طفل أسيوط.. ضحية الخرافات وأوهام البحث عن كنوز المقابر

صورة موضوعية
صورة موضوعية

محمد عطيه - أسيوط - أبو المعارف الحفناوى

مازالنا أمام كارثة حقيقة نراها تحدث كثيرا وللأسف محركها الأول الدجل والشعوذة التي تملأ عقول مرتكبيها في صعيد مصر؛ فأصبحنا نشاهد دماءً بريئة تسيل هنا وهناك بزعم أن هناك مقبرة اثرية أسفل بيت ما، فلازال حتى الآن يعتقد ويؤمن البعض بما يقوله الدجالون والمشعوذون طمعا في الثراء السريع، مقتنعين بكلام من يطلقون على أنفسهم أنهم شيوخ وعالمين ببواطن الأمور وأن من اشترطات فتح المقابر الاثرية قتل أطفال أبرياء قربانا للجن أو حراس تلك المقابر، واليوم نجد أنفسنا أمام جريمة بشعة بكل معان الكلمة بإحدى محافظات الصعيد بجنوب مصر، تفاصيل أكثر إثارة سوف نسردها لكم داخل السطور التالية..


بعيدًا عن كل شئ هل شهوة الجشع والطمع للبحث عن الكنوز والحصول على المال صارت تصيب صاحبها بالعمي !؟، حتى يسرع على الفور لسماع كلام المشعوذين والخرفات في قتل وازهاق روح ودم طفل برئ كما أمر الدجال او الشيخ أو الجن والادهي في الامر أنه في كثير من الاحيان يكون ذلك الطفل الضحية هو أحد اقاربك أو طفلك، فتدفعه دافعًا سريعًا للموت من أجل السعي وراء الكنز والمال.

قبل الواقعة

"محمد عصام أبو الوفا مهران" طفل برئ صافي النية ذو وجه بشوش لا يعرف سوى الابتسامة الصادقة على وجهه معروف لدى الجميع بأنه طفل يسبق سنه كونه ذكي للغاية وسريع البديهة والملاحظة لا يعرف سوى دراسته نظرات عينه توحي لك بعدة كلمات؛ اتركوني ألعب واجري وآلاحق فراشات طفولتي يبلغ من العمر سبع سنوات، تلميذ في الصف الأول الابتدائي يمكث مع اسرته الصغيرة في قرية الهمامية بدائرة مركز البداري التابعة لمحافظة أسيوط، مثله كمثل باقي الأطفال في مثل سنه انهى امتحاناته والفصل الدارسي بنجاح وتفوق منذ أسابيع بسيطة وبدأ يستمتع بإجازته في اللهو مع باقي أصدقائه داخل قريته الصغيرة، إلا أنه منذ أيام قليلة في أسبوع العيد دخلت عليه والدته لايقاظه ليتناول طعام الإفطار معهم، استيقظ "محمد" كعادته بكل نشاط وحيوية وبراءة الأطفال في عينيه كما يقولون، لكن في ذلك اليوم وعكس باقي الأيام الماضية ولأن العيد داخل القرى والمحافظات له بهجة خاصة، ارتدى "محمد" ملابسه الجديدة التي اعدها ليلا وخرج لتناول الافطار مع اسرته الصغيرة ثم اعطى له والده "العيدية"، وعلى غير العادة ارتمى الصغير في حضن والديه بشكل اثار اندهاش الجميع وكأنه يودعهم، حتى ان والده داعبه قائلا: "هو انت مسافر يا محمد انت طالع تلعب بهدومك الجديدة". 

الواقعة

خرج "محمد" ليستمع بأجواء العيد مع أصدقائه مرت ساعة تلو الأخرى إلى أن عم الليل على القرية الصغيرة، إلا أن "محمد" لم يعد على الغداء، اسرته لم تدقق في تأخير صغيرها كونه يوم عيد وفرحة، إلا أن الساعة تجاوزت الثانية عشر بعد منتصف الليل ولم يعد صغيرهما، انتاب الأب حالة من القلق على صغيره فهرول مسرعًا يبحث عن فلذة كبده خارج البيت وفي شوارع القرية يسأل جيرانهم وأقاربهم إلا ان كل محاولات البحث التي قام بها الأب والأسرة بلا جدوى بعدما باءت بالفشل، لم يجد الأب المكلوم حالًا إلا الذهاب لمركز الشرطة لتحرير محضر بتغيب نجله، وأثناء ما كان يجلس المقدم مروان جمال رئيس مباحث البداري يباشر عمله، طرق بابه الأب ليسمح له بالدخول ليبدأ الأب يروي له الحكاية كاملة، سرعان وحرر له ضابط المباحث محضرا، لم ييأس الأب وهرول مسرعًا للبحث عن ابنه مرة أخرى، لكن في تلك المرة اتسعت دائرة البحث بالأقارب والأصحاب والجيران حتى جروب القرية على صفحات السوشيال ميديا في محاولة من العثور عليه، فكل ساعة كانت تمر على الأسرة الصغيرة كانت تمر وكأنها سنة كاملة عليهم، يمر الوقت كالرصاص على قلوبهم، لكنهم يأملون أن يعود إليهم سالمًا، أو حتى ميتًا راضين بقضاء الله في أن يكون صغيرهم تعرض لحادث مروري أو ما شابه ذلك، ففي النهاية "إكرام الميت دفنه".

لكن رجال المباحث كان لهم رأي آخر؛ بعد أيام قليلة من البحث عن "محمد" استيقظ أهالي قرية الهمامية بدائرة مركز البداري التابعة لمحافظة أسيوط على جريمة بشعة تقشعر لها الأبدان، وهي العثور على جثة طفل وسط زراعات الذرة الشامية مذبوحًا ومبتور اليدين بالإضافه إلى تشوه وجهه بمية النار لإخفاء ملامح الجثة، مشهد صعب على كل من رآه خاصة وأن المجني عليه يبدو من صغر حجمه طفل صغير، وتساءل الجميع وقتها في حزن وعيون باكية، بأي ذنب قتل وتم التمثيل بجثة هذا الطفل بهذه الدرجة؟!

سرعان وأخطر رئيس المباحث، اللواء وائل نصار مدير أمن أسيوط والذي أمر بتشكيل فريق بحث برئاسة المقدم مروان جمال رئيس مباحث البداري، ومعاونيه الرائد سامي ثروت، والرائد محمود القاضي، تحت إشراف اللواء توفيق جاد مدير المباحث، والعميد مصطفى حسن رئيس مباحث المديرية، وبالتنسيق مع العميد شريف أبو النجا رئيس فرع الأمن العام، سرعان وانتقلت المباحث إلى موقع الجثة وتبين من المعاينة والفحص؛ أن الجثة للطفل المبلغ بغيابه منذ أيام وهو "محمد عصام" به ذبح قطعي بالرقبة ومقطوع اليدين واختفاء الأجزاء المبتورة كما تبين تشوه وجه المجني عليه بمية النار لإخفاء ملامحه، وباستداء الأب هرول سريعًا وهو يدعى من قلبه ألا يكون ابنه، لكن لا هروب من الواقع الأليم، وقف الأب في حالة صدمة بمشهد مروع لابنه مقتولًا ومقطوع اليدين وآثار ماء النار على رأسه، فقد تعرف على جثة فلذة كبده من ملابسه التي كان يرتديها، أنهار الأب في البكاء وارتمى بالأرض يحضن جثة ابنه للمرة الأخيرة، وبدأت التحريات اللازمة والتي توصلت الى أن وراء ذبح الطفل؛ نجل عمه ويدعى "ع.ا" وأولاده وآخرين، وذلك لذبح الطفل وتقديمه كقربان لفتح مقبرة أثرية حسب طلب "الشيخ" المشارك في الجريمة، كما كشفت التحريات أن المتهمين خطفوا الطفل وكمموه أثناء اللعب بالهاتف أمام منزل والده، ثم قاموا بذبحه وتقطيع يديه على المقبرة الأثرية ثم إلقاء الجثة وسط الزراعات، سرعان ما تم إعداد عدة كمائن ثابتة ومتحركة مستهدفه المتهمين، وتم ضبطهم واقتيادهم إلى ديوان المركز وبمواجتهم اعترفوا بإرتكاب الجريمة، تم تحرير محضر بالواقعة إخطار اللواء وائل نصار مدير أمن أسيوط، والذي أمر بإحالتهم الى النيابة العامة التي تولت التحقيق برئاسة المستشار عبدالله زايد، لكن يبقى السؤال الأهم إلى متى يدفع الضحايا خاصة الأطفال حياتهم ثمنًا للخرافات والدجل باسم فتح المقابر الأثرية؟

في الوقت ذاته وبعدما استلم الأب جثة ابنه شيع الآلاف من أهالي قرية الهمامية جثمان الطفل إلى مثواه الأخير وسط حالة من الغضب وصرخات الأهالي بسبب ما حدث للطفل الصغير، كما أكد أهالي القرية؛ أن الطفل من أسرة بسيطة وليس لديها أي عداوات مع أحد من القرية أو القرى المجاورة وأن ما حدث للطفل هو حادث شنيع لا يمكن تقبله نهائيًا مطالبين بتوقيع أقصى عقوبة على الجناة للتمثيل بجثمان الصغير أثناء احتفاله بالعيد الأضحي.
 

اقرأ أيضا: بعد تصدرها التريند.. كيف يمكنك تجنب مشاكل إنقطاع الكهرباء؟

 

 

ترشيحاتنا