فيصل مصطفى يكتب: بلاد العم سام

الكاتب الصحفى فيصل مصطفى
الكاتب الصحفى فيصل مصطفى

أمريكا "شيكابيكا" أو بلاد العم سام ، كما درج البعض على تسميتها ، هي ربما تكون أكبر دولة تعديا على القانون والأعراف الدولية والإنسانية .

فلو تتبعنا التاريخ الأمريكي الحديث ، ولم ندخل في التاريخ القديم من لحظة القتل الجماعي للهنود الحمر، وإنشاء هذه الدولة على أشلاء وأجساد وأرواح أكثر من 30,000,000 هندي، إذا تجاهلنا ذلك، وركزنا في العصر الحديث ، فسوف نجد أن دخول الولايات المتحدة الأمريكية إلى الحرب العالمية الثانية كان مقرونا بمذبحة دموية كانت الأولى من نوعها في تاريخ البشرية، وهي مذبحة إلقاء قنبلتين ذريتين وليس واحدة على مدينتي هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين ، ورغم أن اليابان كانت شبه منهارة والموقف كان محسوما ، ولم يكن هناك احتياج لأي قنبلة نووية ، ولم يكن هناك شك في هزيمة قوات المحور (ألمانيا وإيطاليا واليابان) ، ولكن هذه هى أمريكا والتي اقترن إسمها دوما بهذه الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية في كل المراحل التاريخية .

فقد شاهدنا ما فعلته أمريكا في عشرات الحروب التي خاضتها في مختلف الأنحاء منذ الحرب العالمية الثانية وإلى يومنا هذا .

وقد عانت الأمة العربية من عدائها سواء العلني أو المبطن ، ولعل إنحيازها الفج لإسرائيل واضحا وجليا ، منذ لحظة إنشائها في 1948 وحتى يومنا هذا  وعلى مدار 75 عاما من الزمان ، وسيظل هذا الأمر لصيقا لها ،  طالما استمرت بعض القوى المهيمنة على قرارها السياسي .

وإذا أردنا أن نطبق هذه المقولات أو القواعد الحاكمة للقرار السياسي الأمريكي في أحدث قضية أو أزمة أو مشكلة ، سنطبقها على الحرب التي تدور رحاها الآن في غزة وبقية الأراضى الفلسطينية المحتلة ، وعلى عدد من الجبهات  في لبنان وسوريا والعراق واليمن بين قوى المقاومة العربية وبين إسرائيل وحلفائها من دول حلف شمال الأطلنطى"الناتو" .

وهذه المعادلة أو هذه القاعدة واضحة تماما ، فأمريكا منذ اليوم الأول سارعت بإرسال حاملات طائراتها وأنظمتها الإلكترونية المتقدمة ، وخبرائها وعلمائها، ووزير خارجيتها الذي أعلن أنه يأتي إلى إسرائيل كيهودي ، وليس كوزير خارجية للولايات المتحدة الأمريكية في واقعة وسابقة لم نر  لها مثيلا في التاريخ . وبدلا من أن يُحاكم بتهمة الخيانة العظمى والولاء لدولة أجنبية ، يظل في منصبه يمارس مهامه ، وشاهدنا رئيس أمريكا يحضر بنفسه مجلس الحرب الإسرائيلى ، منتشيا وسعيدا، ويمارس الهواية الغريبة لرعاة البقر الأمريكان في إراقة دماء الأبرياء .

شاهدنا الدور الأمريكي الحاد والواضح في ممارساته  لحق الفيتو 3 مرات في مجلس الأمن ضد أي قرار يوقف إطلاق النار ، و المذابح ،  وإراقة الدماء ، وشاهدنا دفاعه الشديد عن إسرائيل في محكمة العدل الدولية ، وشاهدنا مشاركة أمريكا بقواتها وعتادها في الحرب علنا أمام شعب فلسطين شبه الأعزل .

وشاهدنا اللعبة الأمريكية السخيفة التي يحاولون ، أن يخدعوا بها شعوبنا العربية وشعوب العالم الثالث ، ويقولون أن هناك ثمة خلاف بين الإدارة الأمريكية وبين حكومة الكيان الصهيوني بسبب بعض الممارسات التي تمارسها حكومة إسرائيل ، وهي فرية بكل المقاييس والمعايير، وأكذوبة كبرى لا تنطلي إلا على السذج وحدهم ، فما يقال فى هذا الكلام لا يرقى حتى إلى مستوى لعبة توزيع الأدوار المعروفة تاريخيا ، والتى درج على استخدامها الاستعمار بشكل أو بآخر ضد شعوب العالم الثالث .

بعض الأبواق الإعلامية الخارجية لا تتورع على أن توهمنا بأن هناك ثمة خلاف بين الإدارة الأمريكية والإسرائيلية وهو أمر غير حقيقي بالمرة، بل ربما يكون العكس هو الصحيح تماما . فأمريكا وإسرائيل ، لم يُضبطا في أي لحظة من لحظات التاريخ من 1948 وحتى يومنا هذا، بأي خلاف من أي نوع  بينهما . 

إن أمريكا ، كما قلنا ، دخلت المعركة بكل ثقلها من أول يوم ، ومازالت مستمرة ، ومازالت تسعى بكل ما تملك من قوة لتصفية القضية الفلسطينية ، بل وإبادة الشعب العربي الفلسطيني نفسه ، 

كل هذه الأمور تؤكد أن أي كلام عن خلاف إسرائيلي أمريكى يعد من قبيل العبث ، وتضييع الوقت ليس إلا ، وأيضا يعد من قبيل الاستخفاف الشديد بالعقلية العربية ، وكأنها عقلية طفل لا يتعدى عمره بضعة أيام .

ما يقال عن خلافات أمريكية إسرائيلية ، ما زالت مستمرة ويعتقدون أنها قد تنطلي علينا ..

لكن .. هيهات .. هيهات
 

[email protected]

إقرأ أيضا : فيصل مصطفى يكتب .. بدون روتوش : الأفول الأمريكي 

 إقرأ أيضا     : فيصل مصطفى يكتب.. بدون روتوش: حماة العزة والكرامة

 

ترشيحاتنا