لماذا عاش زكي رستم حياته في «توتر» دائم؟

زكي رستم
زكي رستم

يمكنك بسهولة عزيزي القارئ أن تلحظ «التوتر» الدائم الذي ظهر عليه زكي رستم في أعماله السينمائية، تستطيع ملاحظته في «نهر الحب» مع عمر الشريف وفاتن حمامة حينما جسد دور «طاهر»، زوج «نوال» أو فاتن حمامة في الفيلم، حيث قام بدور الزوج المتسلط العنيف، ورغم مقبولية أن يكون زكي رستم متوتراً في هذا الدور أو في دور آخر مثل دوره في فيلم «امرأة على الطريق»، إلا أنه ظهر بنفس التوتر مثلاً في فيلم جسد فيه دور شخص عادي مثل «أبو البنات» .

هذا التوتر الذي أصاب زكي رستم المتوفي في 15 فبراير من العام 1972، كان له عدد من الأسباب، أولها أنه عاش وحيداً عازباً، حيث رحل من دون أن يكون هناك أحد جانبه.

زكي رستم عاش حياة العازب، وكان يتولى شؤونه المنزلية خادم عجوز، حيث كان ذلك الممثل العبقري الطويل سليل الحسب والنسب ميالاً للعزلة، قليل الصداقات والكلام، كارهاً للاندماج في الحياة الإجتماعية، حيث كان يحب أن يعيش في مكان إقامته بشارع سليمان باشا أو (طلعت حرب حالياً) بتسميته الجديدة، وأن يتجول فيها فقط أيضاً.

بين دفات الكتب عاش زكي رستم سنواته الأخيرة، إذ كان عاشقا للقراءة ونهماً للاطلاع، ويقال إنها كانت السبب في ضعف نظره، وفضلاً عن ذلك، فإنه أصيب في منتصف الستينيات بضعف واضح في سمعه، وهي أسباب أخرى جعلته يظهر متوتراً في الأعمال التي اشترك فيها، كما جعلته متوتراً حتى في حياته العادية.

ورغم هذ التوتر الذي أصابه في فترات طويلة من عمره، إلا أن هواية زكي رستم المحببة كانت الجلوس في المحلات الشهيرة في وسط البلد، مثل «جروبي» و«الأمريكين»، ومراقبة من حوله، إذ كان يظهر شارداً في نظراته إليهم، مستفيدًا بما يقولونه، وما يفعلونه، ليضيفها إلى رصيد شخصياته التي جسدها في أعماله الفنية، والتي تجاوزت الـ 150 عملاً بين سينمائي ومسرحي.

ولأن زكي رستم كان عازباً لم يتزوج فإنه تبرع بنصف ثروته للمسارح القومية، لتأسيس أجيال أخرى من النجوم، وقد فعل.

أقرا أيضا: تعرف على سر رعب فاتن حمامة من زكى رستم

زكي رستم مولود في 25 مارس 1903، ووالده كان أحد البكوات الكبار في الريف، كان اسم أبيه محرم بك رستم، العضو البارز بالحزب الوطني، والصديق الصدوق للزعيمين مصطفى كامل ومحمد فريد.

نشأ زكي في قصر جده اللواء محمود باشا رستم، الذي كان من قادة الجيش المصري بحي الحلمية الجديدة، والذي كانت تقطنه الطبقة الراقية في أوائل القرن العشرين، وانتظم في صغره بالتعليم الأولي، وواصل تعليمه بنجاح حتى نال شهادة البكالوريا (الثانوية العامة)، في منتصف العشرينيات.

زكي رستم كان يحمل جسداً ممشوقاً قوي، وذلك بسبب ممارسته رياضة رفع الأثقال وهو شاب، والغريب أنه كان بطلاً من المعدودين في هذا المجال بالقطر المصري.

أما عن تحوله من رياضة رفع الأثقال إلى عالم التمثيل فلها قصة. في إحدى الحفلات التمثيلية بالمدرسة الخديوية الثانوية الموجودة الآن في شارع بورسعيد بحي السيدة زينب، كانت الحاجة إلى طالب رياضي يجيد التمثيل، فأسند مدرب الفريق هذا الدور إلى زكي رستم، ثم بدأ حياته من مسرح مدرسة الخديوية الشهير.

التحق بعدها زكي رستم -ضد رغبة أسرته- إلى فرقة عبدالوارث عسر المسرحية، وقد عزف عن الدراسة الجامعية، ثم انضم بعد ذلك إلى فرقة جورج أبيض، ثم انضم إلى فرقة رمسيس الذي كان يوسف وهبي صاحبها ومؤسسها، ثم إلى فرقة فاطمة رشدي ثم إلى الفرقة القومية التي تبرع لها بجزء من ثروته.

في آخر سنوات حياته لم يستطع زكي رستم أن يعيش إلا مع كلبه الذي لم يفارقه خلال الفترة الأخيرة، حيث كان يؤنس وحدته ويصحبه في جولته اليومية في وسط المدينة.

 

ترشيحاتنا