قاهر الإعاقة.. من محو الأمية الى العمل في المعجم التاريخي للغة العربية

محمد الكيلاني
محمد الكيلاني

محمد الكيلاني شاب من ذوى الهمم نشأ في أسرة بسيطة بمحافظة الفيوم، وأصيب بمرض شلل الأطفال في عمر العام والنصف، وحاولت الأسرة علاجه في أكثر من مكان دون جدوى، ليقرر بعدها الأب الذي كان يعمل في كي الملابس، عدم إلحاق ابنه بالمدرسة مثل أقرانه بسبب إعاقته وأن يتعلم صنعة ما لكسب العيش.

يقول الكيلاني "عملت في عدة مهن من خياط للملابس وبائعاً للب والمقرمشات، كما عملت في بيع العسل وبيع الملابس، لكنني لم أجد نفسي وشغفي في أي من تلك المهن العديدة".

ويضيف: "مستخدما الكرسي المتحرك عملت في سينما الفيوم كمراقب لحركة الدخول والخروج وقطع التذاكر مقابل أجر زهيد، لكنني أحببت التجربة وتعلمت مخالطة الناس والتفاعل مع المجتمع، وتعرفت على السينما والأدب والروايات، وتعلقت بها رغم أنه وقتها لم يكن معي شهادة لمحو الأمية، وكانت لدي مجرد مبادئ من القراءة والكتابة اكتسبتها من مذاكرة أشقائي الذين التحقوا بالمدارس من بين 8 أشقاء".

أراد وقتها محمد الكيلاني أن يغير من مصيره ومستقبله وكان بعمر العشرين، فقام بتثقيف نفسه بنفسه وقرر بعدها أن يلتحق بامتحانات محو الأمية واستكمال تعليمه لتحسين مستواه

والتحق الكيلاني بامتحانات محو الأمية، وتلاها باستكمال الدراسة والحصول على الشهادة الابتدائية، ثم الإعدادية من المنزل.

وكان لديه الطموح لاستكمال التعليم الثانوي واختار الشعبة الأدبية في الثانوية بسبب حبه للأدب والقراءة، وكل ذلك كان بالتوازي مع العمل.

واتحق بكلية دار العلوم التي تفوق فيها وتخرج منها في عام 2003، وكان اسمه ضمن العشرين الأوائل ممن يستحقون التعيين في الدولة، ولم يقف طموح الكيلاني عند هذا الإنجاز الكبير، بل قرر أن يستكمل دراساته العليا، حيث حصل على الماجستير في النحو والصرف عام 2009 بتقدير "ممتاز" متفوقاً على العديد من زملائه.

الدكتوراه كانت مرحلة الكيلاني التالية بكلية الآداب جامعة الفيوم بقسم اللغة العربية وتمكن من الحصول على الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى عام 2018.

ويقول الكيلاني: "اختياري للغة العربية جاء بسبب اهتمامي الكبير بها وبالروايات والأدب، ثم ارتأيت أن حبي للغة العربية قد يفتح لي آفاقاً جديدة للعمل المنزلي الذي يتوافق مع إمكاناتي الحركية المحدودة".

عمل الكيلاني بعد حصوله على الدكتوراه في أكثر من مشروع علمي، كما عمل على تلخيص الكتب والروايات العالمية وصياغتها بعبارات شيقة وسليمة تسهيلاً على القارئ العادي.

ووصل الكيلاني بجده ومجهوده الكبير للانضمام إلى فريق العمل في المعجم التاريخي للغة العربية والذي تشترك في إعداده أكثر من دولة عربية بينها مصر والسعودية والإمارات، وهو واحد من أكبر المعاجم للغة العربية على الإطلاق.

يمارس الكيلاني حياته بشكل طبيعي رغم كل التحديات ومتزوج ولديه 3 أطفال، وله دور كبير في المجتمع المحيط به أيضا حيث يقول: "أساعد زملائي الباحثين بما يسر الله لي من معرفة، وأحاول أن أساعد إخواني المعاقين بما تعلمته من تجارب وخبرات لتغيير حياتهم".

 

ترشيحاتنا