برغم تصنيفها العالمي وكونها دولة مزدهرة ومُتقدِّمة تقنيا، نجد اليابان تواجه ظاهرة اجتماعية خطيرة تتمثَّل في الأعداد الكبيرة للمنتحرين خاصة بين صفوف الشباب ، ووفقا لآخر الأحصائيات فقد بلغ عدد حالات الانتحار في اليابان 20919 حالة، وغالبا ما ترجع طوكيو زيادة نِسَب الانتحار إلى انعدام الأمان الوظيفي وزيادة الأعباء ، حيث تخطى عدد الموظفين المقدمين على الانتحار ألفي موظف سنويا، لذلك يقول الخبراء أن ابتكار اليابان لشركات تقديم خدمات الاستقالة هي محاولة للحدّ من حالات اكتئاب الموظفين في المقام الأول.
و"شركات خدمات الاستقالة" وهى شركات متنتشرفي اليابان وهدفها استقطاب كل موظف لا يملك الشجاعة الكافية لتقديم استقالته بنفسه وتحصيل حقوقه الكاملة ، وكانت قد ظهرت تلك الشركات في اليابانوهى تساعد الموظفين على تقديم استقالاتهم في حال ترددهم أمام هذا القرار،كما تضمن لهم هذه الشركات الحصول على كافة حقوقهم ، فهي تنوب عنه في جميع الإجراءات، بداية من إخطار الشركة بخبر الاستقالة، ومرورا بمتابعة الإجراءات القانونية، وانتهاءً بتقديم الدعم للموظف ليحصل على حقوقه من دون أن يترتب عليه أية رسوم إضافية.
ويستفيد من هذه الخدمات الموظفون الذين يعملون بشركات تستغل طاقاتهم أو أيام إجازاتهم، أو الذين يخشون نقمة شركاتهم عليهم عند إبداء رغبتهم في الاستقالة، وكل من لم يعد قادرا على الاستمرار في العمل، كذلك الأمر بالنسبة للموظفين الذين يعانون الاكتئاب بسبب عملهم.
ومن المعروف أن اليابان تنتشر بها ظاهرة (الكاروشي) أو الموت إرهاقا من العمل، فثقافة العمل المرهقة منتشرة ومتجذرة في المجتمع الياباني انتشارا غير مألوف، وفي بعض الأحيان يدفع الإرهاق العقلي والجسدي الأفراد إلى الانتحار، ففي البلاد العربية وأغلب دول العالم، هناك أنشطة بديهية مثل قضاء بعض الوقت مع العائلة، والقيام بالأشياء المفضلة لكل شخص، أما في اليابان فمسألة التوازن بين العمل والحياة غير مطروحة بالأساس، ومن ثم يظل الفرد عاملا بلا هوادة إلى أن تنهار قواه العقلية والنفسية، ويُقرِّر التخلُّص من حياته.
وتُقدَّر ساعات العمل الأساسية (الكاروشي) بـ 40 ساعة في الأسبوع، ولكن العمال لا يتركون الساعات الإضافية أيضا، خوفا من الحصول على تقييم أداء سلبي، وهو ما أدَّى إلى نشوء مفهوم "خدمة العمل الإضافي"، الذي يعني أداء العمل الإضافي مجانا. ونتيجة لذلك، يُقدِّر الخبراء عدد الكاروشي أو مَن يعملون بإرهاق يقود للموت بـ 10 آلاف شخص سنويا.
