ناجى حسن يكتب: هجرة الأطباء

ناجى حسن
ناجى حسن

    تعد ظاهرة هجرة الأطباء إلى الخارج من أخطر التحديات التي تواجه تطوير المنظومة الصحية وتحسين الخدمات الطبية في مصر والتي تعود لعدة أسباب منها عوامل داخلية يأتي على رأسها قلة التقدير المعنوي، إضافة إلى ضعف الرواتب والأجور، مع وجود عوامل جذب خارجية ممثلة في الرواتب الضخمة، والتقدير الشخصي للأطباء، ومستوى الخدمات والرفاهية المقدمة لهم في الدول الجاذبة، وهو ما دفع لتحركات مصرية واسعة النطاق وعلى مستوى رفيع لمواجهة هذه الظاهرة وإن اعتبرت هذه الخطوات غير كافية، في ظل ما أظهرته جائحة كورونا من النقص العددي في الأطقم الطبية ما استدعى تدخلات عاجلة لإقرار امتيازات وحوافز لتشجيع الأطباء على الاستمرار بالعمل في المستشفيات المصرية ولسد العجز في الطواقم الطبية والارتقاء بمستوى الخدمات الطبية المقدمة للمرضى .

لذلك شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة موجة غير مسبوقة من هجرة الكوادر الطبية، والأطباء إلى الخارج، ما يطلق تحذيرات متوالية، ومخاوف من تأثيرات هذه الموجات من الهجرة على المنظومة الصحية في مصر ومستوى الخدمات المقدمة للمرضى والتي تعاني في الأساس نقصا شديدا في الجودة كما وكيفا، ما يمثل نزيفا متواصلا، وأهدارا للطاقات بعدما أصبحت بعض الدول مثل ألمانيا، وإنجلترا، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا، وسنغافورة، دولا جاذبة للطبيب المصري، بعد ان كانت دول الخليج العربي الأكثر جذبا .

حيث أوضحت بيانات وزارة الصحة المصرية أن خريجي كليات الطب بلغ حوالي 9 آلاف طبيب سنويا، في حين يعمل أكثر من 60 في المائة من الأطباء المصريين خارج البلاد.

فيما أطلقت نقابة الأطباء المصريين صرخات متوالية، وتحذيرات متكررة، مطالبة بخطوات عاجلة لوقف نزيف هجرة شباب الأطباء، في ظل حالة من العجز الكبير في عدد الأطباء، وقلة أعداد الطلاب المقبولين في كليات الطب، ما يهدد مستقبل الرعاية الطبية في مصر، حيث أكدت بعض الإحصائيات هجرة ما يقرب من 110 آلاف طبيب، وهو ما يمثل نصف عدد الأطباء المقدرة أعدادهم بحوالي 215 ألف طبيب، وهو ما يعني 10 أطباء  لكل 10 آلاف مواطن فيما يصل المعدل العالمي إلى 32 طبيبا لكل 10 آلاف مواطن.

ظاهرة هجرة الأطباء دفعت عددا من أعضاء البرلمان لتقديم عدة مشروعات بقوانين للمساهمة في القضاء على هذه الظاهرة التي أشارت نقابة الأطباء في أكثر من موضع لأهميتها في الحفاظ على قطاعات الصحة في مصر، وتقديم أفضل الخدمات الطبية والصحية خاصة في المستشفيات الحكومية والمستشفيات العامة، مؤكدة على ضرورة الاهتمام بمطالب الأطباء التي اعتبرتها النقابة مطالب بسيطة، لا تمثل مشكلة بالنسبة للدولة حال اتخاذ الإجراءات الجادة لمنع تفاقمها، بعدما لجأ شباب الأطباء إلى تخطي العوائق التي تواجههم في مباشرة ومزاولة مهنة الطب بالجنوح إلى العمل خارج البلاد بحثا عن مستقبل مالي أفضل، وهربا من عقوبات قد تلاحقهم حال حدوث مضاعفات لمرضاهم قد تحدث لأسباب عديدة ليس منها الخطأ الطبي الجسيم. فيما تمثلت أسباب الأزمة في تدني الرواتب والأجور، وضعف الإمكانات والمستلزمات الطبية داخل المستشفيات الحكومية، وعدم وجود حماية قانونية للأطباء أثناء ممارسة عملهم حيث يتعرض العديد منهم للسب والشتم وأحيانا الاعتداء الجسدي عليهم داخل المستشفيات من قبل أهالي المرضى وذويهم

      

 

ترشيحاتنا