يوم الفلاح بين «ناصر» و«السيسى»

الكاتب الصحفي مهدي عبد الحليم
الكاتب الصحفي مهدي عبد الحليم

السابع من سبتمبر، يوم الثأر للعزة والكرامة، فهو اليوم الذى وقف الزعيم أحمد عرابى، فى وجه الطغيان، وقف فى هذا التاريخ خلال عام 1881م، وجها لوجه أمام الخديوى توفيق، يملى عليه شروط المصريين، ومرت الأيام الكثيرة إلى أن اختار الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، نفس اليوم من عام 1957، ليثأر لكرامة البسطاء والفلاحين، حيث أعلن مساندة حكومة الثورة للفلاح، فأصدر قانون الإصلاح الزراعى، كنوع من التقدير ورد الجميل للفلاح المصرى الذى تذوق الأمرين وتحمل من «الصعاب» و«الاستبداد» الكثير والكثير، لينمو بالزراعة، ويسهم فى الدور التنموى للبلاد، فكان هذا اليوم بمثابة عودة الروح للزراعة المصرية، بل وإعادة الروح للاقتصاد القومى كاملا، فلم يكن للفلاح أمل أو حلم يزيد على العيش فى استقرار اجتماعى، فلم يكن وقتها صاحب حيازة زراعية، إلا أن تقدير عبدالناصر، وقتها جعله من الملاك الأصليين للأرض عندما قال جملته الشهيرة «الأرض لمن يعمل فيها»، وبعد كل هذا «التقدير»، واجه الفلاح والقطاع الزراعى مزيدا من «التكدير»، وتركت الحكومات المتعاقبة الفلاح يتلاطم وحده بين الأمواج، وأصبح وحيدا يواجه الأزمات والكوارث، وعلى الرغم من أن هذه الفترة طالت ودامت كثيرا لكنه لم يكل أو يمل من الاستمرار فى مهمته الوطنية، إلى أن وصل الربيع العربى بأحداثه إلى أرض مصر المباركة، وانشغل الكثيرون بأحوالهم، فى الوقت الذى كانت قوات الجيش والشرطة تحقق الأمن والاستقرار للمواطنين، وكان للفلاح دوره «الوطنى» و«البطولى» هو الآخر، حيث وقف مدافعا عن طعام المصريين، والثروة الزراعية والحيوانية.

ودون مجاملات أو رياء، لولا صمود الفلاح المصرى وتواجده فى الأرض والاهتمام بالزراعة، لعاشت مصر سنواتها العجاف، لكن الفلاح «آثر» على نفسه، وتحمل المشقة والظروف العصيبة ليحقق «الأمن الغذائى» لمصر، وهو ما استوجب وصفه بالجيش الأخضر، وهو الوصف الذى بادر به أخى وصديقى الحاج فريد واصل، النقيب العام للفلاحين والمنتجين الزراعيين.
ولا جدال فى أن الفلاح المصرى، أساس النجاح والتقدم الحقيقى للاقتصاد القومى، وكان على قدر كبير من الوطنية على الرغم من إهماله خلال سنوات الضياع التى «أهدرت» حقوقه، وأضاعت أيضا الكثير والكثير من حقوقه، إلى أن تبدلت الأحوال وأعاد الرئيس عبدالفتاح السيسى، عصر الاهتمام بالفلاح البسيط والريف المصرى.

وحاولت جماعات سفك الدماء الإرهابية، من خلال نشر الشائعات، أن تصنع الأزمات بين الفلاح والحكومة، إلا أن القيادة السياسية قطعت الشك باليقين، وفاجأت الجميع بإطلاق المبادرات الإنسانية التى وضعت البسطاء وفى مقدمتهم الفلاح وكل سكان الريف المصرى، محل اهتمام الدولة، فشاهدنا مبادرة «حياة كريمة» التى استهدفت تحقيق التنمية الشاملة للريف المصرى، وتحسين أحوال سكانه بما يتماشى مع حقوق الإنسان.
وتهتم «حياة كريمة» بتقديم الحوافز اللازمة لأهل الريف، ومعاونتهم على مواجهة الصعوبات البالغة التى تقف حائلا بينهم وتطوير القطاع الزراعى، ومنذ إطلاق «حياة كريمة»، والحكومة توجه إمكانياتها لتنفيذ المشروعات التنموية القومية فى الريف ليعود إلى سابق عصره منتجا ومصدرا للحضر، وأن يحتوى أبناءه ويكون جاذبا لهم، وليس طاردا كما كان سابقا، وهذا كله يأتى تزامنا مع حزمة الإجراءات التحفيزية التى وجهتها الحكومة للقطاع الزراعى، ومنها تطبيق نظام التأمين الصحي والاجتماعي الشامل، بالإضافة إلى إصدار قانون النقابة المهنية للفلاحين والمنتجين الزراعيين، وهو المشروع الذى وضعه الحاج فريد واصل، نقيب الفلاحين والمنتجين الزراعيين، لتوحيد همم الكيانات النقابية، على أن تكون هناك كيان واحد ممثلا فى النقابة المهنية التى تدافع عن حقوق الفلاح وكل من يمتهن مهنة الزراعة، وتعينه على الأزمات قدر الإمكان، بالإضافة إلى مشروعات استصلاح الأراضى، التى توسعت فيها الدولة، والاستزراع السمكى، بجانب الاهتمام الأكبر والبالغ بملف إنتاج التقاوى وتقليل الفجوة التى ظهرت خلال السنوات الماضية، حيث بدأ المشروع بالاعتماد على الإنتاج المحلى لبعض الفواكه، وسيعيد هذا المشروع الزراعة المصرية إلى ما كانت عليه، بل ومن الممكن أن تعتلى مكانة أكبر حيث إن القيادة السياسية ترفع سقف الطموحات.

فكل عام وأهالينا الفلاحين فى الريف المصرى، بخير وسعادة، فلولاهم ما كنا سعداء، ولولا جهودهم ما كنا أحياء.

ترشيحاتنا