أنه جاء متأخرًا، وهذه نقطة أمل وشُعاع نور نتمسك به ونعمل على تجسيده بأن يكون حالة حقيقية.


هل ترى أن التمثيل النيابى للأحزاب فى مجلسى النواب والشيوخ مناسب لتطلعات القوى؟
إطلاق الرئيس السيسى دعوته للحوار الوطنى، جزء من الذكاء السياسى، وهو اعتراف بوجود مشكلة ومن ثم العمل على حلها، وفى تقديرى أن ما دعا للحوار هو غياب الآليات الطبيعية للحوار، وغاية أى نظام سياسى هو وجود برلمان يعبر بشكل حقيقى عن توجهات الناس وعن آرائها واختياراتها، وأن الكثير من المواطنين يجهلون نواب دوائرهم، وأعتقد أن إطلاق مثل هذا الحوار جزء من معالجة نتمناها أن تكون صالحة لهذا وأن نضع أسسًا لوجود برلمانات فى المستقبل تعبر عن الشعب وتوجهات الناس وأن الضامن الوحيد لتحقيق ذلك شعور المواطن بمن يُعبّر عنه.


ما مهام لجنة مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابى؟
سنعمل على دراسة قوانين مباشرة الحقوق السياسية وقانونى مجلس النواب والشيوخ فضلًا عن قانون تقسيم الدوائر الانتخابية بالإضافة إلى قانون الهيئة الوطنية للانتخابات، وحسب علمى بأن هناك آلاف المقترحات فى شتى المجالات وصلت للأمانة الفنية لإدارة الحوار حتى الآن، وسنطلب ما يخص الجزء السياسى فيها لكى نناقشها، وسنكون معنيين بدراستها ومراجعتها كلجنة، ومهمتنا اقتراح نظام انتخابى يحقق الغاية من أى نظام سياسى، وهو نظام يعبر عن الناخبين بشكل حقيقى، ومجموعة من القوانين تُعالج أخطاء الماضى، وتمنع محاولات مخالفة القوانين أثناء إجراء الانتخابات.


تحدثت عن أهمية القوانين المُرتبطة بالمحور السياسي.. فى تقديرك ما القوانين الأولى بالمُعالجة؟
عندما نتحدث عن الأداء السياسى لا يمكن أن نتصور إمكانية إصلاح قوانين مباشرة الحقوق السياسية دون الحديث عن الحريات العامة، وأتصور أنه لابد أن يكون هناك درجة من درجات التنسيق والتشاور والمراجعة بين اللجان المختلفة للتأكد أن ما سنصل إليه هو ما سيعكس الحالة متكاملة، فعندما أتحدث عن مباشرة الحقوق السياسية لابد أن نتحدث عن قوانين الحريات العامة والحبس الاحتياطى والتظاهر والقوانين المرتبطة بالإعلام وحرية التعبير، هذه الدائرة شديدة الأهمية والتكامل؛ فلن توجد حياة سياسية سليمة فى بلد دون وجود إعلام حر بشكل كامل.


هل الأزمة الحالية فى القوانين؟ أم فى طريقة تنفيذها؟
الأزمة الأساسية ليست فى القوانين ولكن فى عدم تطبيقها، فالقوانين الحالية تمنع تزوير الانتخابات والتلاعب بنتائجها، وتمنع استخدام المال السياسى وتزوير الأصوات، ولكن المشكلة الأساسية فى تطبيق القانون، ونحن سنعمل فى الحوار الوطنى على أن نضع فى القوانين ما يمنع التحايل عليها، وهذا لن يكون إلا بوجود إرادة سياسية سواء فى قبول التعديلات المُقترح وضعها على القوانين.


الحديث عن الحريات العامة يعتبر مدخلًا رئيسيًا لاستهداف الدولة المصرية.. كيف يمكن مواجهة ذلك؟
مصر كدولة وشعب أكبر من أى مؤامرات، ولو أعدت التلاحم لتحالف 30 يونيو فأنت قادر على قهر أى مخطط لهذه المنظمات، والأمل الوحيد لمصر إعادة إحياء هذا التحالف المدنى القوى الذى نجح فى 30 يونيو، وما سيتصدى لأى مخططات أو محاولات هى الإجراءات الجادة والسليمة والديمقراطية الحقيقية وليس خوفًا من الديمقراطية.


كيف ترى الحياة السياسية فى عهد جماعة الإخوان الإرهابية؟ والآن؟
اختلفنا مع الإخوان، وأنا أتشرف بالخروج فى 25 يناير وفى 30 يونيو، لأننا رأينا سياستهم فى الاستمرار لما يُقدمه حكم مبارك مع اختلاف العباءة الدينية، وذلك عبر استغلال الدين فى القضاء على أى معارضين للجماعة، إلا أن وعى المصريين أوقف هذا الحكم الفاشى، وبالتالى التحركات المدنية لجبهة الإنقاذ آنذاك مع كثيرين فى حركة كفاية التى قاومت نظام مبارك مرورًا بالإخوان، كان حراكًا وطنيًا نجح فى القضاء على نظام الإخوان بدعم من المؤسسة العسكرية التى وقفت مع الشعب بشكل واضح فى إزاحة نظام الإخوان، وبعد هذا وصلنا للنقطة التى نحتاج فيها إلى إطلاق حوار وطني، وهذا عنوان كافٍ للتعبير عن الحالة السياسية التى نُعاصرها حاليًا والتى استلزمت هذا لكى يسمع فيه كل طرف للآخر سواء من السلطة للمعارضة أو العكس.


ما رأيك فى إعادة بعض الوجوه القديمة للظهور على الساحة السياسية من جديد؟
طالما تحت مظلة الحوار الوطنى وحب مصر، فأى وجه لم تتلوث يده بالدماء يجب أن تسمعه والسماح له بالعودة ومنحه الفرصة بإبداء رأيه، وهذه قاعدة عامة لا نختلف عليها، وهذا فى إطار سماع صوت المعارضة، وأرحب بسماع أى صوت مصرى وطنى يريد أن يشارك برأيه لصالح الوطن، فلا أحد يملك الحقيقة كاملة وسماع كل الأصوات أمر مهم.


كيف ترى دور الأحزاب؟
الأحزاب السياسية فى مصر عانت طويلًا خلال نظام مبارك والإخوان من حالة تجريف شديدة، وأن التضييق على العمل السياسى وضعف العمل النيابى أدى إلى عدم ثقة الشعب فى العمل السياسى، وجزء مهم من هذا الحوار أن نعطى للأحزاب السياسية التى تمتلك وجهات نظر وأفكارًا حقيقية أن تعيد إطلاق نفسها للجماهير مرة أخرى لكى تزيد عدد المشاركات السياسية لأى فكرة أو حزب ومنه التفاعل بين الأفكار لاختيار الأفضل ومنه استعادة الحياة السياسية للأحزاب فى مصر وهذا جزء من نتائج الحوار الوطنى.


من وجهة نظرك.. ما أفضل نظام انتخابى؟
أى نظام انتخابى لا يعكس أوزان من يقتنعون بأفكار سياسية أو توجهات حزبية، يكون نظامًا انتخابيًا فاشلًا؛ فيجب أن نعطى فرصة للانتخابات التى تعكس أوزان وأفكار المرشحين فى كل دائرة وإيمان الجماهير واقتناعهم بها، وهذا يعنى أننا فى الاتجاه الأقرب لنظام القائمة النسبية، وصولًا لبرلمان مُعبر حقيقى عن الشعب المصرى وهو عنوان نجاح المجتمع والأمل فى مستقبل أفضل.


من وجهة نظرك.. ما مدى تأثير الحوار الوطنى على السياسة الخارجية لمصر؟
السياسة الخارجية لمصر عانت ومازالت بحكم وضعها الجغرافى والجيوسياسي، فنحن دولة قائدة فى ظل ظروف متلاطمة، وبالتأكيد هناك مؤامرات من أطراف أخرى لها أهداف ومصالح غير مصالحنا، ومصر لا تستطيع أن تعيش دون أن تكون قوية وعلى علاقات قوية بالأطراف الخارجية، وعلى مدار تاريخ مصر فهى لن تقوى إلا بالتأثير على محيطها من البلدان الأخرى، هناك مشكلات عديدة محيطة بنا مثل التحدى على الجانب الغربى فى ليبيا بوجود قلاقل هناك وأزمة سد النهضة ، وكذلك الأوضاع فى السودان بكافة الأطراف وهو موضوع شديد التعقيد، أما عن الجانب الشرقى والعدو الدائم لنا وهو الكيان الصهيونى حتى وإن هدأ بعض الوقت فعدوانيته مستمرة، بالإضافة إلى القوى الإقليمية المختلفة مثل تركيا وإيران، ولكننا نتساءل كيف يحدث كل ذلك ومصر كانت وستظل تعمل لصالح الجميع؟ كدولة غير مُعتدية وتحركها دائمًا نحو الأفضل لكل الأطراف؟ وبالتالى عودة مصر لدورها القائد مسألة مطلوبة، ولا يمكن لأى أحد أن يتحرك خارج حدوده وأن يكون مؤثرًا خارجيًا ولديه بعض المشكلات الاقتصادية أو السياسية الخارجية، ومن ثم فنجاحنا فى الحوار الوطنى سيُحسن من قدرة مصر الخارجية على إدارة الملفات الخارجية بشكل كبير، فلن تستطيع أى بلد أن تؤثر خارجيًا وتتحرك بشكل كبير وفعّال إلا بوجود القوة داخليًا، وهذا ما نتمناه خلال الفترة المقبلة.

 

اقرأ أيضا: فرحات : إنطلاق المؤتمر الإقتصادى جاء فى توقيت مناسب فى ظل تواصل إنعقاد الحوار الوطنى


 

ترشيحاتنا