«القمار الإلكتروني»(2): إدمان يهدد الأسر ويستنزف الجيوب

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

علم النفس : التفاعل التام مع أحداث اللعبة يشعر اللاعب أنه العنصر الأهم بها ما يقوده إلى الإدمان

 

كتبت : سارة شعبان


منذ زمن بعيد كانت ألعاب القمار حصراً على صالات نوادي الترفيه التى كان يبحث عنها البعض سريا، خوفاً من الوقوع تحت طائلة القانون بسبب تحريمها، أما الآن فقد بات الأمر مختلف بعد أن أصبحت كل ألعاب القمار متاحة على الإنترنت لكل فرد في جميع أنحاء العالم وذلك من خلال مواقع ألعاب القمار الإلكترونية التي لا تعد ولا تحصى، وزاد عددها بشكل كبير ما جعل التنافس عليها كبير من قبل العديد من اللاعبين.

 

خلال الفترة الماضية، بدأت ظاهرة جديدة في الإنتشار سريعاً بين فئات الشباب، بوجود تطبيقات مختلفة يمكن وصفها بمكاتب مراهنات محمولة ومتنقلة، توفر مصدر دخل للعديد من الشباب دون بذل أي مجهود، بل توفر للبعض ربح وفير دون المغامرة بمبالغ مالية كبيرة، فقط تحتاج لمحفظة إلكترونية ومبلغ مالي بسيط لتبدأ في المراهنة والتربح.


أبعاد نفسية واجتماعية
للأمر أبعاد ومشاكل نفسية واجتماعية، رصدناها من خلال الخبراء.. فتقول الدكتورة إيمان عبد الله استشارى العلاج الأسرى، إن ألعاب القمار الإلكترونية أصبحت آفة خطيرة لها مخاطر عديدة، إذ تأتي تلك الألعاب بإغراء الشباب نتيجة تميزها بالتنوع، فهي تتطلب التركيز والاهتمام المستمر والشغف والمغامرة.


متابعة أن تفاعل اللاعب التام مع الأحداث بالعقل والمشاعر والنفس، يشعره أنه جزء لا يتجزأ من الأحداث وأنه العنصر الأهم في اللعبة، ما يقوده إلى الإدمان، وتجعل الشباب ينجرفوا وراء تلك الألعاب لتسهيل عملية تضييع الوقت، والحصول على مكاسب مادية سريعة، متناسون أنها ألعاب قد تكسب تارة وتخسر تارة أخرى، ولا يتقبل الشباب فكرة الخسارة فتزداد معدلات ممارسة اللعب ما يؤدي إلى استنزاف كبير لميزانية الأسرة.

 

خسائر فادحة
وأشارت عبد الله، إلى أن غالبية الفئة العمرية التى تمارس تلك الألعاب لا تتجاوز الـ 18 عاما، فهي استحوذت على تفكير الشباب وأصبحت لها النصيب الأكبر في حياتهم، ما يؤدي إلى وجود خسائر فادحة منها إهمال العمل والدراسة والأنشطة والهوايات.


ألعاب القمار الإلكترونية قد تسمي في الدين الإسلامي بـ «الميسر» كما نوهت دكتورة إيمان، لذا فهي نوع من أنواع المحرمات الشديدة التي حرمها الله لأنها فساد كبير في الأرض.


عواقب وخيمة
وتابعت عبد الله قائلة: "تعتبر ألعاب افتراضية وباتت المكاسب السريعة سمة العصر بين الشباب، ما يؤدي إلى حدوث عواقب وخيمة، مثل سرقة مقتنيات الأسرة، وارتكاب الجرائم بمختلف أنواعها، والدخول في التجارة غير المشروعة ثم تعاطي المخدرات للهروب مما حدث، وأرجعت استشارى العلاج الأسري هذا إلى فقدان التوعية الأسرية وعدم المراقبة من قبل الآباء، بالإضافة إلى التفكك الأسري والبطالة وغياب الواعي الديني.

 

أكدت عبد الله، أن الأسرة هي العامل الرئيسي في علاج تلك الظاهرة، وذلك من خلال وضع قيود للأبناء، مثل تحديد وقت للجلوس عبر الإنترنت، ومعرفة ما هي المواقع التي يتم الدخول عليها، والحث على استثمار وقت الفراغ من خلال الحصول على عمل في اجازات الصيف وممارسة الأنشطة الرياضية والتشجيع على القراءة.


واتفق معها في الرأي، الدكتور جمال فرويز، استشاري طب نفسي حيث قال، إن إستخدام ألعاب القمار الإلكترونية يشكل خطورة على جميع الفئات العمرية، والأهم أنها تجعل اللاعب جزءا من اللعبة، الأمر الذي يمثل جاذبية خاصة لدي الأطفال والشباب وخاصة المراهقين.


شخصيات سيكوباتية
وأوضح فرويز، إن ممارسة تلك الألعاب باتت وسيلة سهلة للربح السريع، فإن الأشخاص الذين يريدون ممارستها لديهم انحراف سلوكي أو فيما يعرف بـ « الشخصيات السيكوباتية»، حيث يتولد لديهم السلبية واللامبالاة وعدم الإهتمام بنتيجة تصرفاته، بالإضافة إلى فقدان الأحاسيس والمشاعر، ولفت أنه يمكن لتلك النوعية من الألعاب أن تولد سلوكيات أخري خطيرة مثل السرقة وقد تصل إلى مبالغ مالية كبيرة بهدف ممارسة اللعبة لتعويض خسارته.


العلاج الآمن
وأكد فرويز، إن العلاج الآمن لتلك الظاهرة هو الذهاب للمستشفى لمتابعة الحالة وقد يصل علاجه من 3 أسابيع إلى شهر تقريباً، وذلك من خلال فصل جميع الأجهزة الإلكترونية لتأهيل ضبط النفس، وبناءا على ذلك قد يشعر الفرد بالعصبية والتوتر الشديد، وزيادة الادرينالين، والشعور بالصداع والاختناق وزيادة ضربات القلب، وظهور آلام في المعدة والقولون، فضلاً عن الآلام الشديدة في عضلات الرقبة والضهر وتعرق شديد في اليدين والقدمين وتنميل في الجسم، ورغم الشعور بكل ذلك إلا أن احتمالية انتكاسة الفرد قد تبدو قليلة جداً.

 

اقرأ أيضا : «القمار الإلكتروني»(1): آفة تنتشر بين الشباب

ترشيحاتنا