مقاهي لها تاريخ| الفيشاوي .. ملتقى الأدباء والمشاهير وقبلة الملوك والأمراء

قهوة الفيشاوي
قهوة الفيشاوي

"القهوة" قالو عنها.. إن شربتها على جوع فخير زاد، وإن شربتها على شبع فخير مهضم، وإن شربتها على ضيق فخير صديق، وإن شربتها على فرح زادتك سعادة، إنها ليست مجرد مشروب نحتسيه في أى وقت، إنما هي قصة عشق لمحبيها، ومشروب له مكانة اجتماعية وسياسية وثقافية وفنية.


بعدما انتشر مشروب القهوة بين الناس على مر التاريخ، وصارت القهوة أول مشروب غير الخمر والبيرة يشرب فى مكان عام، أُنشأت له أماكن مخصوص لبيعه "المقاهي" أو "القهاوي" كما يقال عنها بالعامية، وبمرور الوقت أصبحت هذه المقاهي ملتقى الأصدقاء أو أصحاب المهن والحرف المختلفة، ففي البداية كانت محطة للقاء التجار والحرفيين، ثم أصبحت منتديات للقاءات العامة، بها تتم الكثير من النقاشات فى مختلف القضايا سواء فنية أو سياسية أو اجتماعية أو غيرها.


وانتشرت المقاهي فى كل مدن العالم، بداية من ظهور كلمة قهوة فى اللغة الانجليزية من أصلها العربى عام ١٥٩٨ م، إلى أول مقهى معروف فى لندن عام ١٦٥٢ م، لتشهد الولايات المتحدة أول مقهى فى مدينة بوسطن عام ١٦٨٩ م.


نشأة الفيشاوي
وفي مصر توجد لدينا الكثير من "المقاهي" التى تعود إلى زمن بعيد، ولها تاريخ طويل من الذكريات التى تكونت بمرور عشرات ومئات الأجيال عليها، وكانت شاهدا على أحداث وثورات وتحولات سياسية واقتصادية واجتماعية عظيمة، ومن بين تلك المقاهي وأشهرها "مقهى الفيشاوي" بحي الأزهر، ويعد واحد من أقدم مقاهي القاهرة الشهيرة، حيث يعود تاريخ انشائه إلى عام 1797، حيث أنشاه الحاج فهمي الفيشاوي، وكانت المقهى في البداية عبارة عن مكان صغير داخل زقاق ضيق، ولكنه اكتسب شهرة وزبائن، ما دفع الحاج فهمي لشراء محل صغير بجانبه، واتسع المقهى المقهى وارتفعت يافطه اعلاه بأسم مقهى الفيشاوى بالخط العربى المزركش واصبحت اشهر مقاهي الحسين.


أشهر رواده
واتخذ "مقهي الفيشاوي" شهرته الواسعة عندما كان يعتبره الأديب المصري الراحل نجيب محفوظ مقهاه المفضل، وشهد الكثير من مسودات رواياته، وشهدت أروقتها ميلاد "الثلاثية"، واشتهر المقهي بأنه مقصد الأدباء والشعراء والفنانين لعقود طويلة، وكان من أشهر رواده جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، والكثير من الفنانين كانو يترددون على المقهي بشكل دائم، منهم أم كلثوم، ومحمد عبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ، وفريد الأطرش، وكمال الشناوي، وعزت العلايلي، وكمال الطويل.


ولم يكن الأمر قاصرا على الفن والفنانين، فقد كانت المقهي قبلة للعديد من زعماء وملوك العالم، من بينهم نابليون، وروميل القائد الألماني الشهير، وجان بول سارتر، وسيمون دو بوفوار هذا بالإضافة إلى عدد كبير من الأمراء العرب، كما زارته الإمبراطورة أوجيني أثناء الإحتفال بافتتاح قناة السويس عام 1869، وزاره الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، والرئيس اليمني علي عبد الله صالح، وقامت إحدى المحطات التلفزيونية الفرنسية بالتسجيل مع الدكتور بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بالمقهى، وكان الدكتور أحمد زويل حريص على زيارة المقهى كلما زار القاهرة.


أوجيني والفيشاوي
وكان للملكة أوجيني ملكة فرنسا قصة مع مقهى الفيشاوي، عندما كانت تزور مصر بدعوة من الخديو اسماعيل بمناسبة افتتاح قناة السويس، وقامت وقتها أوجيني بجولة فى منطقة الحسين وخان الخليلى قبل افتتاح القناة بأيام قليلة، شعرت بالتعب من المشى داخل الحارات الضيقة، وكان من الصعب احضار العربة الخاصة بها داخل الحارة الضيقة، فلم يجد الحراس إلا الجلوس على أحد المقاهي وكان الاختيار لقهوة الفيشاوي.


الغرف الثلاث
يتكون المقهى من ثلاث حجرات، الأولى تسمى "الباسفور" وهي الغرفة التي كانت مخصصة للملك فاروق وضيوفه في رمضان، والغرفة مبطنة بالخشب المطعم بالأبنوس، وأدواتها من الفضة والكريستال والصينى، والثانية تسمى "التحفة" وسميت بهذا الأسم لما تتزين به جدرانها من الصدف والخشب المزركش والعاج والأرابيسك، والرائك المبطنة باللون الأخضر، وكانت هي الغرفة الخاصة بالفنانين.


وثالث الحجرات كانت "القافية" وهي تعد أغرب الحجرات الثلاث، وكانت تتبارى فيها كل خميس من شهر رمضان في القافية، عن طريق شخص يمثلها من سماته خفة الظل وسرعة البديهة وطلاقة اللسان والسخرية، فكان يبدأ ثم يرد عليه زعيم آخر يمثل حيا آخر، ويستمران في المنازلة الكلامية حتى يسكت أحدهما الآخر.


وعلى الرغم من أن منطقة الأزهر وخان الخليلي تزخر بالعديد من المقاهي المختلفة، إلا أن "قهوة الفيشاوي" لاتزال متربعة على عرش "قبلة الزبائن" في القاهرة.


اقرأ أيضا : مقاهي لها تاريخ| نشأة البن وقصة تحريم شربه

ترشيحاتنا