في ذكرى الإحتفال بيوم وفاءه

النيل رمز الخير والوفاء لكل المصريين.. تعرف على حقيقة «عروس النهر»

صورة موضوعية
صورة موضوعية

يمثل نهر النيل، أطول أنهار العالم، شريان الحياة وعصبها في مصر والسودان، ليس في الوقت الحاضر فقط، وإنما على امتداد تاريخ استيطان البشر على ضفتيه، وكان استقرار المصري القديم في وادي النيل هو أساس لحضارة دامت آلاف السنين ومازالت آثارها باقية إلى يومنا هذا.

ويحتفل المصريون بذكرى يوم وفاء النيل يوم 15 أغسطس من كل عام ويمثل عيد وفاء النيل رمزا للخير والوفاء لكل المصريين وكان المصريين القدماء يحتفلون كل عام بهذا العيد ويقدسون النيل ويعتبرونه إله الخير.

 

وبمناسبة الاحتفال بذكرى يوم «وفاء النيل» والذي يوافق 15 من أغسطس من كل عام، نظم متحف الأقصر للفن المصري القديم معرضاً أثرياً مؤقتاً تحت عنوان "الزراعة في مصر القديمة ".

وقال الدكتور علاء المنشاوي، مدير عام المتحف، أن المعرض يضم مجموعة فريدة من القطع الأثرية التي تسلط الضوء على الزراعة في مصر القديمة، من بينها حبات من ثمار حب العزيز والترمس، ومجموعة من الحبوب، وبقايا زهور، وقنينة من ثمرة التين المجفف، وبكره من الخشب مع حبل، وسلة مجدولة من سعف النخيل كانت تستخدم في تخزين الحبوب، بالإضافة إلى جزئين من جدارين من الطين يصور الأول رجل يقوم بتجميع عناقيد العنب وحوله أشجار العنب، والثاني يصور سيدتان أمامهما زهرة اللوتس.

وأضاف أن المعرض يضم أيضا تميمة على شكل حوربوقراط خارجاً من زهرة اللوتس، وأنية فخارية رسم عليها بالمداد الأسود نخلة، ومجموعة من البردي، وأوشابتي للمدعو ستاو على الوجه ما يمثل القلادة والشعر المستعار ملون بالأسود والأصفر على الكتف الأيسر باللون الأسود علامة " المر " وعلى الكتف الأيمن ما يمثل السلة، ومسرجة شبه مستديرة عليها من أعلى حول فتحة الزيت ما يمثل سعف النخيل، مسرجة عليها زخرفة بالبارز عبارة عن عناصر نباتية.. وأشار إلى أنه من المقرر أن يستمر المعرض لمدة شهر.

 

«وفاء النيل» عند المصري القديم

خبير الآثار الدكتور محمود حامد الحصري مدرس الآثار واللغة المصرية القديمة جامعة الوادي الجديد يشير إلى أن المصري القديم كان يحتفل بذكرى يوم وفاء النيل مؤكدا أنه يوافق 15 أغسطس من كل عام ويمثل رمز الخير والوفاء لكل المصريين احتفلوا به لأنه كان يمثل نهر النيل في حياة المصريين القدماء شريان الحياة في مصر وعصبها.. فقد أدرك المصريون أهمية النيل منذ عصور موغلة في القدم، فاجتهدوا في ابتكار طرق تهدف إلى الاستفادة من مياه النهر وتنظيم الري وحفر الترع لزراعة أكبر مساحة ممكنة من أرض الوادي، ولم يبالغ العالم الفرنسي جاك فاندييه في دراسته "المجاعة في مصر القديمة" عندما أشار إلى أن "النيل هو الأساس الذي اعتمدت عليه الحياة المادية والاجتماعية في مصر".

 

أصل كلمة النيل

   أطلق المصريون القدماء على نهر النيل في اللغة المصرية القديمة "إيترو عا" بمعنى "النهر العظيم"، وتشير الأصول اللغوية لكلمة النيل إلى أنها من أصل يوناني، "نيلوس"، وكلمة النيل مشتقة من أصل مصري صميم من العبارة "نا إيترو" والتي تعني "النهر ذو الفروع"، كما أطلق المصريون على مجرى النهر اسم "حبت إنت إيترو" "مجرى النهر"، وأطلقوا على فروع النيل في أرض مصر "إيترو نوكيمت" "فروع الأرض السوداء".

كلمة النيل في اللغة العربية مأخوذة من اليونانية "نايلوس" وتعني وادي. وفي اللغة المصرية كان يسمى إيتيرو بمعنى النهر الكبير.

 

روافد ومنابع نهر النيل

 

يتكون نهر النيل من فرعين رئيسيين يقوما بتغذيته وهما النيل الأبيض ويقع شرق القارة (بحيرة فكتوريا، وبحيرة ألبرت، وبحيرة إدوارد) والنيل الأزرق ويقع في إثيوبيا (يشكل النيل الأزرق نسبة (80-85%) من المياه المغذية لنهر النيل، ولكن هذه المياه تصل إليه في الصيف فقط).

النهران يلتقيان في الخرطوم عاصمة السودان ثم يمران عبر الصحراء ليصلا إلى مصر ويتحدا في نهر النيل الذي يتفرع إلى دلتا كبيرة ليصب أخيراً في البحر الأبيض المتوسط.

 

وفاء النيل أحد الأعياد الهامة في مصر القديمة

 

   وفاء النيل معناه أن النيل وفى بالمياه الكافية وقت فيضانه في مصر. على مر التاريخ لعب النيل دورا كبيرا في حياة المصريين. في مصر القديمة قدس النيل باعتباره مصدر الحياة والخير في مصر. وقد رمز المصريين القدامى للنيل بإله سموه الإله حابى تخيلوه على هيئة رجل جسمه قوى و له صدر بارز و بطن ضخمه كرمز لإخصابه.

   وأحيانا شبهوه بالإله أوزوريس وكانوا يعتقدون أن فيضان النيل على ارض مصر كل سنه ينبت الزرع الأخضر كما أن زواج الإله أوزوريس من ايزيس أثمر حورس. وبما أن الإله حابى كان مزاجه متقلب، مرة يرضى فيكون فيضانه بمنسوب مناسب، ومرة يغضب فيرسل فيضانا عاليا يهدد بإغراق الأراضي أو فيضان منخفض فيهدد الناس بالمجاعة لذلك كان لابد من إرضائه بالذبائح والهدايا والأعياد للاحتفال بوفائه.

 

أساطير ارتبطت بفيضان النيل

 

يؤكد د. محمود الحصري إن من أهم الأساطير المرتبطة بعيد وفاء النيل، هي أن المصريين القدماء كانوا يقدمون للنيل المتمثل في "الإله حعبي" في عيده فتاة جميلة وكان يتم تزيينها وإلقاؤها في النيل كقربان له، وتتزوج الفتاة بالإله "حعبي" في العالم الآخر إلا أنه في إحدى السنين لم يبق من الفتيات سوى بنت الملك الجميلة فحزن الملك حزنا شديدا على ابنته، ولكن خادمتها أخفتها وصنعت عروسة من الخشب تشبهها، وفي الحفل ألقتها في النيل دون أن يتحقق أحد من الأمر، وبعد ذلك أعادتها إلى الملك الذي أصابه الحزن الشديد والمرض على فراق ابنته.

 

عروس النيل

وحول صحة هذه الأساطير التي ارتبطت بعيد وفاء النيل يؤكد «الحصري» أنه بالنسبة لأسطورة عروس النيل لا أحد يعرف إذا كانت موجودة فعلاً أو لا أو إن كان لها أصل مصري. الأسطورة تقول أن كل سنه المصريين كانوا يرمون عروسا حية في النيل ليرضوه، لكن المؤكد أن الأسطورة هي مجرد حكاية نسبت لمصر خطأ لأن الثابت تاريخياً أن ديانة المصريين ما كانت تسمح بتقديم قرابين بشريه. ومن الأسطورة جاءت حكاية العروس الخشبية والحكايات الخيالية غير المؤكدة تاريخياً.

إله الخير

ويؤكد خبير الآثار د. محمود الحصري أن المصريين القدماء لم يضحون بالبشر كما أشيع بل كانوا يعتبرون النيل (إله) الخير والنماء والخصب.. لأنه شريان الحياة في مصر الحبيبة فأقاموا له الاحتفالات، وفى عام من الأعوام لم يفض النيل كما تعود المصريين وحل الجدب والقحط على ارض مصر، فأشار أحد الكهنة على الملك أن النيل غضبان لأنه يريد الزواج وتكون له ذرية، فتم اختيار ابنة الملك لجمالها ولكن الخادمة وضعت دمية بدل من ابنة الملك لتقيم الاحتفال.

ترشيحاتنا