«سليم».. قصة أقدم صانع مفاتيح فى شبرا وأسرار خلف الأبواب المغلقة

صورة موضوعية
صورة موضوعية

فيديوجراف : محمد هشام

صناعة المفاتيح ليست بالصناعة البسيطة، فهى واحدة من أقدم وأهم المهن، التى تطورت عبر سنوات طويلة، بدءا من الطرق اليدوية واستخدام المبارد ومطابقة أسنان المفاتيح بعضها البعض، حتى وصولها للشكل الآلى خلال الأيام الحالية، كل مهنة ولها شيوخها التى يتوارثها الأبناء عن أبائهم وأجدادهم، فى منطقة "شبرا مصر" يذيع صيت "سليم بتاع المفاتيح" فهو علم من أعلام المنطقة، ومن أشهر محلات  صناعة المفاتيح والأقفال..

 

عند مرورك فى شارع شبرا، بالتحديد أمام قسم الساحل، فى الجهة المقابلة له، تجد يافطة كبيرة تحمل اسم "محمد السيد أحمد سليم" بالبنط العريض، مدون عليها تاريخ تأسيس المحل، فى عام 1936، من الوهلة الأولى تشعر بوجودك فى مكان عتيق، يحتوى على مفاتيح وأقفال قديمة يظهر عليها الصدأ، يصل بعضها إلى أكثر من 100 عام، ولكن رغم ذلك تجد معدات حديثة لصناعة المفتاح بشكل آلى، بمجرد دخولك إلى المحل يستقبلك الأسطوات بالترحاب، ويقدموا الخدمة للزبائن بكل سهولة ويسر.

87 عام من التأسيس
كان حوارنا مع أسامة عطا عبد العظيم "مدير محل سليم" بشارع شبرا، والذى قال فى بداية حديثه: "محل سليم من أقدم محلات  المفاتيح فى شبرا، المحل ده اشتغل فيه أجيال كتيرة جدا، أنا دلوقتى على مشارف الأربعين وكان فيه قبلى ناس كتير اشتغلوا عشان المحل يحافظ على اسمه وسط الزبائن، كان الحاج محمد سليم رحمة الله عليه، صاحب محل سليم، هو من قام بتأسيس المحل، وحرص على تدوين سنة التأسيس، وهى 1936، جاء من بعده نجله مجدى سليم، ولكنه سافر من سنوات طويلة، وتولى ادراة المحل بعد ذلك الحاج مصطفى رحمة الله عليه، والآن أصحاب المحل الأسطى كمال، الحاجة منال مديرة المحل، والحاجة أمانى والحاجة حياة".

مراحل تطور المفتاح
"كان المفتاح يتم عمله عن طريق المبرد، أو عمولة يدوى، أى عمل  المفاتيح على المفاتيح مثل المفتاح البلدى ولكن أصبح هناك تطور فى عمل المفاتيح"، هكذا أكد أسامة عطا، مضيفا أن بعد ذلك ظهرت الكوالين "اللطش" بالمفاتيح العادية المتعارف عليها، وبعد ذلك ظهر المفتاح الكمبيوتر، وبعد ذلك المفتاح الليزر، كان يتم استخدام الصابون والصلصال لنسخ المفتاح، ولكن الآن من الصعب عمل المفتاح بهذا الشكل، بسبب تعرضى للمسائلة القانوينة.

 

كان يضع أمامه مجموعة من أشكال  المفاتيح القديمة، والجديدة، وبدأ فى شرح هذه الأشكال المتنوعة، قائلا: "يوجد فى المحل أشكال لمفاتيح قديمة جدا، من أيام الحاج محمد سليم الكبير رحمة الله عليه، والمفتاح مكتوب عليه اسم "سليم"، وبعد ذلك حدث تطور فى  صناعة المفاتيح، وتم استخدام الماكينات بدلا من عمل المفتاح بشكل يدوى".

محل سليم من أقدم المحلات التى بدأت فى استخدام ماكينات عمل المفاتيح، مثل مفاتيح "الشيزا"، وهى مفاتيح لها جانبين، لم يكن لها فى الأساس استخدام، مثل المفاتيح البلدى الخاصة بالشقق القديمة، وأبواب الغرف القديمة، أيضا هناك أشكال للأقفال القديمة، والتى تطورت بعدها حتى أصبحت بالشكل المتعارف عليه الآن.

 

أصبح هناك تطور أيضا فى الماكينات التى يتم عمل  المفاتيح من خلالها، فالماكينات الحديثة يمكن من خلالها عمل كافة أنواع المفاتيح الحديثة، أما عن تحقيق عنصر الأمان فيتحدد حسب جودة المكان الذى يتم عمل فيه المفاتيح، وحسب جودة الخامات المستخدمة من الشركة أو التاجر الذى تمت عملية الشراء منه.

 

انتيكات قديمة
المحل يحوى أغراض عديدة، منها الحديث المتعارف عليه حاليا، ومنها القديم الذى أكله الصدأ ولكنه مازال يعمل، ويخطف الأنظار له، وتبدأ التساؤلات حول تلك الأغراض، كم عمرها، وهل مازالت تعمل حتى الآن، الأسطوات بالمحل قاموا بتجميع كل ماهو قديم فى المحل من كوالين لخزن قديمة، وكوالين عادية قديمة، ومفاتيح، وخزن على شكل حصالة تعمل للغرضين، مجرد دخولك للمحل يقع نظرك على ساعة على شكل قفل وبع مفتاح، معلقة على سلاسل حديدية يظهر عليها الصدأ فى أركانها، رغم قدمها إلا أنها جاذبة لأنظار الزبائن، ومن الأغراض القديمة أيضا، "قفل حصالة"، يعمل كحصالة وكقفل، عمره يصل إلى أكثر من 80 عام.

   

ورد على كل هذ التساؤلات مدير محل "سليم" قائلا: "من الأغراض القديمة أيضا، "كالون خزنة غز" عمره لايقل عن 100 عام، وبعد اصلاحه بإمكانه العمل مدة لا تقل عن 100 عام قادمة، هذا الكالون يتم تركيبه فى الخزن القديمة الكبيرة، مثل محلات الصاغة والذهب، أو الشركات الكبيرة، لأن لا أحد يستطيع فتحه إلا صاحبه فقط، و"مش أى حد يحط مفتاح "يفوره"، فهذا الكالون يأتى بدون مفاتيح، فهو كالون أثرى تم عمله يدويا، وش خارجى صاج، وتربيعات تشبه "أوكرة" باب الشقة، وبداخلها تشبه "الريش"، ولا أحد يستطيع فتح الخزنة "الغز"، ومفتاحها مختلف عن  المفاتيح العادية، ويوجد أيضا كوالين قديمة، بقالها 50 سنة، وبعد تصليحها بإمكانها العمل لمدة 50 سنة أخرى.

إجراءات الأمان
فى حالة مجئ زبون لفتح باب أو خزنة أو إلى ما غير ذلك، يتم أخذ الإجراءات فى هذه الحالات، وهى الحصول على صورة البطاقة وإثبات ملكية الشخص للشقة، وفى حالة طلب فتح خزنة، يتم طلب تفويض من الشركة، وبالنسبة للسيارات فى حالة مجئ الزبون لعمل مفتاح لها لابد من وجود صورة بطاقة والرخصة وما يثبت أنها ملكه، ومن خلال هذه الإجراءات يتم عمل مفاتيح وكل ما يخصها، ومن أكثر مشاكل السيارات، ضياع المفتاح، أو حدوث عطل به، فمشاكل السيارات لا حصر لها.

 

ما يطلبه الزبون
فى محل "سليم" نعمل فى جميع أنواع المفاتيح، سواء جديدة أو قديمة، وجميع أنواع الخزن أو السيارات بجميع أنواعها ومفاتيحها، فكل ما يحتاجه الزبون يجده لدينا، وهناك بعض المفاتيح تكون خامتها غير متوفرة فيكون من الصعب عملها، ونعلم الزبون بذلك، أما الأبواب المصفحة فالتعامل معها يكون مثل ما يتم مع الأبواب العادية، ويتم تغيير القلب الخاص بسهولة، ولكن شغل الأبواب المصفحة دقيق أكثر.

 

علاقات إنسانية بأهل شبرا
"بحكم قدم محل سليم فى منطقة شبرا، خلق جو من الألفة بين أهالى المنطقة مع أصحاب المحل بكل أجياله التى عاصرته، فهناك زبون يأتى لعمل مصلحة له، ومتعشم فى حل مشكلته بكل سهولة ويسر، ومن المواقف الإنسانية المتكررة هى طلب إصلاح للكلبشات فى قسم الساحل، فهناك ثقة متبادلة بينهم"، كلمات عبر بها أسامة عبد العظيم عن العلاقات الإنسانية بينهم وبين المواطنين فى حى شبرا.

أسعار المفاتيح فى المتناول
أسعار المفاتيح اختلفت بالتأكيد، فكنا فى عام 2011 يتم عمل المفتاح بـسعر 3 جنيهات، ولكنه حاليا بين أسعار 5 و7 جنيها، ويصل إلى 10 جنيهات للنوع الإيطالى، وكان المفتاح الكمبيوتر يتم عمله بسعر 15 جنيه، ولكننا أصبحنا نقوم بعمله بـ 10 جنيهات "عشان الناس تمشى أمورها"، هذا ما قاله أسامة عطا، مؤكدا أن المحل يوجد به أسطوات ايديها تتلف فى حرير ، منهم الأسطى أحمد عطا عبد العظيم، متخصص فى السيارات، وكل ما يتعلق بمشاكلها، والأسطى أحمد بيومى، متخصص فى الخزن البلدى، فهو ورث المهنة أبا عن جد، كانوا متخصصين فى تصليح الخزن البلدى فى منطقة العتبة، والأسطى محمد صابر، متخصص فى الأبواب المصفحة التركى والصينى والكوالين، والأسطى محمود عبد العظيم، متخصص فى تصليح أى نوع قفل وأى نوع من المفاتيح.

 

اقرأ أيضا: صناعة الجلود .. تحارب من أجل البقاء

 

ترشيحاتنا