الدكتور منجي على بدر يكتب : مكتسبات اقتصادية واجتماعية واستراتيجية لمشروع تنمية رأس الحكمة

دكتور منجى على بدر
دكتور منجى على بدر

شهد رئيس الوزراء توقيع أكبر صفقة استثمار مباشر بين مصر والإمارات لتطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة ضمن مخطط التنمية العمرانية لمصر لعام ٢٠٥٢ الذى يشمل مدن :- رأس الحكمة، والنجيلة وسيدي براني، وجرجوب، بالإضافة إلى مطروح والسلوم لتمثل سلسلة من المدن الذكية الجديدة التي تمتلك بنية أساسية متطورة، وتستوعب ملايين السكان، وتخلق الملايين من فرص العمل للشباب.
 
وتبلغ مساحة رأس الحكمة الجديدة 170.8 مليون مترمربع وتتضمن أحياء سكنية لكل المستويات وفنادق عالمية ومنتجعات سياحية ومشروعات ترفيهية عملاقة بالإضافة إلى جميع الخدمات.
  وقد شيدت مصر بنية  أساسية تكفى من ٥٠ إلى ١٠٠ سنة فى المستقبل ،وسوف يولد مشروع "الضبعة" طاقة نظيفة لخدمة المدن الجديدة باعتبارها مدن مستدامة وخضراء،
 
وفيما يخص الجزء المالي لمشروع رأس الحكمة ، سيتضمن استثمارا أجنبيا مباشرا يدخل لمصر في غضون شهرين بإجمالي 35 مليار دولار، تقسم على دفعتين، الأولى خلال أسبوع بإجمالي 15 مليار دولار، والدفعة الثانية بعد شهرين من الدفعة الأولى بإجمالي 20 مليار دولار، ويتوقع أن يضخ الجانب الاماراتى ما لا يقل عن 150 مليار دولار طوال مدة تنفيذ المشروع .
 
ويثبت مشروع رأس الحكمة جدية مصر فى تمكين القطاع الخاص ودعم دوره فى النمو الاقتصادى والتوظيف، وحرص الدولة على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث يمنح مشروع رأس الحكمة حصة لمصر من الارباح بنسبة 35% سنويا وبما يضمن تدفقات مالية مستمرة .
 
ويستحوذ قطاع السياحة على نصيب كبير فى مشروع تطوير رأس الحكمة، بما يشمله من تنمية متكاملة وفنادق ومشروعات ترفيهية، ومنطقة المال والأعمال، وإنشاء مطار دولى جنوب المدينة، وستجذب 8 ملايين سائح  اضافى ودعم الوصول بمستهدف قطاع السياحة إلى 50 مليون سائح، وايرادات من المحتمل أن تصل إلى 50 مليار دولار سنويا بما يدعم مصادر النقد الأجنبى.
 
وتعمل الشراكة الاستثمارية لمشروع رأس الحكمة وما تتيحه من النقد الأجنبى على خفض الدين الخارجى لمصر بقيمة 11 مليار دولار وهى قيمة الودائع الإماراتية لدى البنك المركزى المصرى والتى تدخل فى إطار هذا الاستثمار.
 
ويتيح وفر النقد الأجنبى لمصر تحقيق استقرار الأسعار وخفض معدلات التضخم تدريجيا عبر زيادة عرض السلع وانخفاض سعر الدولار فى السوق الموازية بل والقضاء عليه نهائيا.
 
وتعد صفقة تطوير مدينة رأس الحكمة، أحد أبرز المشروعات فى زيادة الثقة فى الاقتصاد المصرى وتساهم فى التنمية الحضارية والعمرانية لمصر. خاصة منطقة الساحل الشمالى والمنطقة الغربية والاستمرار فى تنفيذ مصر لبرنامج الإصلاح الاقتصادى الهيكلى بدعم قطاعات الصناعة والزراعة والتحول نحو الاقتصاد الانتاجى ، بالاضافة لتوفير ملايين من فرص العمل على مدار عمر المشروع، حيث يلتحق بسوق العمل فى مصر سنويا مليون خريج، وبالتالى يدعم مشروع رأس الحكمة زيادة  التشغيل وخفض معدلات البطالة.
 
ويعد استقرار سوق الصرف من أولويات الاقتصاد المصرى خلال المرحلة الحالية، وتدفق 35 مليار دولار خلال شهرين سوف تدعم موارد مصر من النقد الأجنبى، وتحقيق هدف معدل نمو سنوى 7% خلال الست سنوات المقبلة .
 
كما يؤدى المشروع الى انتعاشة الأوضاع الاقتصادية فى مصر وتحقيق زيادة فى موارد الموازنة العامة للدولة ودعم قطاعات الصحة والتعليم ومبادرة حياة كريمة كما أكد ذلك رئيس الوزراء ، وأيضا تقوية موقف المفاوض المصرى مع مؤسسات التمويل الدولية والدول الدائنة فى الحصول على شروط أفضل.
 
وسيكون المخطط الرئيسي لرأس الحكمة رائداً في الحلول المبتكرة التي تحقق تأثيراً إيجابياً طويل المدى لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتعزيز التجارة ودعم القطاع الخاص من خلال برنامج التوطين داخل مصر بحيث لايوجد مكان فى مصر لم تطله يد التعمير ،واكتشاف خيرات مصر لتعزيز الفوائد الاقتصادية.
 
وقد واجهت مصر صعوبات وتحديات تم تخطيها بفضل الثقة بين القائد والشعب والحرص على تحقيق الامن القومى كأولوية ، كما توجد أمنيات تم تحقيق بعضها ، وهكذا علمنا التاريخ دروس فى عبقرية موقع مصر والتي ورد ذكرها فى القرآن الكريم " إدخلوها بسلام آمنين".
 
ونؤكد بموضوعية أن مشروع رأس الحكمة الجديدة بداية خير لمصر وللشريك الاماراتى ، وجاء فى وقت مناسب بعد صبر أيوب على الوجع والصعوبات التى عانى منها كل من الشعب والحكومة حتى تكللت الجهود بالنجاح وبدون صخب ، انها مصر التى امتلكت التاريخ والحضارة واقتصاد متنوع وجواهر تبحث جواهرجى. 
 
وأتوقع أن تأتى المملكة العربية السعودية فى الطريق بمشروع عملاق وقطر والكويت ولكن قد يرى أن يتم رفع نسبة الجانب المصرى فى المشروع العملاق الثانى من 35% الى 40% ورفع النسبة للمشروع العملاق الثالث من 40% الى 45% .
 
كما يرى النظر فى تطوير مدينة سلام مصر المجاورة لبئر العبد فى سيناء بمشروع عملاق مشترك بنسبة 75% للقطاع الخاص المصرى و25% للقطاع الخاص الأجنبى ، وللتوازن التنموى الجغرافى فى مصر قد يرى أهمية البدء بطرح مشروع عملاق آخر بمنطقة البحر الأحمر.
 
ولكى ننافس عالميا ونحصل على نصيب عادل من الاستثمارات الاجنبية فان كل المشروعات العملاقة تكون بنظام المناطق الحرة ، أو المناطق الاقتصادية الخاصة لتكون هذه القطاعات رائدة للاقتصاد المصرى مع مشروعات الذكاء الاصطناعى، مع تطوير بعض القطاعات الاخرى مثل التعدين والادوية والكيماويات والصناعات الهندسية ، حتى تكون كل هذه القطاعات رائدة النمو فى الاجل القصير وتجر معها باقى القطاعات الكلاسيكية  للنمو فى الأجلين المتوسط والطويل .
 
ونأمل أن ترد ودائع جديدة من دولة الامارات العربة المتحدة لايداعها فى البنك المركزى المصرى عوضا عن المبالغ التى سيتم ضخها فى مشروع رأس الحكمة، لتكون قاعدة للدول التى لها ودائع بالبنك المركزى وترغب فى الاستثمار فى مشروعات عملاقة فى مصر.
==
       كاتب المقال وزير مفوض وخبير اقتصادي عضو مجلس ادارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة

ترشيحاتنا