أيام حاسمة في تاريخ البلاد.. التنافس الدولي والتدخل العسكري يحددان مستقبل النيجر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 تقف النيجر، التي كانت تعد قاعدة أساسية للجيوش الغربية وأجهزة مخابراتها، على شفا تدخل عسكري إفريقي من المحتمل أن يكون مدعوما من الغرب لإعادة بازوم للسلطة وحماية مصالحه، وسط رفض روسي لتلك الخطة، مما جعل هذا البلد يعيش حاليا وسط ضغوط التقاطعات الدولية والتنافس الدولي، يظهر ذلك في الضغوط الدولية والاقليمية التي تمارس علي قادة انقلاب النيجر منذ بداية الانقلاب 26 يوليو، ومع اقتراب الموعد النهائي للإفراج عن رئيس البلاد محمد بازوم أو المواجهة العسكرية التي باتت محتملة أقرب من أي وقت مضي من قبل المجموعة الاقتصادية الاقليمية لدول غرب أفريقيا. 

وفي الوقت الذي يُسارع الغرب خطواته لاحتواء الانقلاب وتداعياته الكارثية على وضع النفوذ والقواعد العسكرية، خشية التمدّد الروسي.

 وفي أحدث قرار حيال الوجود الغربي، ألغى المجلس العسكري الجديد في النيجر، أمس الجمعة، عددا من اتفاقيات التعاون العسكري مع فرنسا بعد الإطاحة بالرئيس بازوم، الأسبوع الماضي.

كما أوقفت النيجر، التي تتمتع بأهمية استراتيجية للولايات المتحدة والصين وأوروبا وروسيا، يوم الخميس، بث محطتين فرنسيتين إخباريتين رسميتين وهما "فرنسا 24" و"راديو فرنسا الدولي".

في الوقت الذي يواجه المجلس العسكري في النيجر غدا الأحد مهلة حددتها الكتلة الإقليمية المعروفة باسم إيكواس للإفراج عن الرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد بازوم وإعادة تنصيبه، والذي وصف نفسه بأنه "رهينة".

ووضع وزراء الدفاع من أعضاء مجموعة إيكواس اللمسات الأخيرة على خطة للتدخل وحثوا الجيوش على تجهيز الموارد، بعد رفض دخول فريق وساطة أرسل إلى النيجر يوم الخميس إلى البلاد أو لقاء زعيم المجلس العسكري الجنرال عبد الرحمن تشياني.

وينظر إلى النيجر على أنها آخر شريك موثوق للغرب في مكافحة الإرهاب في منطقة انتشرت فيها الانقلابات في السنوات الأخيرة.

في الوقت الذي يرفض المجلس العسكري التعامل مع فرنسا المستعمرة السابقة ويتجه نحو روسيا.

مع اقتراب نهاية المهلة التي حددتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس"، لقادة الانقلاب في النيجر لإعادة الرئيس محمد بازوم إلى منصبه، تترقب الأنظار إلي هذه البقعة من دول غرب أفريقيا بأن "الإيكواس" ستنفذ وعيدها بالتدخل العسكري أم لا ، وما قدراتها على القيام بهذه الخطوة الجماعية النادرة الحدوث.

وأمهلت "إيكواس" قادة الانقلاب أسبوعا لإعادة السلطة إلى بازوم، وذلك خلال اجتماع زعماء المجموعة الطارئ في نيجيريا 30 يوليو الماضي، وإلا فإن خيار التدخل العسكري لن يكون مستبعدا؛ مما يعني انتهاء المهلة الأسبوع الجاري.

خطة التدخل

في أول رد فعل طالب المجلس العسكري الجديد في النيجر المساعدة من مجموعة "فاجنر" الروسية مع اقتراب الموعد المحدد للإفراج عن رئيس البلاد بازوم أو مواجهة التدخل العسكري من قبل "الايكواس" 

جاء الطلب خلال زيارة قام بها أحد قادة الانقلاب، وهو الجنرال ساليفو مودي، إلى مالي المجاورة، حيث تواصل مع شخص من فاجنر.

وأضاف: "إنهم بحاجة إلى فاجنر لأنها سوف تصبح ضمانة لهم للاحتفاظ بالسلطة"، وقال إن " فاجنر" تدرس الطلب.

في حين قالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية،  كلير لوجندر، إنه لا يمكن للمرء أن يقول إن هناك أي تورط مباشر لروسيا في انقلاب النيجر، لكن "من الواضح أن هناك موقفا انتهازيا من جانب روسيا، التي تحاول دعم جهود زعزعة الاستقرار أينما وجدت"،ووصفت المتحدثة الفرنسية مجموعة فاجنر بأنها "وصفة للفوضى".

وتنشط مجموعة فاجنر في عدد قليل من البلدان الإفريقية، من ضمنها مالي، وتشاد، وأفريقيا الوسطي وليبيا والسودان.

وبعد أيام من استيلاء المجلس العسكري في النيجر على السلطة، لوح مواطنون بالأعلام الروسية في الشوارع.

ويبدو أن مجموعة "إيكواس" تسير في اتجاه تنفيذ وعيدها، حيث اجتمع رؤساء أركان جيوش دولها في أبوجا النيجيرية،أمس الجمعة، وأعلن مفوض الشئون السياسية والأمن في المجموعة، عبدالفتاح موسى، أنه "تم في هذا الاجتماع تحديد كل عناصر التدخل العسكري المحتمل، بما في ذلك الموارد اللازمة، وكيف ومتى سننشر القوة".

لكنه لم يكشف الموعد، مرجعا ذلك إلى أن التكتل لن يكشف متى وأين ستكون الضربة، وهو قرار سيتّخذه رؤساء الدول.

في نفس الوقت، أعلن مفوض "إيكواس" عمر علي توراي، أن "إيكواس" ترغب في "نجاح الجهود الدبلوماسية"، وتمنح "مدبري الانقلاب في النيجر كل الفرص الممكنة للتراجع عما فعلوه".

ما هي "إيكواس"؟

يطلق اسم "إيكواس" على المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وبالفرنسية تسمى "سيدياو"، وهي تكتل يضم 15 دولة: النيجر، نيجيريا، مالي، بوركينا فاسو، السنغال، غانا، ساحل العاج، توجو، جامبيا، غينيا، غينيا بيساو، ليبيريا، سيراليون، بنين، والرأس الأخضر.
لا تتفق المجموعة على رأي واحد بشأن انقلاب النيجر، فقد خرجت مالي وبوركينا فاسو ببيان مشترك يعتبر أن أي تدخل عسكري ضد النيجر هو بمثابة "إعلان حرب" على البلدين أيضا، ورفضتا، بجانب غينيا كوناكري، الاشتراك في تطبيق العقوبات على نيامي.

القدرات العسكرية

تختلف القدرات العسكرية لجيوش الدول المكونة لـ"إيكواس"، عددا وعدّة وإمكانيات:
أي تدخل عسكري من "إيكواس" سيعتمد بشكل كبير على نيجيريا لإمكانياتها البشرية والعسكرية الكبيرة؛ حيث يتألف جيشها من 223 ألف فرد، فضلا عن امتلاكه طائرات ومقاتلات حديثة.


بجانب العوامل العسكرية، فإن لنيجيريا حدودا بطول 1600 كيلومتر مع النيجر.

الجيش السنغالي يبلغ تعداده 17 ألف مقاتل، وهو يحتل المرتبة رقم 125 على مستوى العالم، وأكدت وزيرة خارجية السنغال، عيساتا تال سال، أن بلادها ستشارك في التدخل العسكري.
بنين من الجارات الجنوبية للنيجر، يتكون جيشها من 5 آلاف فرد، وهي تحتل المرتبة 144 على مستوى العالم.

 الإصرار على التدخل العسكري

وقال عدد من المحللين المحليين" أن التدخل العسكري في النيجر "سيؤدي بالمنطقة إلى حالة من الفوضى".

ويُرجع هذا الإصرار الجماعي على هذا النوع من التدخل إلى حسب المحللين إلي أن "إيكواس" تريد إنهاء الانقلاب في النيجر لوقف حمى الانقلابات المتنامية في غرب القارة، حيث إن عدة دول مؤهلة للحاق بركب غينيا ومالي وبوركينا فاسو ومؤخرا النيجر، ويعتبرالنيجر مركزوجود قوات فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا، والتي تتولى مهام محاربة الجماعات الإرهابية في غرب إفريقيا.

في الوقت أن هناك عدة دول تقود تيار التدخل العسكري هي نيجيريا والسنغال وغانا  والدبلوماسية النيجيرية تعمل بقوة على خلق مناخ ملائم لعملية التدخل، وأرسلت مندوبين إلى الجزائر وليبيا لهذ العرض ، في الوقت الذي ستدعم فرنسا عملية التدخل من جانب "إيكواس" لأنه يخدم مصالحها.

وفال خبير أميركي إن التنافس الدولي بشأن النيجر ووجود عناصر فاجنر في البلدان المجاورة لنيامي، بالإضافة إلى ضعف الجيش النيجري أمام ضغوط فرنسا، كل ذلك قد يفتح الباب أمام موسكو للتدخل في النيجر ويعيد سيناريو أوكرانيا في غرب إفريقيا.

و كشف ان  تقاطع المواقف الدولية والأطماع في موارد هذا البلد نظرا لثرواته من اليورانيوم والنفط والماس والذهب والفحم، ودوره المحوري في التصدي للإرهاب بالساحل الإفريقي
 

ترشيحاتنا