خبراء يوضحون: أساليب حماية الطفل من تاثيرات السوشيال ميديا

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


الاهتمام بالطفل والتنشأة السوية الصحيحة فى أولى خطواته يضعه على بداية الطريق الصحيح ، وهذا ما يجعل لديه القدرة على تمييز الصواب من الخطأ ولا يجعله مادة خصبة لزرع أى معتقدات وأفكار سامة بداخل عقله، خاصة مع انتشار وسائل التواصل وقنوات اليوتيوب..

 

مهمة التربية وإن كانت شاقة وتحتاج لبذل مجهود كبير من الأسرة و المدرسة و المجتمع إلإ إنها قد تؤتى ثمارها وتجعل الأجيال القادمة على قدر كبير من الوعى والإدراك وتحمل المسئولية..

 

ناقشنا الخبراء حول كيفية التعامل مع أطفال «السوشيال ميديا « وحمايتهم من أى تأثيرات خارجية.

 

بداية يقول د. ياسر عبد العزيز الكاتب والخبير الإعلامى أن الجدل الراهن حول تراجع القدرة على اختيار الأولويات السليمة وتقديمها للجمهور يعيد التذكير بالدور الذى تمثله وسائل الإعلام المملوكة للدولة والمتمثلة فى قطاع الإذاعة والتليفزيون أو الصحف القومية والتى تعد مؤسسات إعلامية غير هادفة للربح ويجب الاستثمار فى هذه الوسائل لطرح مضامين إعلامية تنموية وبناءة تركز على الوعى وليس على الترافيك أو أعداد المشاهدات.. وهنا يجب أن يتم التركيز على إعداد محتوى يعالج أولويات المجتمع الأساسية وتعزيز قضايا الوعى حيث إنها قضية مصيرية ترسم وتبلور مستقبل الشعوب ، وهنا يأتى السؤال : هل سنتمكن من الوصول إلى المقاربة الشاملة والوصول إلى الهدف المنشود ؟.


والإجابة بأن المقاربة تأتى بعد تحقيق عناصر متعددة منها طرح مضامين إعلامية تقليدية بناءة، بالإضافة إلى التوسع فى استخدام منصات على مواقع السوشيال ميديا المختلفة وطرح برامج تهدف إلى ترسيخ مبادئ التنمية والقيم التربوية بطرق حديثة ومتطورة ومقنعة بالنسبة للأجيال اليوتيوب والتيك توك والذين يتسابقون فى الوصول إلى نسب مشاهدات عالية أو إحداث ترافيك عالٍ على المواقع المختلفة .


وأكد عبد العزيز على أن هناك دورا كبيرا وفعالا يجب أن تتكاتف جميع مؤسسات الدولة سويا من أجل تحقيقه متمثلة فى وزارات الثقافة والشباب والرياضة والتعليم للوقوف على إنتاج أعمال ضخمة تعزز قدرات المتلقين علميا وثقافيا وأدبيا وأن تحتوى على كافة المضامين الإعلامية والتثقيفية الإيجابية التى تتناسب مع عقليات المتلقين وترتقى بسلوكياتهم وتعاملاتهم اليومية لكى تساعد الآباء والأمهات على تربية النشء بشكل سوى وسليم.


منصات مصرية


وفى هذا السياق أشارت د. نجوى كامل وكيل أول كلية الإعلام بجامعة القاهرة إلى أن وسائل الإعلام فى مصر حاليا أصبح أمامها مهمة فى غاية الصعوبة حيث إن الأطفال الآن أصبحوا منفتحين بشكل كبير على العالم الخارجى ومواقع التواصل الاجتماعى والفيس بوك والتيك توك وما شابه أصبحت تمثل جزءا أساسيا من يومهم ، فلم يعد من السهل إقناع الإطفال بمضامين إعلامية تقليدية .


كما أن الرقابة على مواقع التواصل أصبحت صعبة جدا على الدول ولا يمكن التحكم فيها أو اختيار المضامين التى تقدم من خلالها، مما قد يجعل الأطفال معرضين لسماع الأغانى أو مشاهدة الأفلام أو المقاطع غير اللائقة دون تحكم منهم ودون سابق إنذار للأب أو الأم، مما يجعل الأجيال تنجرف فى هذا التيار وأن تصبح المهرجانات أغانيهم المفضلة وأن تكون مقاطعهم المحببة هى الرقص على التيك توك ومشاركته مع الأصدقاء والتسابق بينهم لعمل مشاهدات أو ترافيك أعلى دون البحث عن مضمون جيد او فكرة مختلفة .


واقترحت أن تقوم الدولة بإنتاج قناة مصرية مخصصة للأطفال وأن يتم مشاركة القطاع الخاص بها لكى تكون قناة ملائمة ومقنعة لطفل هذا العصر الذى نعيشه حاليا ويتم من خلالها تقديم برامج تعليمية تثقيفية ممتعة للمتلقى ، كما يجب أن تترجم البرامج إلى منصات تلاحق ركب نظيرتها العالمية فى دقة المعلومات المقدمة والجاذبية فى الألوان ووضوح الصورة التى تتمتع بها المنصات الأخرى الموجهة للأطفال وتحقق مليارات المشاهدات .


ومن جانبها أكدت د.رحاب العوضى أستاذة الطب النفسى أن انحدار الذوق هو آفة الزمن وأن ذلك يستلزم مجهودا كبيرا من الأطراف المعنية بهذه القضية والمتمثلة فى الأسرة والمدرسة بالإضافة الى المضامين الإعلامية المقدمة المتمثلة فى البرامج الفنية والثقافية والتى يستوجب عليها إبراز النماذج الجيدة فى المجتمع والشخصيات العامة من نجوم الفن والغناء وإبراز اهمية دور القدوة فى حياة الطفل بشكل عام .


أما بالنسبة للأطفال تحت سن 12 عاما فيجب أن تكون الرقابة الأسرية عليهم ملزمة وحتمية لعجز الطفل عن التمييز بين الخطأ والصواب والشئ المفيد والضار مع الاهتمام بدور القدوة داخل الأسرة لأن تربية الأطفال فى هذه المرحلة العمرية تأتى بالمحاكاة وليست بالتلقين أو الإرشاد فهو يرى الأب والأم يفعلون ذلك فيقومون بتقليده فقط دون تفكير أو تحليل .


وأشارت إلى أن أجهزة الدولة الآن تسعى على عمل حلقة وصل ناجحة بين الأطفال والفن الهادف ويسعون دائما للوصول إلى مضامين هادفة تراعى اختلاف بيئة وظروف المتلقين من حيث الأعمار أو البيئة المحيطة أو الظروف الأسرية المختلفة، مما يعد من المهام فى غاية الصعوبة التى تواجه الإعلام المصرى بشكل عام فى الوقت الراهن .

 

لذلك يجب أن تتضافر كافة الجهود من قبل المؤسسات المجتمعية المصرية والوزارات والهيئات لعمل خطة شاملة متكاملة لخدمة الأطفال ، بالإضافة إلى قيام الأسرة المصرية بمضاعفة جهودها فى الرقابة على المضامين التى يتعرض لها أولادهم على مواقع التواصل المختلفة..

 

وأن يراعوا ما يقدمونه لأبنائهم أو يسمعونه من أغانى أو ما يشاهدونه من مسلسلات أو أفلام تتضمن الكثير من المشاهد العنيفة او القضايا المجتمعية التى لا تليق بأعمارهم.


خطورة شديدة


وتؤكد د.هبه العيسوى أستاذة الطب النفسى بجامعة عين شمس أن الكثير من الأسر فى الوقت الحالى فى سبيل القيام بأى أعمال أخرى أو انشغالهم عن أطفالهم يتركونهم أمام شاشات التلفزيون أو أجهزة الموبايل لعدد غير محدود من الساعات دون النظر إلى المحتوى الذى يشاهده الطفل.

 

ودون وجود أى رقابة عليه ليصبح فريسة سهلة لما يقدم له خاصة فى السن الصغيرة و الذى يكون فى أعلى درجات الوعى و الإدراك و يكون من السهل إرسال و ترسيخ أى معلومات فى ذهنه فى صورة مادة كارتونية أو برامج وهذا ما يحدث فى بعض القنوات التلفزيونية المدبلجة المخصصة للأطفال والتى تحقق نسب مشاهدة عالية دون وجود أى رقابة من الأسرة على المضمون ..

 

فأغلب هذه القنوات تقوم بتوصيل رسائل خطيرة و تضر بالأطفال وبث معتقدات خاطئة لهم كالحث على العنف و الجهاد أو ترغيبهم فى الاستشهاد و كأنه إحدى السلوكيات التى يجب أن يستحسنها الطفل بل و يتم ترغيبه فى مثل هذه النوعية من السلوكيات بكافة الوسائل التى تجذب الأطفال وهذا يتطلب من الأسرة مراقبة مستمرة ومتواصلة لما يقدم للطفل حتى على وسائل التواصل الأجتماعى حتى لا ينعكس ذلك على سلوكه أو طريقة تفكيره .

 

وهناك محتوى آخر يقدم للأطفال فى منتهى الخطورة وأغلب الأفلام الكرتونية تحث عليه وهو العنف الذى أصبح لغة سائدة فى أغلب ما يقدم للأطفال من محتوى و ذلك منعكس بشكل كبير على شريحة عريضة من الأطفال التى تميل دائما إلى التشاجر والعنف مع زملائهم أو داخل المنزل وذلك بسبب العنف المقدم لهم فى أغلب برامجهم ،فلقد جعلنا أطفالنا فريسة سهلة للسوشيال ميديا و الإعلام والأسر و المجتمع هما من يجنى نتائج ذلك فى النهاية ..

 

وتشير إلى أمراض أخرى قد يتعرض لها الطفل خاصة فى سنواته الثلاث الأولى مثل التوحد أما فى الأعمار الكبرى فقد يؤدى كثرة مكوثه أمام هذه الشاشات إلى فرط الحركة .

 


المربع الذهبى


و يقول الدكتور حسن الشحات الخبير التربوى إن الأزمة التى نمر بها مع أطفالنا فى الوقت الحالى يكمن حلها فى المربع الذهبى و الذى يتمثل فى الأسرة ،المدرسة ،المجتمع و الإعلام ،فإذا استطعنا تحقيق هذه المعادلة وأستطاع أى طرف أن يقوم بدوره وقدم أقصى جهده من أجل مصلحة الطفل سيختلف الأمر كثيرا وسنحصد نتائج مختلفة.


و يضيف أن الأسرة عليها دور كبير تجاه الطفل فى نشأته و يجب أن يعمل جميع أفرادها على تكوين شخصيته فى المراحل الأولى من خلال دمجه فى الأسرة و جعله فردا مشاركا ومتفاعلا داخل المنزل منذ أن يبدأ لديه الإدراك حتى لا يتاح له وقت كبير أمام التلفاز أو الموبايل و لكن فى الوقت نفسه لا يجب منعهم بشكل كامل أولا لأن الشىء الممنوع مرغوب وثانيا لأن لمثل هذه الوسائل جوانب إيجابية يجب الاستفادة منها إذا أحسنا استخدامها..

 

ويؤكد أن المجتمع أيضا يقع على عاتقه مسئولية تجاه الطفل فيجب أن يتم التسويق لكافة النماذج الإيجابية مثل الدكتور مجدى يعقوب و اللاعب العالمى محمد صلاح و غيرهما من النماذج التى يجب أن يتم تقديمها وتوظيفها بالشكل الصحيح لتوصيل رسائل إيجابية للأطفال.


ويشير إلى أن الإعلام دوره لا يقل أهمية بل على العكس فمسئوليته مضاعفة خاصة أن تأثيره هو الأسرع على الطفل فيجب أن نتجنب تقديم أى نماذج غير مناسبة للطفل او المجتمع بشكل عام و تصدير نماذج سلبية أو تدل على انحدار الذوق العام فى البرامج حتى لا نعطى مساحة أو فرصة لهم للشهرة أو المشاهدة ،مضيفا أننا فى أمسّ الحاجة إلى إنشاء قناة مصرية متخصصة لأطفال تستطيع تقديم محتوى يتماشى مع أطفال هذا العصر وتستطيع مخاطبة عقولهم من خلال شخصيات ونماذج مصرية و بشكل يواكب العصر وتقديم محتوى يحترم عقلية أطفال هذا الجيل حتى لا نعطى الفرصة لأى قنوات أخرى أن تتلاعب بعقول أطفالنا وفى الوقت نفسه تستطيع منافسة قنوات الأطفال الأخرى بمحتوى ملائم.

 

اقرأ أيضا : وكيل تعليم دمياط يتفقد تدريب كوادر رياض الأطفال على النظام الجديد

ترشيحاتنا