«فاكهة الصيف».. بريئة من الأمراض المسرطنة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

ياسمين عبد الحميد

كالعادة ومع ظهور أولى بشائر فاكهة الصيف فى الأسواق، تنتشر الشائعات حولها سريعًا، ما بين كونها مصدرًا للأمراض المُسرطنة، وأنها تعرضت لمُبيدات عالية التركيز "مرشوشة"، أو أنها حُصدت مُبكرًا لبيعها سريعًا وتحقيق الأرباح، علاوة على أن بعضها يُسبب إسهالا وقيئا، وغيرها من الأكاذيب، التى تُصيب الكثير من المواطنين بالقلق والخوف من تناول أنواع عديدة من هذه الفاكهة..

 

أكثر الفاكهة الصيفية تعرضًا للشائعات، كل عام تقريبًا، هو البطيخ، فرغم كونه مصدرًا جيدًا لفيتامين سى، ويُقلل من الإصابة بأمراض عديدة كالربو والسعال وغيرها، علاوة على أنه مُساعد قوى فى خفض ضغط الدم، ويحوى مضادات للأكسدة وأحماضا أمينية، إلا أن المئات يخشون تناوله بسبب ما يتردد عن كونه مصدرًا للأمراض المُسرطنة، وهو ما ينفيه، حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، موضحًا أن ما يتردد حول انتشار بطيخ مُسرطن بالأسواق إنما هو شائعة لا أساس لها من الصحة، مُشيرًا إلى أن ادعاء البعض استخدام عدد من الهرمونات وإضافتها لمحصول البطيخ للإسراع فى نموه أمر غير منطقى، وذلك لأن أسعار هذه الهرمونات باهظة للغاية، ولا يُعقل أن يشتريها مزارع بآلاف الجنيهات ليبيع محصولا زهيد الثمن، ومهما رفع سعر محصوله لن يستطيع تعويض سعر تلك الهرمونات، مُضيفًا أن البطيخ من المحاصيل التى تتمتع بحساسية شديدة، وبالتالى يظهر عليها أى أثر للتعامل الخاطئ فى زراعتها.

 

شديدة الحساسية

وعن ظهور بعض التأثيرات الصحية السلبية عقب تناول البطيخ، قال أبو صدام إنها أسباب غير مشروطة بأن يكون البطيخ مُسرطنا أو مُسمما، بل قد تتعلق بعوامل أخرى كتلوث السكين المُستخدمة فى شق البطيخ، والتى عادة ما يستخدمها كثير من الباعة والمواطنين للتأكد من احمرار وجودة الثمرة، علاوة على سوء التخزين سواء فى درجات حرارة مُرتفعة أكثر من اللازم أو فى أجواء غير مُلائمة قد تؤدى لإفساده، كما أن سوء تخزينه بعد فتحه قد يتسبب فى إفساده أيضًا نظرًا لأنه من الفاكهة شديدة الحساسية، وكثيرًا ما يتم تناوله على عدة مرات، وليس مرة واحدة، كما أن الإفراط الشديد فى تناول البطيخ قد يؤدى إلى الإصابة بالإسهال، مُناشدًا المواطنين فقط اتباع الأساليب السليمة من خلال شرائه من أماكن موثوق بها، واختيار البطيخ السليم الخالى من أى عيوب أو نتوءات، وعدم اللجوء إلى شقه عند البائع لتجنب تلوث السكين، وكذلك غسله جيدًا قبل فتحه، وتخزينه فى درجات حرارة مُعتدلة، وتغليفه داخل الثلاجة فى حالة تناول الثمرة على أكثر من مرة.

 

وحول الآراء التى تُنادى بعدم شراء البطيخ خلال هذه الفترة من العام، والانتظار لمدة 21 يومًا على الأقل، قال نقيب الفلاحين، إن هذا الكلام أيضًا غير منطقى وعار من الصحة، مُشيرًا إلى أن اعرشة البطيخ تستمر فى إنتاج الثمرات أكثر من شهر، وبالتالى غير معروف أى عرشة تحديدًا تكون مُدة إنباتها للمحصول قد انتهت، فهى لا تُنبت خلال يوم وليلة، وبالتالى هذا الحديث غير دقيق، وليس منطقيا.

 

برنامج  البطيخ

البطيخ المصرى آمن ومذاقه رائع، والأصناف الجديدة إنتاجها عال المستوى من حيث الطعم أو اللونب، هكذا تحدث الدكتور سليمان عمران، رئيس برنامج البطيخ بمعهد البحوث الزراعية، مُطمئنًا المصريين، ونافيًا شائعات تسبب البطيخ فى حالات تسمم غذائى أو احتوائه على أى مواد مُسرطنة، لافتًا إلى أن البطيخ ليس من الفاكهة المُسرطنة، ولم يُعد لدينا مُزارعون يستخدمون المُبيدات المُسرطنة، لأنها لم تعد موجودة أساسًا فى مصر، موضحًا أن ظهور علامات بيضاء على البطيخ من الداخل دليل على عدم نضجه بشكل كاف، وعن كيفية اختيار البطيخ، أشار إلى أنه لا بد أن يكون بها جزء أصفر، وأن يكون العنق قويًا، وأن تكون مُستديرة مثل الكرة، بدون تضليع بأى من جوانبها، ووزن البطيخة يكون ثقيلًا، لأن هذا دليل على أنها ممتلئة من الداخل، وقوامها يكون سليمًا، ولا يوجد بها أى إصابات أو نتوءات.

 

الدكتور محمد فهيم، رئيس مركز معلومات المناخ بوزارة الزراعة، شدد على عدم وجود ما يُسمى ابطيخ مُسرطنب، لافتًا إلى أن وجود بعض الثمار ذات تجاويف فارغة من اللحم وأحيانًا ذات لون أبيض هو ظاهرة فسيولوجية تُسمى القلب الأجوف، مُشددًا على أن البطيخ آمن تمامًا، وليس له علاقة من قريب أو بعيد بأى تسمم أو أى مشكلة غذائية، مُضيفًا أن البطيخ ذا القلب الأجوف ينتج بسبب التذبذبات الحرارية العالية بين نهار احارب وليل اباردب أثناء عمليات الإخصاب والعقد والتحجيم مع وجود ظروف مُناخية مُعينة االموجات الدافئة يليها موجات باردة مع زيادة فرق الحرارة بين الليل والنهار كما فى فترات الربيعب، علاوة على التسميد الأزوتى الزائد والإفراط فى الرى.

 

ونصح فهيم، المزارعين للإقلال من هذه الظاهرة، بالمحافظة على عدم زيادة الرى أو وجود أى تذبذبات فى الرى أو زيادة النيتروجين أو استخدام مصدر النيتروجين فى صورة يوريا أو نترات نشادر ورش سترات البوتاسيوم أو بوتاسيوم فوسفيت، مؤكدًا أن ظهور التشقاقات الداخلية فى البطيخ ليس مرضًا، وليس له تأثير سلبى على طعم البطيخ، وآمن تمامًا للاستهلاك الآدمى.

 

الخوخ والبرقوق

من الفاكهة الصيفية التى يتردد أيضًا أنها تُصيب ببعض الأمراض، كـــالـنزلات المعـويـة، والإـسهال، والتلبك المعوى نتيجة تعرضها للرش بمبيدات مسرطنة، الخوخ والبرقوق، وهو ما يرُد عليه الدكتور أحمد جاد، إخصائى التغذية العلاجية، مُشددًا على أن الخوخ والبرقوق الموجودين بالسوق المصرى غير مُسرطنين تمامًا، مُضيفًا أنه قد يكون مُعرضا لوجود بقايا المُبيدات الحشرية التى يرشها المُزارعون فى الأراضى لحماية المحصول، وهو ما يُمكن التغلب عليه بنقع الخوخ والبرقوق فى الماء المُضاف إليه القليل من الخل لمدة 20 دقيقة قبل تناولهما، وبعد ذلك يتم غسلهما باستخدام فرشاة الخضراوات للتأكد من إزالة المبيدات الحشرية منهما تمامًا، مُشيرًا إلى أنها فاكهة سريع التلف عند التعرض لدرجات حرارة مُرتفعة، حتى وإن بدت للمستهلك أنها صالحة للتناول، وبالتالى يُفضل شراء كميات محدودة منها وحفظها داخل الثلاجة، لافتًا إلى أن هذه  فقط هى الأسباب التى قد تؤدى لإصابة البعض بالإسهال فور تناوله.

 

المانجو والعنب

المانجو والعنب المصرى من الفاكهة التى نالت شهرة عالمية كبيرة، وخصوصًا الأخير حيث يتم تصديره إلى الأسواق الأوروبية، ورغم هذه الشهرة إلا أن الفاكهتين تواجهان شائعات أيضًا، فالعنب كثيرًا ما يتردد أنه يُسبب الإصابة ببعض الأمراض وخصوصًا النزلات المعوية، أما المانجو فتُطارده شائعة تلف المحصول نتيجة عوامل الطقس، وهو ما ينفيه حاتم النجيب، نائب رئيس شعبة الخضراوات والفاكهة بغرفة القاهرة التجارية، مُشددًا على أن العنب المتوافر بالأسواق من أجود أنواع العنب فى العالم، منوهًا إلى أن محصول العنب أو االلؤلؤ الأخضرب فى محافظة مثل الأقصر يتهافت عليه المصدرون للأسواق الأوروبية، وعن المانجو قال إن أسعارها انخفضت العام الماضى بسبب زيادة الإنتاج ووفرة المعروض منها بالأسواق، ونتمنى أن يحدث الأمر ذاته هذا العام، وأن تكون هناك زيادة بالإنتاج هذا الموسم مع اعتدال المناخ فى فصل الصيف، مما يؤدى للحفاظ على زهرات المانجو، منوهًا إلى أن مساحة زراعة المانجو فى مصر تقترب من 300 فدان أغلبها فى الإسماعيلية، ويبدأ موسم المانجو الأساسى مُنتصف يوليو وحتى نهاية أغسطس، متوقعًا أن يستمر موسم المانجو هذا العام حتى نهاية أكتوبر إذا كثر الإنتاج بالأسواق كما حدث العام الماضى.

 

جولة بالأسواق

تجولنا فى سوق االمنيبب لبيع الفاكهة بالجملة، فرصدنا حركة نشاط فى البيع وإقبالا كبيرا من المواطنين على الشراء، حيث يقول محمد السائح، تاجر بطيخ، إن الموسم بدأ مبكرًا هذا العام وهناك وفرة فى المعروض وإقبال من المواطنين على الشراء، رغم الشائعات المُنتشرة على البطيخ، مُشيرًا إلى أن الإقبال على البطيخ تحديدًا سببه أنه من الفاكهة المُحببة للكثيرين، علاوة على أن سعرها أرخص من أغلب إن لم يكن جميع الفاكهة الصيفية الأخرى كالبرقوق والمانجو والخوخ.. أمينة السيد، ربة منزل، قالت إنها تحرص على شراء الفاكهة من السوق، ولا تشتريها من المحلات أو الهايبر ماركت، حتى تتأكد من أنها طازجة وليست مُخزنة، لافتة إلى أن السوق يضم العديد من أصناف الفاكهة، وأنها تحرص على شراء كميات قليلة من أى نوع حتى تتناولها مع أسرتها طازجة ولا تتركها فترة طويلة فى الثلاجة فتتعرض للتلف.

 

وعن شائعات تعرض بعض أصناف الفاكهة لمُبيدات مُسرطنة، قال الحاج عامر الفولى، تاجر فاكهة، إن هذه الشائعات اعتدنا عليها، ونسمعها كل عام، ولكنها تنتشر حاليًا بسبب افيسبوكب - على حد تعبيره - لافتًا إلى أن الفاكهة المصرية بمُختلف أصنافها من أفضل أنواع الفاكهة فى العالم، بفضل زراعتها فى مناخ مُلائم سواء صيفًا أو شتاءً.

 

اقرأ أيضا: زراعة فاكهة «القشطة جرافيولا» فى مصر بأيدِ مهندس زراعى بالشرقية

 

ترشيحاتنا