عمالة على وشك الإنقراض| من الفرح للجنازة.. تاريخ «المعددة» و«نبطشي الفرح»

نبطشي الفرح .. عمالة على وشك الإنقراض
نبطشي الفرح .. عمالة على وشك الإنقراض

للفرحة والحزن مهابة وقيمة كبيرة في قلوب المصريين 
وبين الجنازة والزفاف كان يبدع المصري قديمًا وحديثًا ، في موت إوزوريس ظهرت أول "معددة" في التاريخ ، كتاب "العادات المصرية بين الأمس واليوم" للمؤرخ وليم نظير ، سرد قصة أول سيدة صدح صوت أنغامها في جنازة "أوزوريس" ، بعدما ودعته زوجته إيزيس على ترنيمة الندّابة نفتيس ، لتكون أول معددة يدون اسمها التاريخ. 
على النقيض استحدث المصريون مهنة نبطشى الفرح ، ذلك الشخص طليق اللسان الذي يحتل مسرح الزفاف ، يحيي العروسين ويذكر أسماء المعازيم فردًا تلو الآخر، في محاولة لجلب "النقوط" 
في رأيك هل تنقرض المهنتان قريباً؟

وفى هذا التقرير نفتح ملف بعض من  المهن المصرية التى  أنقرضت والبعض منها يصارع الأنقراض حيث بدأ يتلاشى بسبب تعارضه مع مستجدات الحياة ، وبمناسبة الاحتفال بعيد العمال نلقى الضوء على أشهر المهن التى أنقرضت فى مصر وهى مهنة "السقا" ، "القرداتى" ، "الطحان" ، "الطرابيشى" ، وبعض المهن عادت الى الحياة من جديد مثل مهنة الحجام ، وهو من يقوم بعمل الحجامة من خلال سحب الدم الفاسد من الجسم ، أما بالنسبة للمهن التى تصارع للبقاء وإن كانت فرصتها فى الأستمرار تكاد تكون منعدمة ، وتلك المهن هى مهنة "المعددة" أو "الندابة" ، ومهنة "نبطشى الفرح" وهما مهنتى على طرفى النقيض من الحياة حيث تقام الأفراح وتطلق الزغاريد فى سبوع مولد الأنسان وتقام المآتم والصراخ حين يتوفى.


"المعددة" أو "الندابة"
أستخدمت المصريات قديما البكاء كمصدرا لجلب الرزق، من خلال مهنة "المعددة" أو "الندابة" والتي تعنى "امرأة تحترف البكاءَ على الميِّت وتعدِّد محاسنَه"، وهى مهنة ظلت موجودة حتى وقت قريب في مصر والعديد من الدول ، و"المعددة" هي سيدة صاحبة صوت جهوري، ولديها قدرة على أستدعاء البكاء كلما أرادت ذلك، ويتم إستئجار تلك المرأة لحضور الجنازات ، وتأتى بملابس الشغل ، فتكون ثيابها سوداء ورثة، وتفترش التراب أمام منزل المتوفى وتبدأ في النحيب ولطم الوجه وشق الثياب أحيانا، وتعدد الصفات الحميدة للميت الذي ربما لم تلتق به مطلقا، كل ذلك من أجل مبلغ من المال تتقاضاه من أسرة المتوفى.
وذكر الكاتب المصري أحمد أمين في كتابه "قاموس العادات والتعابير المصرية"، أن المعددة مهنة قديمة، ووصفها قائلا : "امرأة تدعى للغناء في المأتم، وهي تستفسر أولا عن الميت ومن هو، وعلى أي حال كان، وما فضائله ومزاياه، وتصوغ من كل ذلك كلاماً في "تعديدها" يثير كوامن النفوس، ولها لسان فصيح وقدرة تامة على الإبكاء، وبعضهن يصحبن معهن الدف، فيثرن بذلك دوافع اللطم على الوجوه".
وأكدت معظم الدراسات إلى أن نشأة مهنة المعددة يعود إلى مصر القديمة، حيث ذكر الكاتب "وليم نظير" في كتابه "العادات المصرية بين الأمس واليوم" أن هذه المهنة فرعونية الأصل، قائلا: "بعدما استطاعت إيزيس جمع أشلاء زوجها المتناثرة صنعت منها أولى المومياوات بمساعدة نفتيس وأنوبيس، وانتقل أوزير بعد ذلك إلى عالم الأموات حيث تم دفنه على أنغام مراثي إيزيس ونفتيس"  ، وبلاد الصعيد هى أكثر المناطق التى انتشرت فيها هذه المهنة، والممثلة ألهام شاهين أشهر من قامت بدور الندابة فى السينما من خلال فيلم عليه العوض مع فاروق الفيشاوي.


"نبطشى الفرح"
و"نبطشى الفرح"، هو الشخص طليق اللسان، وهو الذى يحتل المسرح فى حفلات الزواج، والسبوع والطهور وكل المناسبات السعيدة المتعلقة بالمناطق الشعبية ، وكل الفئات المستهدفة من الطبقات المتوسطة والدنيا ، ودوره تقديم الفقرات، ويستقبل المدعوين، ويحيى مقدمى "النُّقطة"، ويُمجد الأكثرهم سخاء، من دون أن ينسى أن يسرف فى مدح صاحب فى العروسين.


و فى السينما عدد من الممثلين أجادو تجسيد شخصية "النبطشى" ، مثل ماجد الكدوانى فى فيلم "الفرح"، وطلعت زكريا فى "حاحا وتفاحة" ، ومحمود عبدالمغنى لعب بطولة فيلم حمل الاسم ذاته "النبطشى"، محاولاً التركيز على جوانب درامية فى حياة الأشخاص الذين يلعبون هذا الوفدور فى الحياة.
لا ينشط دور "نبطشى الفرح" سوى فى الأفراح الشعبية والمناسبات السعيدة للحارة ، والتى تُقام فى الحارات أو على أسطح البنايات المتواضعة، وتستهدف مدعوين من الشرائح الدنيا فى الطبقة الوسطى ، لذلك فمن الضرورى أن يكون "النبطشى" مُلماً بالقاموس الشعبى المتداول فى تلك البيئةً، ومبتدعاً لمصطلحات جديدة تتسم بالغرابة والابتذال.

ترشيحاتنا