2023| العام الأكثر استفزازا من «الإحتلال».. والنتيجة «طوفان الأقصى»   

قوات الإحتلال تعتقل طفلا فلسطينيا
قوات الإحتلال تعتقل طفلا فلسطينيا

في 25 ديسمبر 2022، كتب زعيم المعارضة الإسرائيلية وزعيم حزب "هناك مستقبل" يائير لبيد في تغريدة على منصة "إكس" "نتنياهو ضعيف، ويقودنا إلى "دولة الهالاخاه" ومعناها دولة (الشريعة اليهودية) المظلمة" ، وجائت التغريدة بعد تشكيل نتنياهو للحكومة بأيام ، حيث تشكلت الحكومة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو نهاية العام الماضي ، وعادت الأحزاب الدينية المتطرفة إلى الساحة السياسية ، مما دفع أحزاب المعارضة للتحذير منها في أكثر من مناسبة، وصدقت تغريدة يائير لبيد بالفعل.

فقد لوح المتطرف اليميني إيتمار بن غفير قبل أن يصبح وزيرا للأمن القومي في حكومة نتنياهو بمسدس في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة وسط مواجهات بين الفلسطينيين من جهة وقوات الاحتلال التي ترافق مؤيديه من جهة أخرى.

ومنذ تشكل حكومة نتنياهو ازداد التصعيد في الضفة الغربية والقدس وغزة ، حيث سجل الاحتلال أرقاما قياسية في قتل الفلسطينيين، وتدنيس المقدسات والاعتداء على النساء ، وحرق البلاد، حيث دمرت وردمت 160 بئرا ومجرى مياه منذ بداية عام 2021، وهو ما اعتبره الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي ، في مقالة له بصحيفة هآرتس الإسرائيلية ، بأنه أحد الأعمال الأكثر للاحتلال.

ومنذ بداية 2023، قتلت إسرائيل أكثر من 220 فلسطينا في الضفة الغربية والقدس وغزة ، من بينهم نحو 40 طفلا و11 امرأة من خلال الأقتحامات وأعمال لعنف ، وفقا لتقارير الصحة الفلسطينية ، وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في أغسطس الماضي، إن الجيش وشرطة الحدود في إسرائيل يقتلون الأطفال الفلسطينيين دون أي أسباب ودون أستجواب ، مطالبة سلطات الاحتلال بإنهاء الاستخدام الروتيني وغير القانوني للقوة القاتلة ضد الفلسطينيين، وخاصة الأطفال.

الأحتلال يوجه أسلحته نحو النساء والأطفال

 

ومع بداية عام 2023 ، أصدر الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 2600 أمر اعتقال إداري (اعتقال دون تهمة أو محاكمة)، في وقت بلغ فيه عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال نحو 5200 أسير، بينهم 36 أسيرة، ونحو 170 طفلا، وفق بيانات فلسطينية رسمية.

وفي سبتمبر 2023، قرر بن غفير أيضا تقليص زيارات بعض العائلات الفلسطينية لأبنائها في سجون الاحتلال، من مرة كل شهر إلى مرة كل شهرين، وسبق أن نفذ إجراءات انتقامية ضد الأسرى شملت حرمانهم من الخبز والطعام الطازج وكثيرا من الحقوق البسيطة ، وكذلك قمع احتجاجاتهم وتشتيتهم بين السجون بشكل مستمر، وممارسة سياسة تعذيب بحقهم ، كما أنه دعا في أغسطس 2023 ، إلى تسليح أكبر عدد من الإسرائيليين، ردا على إلى إطلاق نار من قبل فلسطينيين على المستوطنين في الضفة الغربية.

أما وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وهو يقيم في مستوطنة كدوميم شمالي الضفة الغربية ، كان فى عام 2016 قد صرّح في مقابلة له مع صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، قال فيها "إذا أظهرنا يدا من حديد، فلن يكون هناك أطفال يرمون الحجارة ، ومن يرمي الحجارة لن يكون هنا ، إما أن أطلق عليه النار، أو أسجنه أو أطرده" ، ومن المعروف أنه بسبب تصريحاته العنصرية والمعادية للفلسطينيين فقد قاطع المسؤولون الأميركيون والفرنسيون زيارته لواشنطن وباريس لأنه معروف بنشاطه الداعم للاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

بناء المستوطنات على الأراضى الفلسطينية

 

و في مارس 2023 دعا سموتريتش ، إلى "محو" بلدة حوارة الفلسطينية، عقب هجمات شنها مئات المستوطنين في 26 فبراير 2023 على البلدة، مما أدى إلى مقتل فلسطيني وإحراق وتدمير عشرات المنازل والسيارات الفلسطينية ، وفي 19 فبرايرالماضى قال سموترتيش خلال تواجده فى باريس ، إنه "لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني"، وهو تصريح كارثى من مسؤول حكومي ، لأنه أطلق العنان لموجة من الكراهية والقتل الاقتحامات.

و بتحريض من وزراء اليمين وبحماية شرطة الاحتلال، ارتفعت الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ، حيث أكد تقرير رسمي فلسطيني، أن نحو 41 ألف مستوطن إسرائيلي اقتحموا المسجد الأقصى منذ بداية العام وحتى نهاية سبتمبر 2023، مشيرا إلى اعتقال 464 مقدسيا خلال الشهور الثلاثة الماضية، بينهم 62 طفلا و32 سيدة، إضافة إلى 54 قرارا بالحبس المنزلي.

 

 

ورغم التحذيرات من تفجر الأوضاع ، أصر نتنياهو ووزراؤه على خروج مسيرة في مايو الماضي ، وهى مسيرة تحدث بشكل متكرر أو تقليد ثانوى وبطقوس خاصة بهم ومنها الرقص ، يهتف المشاركون فيها عادة بشعار "الموت للعرب"، ولتأمين المسيرة، نشرت الشرطة الإسرائيلية 3200 من عناصرها، واعتدت على الفلسطينيين في منطقة باب العامود والبلدة القديمة، و بن غفير، هتف أثناء مشاركته في الرقصة "القدس لنا".

وفي الخليل بالضفة الغربية المحتلة، يتعرض الحرم الإبراهيمي لانتهاكات إسرائيلية تمس قدسية المسجد، بينها منع رفع الأذان، وإنارة الشمعدان على سطحه، وإقامة حفلات صاخبة في أروِقته ،  كما رفعت سلطات تل أبيب في أبريل الماضي أعلام إسرائيل فوق أسطح وجدران الحرم ، كما طالت اعتداءات المستوطنين في مدينة القدس المسيحيين ومقدساتهم ، ففى أول أكتوبرالماضى ، بصق متطرفون إسرائيليون على الأرض أثناء خروج مسيحيين، وهم يحملون الصليب من كنيسة بالبلدة القديمة في طريق الآلام بالقدس، وتم توثيق ذلك بالفيديو ، ولم يمنع جنود الاحتلال الشاهدون على الواقعة المتطرفين من البصق ، أما مجلس ووقتها قال مجلس الكنائس العالمي في القدس، أن المسيحيين يتعرضون لـ "الاضطهاد" من قبل جماعات إسرائيلية متطرفة، منتقدا صمت الحكومة الإسرائيلية إزاء ذلك.

ولم تقتصر اعتداءات المستوطنين على المسلمين والمسيحيين في الأراضي المحتلة، ففي سبتمبر الماضي، ذكر مكتب الاتحاد الأوروبي في فلسطين أن بعثات دبلوماسية تعرضت لمضايقات عنيفة من قبل مستوطنين في الضفة الغربية، مطالبا السلطات الإسرائيلية إلى اتخاذ إجراءات ضد المستوطنين العنيفين، وتفكيك البؤر الاستيطانية غير القانونية وتوفير الحماية للسكان الفلسطينيين الخاضعين للاحتلال

وبرغم تعهد إسرائيل مرتين على الأقل بتجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية خلال عام 2023 ، لكن هذه الفترة سجلت "ارتفاعا قياسيا" بالأنشطة الاستيطانية غير الشرعية، بل أطلقت الحكومة الإسرائيلية الحالية أكبر عملية استيطان ، ففي الضفة الغربية تعمل الجرافات الإسرائيلية ليلا ونهارا، و هناك فلتانا للمستوطنين وتوسيع في البؤر الاستيطانية غير القانونية، حيث دفعت الحكومة بمخططات لإقامة 12 ألفا و885 وحدة استيطانية في الضفة الغربية، كما نشرت أيضا مناقصات لبناء ألف و289 وحدة استيطانية. مما يرفع إجمالي عدد الوحدات إلى أكثر من 14 ألفا، بحسب معطيات "حركة السلام الآن" الإسرائيلية.

وبحسب تقارير فلسطينية، فإن 506 آلاف مستوطن موجودون بالضفة و230 ألف مستوطن في داخل القدس الشرقية، وعملية إخلاء هؤلاء المستوطنين تعتبر من وجهة نظر اليهود تطهيرا عرقيا، وبالتالي فإن تنفيذها بات مستحيلا.

أصدرت لجنة التحقيق الدولية المستقلّة التابعة للأمم المتحدة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة في نهاية سبتمبرالماضى ، تقرير تؤكد فيه أن إسرائيل انتهكت وما زالت تنتهك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، من خلال احتلالها طويل الأمد، واستيطانها، وضمها للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.

الأستيلاء على الأراضى الزراعية المملوكة للفلسطسنيين

وأضافت اللجنة، أن "الاحتلال الإسرائيلي، الذي دام 56 عاما حتى الآن، غير قانوني بموجب القانون الدولي"، مؤكدة أن نتيجة الأعمال غير المشروعة تستوجب عواقب قانونية على إسرائيل، لوضع حد لـ"الفعل غير المشروع دوليا" ، كما أن العديد من الفلسطينيين غادروا مجتمعاتهم بسبب عنف المستوطنين، و جرى تهجير أكثر من 1100 فلسطيني من 28 تجمعا سكانيا؛ بسبب تصاعد أعمال العنف ومنعهم من الوصول إلى أراضي الرعي على يد المستوطنين الإسرائيليين.

وبالرجوع إلى سنوات ماضية مليئة بعوامل الإحباط واليأس والغضب التي خلفتها قوات الأحتلال في نفوس الفلسطينيين، وكان عام 2023 بما فيه من الانتهاكات الإسرائيلية وحده كفيل بأن يكون بمثابة عبوة مممتلئة بالبارود على وشك الأنفجار ، وكانت إحدى الموجات التي تجعل من "طوفان الأقصى" معركة كانت مؤجلة الى أن جاء موعدها ، وكانت بثابة صفعة على وجه المحتل الأسرائيلى المتطرف.

ترشيحاتنا