تجديد أواني الطهي .. بيع الوهم في «حلة»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


إيمان طعيمه

ليه تشترى جديد لما ممكن تجددى بأقل الأسعار؟.. عبارة انتشرت مؤخرا بقوة على صفحات السوشيال ميديا لجذب انتباه ربات البيوت وتوجيه رسالة لهن توحى  بإمكانية إعادة تجديد أوانى الطهى المستعملة وتحويلها إلى أطقم كاملة من خامات السيراميك والجرانيت وبأسعار أقل من نصف ثمن الأواني الجديدة، لكن ما جودة هذه الخامات ومدى تأثيرها فى  الصحة وكيف تكون معايير السلامة وطرق الاستخدام؟ كل هذا تطرقت إليه الاخبار المسائى في  هذا التحقيق مستعينة بآراء عدد من الخبراء والمختصين. 


التقينا بعض السيدات اللواتي قررن خوض التجربة بأنفسهن للحصول على أطقم جرانيت بتكلفة بسيطة، حيث تقول إحداهن إن إعلانات التجديد لفتت انتباهها، لكنها كانت قلقة بشأن تجديد كمية كبيرة من الأواني، فعملت على تجديد قطعتين فقط لترى النتيجة أولا وبالفعل وجدت اختلافا كبيرا بالأواني بعد تجديدها وأصبحت تماثل الجاهزة من حيث سهولة الاستعمال والتنظيف وكذلك الألوان.

بينما عرضت سيدة أخرى صورة لوعاء بعد استخدام 3 أشهر وظهرت عليه علامات تراكم للزيوت والدهون واستنكرت رد فعل الشركة التي طلبت منها أن تقوم بتنظيفها بقطعة سلك خشن لإزالة هذه الدهون، رغم أن ذلك ممنوع تماما ويؤثر سلبا في جودة الطلاء فضلا عن أنه من المفترض إعطاء شهادة ضمان لمدة عام على هذه الأواني بعد تجديدها، لكن تم رفض ذلك تماما. ولاحظت سيدة أخرى تغير لون الأواني للأغمق عند تعرضها لحرارة النار، ما جعلها تتخوف من جودة المادة المستخدمة، فضلا عن تعرض بعض الأواني للخدش والتقشير بعد فترة قصيرة من الاستعمال.

الإجراءات والأسعار

وعند التحدث مع مسئول أحد هذه المصانع - طلب عدم ذكر اسمه - لمعرفة الإجراءات اللازمة لطلاء الأواني القديمة والمشكلات التى تواجه بعض السيدات فيما بعد، أكد أن المصنع يقوم بطلاء الأوانى المستعملة والقديمة بخامات جرانيت كورى  أو تركى وبمواصفات صحية بعد تحليل مادة الجرانيت وحصولها على الموافقة، وتم توضيح ذلك من خلال إرسال صورة من شهادة الأيزو التى تحمل رقم جودة 9001 مع شهادة تحليل تدل على سلامة العينة، وأشار إلى أنه يتم التعامل مع العميل عن طريق إرسال مندوب للمنزل لاستلام الأوانى والعمل على تجديدها فى فترة تستغرق 10 أيام، ثم يتم تسليمها للعميل مرة أخرى بنفس الطريقة بعد تحديد ما يحتاج تنفيذه وتحديد رقم اللون المراد طلاؤه، لافتًا إلى أن الأسعار تختلف حسب حجم الإناء، حيث يمكن طلاء الحلة من الداخل فقط أو من الداخل والخارج، ويمكن أن يشمل الطلاء الغطاء أو بدونه وكذلك أيدى الوعاء، ويتراوح سعر طلاء الحلة بين 120 و195 جنيهًا حسب المقاس، والغطاء من 30 إلى 65، أما الصوانى فيتراوح سعرها بين 140 و210، والقلاية من 130 إلى 200، والجريل من 165 إلى 300، والأيدى الماسكة من 25 إلى 65 جنيهًا

 

وشدد على ضرورة اتباع العميل بعض التعلميات قبل الاستعمال لتجنب حدوث أى  تلف بالأوعية، حيث يجب دهان الوعاء أولا بزيت دافئ وتركه لمدة نصف ساعة ثم يغسل بأسفنجة ناعمة ويتم استعماله بأمان، كما يجب استخدام أدوات توزيع سيليكون أو خشب منعا للتجريح كما يمنع تنظيفها بغسالة الأطباق نهائيا، وأكد أن الشركة تقدم ضمانًا لمدة 18 شهرًا بخصم 50٪ من التكلفة خلال هذه الفترة.

 

شهادة الأيزو

ويعلق الدكتور عاصم أبوعرب، أستاذ سموم وملوثات الغذاء بالمركز القومى  للبحوث ورئيس الجمعية المصرية لسلامة الغذاء، على ما سبق، مؤكدا أن الشهادات التى أوضحتها الشركة يمكن الحصول عليها من أماكن عديدة تقوم بمنح شهادة الأيزو مقابل مبلغ مالى، بينما الشهادة الرسمية التى تؤكد بالفعل جودة المنتجات تصدر عن اللجان المعتمدة من وزارة الصناعة، والشهادة رقم 9001 تعنى الجودة على أنظمة الإدارة فقط ويمكن لأى منشأة تقدم منتجا الحصول عليها للتأكد من اتباعها المواصفات الخاصة بعملية التنظيم الإدارى بالكامل وليس لها علاقة بالجانب الفني!

كما أن نتيجة التحليل التى أرفقها المصنع تؤكد أن نسبة الرصاص ضئيلة جدا وهذا ليس صحيحا على الإطلاق، لأن النسبة المتعارف عليها فى الأوانى عمومًا تكون أعلى من ذلك، لافتًا إلى أن المنتج لا يحتوى على مادة الكادميوم، وهذا يدل على أن النتيجة خاطئة تماما، فلابد أن يكون هناك نسبة حتى إن كانت أقل من حدود الجهاز المكتشف لها.

المواصفات الصحية

وتابع: هناك العديد من الشروط الواجب توافرها عند اختيار أوانى الطهى أو التى  يتم تجديدها لتجنب تسببها فى أى  تأثير سلبى فى الصحة، بحيث لا يتفاعل سطح مادتها مع الطعام أثناء الطهى أو الحفظ ولا تغير طعم ولون الطعام وأن تكون مادة الإناء دائماً آمنة وجيدة التوصيل للحرارة وكذلك سهلة التنظيف باليد أو بغسالة الأطباق. 

وتعتبر أوانى الطهى المصنوعة من الألومنيوم أكثر الأنواع انتشاراً فى العالم، وغالبا ما تصنع أوانى الجرانيت من الألومنيوم بالإضافة للطبقات الأخرى، وهنا تكمن الخطورة فإذا حدث تقشير وظهر الألومنيوم مجددا فيتسبب فى حدوث تفاعل مع مكونات الطعام مما قد يتسبب فى  مشكلات صحية للمستهلك. وقد تم التغلب على هذه المشكلة من قبل الجهات المصنعة عن طريق الأكسدة، وعمومًا هناك أنواع من أوانى الألومنيوم الجيدة والآمنة فى استخدامها وأخرى رديئة يتم تصنيعها من خلال ورش الخردة التى تعمل بعيداً عن الجهات الرقابية، حيث تقوم بتصنيع أوانى  الألومنيوم من الخردة المجمعة التى تحتوى على معادن أخرى خلاف الألومنيوم مثل الحديد والرصاص وغيرها وهى عناصر ضارة جداً بصحة الإنسان ويتم بيع هذه الأوانى فى المناطق الشعبية بأسعار زهيدة.

اقرأ ايضاً:خبراء: القمر الصناعى «طيبة 1» من أهم إنجازات الحكومة الرقمية

 

وعند الطبخ فى هذه الأوانى الرديئة لفترة زمنية يلاحظ ظهور نقر سوداء داخل الحلة وحفر يصعب الوصول إليها أثناء التنظيف، وبالتالى تتحول إلى مأوى لفضلات الطعام وعفن الأكل. ولا شك أن هذه الأوانى تنتقل مكوناتها الخطيرة للمستهلك، وقد يحدث تجديد لهذه الأوانى وبيعها له مرة أخرى دون العلم بذلك. لذا يجب الحرص أثناء التعامل مع هذه النوعية من الأوانى وفى حالة حدوث خدوش عميقة بها تظهر من تحتها طبقة الألومنيوم تستبعد فوراً ولا تستعمل مرة أخرى فى أغراض الطهى. ولكى نتجنب تلف تلك الأوانى لا يتم التعامل معها باستخدام ملاعق معدنية أو تعريضها لدرجات حرارة مرتفعة مع التوصية باستخدام ماركات معروفة حتى ولو غالية الثمن، والابتعاد عن الأنواع المجهولة والرديئة المنخفضة السعر، فقد تحتوى  على نسب كبيرة من المعادن الثقيلة مثل الرصاص والكادميوم التى تكون مدمرة للصحة.

 

الأنواع الأكثر أمانا

وتؤكد بعض الدراسات أنه من الأفضل تجنب استخدام أوانى الألومنيوم فى الطهى  ويُنصح باستبدالها بالأوانى الأخرى، لأنها تكون صحية أكثر. وأوضحت هذه الدراسات أن الألومنيوم يمكن أن يكون ساما إذا كانت كميته التراكمية فى الجسم عالية لأنه يترسب فى المخ ويسبب مشكلات فى الجهاز العصبى، ومرض الألزهايمر، والشلل الرعاش، وضعف المناعة، وهشاشة العظام، والفشل الكلوى  لترسبه بخلايا وأنسجة الكلى وغيرها من الأمراض، ما جعل اللجوء لاستخدام أوانٍ بديلة أكثر أمناً هو الحل الأفضل، وأبرزها أوانى السيراميك وهى مصنوعة من الألومنيوم ومغطاة بطبقة سيراميك ومزودة بمواد لا تتفاعل مع الأحماض أو القلويات، لذا فهى لا تسبب أى تسرب للمواد المعدنية إلى الأطعمة المطهوة بها. ولكن يعيبها أنها قد تكون ملونة من الداخل، ولذلك يحذر الخبراء من استعمالها لتجنب تفاعل صبغات الألوان مع الأطعمة المختلفة، حيث قد تحتوى هذه الصبغات على عناصر الرصاص والكادميوم، كما تحتاج لطرق خاصة للتنظيف لتجنب الخدش. 

أما أوانى الجرانيت فهى مصنوعة من معادن مخلوطة أساسها الألومنيوم الثقيل ومطلية بطبقة سميكة من الجرانيت الذى  يعطى  للحلة قوامها وشكلها المميز، وكلما كانت طبقة الجرانيت سميكة كانت الحلة أفضل من الناحية الصحية، حيث تكون المعادن بعيدة عن ملامسة الطعام وتمنعها من التفاعل مع مكونات الأطعمة أثناء الطهى.

ولعل أوانى الاستانلس ستيل هى الأفضل على الإطلاق كونها تصنع من خليط مضاد للصدأ من الحديد والنيكل والكروم، وتتميز بأنها لا تتفاعل مع الطعام ولا تسمح بتسريب أى نوع من المعادن فى الطعام كما يسهل تنظيفها ومقاومة الخدش، وكذلك الأوانى الزجاجية التى تعد أكثر أمانا فى الطهى بالميكروويف، حيث إن طبيعة الزجاج غير تفاعلية وتجعله صحيا  للطهى، فهو لا يمتص أى  شيء من عناصر الطعام.

 

الرقابة ووعى المواطن

من جانبه، يؤكد المهندس محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، أن جميع المصانع والشركات أيًا كانت مهنتها والصادر لها ترخيص صناعى لابُد أن تخضع للرقابة الصناعية للتأكد من أن المنتج الصناعى الذى  تقدمه حاصل على مواصفة وترخيص، أما المصانع غير الشرعية أو مصانع ابير السلمب المنتشرة على الإنترنت فغالبا هى صفحات وهمية تخدع المستهلك بترويج الإعلانات الجذابة دون التأكد من طبيعها عملها، كما أن هذه الشــركات التى تدعــى أنهـا تـسـتورد المواد الخام من الخارج لن تدرى أن إيقاف الاستيراد مشكلة يواجهها جميع المصنعين من عدة أشهر، لذا يجب أن يكون المستهلك لديه وعى كافٍ قبل التعامل مع مثل هذه الشركات والتأكد من حصوله على فاتورة تجارية بعدد وأسعار المنتجات، كما يفضل الذهاب لمقر الشركة أو المصنع بنفســه ورؤيــة المـــواد المستعملة ورخصـــة التشغيل الخاصة بالمصنع.


 

 

 

ترشيحاتنا