سارة السهيل تكتب من يعاقب الآباء على جرائم الأبناء؟؟ 

سارة السهيل
سارة السهيل

 

 

 

شهدت العشرين عاما الاخيرة زيادة مطّردة في جرائم الاطفال والاحداث ، بعد خلع  الكثير من الأطفال ثوب البراءة الذي كان يزين قلوبهم ويعطر أوراحهم ، ربما تمردا على ذويهم  وعقابا لهم  لانهم أهملوهم ولم يوفروا لهم الرعاية العاطفية والأمان النفسي ، وانشغلوا عن صغارهم بشئونهم الخاصة دون ان يرووا ظمأ الصغار من الحنان والرقابة والتربية السليمة .  

فلا شك ان غياب الدور التربوي في دعم ومراقبة الأبناء ، والتقصير بحقوقهم ، وتجاهل احتياجاتهم من الاصغاء اليهم ، جعل الصغار موضعا لتربية خارجية من أصدقاء السوء ومن الميديا والافكار المسمومة التي تبثها مواقع التواصل الاجتماعي والأعمال الدرامية المشبعة بالجرائم والعنف .

والنتيجة وقوع العديد من الأطفال في بحر الجريمة دون خضوعهم للعقاب سوى ايداعهم بعض مصالح الاحداث . فالقاتل الصغير لا عقاب عليه ويفلت من القصاص ، كذلك يفلت المسئول عن تحوله الى جان ومجرم وهما الوالدين .

ولأهمية هذه القضية في كل زمان ومكان فقد نبهنا اليها نبينا المصطفى صل الله عليه وسلم بحديث شريف قال : ( أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) .

فهذا التوجيه النبوي  يوجب على الرعاة القيام بواجب الرعية ، في حمايتهم وإرشادهم لمصالحهم الدينية والدنيوية ، وردعهم عن ما يضرهم في دينهم ودنياهم ، فما بالنا برعاية الصغار داخل مؤسسة الأسرة وحرمة التقصير  .  

واليوم نجد كثيرا من الأسر تتجاهل اهمية هذا الحديث النبوي في تحديده بما يخص مقالنا مسئولية الرجل والمرأة داخل منظومة الأسرة  وهي ركيزة في حفظ الأنفس والعرض والمستقبل والدنيوي والديني معا ، مما حدا بالأطفال نحو الانحراف وارتكاب الجرائم .

وفي المقابل فان القوانين الوضعية العربية وغير العربية تخلو من وجود مادة صريحة تجرم إهمال الأسرة فى حق أطفالها وعدم رعايتهم بشكل يقي انحرافهم السلوكي ، باستثناء دولة الامارات العربية التي أدرجت مؤخرا مادة في قانون العقوبات تجرِّم إهمال الأبوين .

كلنا نعلم حقيقة ان من أمن العقاب أساء الأدب ، وتجاهل الاباء رعاية ابنائهم وصولا الى انحراف سلوكهم ، هو نوع من أمن العقاب الاجتماعي والقانوني للاباء ، فتربية الأبناء مسئولية أساسية للآباء لو قصروا فيها يخرج للمجتمع أطفالا مشردين ، ويتحول الطفل من نعمة الى نقمة للأسرة والمجتمع ككل .

ومجتمعاتنا العربية اليوم لم تعد تحتمل بأي صورة من الصور وجود أجيال فاسدة تفتك بسلامها الاجتماعي وتزيد من أعباء مشكلاتها المتفاقمة ، ولذلك فان الابوين مسئولين مسئولية كاملة عن رعاية اطفالهم وان قصروا في ذلك فيتوجب محاسبتهم بقوانين حازمة ، بحيث يصبح سيف القانون رادعا لضبط سلوك الابوين تجاه مسئوليتهما التربوية

ومع مرور الوقت يصبح السلوك المسئول للابوين في رعاية الأبناء عادة سهلة وعندئذ يمكن رفع العقوبات القانونية عنهما .

فالوقت الذي يمضيه الابوان مع اصدقائهما أو تواصلهما بالاصدقاء عبر مواقع الاجتماعي لساعات طويلة أولي به ان يتوفر للأبناء لنصحهم وارشادهم وتوجيههم ومراقبتهم  واشباع احتياجاتهم العاطفية ايضا ومصادقتهم حتي لا يصادقوا أصحاب السوء

ناهيك عن بعض الآباء و الأمهات الذين يتعمدون افساد اطفالهم لأغراض مادية و يعلمون اطفالهم التسول و السرقه و الانحراف الاخلاقي و السلوكي و ترويج و بيع المخدرات و يعلمونهم الاتجار بالجسد و الكثير من الاعمال الغير اخلاقية و غير قانونية 

ووصل الأمر لاستخدام الكبار لأطفالهم تحت السن القانوني لتنفيذ الجرائم بدلا عنهم وذلك بسبب ان الاطفال ليس عليهم عقوبة في القانون سوى الاصلاحية فيستخدمون الاطفال بالسرقه و القتل و ترويج المخدرات و نقل الاسلحة و العمليات الارهابية في بعض البلدان و ذلك كله نيابة عن الكبار الذين حرضوهم و دفعوا بهم الى الجريمة و من هنا مطلوب اصدار قانون جديد يحقق مع الاطفال و اهاليهم عند وقوع اي جريمة او اختراق لاي قانون و ان كان الفاعل طفل فالعقاب يأخذه عنه الأهل او احد الأبوين حسب ما يرى القاضي معطيات القضية و الاحداث و من هنا نمسك عصفورين بحجر اول عصفور ان يتوقف الاهل عن دفع و زج الاطفال لفعل الجريمة و ثاني عصفور هو معاقبة الاهل على سوء التربية حتى لو لم يكن دفعهم للجريمة مباشر و انما التربية الخاطئة و الإهمال ادى الى نفس النتيجة 

ترشيحاتنا