فيصل مصطفى يكتب  : الحياة النيابية فى مصر .. تاريخ وعراقة 

الكاتب الصحفى فيصل مصطفى
الكاتب الصحفى فيصل مصطفى

أتناول فى مقالى اليوم ، ملفا تثقيفيا وتنويريا ، أقدمه إلى القراء خاصة الشباب والأجيال الصاعدة منهم ، عن فكرة ومفهوم البرلمان (مجلس النواب – مجلس الشيوخ) ودوره وتأثيره ، وكيفية ظهور هذه الفكرة أصلا فى الواقع منذ آلاف السنين ، ووصولا إلى الصورة الحالية للحياة النيابية فى نهاية الربع الأول من القرن ال 21 . وقد ركزت على طبيعة البرلمان المصرى تحديدا وتشكيلاته ولجانه وأجهزته المختلفة بما له من صلة وثيقة بحياة المواطن ومصالح الوطن .
لسلطة التشريعية" ، هى من أقدم وأعرق الأشكال السياسية التى عرفتها البشرية . وجاء أول ظهور لها من مصر قبل نحو 5200 عاما ، عندما جعل الملك مينا من قانون تحوت "إله الحكمة" ، القانون الموحد السائد فى مصر بكاملها ، وظهرت المراسيم والتشريعات المختلفة مثل التشريع الذى حدد أوقات عمل الفلاح ، وتشريعات الملك حور محب ، التى تميزت بالطابع المدنى بعيداً عن الاعتبارات الدينية .
وعندما دخلت المسيحية  مصر، أسهمت الكنيسة المصرية فى ترسيخ العديد من الأنظمة والتقاليد . 
 وفى العصر الإسلامي ، إستمدت نظم الحكم والتشريع من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة استناداً إلى مبدأ الشورى ومفهوم "أهل الحل والعقد" ، ويعنى بأنه حل وتفكيك نظام معين لأسباب معينة ليعاد ترتيب هذا النظام وعقده من جديد .
وأخذت النظم التشريعية تتطور على مدار قرون طويلة ، من خلال أشكال عدة ، بدأت من منتصف القرن ال 19 ، حتى وصلت إلى الشكل الحديث الحالى تحت مسمى "البرلمان"، الذى يتكون من غرفتين هما مجلس النواب ومجلس الشيوخ . 
وجاء استحداث مجلس الشيوخ ، في أعقاب ثورة 30 يونيو، حيث تجلت الحاجة إلى إدخال بعض التعديلات على الدستور، والتي تم إجراؤها عام 2019 ، لإثراء الحياة النيابية من خلال إعادة الغرفة الثانية ، كمنبر جديد يمثل إضافة نوعية للعديد من المناقشات التشريعية التي تصدر عن البرلمان . كما يمثل ضمانة مهمة لتطوير السياسات العامة للدولة عبر مجلسين يتابع كل منهما أعمال الآخر .
وتنحصر صلاحيات وسلطات المجلسين فى أنهما يختصان بالرقابة والتشريع ، ويقومان بالموافقة أو الإعتراض أو الرفض أو التعديل أو الإلغاء ، فيما يخص كافة مناحى الحياة وفى كافة المجالات ، وإصدار القوانين وتعديلاتها ، ويمتد نفوذهما واختصاصاتهما وصلاحياتهما إلى الوزراء والمحافظين وإصدار القرارات الملزمة لكافة المسئولين التنفيذيين . ويملكان سلطة سحب الثقة من أى مسئول ، ولاتملك السلطة التنفيذية سوى أن ترضخ لهذه القرارات ، وهى أيضا ملزمة بعرض أى قوانين على المجلس واعتمادها . 
وحتى تجد طريقها للتنفيذ والإقرار .. وحتى يستطيع البرلمان أن يقوم بمهامه بحرية وديمقراطية وقوة ، فإن أعضاءه يتمتعون بحصانة كاملة ، ولايمكن مساءلتهم على أى نقاش أو أفكار أو اقتراحات تدور تحت القبة . 
وأيضا حتى يستطيع البرلمان أن يقوم بمهامه فائقة الأهمية والخطورة ، فإن أعضاءه لا يتمتعون بالحصانة فقط ، وإنما يملكون العديد من الوسائل والأساليب المنصوص عليها فى لوائحه ، والتى تشكل أدوات النائب فى ممارسة دوره فى الرقابة والتشريع ، حسبما جاء فى الدستور ولائحته الداخلية وهى ، الأسئلة ، وطلبات الإحاطة ، والبيان العاجل ، والاستجواب ، وطلبات المناقشة العامة ، والاقتراح برغبة .
فيحق لكل عضو أن يوجه أسئلة أو طلبات إحاطة أو الموافقة على الإدلاء ببيان عاجل أو استجواب ، يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء أو أحد الوزراء أو نوابهم ، في شأن من الشئون التي تدخل في اختصاصهم . ويجوز لـ20 عضوًا على الأقل طلب مناقشة موضوع عام لاستيضاح سياسة الحكومة في شأن ما . وأعطت اللائحة ، الحق لمجلس النواب أن يكلف لجنة من لجانه بتقصي الحقائق في موضوع عام  .
ويحق للمجلس بناءً على اقتراح رئيسه ، أو 20 عضوًا من أعضائه على الأقل، أن يقرر الموافقة على مبدأ تشكيل لجنة للاستطلاع والمواجهة ، بهدف استيضاح حقائق السياسة العامة للبلاد في مختلف الميادين . 
ويضم مجلس النواب 25 لجنة نوعية ، و14 لجنة فى مجلس الشيوخ ، وتتكون كل لجنة من عدد من الأعضاء، يحدده المجلسين فى بداية كل دور انعقاد عادى، بناء على اقتراح مكتب المجلسين ، بما يكفل حسن قيام هذه اللجان بأعمالها. ولا يجوز فى جميع الأحوال أن يزيد عدد أعضاء اللجنة من محافظة واحدة على ربع مجموع أعضائها.
وعلى كلٍ ، فالبرلمان بغرفتيه ( النواب والشيوخ ) هما السلطتان التشريعيتان بجمهورية مصر العربية ويتوليان سلطة التشريع ، وإقرار السياسة العامة للدولة ، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية ، وذلك كله على النحو المبين في الدستور .
[email protected]

إقرأ أيضا : فيصل مصطفى يكتب: الصين الشعبية

إقرأ أيضا : فيصل مصطفى يكتب:الطب الرياضى فى فترة النقاهة

إقرأ أيضا : فيصل مصطفى يكتب:الأهلى والزمالك أسياد أفريقيا

 

ترشيحاتنا