«مسلسلات المنصات»: دعاية وضجة عند العرض.. ثم «كأن النور قطع»!

فيلم صاحب المقام
فيلم صاحب المقام

مما لاشك فيه أن فكرة ظهور وانتشار المنصات الالكترونية تسببت في حالة من الرواج الفني والانتعاش في العملية الإنتاجية للأعمال الفنية المختلفة، وأصبحت مجال مهم للمنتجين والفنيين والفنانين لبيع وعرض اعمالهم بشكل سريع وكبير، خاصة لو كانت لمنصات عرض كبيرة ومهمة، ما يوسع دائرة العرض على أكثر كم من الجمهور على مستوى أكبر من البلدان.

ومن المتميز أيضا أن هذه المنصات أتاحت الفرصة لعمل مسلسلات لا تتخطى حلقاتها العشر، بل والخمس حلقات، ما أتاح الفرص لعدد أكثر من الفنانين والفنيين للعمل، كما جعل فكرة حركة دورة رأس المال للمنتجين أسرع، وهو ما شجع منتجين جدد لدخول مجال الإنتاج الفني بحماس واهتمام أكثر.

ويبدو أن كل هذا في صالح الحركة الفنية بشكل عام، ولكن هل هذا في صالح الفن كفن يبحث عن التاريخ والتواجد والاستمرارية على مر الأجيال، كما نشاهد ذلك من خلال شاشات التلفزيون وكذلك الفضائيات التي تحرص على الحفاظ على تراث الأفلام والمسلسلات والمسرحيات من أجل الحفاظ على تاريخنا الفني.

فمن منا على مر أجيال وأجيال لم يشاهد ويضحك ويحب إسماعيل يس مثلاً، وكذلك على الكسار والريحاني ويوسف وهبي وأنور وجدي وليلى مراد وعمر الشريف وفاتن حمامة وعادل إمام ونور الشريف وغيرهم، فهذا كمثال وليس الحصر من نجوم الفن المصري والعربي على مر التاريخ والزمن، حتى وصلنا إلى جيل هنيدي وحلمي ومنى زكى والسقا وعز وكريم عبدالعزيز وغيرهم، وكلهم نجوم حُفروا في قلوبنا وعقولنا من خلال حفظ أعمالهم وتراثهم وتراثنا الفني.

ولكن هل المنصات ستحافظ على التراث والتاريخ الفني للأعمال الفنية والفنانين كما فعل التلفزيون والقنوات الفضائية؟ أم أنه فقط فن من أجل الاستهلاك الوقتي (وخلاص)؟

الاجابة من وجهة نظر الجمهور من الجيل الجديد دون أن ينطقها أحد بلسانه ولكن بأفعاله واضحة، أنه يشاهد العمل ويتحمس له أثناء فترة عرضه، ولكن بعد انتهائه ينتهى التفكير في العمل من الأساس، ويتم البحث عن غيره وهكذا، ويبدو أن هذا هو سمة العصر وإيقاعه.

 فالجمهور تغير واختلف، واختلفت أفكاره ونوعية مشاهداته، بل وطريقة المشاهدة نفسها، فمنذ زمن كنا نجتمع ونلتف حول شاشات التلفزيون لكي نتابع المسلسلات أو نذهب إلى دور العرض السينمائية للاستمتاع بفيلم جديد، وكذلك المسرح، أما الآن فكثير من جمهور الجيل الجديد يتابع الأعمال الفنية عبر شاشات تليفونه المحمول الخاص به، كما أن كثيراً منهم لا يملكون فكرة انتظار متابعة الحلقات بشكل يومي بل يقومون بتجميعها في يوم واحد ومشاهدتها مرة واحدة اختصارًا للوقت.

ومع نجاح كثير من هذه الأعمال في جذب الجمهور إليها وإثارة الكلام والجدال حولها، وكذلك الدعاية الكبيرة لها سواء من الشركة المنتجة أو من الجمهور نفسه على مواقع (السوشيال ميديا) المختلفة حيث ضجيج وصخب واهتمام وتركيز بالعمل بشكل ضخم وكبير جدًا يشعرك أنه سيكون عملاً لا يُنسى عبر التاريخ وسيُحفر في عقول وقلوب المشاهدين، ولكن ما أن تنتهى حلقات المسلسل أو وقت الفيلم تجد فجأة (وكأن النور قطع) أو نار الشمعة قد انطفأت، ليظهر عمل آخر بضجة أخرى جديدة وجدال وحوارات ودعاية، ثم يُنسى العمل، بل والأعمال التي سبقته وهكذا.

لذا فالاعتماد على المنصات في عمل تاريخ فني وتراثي اعتقد أنها فكرة واهية واهمة وإلا مثلاً أين فيلم (صاحب المقام) لآسر ياسين وإخراج مانو العدل، والذى صاحبته ضجة كبيرة وقتها؟

وكذلك أين فيلم (الحارث) لأحمد الفيشاوي، وغيره من الأفلام وكذلك المسلسلات التي يمكن أن تحقق نجاحات وضجة إعلامية، بل وجماهيرية كبيرة، ثم فجأة ومع انتهائها تخفت وتختفى عكس فيلم مثل (كامب) على سبيل المثال الذى  حقق  ومازال يحقق نسب مشاهدة عالية بل وقاعدة جماهيرية كبيرة بسبب عرضه بشكل متكرر على شاشات التلفزيون والفضائيات، فكل يوم يكتسب جمهور جديد وجماهيرية أكبر.

والسؤال هنا: هل ستظل المنصات تتعامل مع الأعمال الفنية على أنها مجرد أعمال للاستهلاك الوقتي؟ أم أنه مع الوقت سيحدث كما فعلت الفضائيات التي استطاعت أن تصنع لنفسها مكتبة للتراث والتاريخ الفني، وذلك عن طريق الحفاظ على الأعمال الفنية وصيانتها من النسيان؟

ترشيحاتنا