منجي على بدر يكتب : سياسات وجهود مصر للتكامل مع أفريقيا

.
.

 ان قارة افريقيا صاحبة الموارد الطبيعية والبشرية الكبيرة كانت متسامحة مع العالم ومازالت ،وتطلب القليل من حقها فى استغلال ثرواتها وعفى الله عما مضى ولكن هيهات كيف يترك الكبار الكعكة لاصحابها فعملية التنمية فى بلادهم تمت اعتمادا على المواد الخام الافريقية وسوق كبير لتصريف منتجاتهم الفرز الثانى وربما الثالث .

وتعاونت مصر مع أشقائها الافارقة بداية من التحرر من الاستعمار مرورا بالتعليم والتطبيب حتى وصلنا لمرحلة النضج الفكرى فى ضرورة تبادل المصالح ، ومنذ وصول الرئيس عبدالفتاح السيسى لسدة الحكم عام 2014 ويولى أهمية خاصة للتعاون بل والتكامل الاقتصادى مع افريقيا حيث ترأس سيادته الاتحاد الافريقيى لمدتين متتاليتين وشارك فى كل القمم الافريقية واستقبل معظم القادة الافارقة بمصر ووجه سيادته بتكثيف التعاون مع الدول الافريقية .

وفى فبراير 2023 تولى الرئيس السيسي رئاسة الوكالة الإنمائية للاتحاد الأفريقي "نيباد 2063" لمدة عامين تنتهى عام 2025 وينخرط في عضويتها 33 دولة أفريقية، وهي معنية بمتابعة تنفيذ أهداف النيباد، خاصةً في مجالات الزراعة والأمن الغذائي وإدارة الموارد الطبيعية وتغير المناخ، والتكامل الإقليمي والبنية التحتية، وتنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، والحوكمة الاقتصادية؛ حيث تُعد هذه الملفات الأعمدة الرئيسة للأجندة التنموية للاتحاد الأفريقي المعلنة عام ٢٠١٣ والممتد عملها لخمسين عامًا حتى 2063 ، وأهمية أجندة التنمية الأفريقية أنها تستجيب للتحديات التي تواجهها أفريقيا في كافة المجالات، وتتسق مع التنمية المستدامة التى أعلنت عنها الامم المتحدة . 

أيضا ، كانت مصر من أوائل الدول التي قامت بالتوقيع على اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية خلال اجتماعات القمة الاستثنائية الحادية والثلاثين للاتحاد الأفريقي المنعقدة في 21 مارس 2018، وذلك ضمن 44 دولة أفريقية أخرى ، وأودع سفير مصر بأديس أبابا ومندوبها الدائم لدى الاتحاد الإفريقي، في 8 أبريل 2019 وثيقة تصديق مصر على اتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة الإفريقية.

كما سعت مصر خلال فترة رئاستها للاتحاد الأفريقي في الإسراع لدخول اتفاقية التجارة الحرة القارية حيز التنفيذ في 30 مايو 2019 بعد قيام 22 دولة بالتصديق عليها ، وأشار السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال رئاسة مصر لقمة الاتحاد الأفريقي في النيجر في 7 يوليو 2019 عن أهمية إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية رسمياً، بعد استمرار المفاوضات التمهيدية لمدة أربع سنوات.

وتتماشى  اتفاقية التجارة الحرة القارية الافريقية مع توجه الدولة المصرية نحو الاندماج والتكامل مع الدول الافريقية وتدعيم أواصر التعاون معهم بما يضمن لمصر التواجد بقوة في محيطها الأفريقي، سواء على المستوى الاقتصادي او التجاري او الاستثماري ، ويبنى الاتفاق على المنافع المحققة فعلياً في إطار السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي "الكوميسا"، ويقوم بزيادة المساحة المتاحة للنفاذ بالصادرات المصرية في الأسواق الأفريقية المختلفة ، وسينتج عن الاتفاقية فتح أسواق جديدة أمام الصادرات المصرية، خاصة مع دول غرب إفريقيا حيث لا يوجد إتفاق تجارة حرة بين مصر وتلك الدول في الوقت الحالي وبالتالي تزداد تنافسية المنتج المصري في تلك الأسواق نتيجة تخفيض الرسوم الجمركية 

هذا ، واستندت العلاقات المصرية الافريقية منذ النصف الثانى من خمسينات القرن الماضى وبداية الستينات على الدعم والمساندة المادية والسياسية لحركات التحرر الافريقية حتى حصلت كل الدول الافريقية على الاستقلال وتم انشاء منظمة الوحدة الافريقية وكانت مصر من أهم الدول الرائدة فى القارة السمراء ، الا أن هذا المفهوم أصبح تاريخا لايتكرر ولايكفى حاليا ليكون سندا للعلاقات المصرية الافريقية وتتطلب العلاقات مراجعة من عدة جوانب فى مقدمتها ماطرأ على الاوضاع فى القارة السمراء من متغيرات وتعدد وتنوع الشركاء على الساحة الافريقية سواء من داخل القارة أو من خارجها ودور المنافسين التقليديين باعتمادهم على تاريخ طويل من تواجدهم فى افريقيا وخروجهم المؤقت منها بصورة جزئية بعد التحرر ثم عودتهم لها بقوة وفى بعض الاحيان بناء على رغبة بعض الدول الافريقية .

وعليه ، فان التاريخ قد لايفيد لتطوير العلاقات المصرية الافريقية لعدة اعتبارات أهمها رحيل القادة الكبار من زعماء التحرر الوطنى وتولى القيادة فى الدول الافريقية قيادات من الجيل الثانى التى تربت وتعلمت فى دول الغرب وأصبحت فى مواجهة تحديات جديدة من متطلبات التنمية والصراعات الداخلية مابين القبلية المتأصلة فى المجتمعات الافريقية والرغبة فى اعلاء مفهوم الدولة الوطنية .

وقد يكون من المناسب مساهمة مصر فى تنمية الكوادر البشرية فى الدول الافريقية من خلال برامج التدريب المشترك فى مختلف المجالات ذات الصلة بالتبادل التجارى واللوجستيات ونشاط الموانى البحرية والجوية والبرية استكمالا لجهود مصر فى التكامل الافريقى .

كاتب المقال وزير مفوض ومفكر اقتصادى

عضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة

 

ترشيحاتنا