د.منجى على بدر يكتب: اتفاقية مبادلة العملات المحلية بين مصر والامارات ونتائجها على الاقتصاد المصرى

د.منجى على بدر
د.منجى على بدر

عقدت مصر والإمارات اتفاقية لمبادلة العملات المحلية، وقعها محافظا البنكين المركزيين بالبلدين. وتتيح الاتفاقية تبادل السلع بين طرفيها بالعملة المحلية لكل منها، بقيمة خمسة مليارات درهم إماراتي و42 مليار جنيه مصري ويعادل حوالى 1.4 مليار دولار أمريكى وسيكون هذا المبلغ وفقا لسعر الصرف السائد في وقت محدد ، مما يعني أن مصر ستحصل على خمسة مليارات درهم إماراتي، حتى لو انخفضت قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، ويتمثل أحد أهداف الاتفاقية في تخفيف الطلب على الدولار الأمريكي من خلال تمويل علاقات البلدين التجارية بالعملات المحلية ، ورغبة مصر فى تخفيف الطلب المتزايد على شراء الدولار من السوق المحلية أو عن طريق الاستدانة الخارجية من خلال السندات أو أذون الخزانة.

 ولمحاولة فهم تفاصيل اتفاقية مبادلة العملة بين مصر والإمارات، حتى لا يحدث خلط بين مفهوم اتفاقيات تبادل العملات (Currency swap agreement) واتفاقيات التبادل السلعي بالعملات المحلية، فاتفاق تبادل العملات هو اتفاق مالي يتم بمقتضاه إيداع مبلغ يوازي خمسة مليارات درهم من البنك المركزي الإماراتي لحساب البنك المركزي المصري ويكون تحت تصرفه مباشرة وله مطلق الحرية في تحويل هذا المبلغ إلي عملات أجنبية مثل الدولار، وفي المقابل سيقوم المركزي المصري بتحويل 42 مليار جنيه مصري لحساب البنك المركزي الإماراتي ويكون له أيضا حرية التصرف فيه. 

أي انه بموجب هذا الاتفاق فقد دخل لحساب المركزي المصري بشكل غير مباشر ما يوازي 1.4 مليار دولار ناتج عن تحويل الخمسة مليارات درهم، وذلك كله دون الحاجة إلي الاقتراض من الخارج وزيادة أعباء الدين الخارجي، والهدف الأساسي هو تدبير سيولة من النقد الأجنبي لفترة مؤقته بأسعار ثابتة وتغطي تقلبات سعر الصرف خلال مدة الاتفاق، في وقت تعاني مصر من نقص نسبى فى مواردها من النقد الأجنبي. 

ودولة الإمارات العربية المتحدة تستفيد من الأموال المصرية المحولة سواء باستثمارها بشكل مباشر في صفقات شراء أصول مصرية أو في فتح مشروعات جديدة في مصر، أو استثمارها في أدوات الدين الحكومية وتحقيق عائد عليها. 
 انه اتفاق لتدبير سيولة من النقد الأجنبي لمصر بعيدا عن القروض، ويعكس متانة العلاقات السياسية والاقتصادية بين مصر والامارات، وهذه الأموال سيتم ردها مرة اخري بعد انتهاء مدة الاتفاق وفقا لآلية حسابية تضمن تحقيق مصلحة الطرفين.

وتوقيع الاتفاقية يأتي في إطار تعزيز العلاقات وزيادة حجم التبادل التجاري بين مصر والإمارات الذى  بلغ 4.9 مليار دولار في عام 2022 ، وسوف تنعكس الاتفاقية بشكل إيجابي على القطاعات التجارية والاستثمارية والمالية وتعزيز الاستقرار المالي ودعم الجنيه المصرى وتخفيف الطلب على الدولار الأمريكي.

 وقد أشاد مجتمع الأعمال ورجال الصناعة فى مصر بالاتفاقية خاصة بعد انضمام مصر والإمارات لتجمع “بريكس” والذى يبدأ تفعيله مع بداية يناير2024وتبذل مصر جهودا كبيرة، لتعزيز قيمة الصادرات إلى الأسواق العربية والعالمية،وهو ما بدأته الدولة عبر توطين الصناعة المحلية، وتقديم العديد من المبادرات لدعم الصناعات المحلية، التي تعد العصب الرئيسي لزيادة الصادرات المصرية.

إن مبدأ تبادل العملات المحلية بين الدول المنضمة لتجمع بريكس، يسهم في تقليل الاعتماد على الدولار، وهو ما تسعى دول التجمع إلى تطبيقه منذ فترة، ومصر أيضا تسعى لتطبيق هذا المبدأ.
 وتأتى الاتفاقية في إطار تعزيز العلاقات الوثيقة التي تجمع بين مصر والإمارات وتساهم في زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر والإمارات، وتدعم أواصر التعاون المستمر بينهما ، وتعد بمثابة حجر أساس للتعاون المالي المشترك بين مصر والإمارات وفرصة هامة لتطوير الأسواق المالية والاقتصادية بينهما.

كما تساهم في تحجيم السوق السوداء وتقليل معدلات التضخم، وتخفيف الضغط علي العملات الأجنبية،.
كما تساهم الاتفاقية في زيادة حجم الاستثمارات المشتركة وتطوير الأسواق المالية بين البلدين.

وعلى الجانب الاخر نتج عن الاتفاقية حالة من الركود والإرتباك أصابت السوق الموازية للدولار
إن الخطوة التي تمت بين البنك المركزي المصري ومصرف الإمارات المركزي تأتي ضمن التحركات التي سيتم تفيذها في إطار اتفاقية البريكس، ستفتح الباب أمام مصر لعقد اتفاقيات تضمن من خلالها إتمام عمليات تجارية باستخدام عملتي البلدين.
وهناك اتفاق مشابه بين مصر والصين، ويستهدف في الأساس تخفيف الضغط عن العملات الأجنبية وتحديدا الدولار في توفير احتياجات البلدين من السلع.

وتستهدف مصر تحقيق معدل نمو اقتصادي 4.1% خلال العام المالي الحالي 2023/2024 عبر توسيع مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري وزيادة الاستثمارات العامة، وإن اتفاقية مبادلة العملات المحلية بين مصر والإمارات "تعد بداية لتوقيع المزيد من الاتفاقيات الثنائية مع دول تجمع بريكس للاعتماد على العملات المحلية في التجارة بين الدول الأعضاء مما سينعكس على تعزيز التعاون التجاري مع دول التجمع، وتعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

كاتب المقال وزير مفوض ومفكر اقتصادى
عضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة  

ترشيحاتنا