محمد القصبي يكتب :

نصيحة على غير العادة من طبيب في مستشفى خاص !!!

القصبي
القصبي

هل من مطالب (شروط ) صندوق النقد الدولي، حتى يوافق على القرض المرتقب،

تثويرالصحة..التعليم..؟ هذا ما يتردد، ونوه له الخبير الاقتصادي د.هاني جنينة خلال حواره مع إبراهيم عيسى في قناة القاهرة والناس عشية افتتاح المؤتمرالاقتصادي .. حتمية الاهتمام المحوري بقطاعي الصحة والتعليم..

وحتى لو كان مثل هذا الكلام يفتقد إلى المصداقية..أي أن الصندوق لم " يشترط"  ذلك.. فقد كان هذا على رأس قائمة  طموحات الشعب التي ينبغي أن  تسعى القيادة إلى تحقيقها: - مواطن يحظى بالحسنيين: عنفوان البدن..عنفوان الدماغ..
أو هكذا ينبغي أن يكون الحال ونحن نسعى إلى بناء مصر الجديدة. 
وأما كان هذا ضمن أجندة القيادة السياسية منذ أن تولت مقاليد الأمور في صيف ٢٠١٤ ؟!
....
ثمة مشهد  في مستشفى حكومي بإحدى المحافظات..تعجز الذاكرة عن لفظه ..كان هذا منذ مايقرب من عقدين..حين قصدت مكتب  مدير المستشفى لأشكو إليه حالة الفوضى والاستهتار بأوجاع المرضى الذين يقصدون المستشفى"  وعلى طريقة  الغريق اللي بيتعلق بقشاية !! "..دفعت الباب ..
المدير غير موجود..بل  طاولة أمام مكتبه يتواجه على  طرفيها شابان، وزهر يتقاذفانه  بين أرجاء الطاولة..لم 
أصدق أبدا أنهما طبيبان..حتى لو كانا يرتديان المعطف الأبيض..!!!!
أطباء يلعبون الطاولة ..وأين ..في مكتب المدير ..غير عابئين بأنات الموجوعين في متاهات المستشفى ؟!!
كان هذا حال مستشفياتنا الحكومية عبر أكثر من ٤٠ عاما..
وفي المقابل مستشفيات خاصة تستنزف جيوب المصريين لإيقاف نزيف شرايينهم...وربما إيهامهم بأن شرايين حياتهم تنزف..!!! 
تلك الصورة من الفوضى والاستخفاف بالمرضى أما زال لها وجود  في مستشفياتنا الحكومية  ؟
إن وجدت .. فليس كظاهرة متفشية..
فما أراه الآن ..ثمة محاولات للتعامل الصارم على نحو  ملحوظ  مع الأطباء..مع أطقم التمريض..ولاتراخي في توقيع الجزاءات على كل مستهتر..ثمة إحساس وليد بالمسؤولية تجاه المريض.. 
هذا ما ألحظه من خلال زياراتي وتواصلي مع بعض مستشفياتنا الحكومية ..سيد جلال ..شربين..بلقاس..
القاهرة الجديدة..بعض مستشفيات المنصورة ..
الأمور تبدو مغايرة..إن لم تكن أفضل ..فعلى الأقل ..أقل سوءا..!!
 ثمة جهد مضني يبذل ..من الأطباء ..من أطقم التمريض ..من الإداريين..
لكن مازالت الطريق ممترسة بالعقبات.
.....
مؤخرا توجهت لزيارة مستشفى القاهرة الجديدة.. مدفوعا  بالرغبة في البحث عن إجابة لهذا السؤال: 
- هل لدى المستشفى الإمكانيات التي تلبي طموحات الصحفيين في الحصول على خدمات طبية بشكل راق..؟ 
فإن كان الأمر كذلك..فهل تجيز لوائح المستشفى التعاقد مع نقابة الصحفيين..لعلاج أعضاء النقابة وأسرهم..؟

- وثمة دافع آخرشخصي .. قبلها بعدة أيام توجهت إلى مستشفى خاص لإجراء حشو عصب لضرس..
الطبيب اكتشف أن ضرس العقل المجاور في أسوأ أحواله..وهو أحد أسباب الآلام الحادة التي أعاني منها منذ فترة..لكن خلع  الضرس في حاجة إلى إمكانات أفضل..هذا ما قاله لي .. أنصت للطبيب في ارتياب ..ربما يعمل في مستشفى أخرى ويود أن يسوقني إلى هناك..أليس هذا أحد موروثات ٤٠ عاما من السقوط الأخلاقي الذي لم يسلم منه العديد من أرباب مهن الرسالة ..أطباء ومعلمون ومحامون .. ومشايخ..وقضاة.  و....!!!

سألت طبيبي :
- والامكانات الأفضل دي نلاقيها فين..؟!!
-  ممكن مستشفى القاهرة الجديدة.. أهي قريبة من سكنك..مش حضرتك برضه ساكن في المنطقة..؟
 شهقت في دهشة :
- بس دي مستشفى حكومي..!!!!!
تاريخي الحافل مع الأطباء.. تاريخ أي مريض مصري وراء شهقة دهشتي..!!!!!
في العادة..إن طرقنا باب طبيب في مستشفى حكومي يسوقك إلى عيادته الخاصة..إلى المستشفى الخاص الذي يعمل به لإجراء جراحة ربما..ربما.. لاتكون في حاجة لها..ليستنزف ماتملك وما تستدين من آلاف ..عشرات الآلاف من الجنيهات ..وربما مئات الآلاف ..!!
 لا أتحدث في أمور موطنها  كوكب المريخ.. بل مصر..!!
 وهاهو طبيب في مستشفى خاص.. يهديك إلى مستشفى حكومي.!!!!
قال الطبيب محاولا تبديد استغرابي : 
- وفيها ايه؟! ..مستشفى حكومي  متوفر فيه إمكانيات كويسة.  
- حضرتك بتشتغل هناك..؟!!
- ايوه..
اتصلت بالصديقة دكتورأمل عبد الحميد.. تعمل في المستشفى..وكثيرا ماتحدثني عن همومهم  وأحلامهم.. أحلام المدير السابق.. د. محمد ماجد..وأحلام المدير الجديد د.احمد مسعد .. ونائبه د.ابراهيم  ..كثر هناك  يسعون إلى الارتقاء بالمستشفى.. ليس فقط لتليق بنوعية سكان القاهرة الجديدة..وأيضا  لتليق كمعلم طبي بالجمهورية الجديدة..بل أن من بين المسئولين في المستشفى طبيبة  تبرعت من مالها الخاص لتنفيذ أحد مشروعات المستشفى..
سألت د.أمل عن أحوال قسم الأسنان..فقالت: زي كل الأقسام.. كويس..
شرحت لها مشكلة ضرس العقل ونصيحة أحدهم  بأن ماأسعى إليه من خدمة علاجية جيدة سأجده في المستشفى..فأكدت لي صحة  ماسمعت ..
- ومين  الطبيب اللي ممكن  تتوافر فيه الكفاءة والمهارة لنزع ضرس العقل بأقل قدر من المعاناة والألم ؟
قالت:-  اللي أعرفه كلهم..وبكرة هيكون هناك د.حاتم..ماشاء الله عليه في المسائل دي...

ظننت أن د. حاتم هذا  من كثرة ماسمعت عنه  تتكيء كفاءته على ٣٠ سنة خبرة  لأفاجأ بشاب ربما دون الخامسة والثلاثين..هكذا بدا من نضارة الوجه وإشراقة نظرة العينين وروحه المرحة..
د.حاتم هذا مامكثت رهن أجهزته وأنامله سوى بضع دقائق .. ليباغتني: حمد لله على السلامة!!
..تطلعت إليه في شك:
- ازاي يادكتور  ..وأنا لاصرخت ولا قلت آه..؟!!

 ..فقال ضاحكا : 
- دا مش بس ضرس العقل اللي شلته بس ..دا كان فيه جدور ممكن يكون لها دور في إحساسك بالألم..خلصتك منها..
وغمرني بشعاع أمل ..أن الطب الذي سقط الكثير من أربابه في بالوعات الفساد والإهمال بدأ  يستعيد بريقه كمهنة رسالة..!!
روح د. حاتم تلك وجدتها شائعة إلى حد كبير في أرجاء مستشفى القاهرة الجديدة ..أطباء وأطقم تمريض وإداريين.. هكذا كان حال د.نهى..د.شيماء..أ. سحر ..أ.عزة..الكل  ملاحق على مدار الساعة 
بمعاناة مئات المرضى ..أسئلة قلقهم..توترهم ..أنات أوجاعهم..
وأنا اتجول في المستشفى.." قلة من يعرفون هويتي الصحفية" .. ما رأيت أحدا من أطقم المستشفى يصفع مريضا بتكشيرة..برد جاف..
.......
أهذا يكفي  لأن نهجع في واحة الاطمئنان بأن قطاع الصحة الذي يطالب صندوق النقد الدولي بتثويره..قد استعاد عافيته تماما..؟

دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات أوضحت  أن  جهود الدولة للنهوض بالقطاع الصحي اتخذت مسارين..
 الأول: إعادة تأهيل البنية التحتية لقطاع الصحة  وتطوير الوحدات الصحية بالقرى لتواكب التطور في أداء الخدمة، وأيضًا تطوير وتأهيل العنصر البشرى.

 المسار  الثاني تمحور حول  حزمة من الإصلاحات الصحية العاجلة والتي تتمثل في إطلاق العديد من المبادرات تحت رعاية رئيس الجمهورية؛ لرفع كفاءة ومستوى الخدمة المقدمة للمواطنين والتي استهدفت كافة الفئات بداية من الأطفال وحتى كبار السن، مما أحدث بالفعل  طفرة في الملف الصحي.

ومن الانجازات التي تحققت عبر المسارين:
- مدينة الدواء التي دشنتها مصر العام الماضي لتفتح الباب أمام جميع الشركات المحلية والعالمية الراغبة للاستثمار في قطاع الدواء.
المدينة تقام على مساحة 180 ألف متر مربع بطاقة إنتاجية تصل إلى 150 مليون عبوة سنويا.. وتعد ضمن أكبر المدن الدوائية في الشرق الأوسط، حيث تسعى مصر للتحول إلى مركز إقليمي لتصنيع الأدوية وتصديرها.
-   تنفيذ (960) مشروعًا في مجال الصحة والسكان خلال الفترة من عام ٢٠١٤ وحتى ٢٠٢٠

  - تنفيذ نحو (200) مشروع متعلق بتطوير المستشفيات والمعاهد الطبية ومراكز الخدمات الطبية المتخصصة.. وكذلك تنفيذ (40) مشروعًا مرتبطًا بهيئة الإسعاف المصرية، ونحو (19) مشروعًا قوميًا للمستشفيات النموذجية، إلى جانب تطوير الوحدات الصحية.
 - إطلاق  (25) مبادرة داخل مصر و(13) مبادرة لدعم القطاع الصحي بأفريقيا. 
- توجيه استثمارات ضخمة تقدر بأكثر من 120 مليار جنيه لتحسين القطاع الصحى.

- إطلاق المبادرة الرئاسية "100 مليون صحة" لتغيير واقع المصريين إلى حياة صحية أفضل..

- زيادة  الاستثمارات الموجهة لمشروعات وزارة الصحة في إطار  خطة  2021/2022 حيث بلغت  47.5 مليار جنيه بنسبة زيادة 20.5% مقارنة بـ 20/2021 ...متضمنة مشروعات حياة كريمة.
-    إجراء 1.4  مليون عملية جراحية ضمن       مبادرة الرئيس  السيسي، لإنهاء قوائم الانتظار..
- تطوير المستشفيات الجامعية (113مستشفى جامعيا) بزيادة 25 مستشفى عن 2014.
- إطلاق مبادرات لقطاع الصحة تشمل تعزيز قُدرة الـمُنشآت الصحيّة على تقديم الخدمات الطبية بشكل متميز في ضوء مواجهة فيروس كورونا، وزيادة معدلات التغطية بالـمستشفيات الجامعيّة على مُستوى الـمحافظات وميكنتها، وإنشاء سجل صحي إليكتروني لكل الـمترددين.
- تحقيق الاكتفاء الذاتى من الأنسولين محلي الصنع وتوطين صناعة أدوية الأورام وبعض الأمصال واللقاحات.
- تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل بعدد من المحافظات، حيث تم تسجيل أكثر  من ثلاثة ملايين و600 ألف مواطن بالمنظومة.

- إصدار أكثر من مليوني و913 ألف قرار علاج على نفقة الدولة.
- توفير 20 مليون علبة ألبان أطفال و5 ملايين علبة كمخزون استراتيجي.
وكلها - كما نرى-  مبادرات محورية أطلقت وكان لها مردودها الملحوظ..
لكن ..أهذا المردود يعني أن نهجع في واحة الاطمئنان..ونردد : الحمد لله ..كله تمام..!!
نعم ..الحمد لله..الكثير تحقق ..لكن لم نصل بعد إلى    حد الاطمئنان لنهتف بارتياح :  كله تمام!!
بل ولاأظن أننا سنهجع في واحة الاطمئنان أبدا..طالما أننا لا نردع الخفير ( غ ) الذي تزوج للمرة العاشرة منذ عدة أشهر..وألقى بعروسه في ( خُن )  بعمارة تحت الإنشاء في القاهرة الجديدة..وقد أنجب (حتى الآن)  ١٧ ..ومنذ عدة أشهر تنقبت إحدى بناته التي لم تتجاوز الخامسة عشر استعدادا للزواج..!!!! واضطررت إلى نشر مقال عن هذا المواطن الكارثي في جريدة الدستور بعنوان ( عدو مصر..)..لأفاجأ بمن يدافع عنه ويراه مطبقا لصحيح الإسلام!!!..ومن المدافعين عنه أحد الأطباء المقيمين في المنطقة..بل أن أحدهم داعية إسلامي  وصف هذا الخفير العابث  بالشيخ التقي الورع..!!

خلال جولاتي بمستشفى القاهرة الجديدة..لم أجد شبرا خاليا من مريض ..بل مرضى... ينتظرون دورهم ..هذا حال كل العيادات وكل الأقسام ..كل ممر..كل زاوية ..تكتظ بالعشرات..
سألت طبيبة  :
- هو دا حالكم كل يوم ؟!!
قالت بأسى : 
- المستشفى يوميا  بتستقبل ما لا يقل عن ١٢٠٠ مريض!!
 
هل أطلقت الدولة مبادرة ١٠٠ مليون صحة ؟ أظن أنه بسبب الشيخ غ .. التقي الورع..يتعين  إجراء تعديل على تلك المبادرة الرئاسية ..لتكون ٢٠٠ مليون صحة !!! ..
وربما أكثر ..فطاقة الدولة..ليس في مجال الصحة فقط..بل في كل المجالات.. لن تطيق مواجهة ٢.٥ مليون طفل تلفظهم أرحام المصريات كل عام..وبمعدل طفل كل ١٣ ثانية..!!!!

وبالطبع ليس الشيخ التقي الورع مصدر الضغط الوحيد على مستشفياتنا...
بل أيضا  غياب الوعي ، وعاداتنا الغذائية  العشوائية..و....

الفسسسسسساد..!!!!!

........
الصديق الدكتور ( س .ف ) 
قال لي انه خلال عضويته  لإحدى الجهات المسئولة عن تطوير القاهرة الجديدة..
تم تخصيص ٢١.٥ مليون جنيه لتوفير بعض احتياجات مستشفى القاهرة الجديدة من الأجهزة الحديثة ؟..فهل تم توفير هذه الأجهزة وبالمواصفات المحددة..؟
سألته ..فأجاب أنه لا علم لديه..لكن ..

لكن ماذا؟ سألته بقلق  ..فاستطرد بأسى :
- في كتير من الأحوال يتم تخصيص ميزانيات لشراء  أجهزة حديثة لمستشفى حكومي..مثلا معامل وأجهزة أشعة.. لكن ده بيواجه بعقبات..
المستشفيات الخاصة والمختبرات ومراكز الأشعة غير الحكومية..يهمها أن المستشفيات الحكومية مايتمش تزويدها بأجهزة حديثة..علشان تشتغل وترفع أسعارها بشكل مبالغ فيه..وللأسف بتوظف  مسئولين داخل الوزارة للحيلولة دون الارتقاء بالمستشفيات الحكومية..
شهقت في فزع : 
- معنى كده إن فيه  لوبي  للمؤسسات الصحية الخاصة 
داخل الوزارة وبيوجه الأمور بما يخدم مصالح المؤسسات دي حتى لو كان على حساب  تحسين الأحوال في المستشفيات الحكومية..!!
صديقي تطلع دون أن يجيب..
ألححت:
-طيب.. وال٢١.٥ مليون جنيه المخصصة لمستشفى القاهرة الجديدة.. هل بالفعل تم بها شراء أجهزة بمواصفات عالية ؟
رد صديقي :
- معرفش..!!
وحتى لو كانت مستشفى القاهرة الجديدة  قد نجت من بطش تلك  المافيا..فمن يضمن أن غيرها من المستشفيات قد ينجو..؟!!
.......
عقب ثورة ٣٠يونيو..وخلال إحدى ندوات الأخبار المسائي  التي كنت أديرها في قاعة مصطفى أمين بدار أخبار  اليوم أتذكر أنني قلت :
- الانهيار الأخلاقي اللي شهدته الدولة في كل قطاعاتها خلال ال٤٠ سنة الماضية بسبب انفتاح السداح مداح وسلفية البترودولار اللي اختصرت الدين في لحية ونقاب وسدوا الفرج..ومفيش كلمة عن الأخلاق والمعاملات  ..وطبعا مافيا الحزب اللاوطني اللي عدلت شعار " دعه يعمل..دعه يمر" إلى " دعه يسرق ..دعه يفر "!! ..الانهيار ده في حاجة إلى  ١٠ أنبياء  لإيقافه..وإعادة بناء الدولة على أسس سليمة...!!!!
هذا هو  التحدي الهائل الذي  يواجهه قطاع الصحة الآن وكل القطاعات.. وبالفعل تبذل الدولة  محاولات مستميتة  للنهوض بتلك القطاعات؟! 
فهل تنجح ؟  رغم ثقل  التركة..نعم..النجاح ممكن  ..فقط 
بإظهار العين الحمرا 
 للوبي الفساد والإهمال   ولخفير القاهرة الجديدة والداعية الذي يراه شيخا تقيا ورعا..والطبيب الذي يعتبره مسلما نمبر ون !!

ترشيحاتنا