وماذا لوتغيرت إدارة مستشفى القاهرة الجديدة؟!

القصبى
القصبى

هل يكون مصير مستشفى القاهرة الجديدة مثل كل مستشفياتنا..مدارسنا..
جامعاتنا..كافة المؤسسات والهيئات ..رهنا -فقط- بإرادة وأهداف وتوجهات من يدير ؟!!!!


مؤخرا  توجهت  والمخرج التليفزيوني عمرو نسيم إلى المستشفى..الدافع للزيارة إجراء بعض الفحوص الطبية..لكن ثمة دافعا آخر..
ربما حالة من الفضول لمعرفة مدى صحة مايتردد من قبل بعض سكان القاهرة الجديدة حول تدني الخدمات وسوء استقبال المرضى ..
عقب إجراء الفحوصات..

طرقنا باب مدير المستشفى.. د.محمد ماجد..وماكان مكتبه كالمألوف السائد في معظم مكاتب المسئولين..الفخامة والهدوء أولا وعاشرا..وربما لاشيء بينهما.. كان في الحقيقة عدة مكاتب وطاولات وأطباء يقبعون خلفها..وحركة دائبة..
عرفنا من بين الموجودين د.احمد عبد الفضيل مدير الطواريء بالمستشفى ..د.أمل عبد الحميد مديرة إدارة  العلاجي بالمنطقة الطبية في القاهرة الجديدة..وفهمت من خلال الأحاديث التي تدور أن هذا حالهم بشكل يومي..إما حوارات واجتماعات لبحث أمور المستشفى وتطوير آليات العمل..وإيجاد حلول لكافة المشاكل التي تطرأ أولا بأول.. أو المرور على أقسام المستشفى..
صارحناهم  بما لدينا..رسائل واتسات قرأناها  على جروبات منطقة جاردينيا هايتس التي نقيم بها من بعض السكان الذين يشكون من تدني الخدمات بالمستشفى..
مدير المستشفى أنصت لنا جيدا..وكان لديه إصرار على مناقشة كل شكوى..الانطباع الذي انتهيت إليه أنه بالفعل كان ثمة مشاكل تواجه زوار المستشفى في البدايات.. الإدارة الحالية التي تولت أمور المستشفى منذ عام ٢٠١٩ سعت ومازالت - ليس فقط لحل تلك المشاكل - بل والارتقاء بمستوى الخدمات العلاجية..وتزويد أقسام المستشفى بكافة الأجهزة الطبية الحديثة..وهل نجحت؟
  المستشفى التي افتتحت عام ٢٠٠٩ لخدمة ٣٠٠ الف مواطن في الحقيقة تقدم خدماتها لأكثر من مليوني مواطن.. مما يمثل ضغطا هائلا على الإدارة والأطقم الطبية والأجهزة.. ومع ذلك تنجح المستشفى في أداء رسالتها إلى حد كبير..هذا مالاحظناه خلال جولتنا السريعة  أنا والمخرج عمرو نسيم في  أرجاء المستشفى..ومن خلال التحاور مع العديد من المرضى..
 إدارة المستشفى نجحت في توفير العديد من الأجهزة الطبية وبمستويات حديثة..مثل : الأشعة المقطعية..أشعة الماموجرام..
أشعة سينية، موجات فوق صوتية، بانوراما، أرجون ليزر 'رمد' OCT رمد كابينة قياس السمع مناظير حهازهضمى، مناظير جراحية
قسطرة..

ومالايقل أهمية عن توفير الأجهزة الحديثة للمستشفى ثمة حرص من الإدارة على التعامل الإنساني والراقي مع المرضى ..حيث تشكلت لجنة من أطباء وعاملين في المستشفى..مهمتها تلقي شكاوى واستفسارات المواطنين وسرعة البت والرد عليها..

مايحدث في مستشفى القاهرة الجديدة يذكرني بخاطر واتاني منذ مايقرب من ٣٠ عاما..حول تغيير مدير مستشفى المواساة في الإسكندرية..كانت المستشفى تحظى بسمعة طيبة في العقل الجمعي المصري..بسبب حزم الإدارة في التعامل مع أي قصور أو خطأ والمحاسبة الفورية والصارمة لمرتكبه..والسعي دوما للارتقاء بآليات العمل..
لكن هل يظل هذا حال المستشفى بعد تغيير مديرها؟ 
هذا الخاطر راودني أيضا مع تجربة الرائع د.محمد غنيم في المنصورة..مؤسس مركز الكلى والمسالك البولية في جامعة المنصورة ..هذا المركز الذي يحظى بسمعة دولية.. وكان سببا في أنني نعت المنصورة في أحد مقالاتي بالعاصمة الطبية للشرق الأوسط..ليس فقط لأن غنيم يعد ثاني اهم أطباء العالم في تخصصه..بل مالا يقل أهمية أن الرجل يعيش من أجل قضية..سلندراته الأربعة يسخرها من أجل هذه القضية..الارتقاء بالمؤسسة التي يتولى إدارتها.. وهذا كان حال مستشفى المواساة.. ثمة مدير وفريق عمل.. قرون استشعار كل منهم بالغة الحساسية تجاه أي خطأ ومعالجته بسرعة وحزم..مع السعي دوما نحو تطوير آليات العمل وتزويد المكان بأحدث الأجهزة..
هذا حال كل  مؤسساتنا الناجحة .. النجاح رهن  بشخص..بشخصية من يقود..ان مارس عمله كمصري مهموم بهاجس النهوض بهذا البلد فكل دقائقه ..ساعاته ..يومه.. سنواته..للمؤسسة التي يقود..وقد يختصم هذا كثيرا من اهتمامه بالشأن الخاص..أسرته وأولاده.. لذا كان سؤالي للدكتور محمد ماجد مدير مستشفى القاهرة الجديدة : بتروح بيتكم امتى يادكتور كل  يوم..؟!
فقال بعفوية : يعني..عشرة ..حداشر.. وتأكدت من صدق ماقال خلال حديثي مع إحدى الطبيبات في المستشفى بعد ذلك.. فماذا لو انتقل د.محمد ماجد  أو د.امل عبد الحميد أو د.احمد عبد الفضيل إلى مواقع أخرى؟!!
يقينا سيمارسون عملهم بنفس الهمة التي تفيض من كونهم مواطنين مؤرقين بهموم وأحلام البلد.. لكن ماذا ولو حل مكانهم في مستشفى القاهرة الجديدة نوع آخر غالب على العديد من مؤسساتنا ..موظفين قبل أن يكونوا مواطنين..مايؤرقهم ليس هموم وأحلام بلد..بل المرتب والمكتب الفخم والوجاهة والعيادة الخاصة.. وكيف يوظف المسئول مكانته في المستشفى العام لخدمة مستشفاه الخاص؟!!!!!!!
انه الخاطر القديم الذي راودني منذ ٣٠ سنة  مع تغيير مدير مستشفى المواساة.. ألح عليّ.. عقب زيارتي لمستشفى القاهرة الجديدة...  مستشفياتنا ..مدارسنا.. جامعاتنا..كل مؤسساتنا..تطويرها..الرقي بها رهن ليس بمنظومة عمل صارمة تطبقها الدولة..بل بمن يقودها..مواطن يوظف كل سلندراته للنهوض بمؤسسته..أم موظف عينه..كل قرون استشعاره مصوبة نحو المرتب والعلاوة وكيفية سحب الدم من عروق المرضى وتحويله إلى أرصدة بنكية !!!!

لذا دوما يراودني الأمل..أن تحكم مؤسساتنا ..هيئاتنا..قوانين صارمة  و إدارة  علمية باليات دقيقة .. يلتزم بها كل من يجلس على  كرسي المدير..فلا يتكاسل أداء مهامه..ولايصدر قرارات مجاملة لهذا أوذاك.. ولا يشخصن  موقعه لتحقيق مآرب خاصة!!
مع وجود تلك القوانين..مع وجود تلك الآليات..فلا خوف لو انتقل د.محمد ماجد إلى موقع آخر ..فإن كان بديله ينتمي إلى نفس الجينوم الوطني فسوف تواصل المستشفى تطورها ورقيها.. أما لو كان من هذا الصنف الذي يظن أن بكالوريوس الطب والماجستير والدكتوراه التي حصل عليها..تصريح له بشخصنة كرسيه وسحب الدم من عروق المرضى لتحويله إلى أرصدة بنكية..فليذهب إلى الجحيم...بالقانون !

ترشيحاتنا