د. منجى بدر يكتب.. دور الحوار الوطنى وأثره سياسيا واقتصاديا فى ظل الصعوبات الراهنة

الدكتور منجى على بدر
الدكتور منجى على بدر

    ان الحوار الوطنى هو أحد البوابات للعبور نحو مستقبل يناسب مصر كدولة محورية فى الشرق الاوسط ولها تأثير فى محيطها ، إذ ضم كافة التيارات السياسية باختلاف أيديولوجياتها وتوجهاتها السياسي،   فالحوار الوطنى استطاع أن يظهر التفاعل المباشر بين كل ممثلى الشعب والاحزاب السياسية والمفكرين حول أولويات العمل الوطنى، على أساس أن الاختلاف فى الرأى لايفسد للوطن قضية .

ونرى أهمية استكمال جلسات الحوار الوطنى مع التركيز على أولويات المستقبل فى ظل تحديات غير عادية دوليا واقليميا وأن المواطن المصرى صاحب حضارة وتاريخ وأولوياته هى المستقبل والتحدى رغم الصعوبات الاقتصادية ، وان ثقة المواطن فى الرئيس لاحدود لها وصدقت جموع الشعب على ذلك بالاقبال منقطع النظير على المشاركة فى الانتخابات الرئاسية .

   ان المردود للحوار الوطنى فى الجانب الاقتصادى كان ايجابيا وساهم فى استيفاء الشرط الكافى لجذب الاستثمارات وتعميق النظرة المستقبلية الايجابية للاقتصاد والقدرة على المنافسة اقليميا ودوليا ، وسياسيا أبرز الحوار دور الاحزاب والنخب فى الحياة الانتخابية وقلص دور العائلات فى الحشد مما نتج عنه زيادة المشاركة فى الانتخابات الرئاسية، و أما استراتيجيا ساعد الحوار على ايجاد تفاهم وتناغم واسع حول أولويات الامن القومى وأولويات المجتمع المصرى ، وأما مجتمعيا كشف الحوار الوطنى عن مقترحات جيدة للنمو وأخرى خارج الصندوق ، وأيضا أراء غردت خارج السرب ولكن كلها فى اطار حب مصر والرغبة فى التقدم والتطور .

انّ ثقافة الحوار كانت غائبة عن المجتمع لفترة ، ولو كانت فكرة الحوار وقبول الاختلاف والنقاش بين القوى السياسية هي النتيجة الوحيدة للحوار الوطني فهو أمر طيب وجيد وأنّ مائدة الحوار الوطني شهدت نقاشا برامجيا وليست مكلمة وأن الاختلاف يكمن في طريقة حل التحديات التي تواجه الدولة ، وأفرز الحوار مساحات مشتركة ، واكتشفت القوى السياسية أن المساحات المشتركة أكثر بمراحل من نقاط الخلاف.

 واستعرض الحوار الوطني طبيعة التحديات الداخلية التي تواجهها الدولة، وطريقة تعامل الدولة معها بمختلف أشكالها. وجلسات الحوار الوطني توقفت خلال فترة الانتخابات الرئاسية، وأعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي أن جلساته ستعود بشكل أكثر عملية وفاعلية،

 هذا ، وقد انتهت مصر من مرحلة الاصلاح الاقتصادى التى بدأت عام 2016 وكان هدفها بناء بنية تحتية تناسب مرحلة انتقال من اقتصاد خدمى الى اقتصاد انتاجى تنافسي يعتمد على الزراعة والصناعة بجانب الخدمات وجاءت جائحة كوفيد 19 وأغلقت المصانع أبوابها وحدثت مشاكل فى سلاسل الامداد والتوريد العالمية وزادت الأسعار وزادت معدلات التضخم العالمى ، وكان التأثير كبيرا على كافة اقتصادات العالم ومنها مصر الا أن الخطوات التى اتخذتها الدولة خففت كثيرا من تأثيرات كوفيد 19 وبدأ العالم يعود لمرحلة مابعد كوفيد وبدأت الحرب الروسية الأوكرانية فى 24 فبراير 2022 وتأثر العالم مرة أخرى وارتفعت أسعار المواد الخام والحبوب وشدد البنك المركزى الفيدرالى الامريكى من سياساته النقدية مما أدى لانسحاب الأموال الساخنة من أسواق الدول الناشئة بسبب الاتجاه التصاعدى لسعر الفائدة، وانسحبت أموال من مصر بحوالى 22 مليار دولار مما أثر بالسلب على موقف سيولة العملات الحرة ، كما بدأت الضغوط على مصر من أمريكا وروسيا لتوريد سلاح وذخائر لطرفى الحرب فى أوكرانيا الا أن مصر نأت عن الدخول فى الصراع لحساب أى من الطرفين تنفيذا لسياسة مصر الخارجية بعدم الدخول فى نزاعات اقليمية أو دولية ، وفى  يوم 7 اكتوبر الماضى بدأ الصراع الفلسطينى الاسرائيلي وبدأ التأثير السلبى على السياحة فى سيناء ، وحاولت أطراف اقليمية ودولية اغراء مصر اقتصاديا الا أن مصر دولة الحضارة والتاريخ رفضت كل المغريات.

 وأتوقع نهاية السبع العجاف وبدء السبع الثمان باذن الله، وتحسن المؤشرات الكلية للاقتصاد المصرى لأن المشروعات القومية ستؤتى ثمارها ، كما أن توطين الصناعة بدأت باجراءات فاعلة والتوسع الزراعى الرأسي والافقى ، و تشييد مشروعات المستقبل وأهمها مشروعات الاقتصاد الأخضر وأيضا مشروعات القيمة المضافة العالية وتطبيق سياسة عدم تصدير المواد الخام الا بعد ادخال بعض العمليات التصنيعية عليها مثل الرمال البيضاء والسوداء والفوسفات والكوارتز وغيرها .

  ويتوقع المتابعون للشأن العالمى أن يتحسن الأداء الاقتصاد العالمى بشكل بطئ بسبب توقف الفيدرالى الامريكى عن زيادة سعر الفائدة، وتوافر بعض المؤشرات حول تسوية أو تبريد الصراعات خاصة فى الفترة التى تسبق الانتخابات الامريكية فى نوفمبر المقبل.

==

   كاتب المقال خبير اقتصادي

   عضو مجلس ادارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة

 

ترشيحاتنا