باحثة أثرية تكشف فلسفة العمارة الإسلامية في مسجد الإمام الشافعي

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

 
كشفت الباحثة الأثرية ناريمان حامد عن فلسفة العمارة الإسلامية في الإمام الشافعي ورمزية قبة ضريح الإمام الشافعي الذي يأخذ شكل سفينة مشيرة إلى أنها ليست مجرد سفينة فهي أكثر من ذلك بكثير .. فهي ترمز للإمام الشافعي حيث كان  يُلقب بأنه بحر العلوم والمعارف .. ويحمل سفينة النجاة للذي يتزود من هذه العلوم.
 
وأضافت ناريمان حامد أن الرحالة عبدالغني النابلسي وصفها بقوله: "لو لم يكن تحتها بحر العلوم لما سفينة الحَبٌ كانت فوق قبته."
 
وأشارت حامد إلى أنه رغم الرمزية اللطيفة لهذه السفينة لكن يوجد أيضاً استخدام عملي؛ حيث كان يتم ملئه بالبذور لإطعام الطيور.
 
وقد أثار مسلسل "رسالة الإمام" الذي يعرض حاليا الكثير من ردود الأفعال؛ فمنها الغضب أو الإستنكار أو السخرية .. لكن الأهم من ذلك كله من هو الإمام الشافعي حقاً.
وقال الإمام أحمد بن حنبل في وصفه للشافعي : «كان الشافعي كالشمس للدنيا وكالعافيه للبدن؛ فهل لهذين من خلف أو عنهما من عِوض، وماعرفت ناسخ الحديث من منسوخه حتى جالست الشافعي».
وقال الزعفراني أيضاً:
«كان أصحاب الحديث رقوداً حتى جاء الشافعي فأيقظهم فتيقظوا»
والإمام الجليل، هو ابو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع ابن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف، يلتقي مع الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ في الجد الأعلى عبد مناف، وكان يطلق عليه: ابن عم رسول الله.
 
ولُدَ بغزة سنة 150ه‍ وتوفي والده وهو صغيراً، فنشأ الشافعي ولم يجد أمامه إلا أمه فكانت  هي خير مُعين له في حياته؛ فهي تنطبق عليها الحكمة التي تقول: «وراء كل عظيم امرأة»، فهي فاطمة بنت عبدالله الأزدية، وكانت من قبيلة الأزد حيث روى النووي عند حديثه عن أم الشافعي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
 «الأزد أسد الله في الأرض.. وليأتين على الناس زمان يقول الرجل: يا ليتني كنت أزديا، وياليت أمي كانت أزدية».
 
وعندما توفي والده وهو صغير خشيت عليه أمه من الضيعة فعادت إلى مكة لينشأ طفلها اليتيم بين أهله، وتعوضه بذلك عن فقد أبيه، حتى لا يجتمع عليه همان هم اليتم وهم الغربة؛ فنشأ في أكنافها، وتفقه على خيرة علمائها.
 
وكانت أيضًا أمه على قدر كبير من المعرفة والعلم ترك أثره فيه.. وعندما توسمت في ابنها الخير والذكاء والفطنة، فأسلمته إلى المعلمين على الرغم من قسوة العيش .. فحفظ الإمام الشافعي القرآن في السابعة من عمره، وليس ذلك غريباً على الشافعي الذي امتاز بالفطنة والذكاء الخارق.
 
والشافعي لم يظهر مثله في علماء الإسلام، في فقه الكتاب والسنة، ونفوذ النظر فيهما ودقة الاستنباط .. تأدب بأدب البادية، وأخذ العلوم والمعارف عن أهل الحضر، حتى سَما عن كل عالم قبله وبعدَه، كان يُفصل للناس طرق فهم الكتاب ويدلهم على الناسخ والمنسوخ من الكتاب والسنة حتى سماه أهل مكة (ناصر الحديث).
 
كان الإمام الشافعي المثل الأعلى في المودة والتسامح ورفض العصبية والتزمت وقد ثبت ذلك عندما زار قبر الإمام الأعظم (أبي حنيفة النعمان) في (بغداد)وصلى هو وتلامذته صلاة الصبح بجوار القبر.. ترك (القنوت) وهو أساسي في مذهبه وهو (الدعاء المأثور بعد القيام من ركوع الركعة الثانية) وعندما سأله تلامذته: أطرأ تغيير في مذهبك؟. 
قال رضى الله عنه بل هو إجلال وتقدير لمذهب من نحن في رحابه، يقصد الإمام (أبا حنيفة النعمان).
ولأنه كان مؤمن بما كتبه من مقولة: 
"سافر تجد عوضاً عمَّن تفارقهُ وَانْصِبْ فَإنَّ لَذِيذَ الْعَيْشِ فِي النَّصَبِ .. إني رأيتُ وقوفَ الماء يفسدهُ .. إِنْ سَال طَابَ وَإنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ"
 
فنرى كيف كان الشافعي يرحل في طلب العلم، وإنه ليتحمل في سبيل ذلك مخاطر ومشقات، ولكن الله كان يعينه على ذلك وييسر عليه السبل؛ فسافر إلى المدينة المنورة فلزم الإمام مالك رضى الله عنه وقرأ عليه الموطأ (وهو كتاب الإمام مالك الذي وضعه في الحديث الشريف)  حفظاً وهو ابن ثلاث عشرة سنة فأعجب الإمام مالك بقراءته وقال له: 
«اتق الله فإنه سيكون لك شأن».
وعندما حفظ الموطأ وفهم مسائله، زاده شوقاً إلى طلب المزيد من وجهات النظر العلمية الأخرى .. إن فقه المدينة يدور كله حول السنة والأثر، وقد سمع أن فقه الكوفة يدور حول الرأي والقياس .. فأراد أن ينهل من ذلك الفقه ليقارن بين العلمين، ويستفيد منهم.
 
ثم خرج إلى (مصر) في آواخر سنة 199ه‍ وصنف كتبه الجديدة بها، وتوافد الناس إليه من سائر الأقطار.. حيث قال الربيع بن سليمان: 
«رأيت على باب دارِ الإمام الشافعي سبعمائة راحِلَة تطلب سماع كتبه رضى الله عنه». 
وكان مع ذلك يقول في تواضع شديد:
"ودَدَتُ أني إذا ناظرت أحداً، أن يظهر الله تعالى الحق على يديه".
 
الإمام الشافعى أحب مصر حبًا صادقا حتى أنه قال عندما أراد السفر إلى مصر: 
"لَقَد أَصبَحَت نَفسي تَتوقُ إِلى مِصرِ ..وَمِن دونِها أَرضُ المَهامَةِ وَالقَفرِ ..فَوَاللَهِ لا أَدري أَلِلفَوزِ وَالغِنى أُساقُ إِلَيها أَم أُساقُ إِلى القَبرِ".
وفي حقيقة الأمر فقد أنساقَ إلى كليهما معاً.. حيث عَظُمَ شأنه عند المصريين، وأيضاً توفي في مصر يوم الجمعة آخر يوم في رجب سنة 204ه‍ 
ويعتبر ضريح الإمام الشافعي أكبر الأضرحة في مصر.
وقال الربيع بن سليمان حينما قال: «رأيت الشافعي في المنام بعد موته» 
فقلت: 
"يا أبا عبد الله ما صنع الله بك؟" 
فقال: "أجلسني على كرسي من ذهب ونثر علي اللؤلؤ الرطب".
 

ترشيحاتنا