أخر الأخبار

قدر الرئيس

اصلاح النظام الزراعى فى مصر 1

لواء ناصر قطامش
لواء ناصر قطامش

يعتقد الكثيران أول قانون صدر للاصلاح الزراعى هو القانون رقم (178) لسنه 1952 وحدد سقفاً للملكية قدره 200 فدان للمالك. وفي عام 1961، صدر القانون  127 فخفض السقف إلى 100 فدان، تلاه القانون الثالث ذو الرقم 50 لعام 1969 فخفض السقف من جديد إلى 50 فداناً للمالك و100 فدان للأسرة. وتخلل كل ذلك قوانين إصلاحية أخرى، تضمنت مصادرة أموال الأسرة الملكية وممتلكاتها وتوزيع الأراضي الموقوفة على الفلاحين وحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية.

كانت الحصيلة الإجمالية لتلك القوانين الاستيلاء على نحو 980.000 فدان (نصفها تقريباً يعود لتطبيق القانون 178) وزع نحو 85% منها، قبل نهاية الستينات على نحو 347.000 أسرة تضم أكثر من 1.7 مليون إنسان، ويراوح نصيب الأسرة الواحدة بين 2-5 فدادين. وقد نظم صغار  الملاك الجدد في تعاونيات هدفها الأساسي القضاء على استغلال الوسطاء والمرابين وتحقيق التجميع المحصولي وتوفير القروض والمساعدة في تسويق المحصولات.

ولكن الحقيقه سوف تصدمك عندما نذكر هنا الخديو سعيدالذى كان له ايادى بيضاء على الزراعه فى مصر فهو اول من اصدر قانون لتنظيم الزراعه فى مصر وحدد عدد (5) افدنه لكل فلاح فى ارض مصر.

بذل سعيد باشا جهودا كبيره فى إصلاح حالة الفلاحين، فأعطاهم حق الملكية للأراضى الزراعية، وسن لهذا الغرض قانونه المشهور باللائحة السعيدية الصادرة فى 5 اغسطس سنة 1858، وهى تعتبر من أعظم إصلاحاته، لأنها أساس التشريع الخاص بملكية الأطيان فى القطر المصرى. كما ألغى سعيد باشا نظام احتكار الحاصلات الزراعية، وذلك النظام كان معمولا به فى عهد والده محمد على باشا، وامتد إلى عهد عباس حلمى الأول، وصار للفلاح حرية التصرف فى محاصيله الزراعية وكذلك له الحرية فى اختيار المحاصيل التى يرغب فى زراعتها.

ونعود للتاريخ فقد برزت المشكلة الزراعية في مصر في بداية العشرينيات من القرن العشرين ، وأخذت أبعادًا حادة خلال الثلاثينيات ثم عادت ثانية إلى التحسن الجزئي في أوائل الأربعينيات ، إلا أنه نتيجة للفقر المتزايد في الريف ، وسوء توزيع الملكية ، وتحكم كبار الملاك في الاقتصاد الزراعي المصري وفي الحياة السياسية ، انخفض متوسط الملكية بصورة تدريجية حتى تراوح متوسط الملكية في الفترة بين 1900-1952 من 1.46 فدان إلى 0.8 من الفدان ، وزاد عدد صغار الملاك لنحو 780,00 عام 1910 ووصل إلى نحو مليونين عام 1952 وارتفع عدد من يملكون أكثر من فدان إلى خمسة أفدنة من حوالي 464,000 إلى نحو 624,000.

ما هي نتائج الإصلاح الزراعي فيما يخص الفلاحين (المنتفعين بتوزيع الأراضي وغير المنتفعين)، من حيث عملهم وإنتاجهم ودخلهم وتعليمهم واعتمادهم على أنفسهم وتحررهم وقدرتهم على المبادرة والمشاركة والاختيار واتخاذ القرار؟، ما نتائجه على الملاك؟، ماذا جرى لباقي أبناء الريف وللأراضي الزراعية وللدخل الزراعي العام من حيث قيمته وتوزيعه وتطوره؟، ما الاتجاهات المستقبلية؟.

الحديث عن تقويم نتائج الإصلاح الزراعي كثير، إلا أن تنفيذ التقويم نادراً ما يحدث، لأسباب تتعلق بصعوبة التقويم نفسه، فالإصلاح الزراعي هو أصلاً عملية معقدة متعددة الأبعاد والأهداف والمراحل. ونتائجها أيضاً متنوعة وأحياناً متعارضة. وليس ثمة معايير وأدوات متفق عليها لقياس درجة النجاح أو الإخفاق. فضلاً عن أنه ليس من السهل توافر الموضوعية في التقويم، ذلك أن الإصلاح الزراعي يمس مصالح شرائح واسعة من الناس وهم عموماً منحازون «مع» المشروع أو «عليه». وحتى عند توافر الموضوعية فقد لا تتوافر المعلومات والبيانات لمرحلتي ما قبل الإصلاح وما بعده على نحو يتيح إجراء المقارنة ورصد التطورات.

ومع ذلك، تبقى عملية التقويم ضرورية، وهي ممكنة إذا تم اعتماد بعض المؤشرات الواضحة والمقبولة، من هذه المؤشرات في الميادين الإنتاجية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية ما يلي مجال الإنتاج والاقتصاد: تؤلف الإنتاجية الزراعية أهم المؤشرات وأكثرها دلالة. وهو مؤشر قابل للقياس بدرجة كافية من الدقة والموضوعية. وتجدر الإشارة إلى أنه كلما طالت مدة القياس كانت أكثر تعبيراً ولاسيما في المناطق البعلية.

ومؤشر الدخل أيضاً (دخل الفلاح ودخل المالك والدخل الزراعي العام) على غاية من الأهمية. إلا أنه أكثر صعوبة في تقديره وفي تفسير مدلوله وتأويله لقدأنبت الاصلاح الزراعى فى مصر  مجموعة من الاحتكاريين، الذين استغلوا الدعم التي كانت توفره الدولة، لأهوائهم الشخصية، وتوجيهها لغير أراضها الصحيحة، مثل توزيع الأعلاف والأسمدة المدعومة من الدولة للمحاسيب والأقارب والراشين، أيضًا تنظيم الدفاتر و" تستيفها" بطريقة ترضي المسئولين، ولا تبين الأرقام الحقيقية على أرض الواقع.

وتبعًا للزيادة السكانية بدأ الفلاح بالتفكير في تبوير الأرض الزراعية، واستغلالها كمشروعات سكنية أو مشروعات أخرى، ولاسيما بعد فترة انهيار منظومة الإصلاح الزراعي نفسها، على أيدى موظفين الدولة، في صورة قوانين، كي يبحث على مصادر رزق أخرى بديلًا للزراعة، وفي الآونة الأخيرة أنبتت مجموعة من الرأسماليين المحتكرين، حلوا محل الدولة فانهارت منظومة الزراعة.

ترشيحاتنا