رغم الكثافات العالية بالمدارس| الانضباط فى الحضور.. «منهج أساسي»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

كتب: أحمد جمال

 

قبل شهر تقريبًا انطلق العام الدراسي، وكان شعار وزارة التربية والتعليم "عام الانضباط المدرسي" في محاولة منها لإعادة الانضباط مرة أخرى للصفوف المدرسية المختلفة، بعد أن كان الطلاب عادة ما يهجرون مدارسهم لأسباب متعددة كان آخرها الأوضاع الصحية التي فرضها فيروس كورونا وغياب الانضباط بشكل كبير العام الماضي، مع غياب الإعداد الجيد لعودة الطلاب وتقسيم أيام الدراسة خلال الأسبوع، ما خلق حالة من الانفصال بين الطلاب والمدرسة، وهو ماتحاول الحكومة معالجته ضمن أشياء أخرى تراكمت عبر العقود.

 

عبرت القرارات التي اتخذها الدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني قبل بداية العام الدراسي التي تمثلت في تشديد الالتزام بالغياب والحضور، وتحديد نسبة لا يتجاوزها الطلاب من الغياب حتى يتم السماح لهم بخوض امتحانات نهاية العام كطلاب منتظمين، وعقد امتحانات الشهر وربطها بنتيجة امتحانات نهاية العام، إلى جانب تحديد درجات للسلوك، عن أن هناك جدية فى إعادة الطلاب إلى المدرسة وهو ما تحقق بصورة كبيرة حتى الآن بحسب شهادات من القيادات التعليمية فى المحافظات المختلفة وكذلك المعلمين وأولياء الأمور.

 

المشكلة التي واجهت الطلاب هذا العام تختلف عما كانت تعانيه المدارس خلال العامين الماضيين، لأن عودة حوالى 25 مليون طالب فى صفوف التعليم المختلفة، تسببت فى حالة من الارتباك لدى المدارس التى بدت أنها غير مستعدة لاستقبالهم فى ظل الأزمات التى طفت على السطح خلال الأيام الماضية وارتبط أغلبها بارتفاع الكثافات وعدم وجود مقاعد لجلوس الطلاب وكذلك العجز الكبير فى أعداد المعلمين، وزيادة معدلات الشغب والعنف بين الطلاب نتيجة غياب معلمى النشاط وتأثر الطلاب سلباً بفترات وجودهم بالمنزل طيلة العامين الماضيين.

 

شغب وعنف

أمانى الشريف، أدمن جروب اتحاد المدارس التجريبية على موقع "فيسبوك"، قالت إن الطلاب عادوا بالفعل للمدرسة بعد فترة انقطاع لكن المؤشرات تتجه إلى أن انتظام العملية الدراسية لم يعد كما كان من قبل عام 2020، وأن أدوار المدرسة والمعلم التى كان يعرفها الجميع من قبل غير واضحة الآن بالنسبة لكثير من الطلاب، وأن حوادث العنف المتكررة تؤشر على ذلك، وبدا واضحا أن الطلاب نسوا دور المدرسة، وأن الطاقات الكامنة داخلهم بدأوا فى إخراجها لكن على هيئة شغب وعنف.

 

وأوضحت أن المعلمين أنفسهم لم يعودوا بنفس طاقتهم وقدرتهم بعد فترة من الاسترخاء، وكذلك الوضع بالنسبة لأولياء الأمور الذين لديهم قناعة بأن العملية الدراسية لن تنتظم مجدداً وأن مجرد سقوط الأمطار أو حدوث أخطار صحية جديدة سيكون كفيلاً بوقف العملية التعليمية مجدداً، وهو ما انعكس سلبًا على دور الأسرة فى متابعة أبنائها.

 

وشددت على أن الوزارة اصطدمت بمشكلة الكثافات هذا العام، بعد أن فتحت المجال أمام الحصول على تأشيرات لتحويلات فوق الكثافة باعتبار أن ذلك لن يؤثر فى العملية التعليمية مثلما الحال بالنسبة للعامين الماضيين اللذين كان الحضور فيهما ضعيفًا، لكن هذا العام فوجئت بأن الأعداد غير مناسبة للمدارس، وهناك العديد من الطلاب ليس لهم أماكن داخل مدارسهم وتكررت مشاهد وقوف الطلاب فى الفصول.

 

غياب الصيانة

وتؤكد أن تجربتها مع مدارس أبنائها فى مراحل التعليم المختلفة فى الصفوف الثالث الابتدائى والأول والثانى الثانوى تشير إلى أن المدارس ليست مجهزة بالشكل الجيد على مستوى الصيانة، ورغم أن أبناءها الثلاثة فى مدارس تجريبية شهيرة بالهرم والدقى، لكن الواقع يشير إلى أن المقاعد متهالكة وأن مساحات الفصول لا تتماشى مع أعداد الطلاب، ما يجعل عملية الانضباط الحالية منقوصة أو زائفة لا تحقق أهداف العملية التعليمية والتربوية.

 

وقالت إيمان محمود، ولية أمر لطالبين فى المرحلة الثانوية، بإحدى مدارس محافظة الجيزة، إن عجز المعلمين يشكل الأزمة الأكبر مع عودة الطلاب إلى المدرسة، لأن بعض المواد وفى مقدمتها الكيمياء ليس لديها معلم واحد مهتم بتدريس المادة لكافة طلاب المرحلة الثانوية، وهو أمر غير منطقى وفى أحيان كثيرة تكون الحصة بدون معلم وهو ما يؤدى لانتشار العنف بين الطلاب وفى تلك الحالة لا يمكن ضبط سلوكيات الطلاب أو تقييمهم عليها.

 

وأضافت أن مشكلات الكثافات ظهرت فى امتحانات الشهر التى انطلقت أخيراً، لأن الطلاب حرصوا على الحضور وتسبب ذلك فى تكدسهم داخل الفصول وأضحى ممكناً أن يجلس ثلاثة طلاب أو أكثر على مقعد واحد، وفى تلك الحالة فإن الهدف من الامتحان لا يتحقق لأن الطلاب يقومون بالغش من بعضهم البعض، مشيرة إلى أنه طالما الوزارة أجبرت الطلاب على الحضور فإنه من الواجب عليها أن توفر لهم البيئة المناسبة للتعليم.

 

عجز المعلمين

وأكد مجدى سليمان هجرس، أحد معلمى محافظة المنوفية، أن العام الحالى يختلف جذريا عن العامين الماضيين على مستوى انتظام حضور الطلاب، لكن المشكلة تتمثل فى العجز الكبير فى المعلمين، وأن أغلب المدارس لديها ما بين 10 و15 معلما متطوعا، فى حال انقطعوا فإن الأمر سيكون صعبًا للغاية، مشيراً إلى أن عجز المعلمين ينتشر بشكل أكبر فى معلمى المرحلة الثانوية، ورغم أن الكثير من المدارس قامت بتوزيع معلمى الصف الثالث الثانوى على الصفين الأول والثانى لعدم وجود طلاب فى أغلب فصول الثانوية العامة إلا أن ذلك لم يحل المشكلة.

 

وشدد على أن كثيرا من المدارس تتعامل مع نسب العجز الحالية فى أعداد المعلمين من خلال تجميع الطلاب فى فصل واحد والعمل بنظام المجموعات أو تحويل حصص المواد التى ليس بها هيئة تدريس إلى حصص أنشطة، كما أن قرار تطبيق اليوم الرياضى فى ربع عدد المدارس تقريبًا خفف قليلاً من الأزمة، لأنه خفف من الضغط على أنصبة المعلمين الأسبوعية من الحصص.

 

وشدد على أن بعض المعلمين فى المرحلة الابتدائية وصلت أنصبتهم الأسبوعية إلى 36 حصة بسبب العجز وهو أمر يفوق طاقتهم، فى حين أن القانونى 24 حصة أسبوعيًا وهو رقم يعد كبيراً بالمقارنة ببعض الدول التى تكتفى بأنصبة تصل إلى 18 حصة فقط فى الأسبوع.

 

حضور الطلاب

وأشار ناصر شعبان وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة الدقهلية، إلى أن قرارات الوزارة التى اتخذتها قبل بدء العام الدراسى نجحت فى ربط الطلاب بالحضور، وأن الالتزام بإجراء الامتحانات الشهرية وربطها بنتيجة نهاية العام قرار إيجابى يساهم فى انتظام العملية التعليمية.

 

وأوضح أن هناك متابعة مستمرة من جانب الوزارة لتفعيل الحضور والغياب، وأن إرسال خطابات التحذير من الفصل عادت مرة أخرى إلى أولياء الأمور لحث أبنائهم على الحضور، وهو ما يجعل لدى أولياء الأمور قناعة بأنها إجراءات ليست على الورق فقط وأنها جادة فى إعادة انضباط العملية التعليمية، مشيراً إلى أن نسب الحضور تتزايد بشكل ملحوظ فى أيام الامتحانات، دون أن يشكل ذلك أزمة فى محافظة الدقهلية التى ليست بها كثافات مرتفعة فى إجمالى مدارسها.

 

وكانت الوزارة أصدرت قرارات منظمة لقبول أعذار غياب الطلاب بينها تفعيل التسجيل الإلكترونى للغياب أسبوعيًا لجميع المراحل التعليمية وبخاصة غياب طلاب الشهادة الإعدادية والثانوية العامة، وإخطار أولياء الأمور بصفة دورية بموقف غياب أبنائهم أو عدم مواصلتهم لليوم الدراسى، طبقًا للإجراءات المنصوص عليها بالقرارات الوزارية المنظمة.

 

اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المعلمين المتغيبين منهم، غير الملتزمين بتواجدهم بالحصص المقررة لهم، والتأكيد على الإعلان بمكان ظاهر بالمدرسة عن المادة العاشرة من القرار الوزارى رقم (٢٣٧) لسنة ٢٠٠٤ التى تنص على أنه لا يُسمح للطالب المقيد الذى لم يحقق نسبة حضور لا تقل عن (85%) من عدد أيام الدراسة الفعلية ـ بعد استنزال أيام الغياب بعذر مقبول ـ بدخول الامتحان كطالب منتظم" لإعلام الطلاب بأهمية الحضور.

 

وأكدت القرارات المنظمة على تفعيل جدول الحصص المقرر لمعلمى الصفين الثالث الثانوى والثالث الإعـدادى واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المعلمين المتغيبين منهم، غير الملتزمين بتواجدهم بالحصص المقررة لهم. وأكدت الوزارة على المدارس ضرورة تطبيق لائحة الانضباط المدرسى وتطبيق القرار الوزارى الخاص بتقييم صفوف النقل ومنح أعمال السنة للطلاب، بالإضافة إلى تطبيق الأنشطة الرياضية والثقافية والمشروعات البحثية.

 

اقرأ أيضا : نقيب المعلمين: نطالب بالتنشئة السياسية للطلاب فى المدارس تدريجيا.. والبداية من الإعدادية للثانوية

ترشيحاتنا