المتحف اليوناني الروماني يستضيف معرض «التوحيد وسطح الأشجار»

الفنان محمد برطش وسط لوحاته
الفنان محمد برطش وسط لوحاته

أعمال فنية تجسد جوهر الطبيعة والروحانية، وتجمع بين الرموز المتنوعة للديانات وسطح الأشجار الرائع. الألوان الجريئة والظلال المضيئة تتلاعبان مع الظلمة، ليكشف لنا مقومات الخلق الأولية وقوة الغفران، هذه هي رسالة الفنان محمد برطش التي يرغب في توصيلها من خلال معرضه "التوحيد وسطح الأشجار" في مدينة الإسكندرية حتى31 يناير 2024 في "المتحف اليوناني الروماني".

يعتقد برطش أن الفن مهم جزئياً لأنه مفتوح للتفسير. كل شخص يقف أمام لوحة سيكون لديه استجابة مختلفة لها. قد يكون هناك استجابة واحدة يأمل الفنان بها، لكن في بعض الأحيان يمكن أن يخلق العكس تمامًا في الناس. يخلق هذا التجربة المشتركة، لنا جميعًا قد تنظر إلى نفس الشيء، لكن تأخذ جوانب مختلفة منه وتفسيرات مختلفة. بالنسبة للفنان برطش، الفن هو وسيلة للتعبير عن مشاعر الإنسان، وخلق "شيء" جميل يثري الآخرين. إنها وسيلة لتلاعب الجماهير وتلاعب الضمير الإنساني. يخلق عالم الفن واقعًا آخر ويجعلنا نعيش في عالم موازٍ. تم اختيار إحدى لوحات الفنان برطش مع 100 فنان اخر لتكون جزءًا من النسخة الافتتاحية كتالوج "فنانون من أجل السلام" 2024 دبي

يعتقد برطش أن الفن لديه القدرة على خلق التعاطف، وإنشاء الروابط، وتصوير الروايات المتنوعة، وسد الفجوات، وتشجيع الحوار البناء، وتعزيز التسامح، ويلعب عمومًا دورًا مهمًا في حل النزاعات وتعزيز السلام. وبالمثل، يمكن للفن أن يوفر منفذًا آمنًا وغير عنيف للأفراد للتعبير عن مشاعرهم وإحباطاتهم وتجاربهم. أصبحت هذه التعبيرات الفنية، وغيرها الكثير، رموزًا للأمل والحرية والرغبة في السلام، وحولت ما كان في السابق رمزًا للانقسام إلى لوحة للوحدة والمصالحة. تجربة الفنان محمد برطش تشير إلى أستخدم الألوان بشكل كثيف في أعماله وحاول من خلالها التواصل مع الروح والمعتقدات الروحية المختلفة، وأن الألوان تحمل له رموزًا وفلسفة مختلفة. استطاع الوقوف على مسافة قريبة من أناشيد مالدورور المأساوية ولكنه ابتعد عن الألم الذي يصيب القلب. نرى في اعماله تلك الأجساد الإنسانية التي تقترب الى الواقعية الحسية منبعها تجزيعات المادة التي تحوط بها الأوهام والاحلام في ليونة تقترب من الواقعية الى البعد النفسي والشخصي.

 

ان لوحاته المثيرة للذكريات تحتوي على تجريدات مستوحاة من أسرار السكون الجيولوجي، فضلا عن تمايلات ايقاعية سريعة الزوال اتية من عوالم نباتية ومناخية. يجد برطش المعاني العميقة والدفينة في الطبيعة متمثلا في هذا التزامن الشعرى بين التركيبات الصلبة والمفككة.

 

وإذا كان محمد برطش يؤكد ببساطة أقرب لليقين عنده (انه يفضل رؤية الحقيقة في صيغة الجمع لأنه ليس هناك حقيقة واحدة كبرى، لكن هناك حقائق) فهذا يعنى بالضرورة ايمانه العميق بتلك التعددية التأويلية التي هي مفتاح الغرائبية التي عنها تحدث د. شاكر عبد الحميد، وان تلك الغرائبية تحتفظ لذاتها بأقنعة تساهم في الولوج في تلك العوالم الإبداعية التي تحرص على اصطيادها. فكيف اذن كان المدخل الحقيقي عند محمد برطش للتأمل الواعي او اللاواعي من تلك النافذة التي اسموها علماء النفس (الباريدوليا) تلك الظهرة التي يستجيب فيها العقل لمحفز عشوائي عادة ما يكون صورة ما او صوت بادراك نمط مألوف رغم عدم وجود هذا الشيء

 

أراد برطش من خلال معرضه تغيير الفكرة التي تقول إن الفنانين مفصولون عن المجتمع وأنهم يعيشون في عالم مختلف ليس له علاقة بالواقع. بالنسبة لبرطش، الفن هو شكل من أشكال الانخراط مع المجتمع والتعليم، وهو أيضًا شكل من أشكال التعبير من خلال العمل الإنساني: وسيلة لإيجاد السكينة للأطفال الذين يواجهون الكوارث أو العنف. قدم الفنان مثالًا عمليًا؛ عندما تأثر عاطفيًا بالوضع المأساوي الحالي لأطفال غزة، حيث يتعرض الأطفال للخطر من الجوع ونقص المأوى وبالتالي تتعرض صحتهم وتعليمهم للخطر بشكل حرج. اختار برطش الهلال الأحمر المصري للتأكد من أن جمع التبرعات من مبيعات لوحاته يسير في الاتجاه الصحيح، كما فعل عام 2014 في معرضه بباريس لمساندة أطفال سوريا بالتعاون مع اليونيسيف بفرنسا. في جميع معارض وأحداث برطش، هناك قضية أو موضوع يقف وراءها حيث يصر على أن كل ما يقوم به في الحياة هو هواية ولكنه يتعامل معها بجدية وشغف وتفانٍ تام. اقام برطش العديد من المعارض الفردية داخل وخارج مصر ومازال يعتبر يسعى الى ربط أعماله لدعم الأنشطة الثقافة والإنسانية. ينوى برطش إقامة معرض في سويسرا والمانيا عام 2024

 

فكرة المعرض هي أن تعكس مفهوم التوفيق بين الأديان من خلال سطح الخشب أو الأشجار واختيار رمزية الاحتكار اللوني في الأديان المختلفة. قبل ان يبدأ برطش العمل في لوحاته قام بقراءة موسوعة عن الديانات كما زار وتجول داخل غابات في دول عديدة لإدراك عظمه التجلي...

 

تجربة الفنان محمد برطش تشير إلى أن برطش استخدم الألوان بشكل كثيف في أعماله وحاول من خلالها التواصل مع الروح والمعتقدات الروحية المختلفة، وأن الألوان تحمل له رموزًا وفلسفة مختلفة. استطاع الوقوف على مسافة قريبة من أناشيد مالدورور المأساوية ولكنه ابتعد عن الألم الذي يصيب القلب.

 

قد تعني رمزية اللون الأبيض، إلى الفرح والسعادة والحزن والحداد في نفس الوقت، كما يظهر في القمصان البيضاء الساطعة التي يرتديها الكهنة اليهود مزينة بالحلي السوداء كذلك عند القدماء المصريون. اللون الأحمر يرمز إلى الحياة والاستشهاد، بينما أصبح اللون الأخضر الذي كان محظورًا في المسيحية لونًا مقدسًا في الإسلام. اللون الأصفر، الذي رُفض من قبل الإغريق لارتباطه بالخداع والحسد، يمكن أن يحمل معنى أعمق في سياق الإيمان. وبالطبع، اللون الأزرق، الذي يرمز إلى العذراء مريم في المسيحية، هو رمز قوي للأمل والنقاء.

 

على هامش المعرض يقام ندوة يناقش فيها فكرة المعرض من الناحية الفنية والأدبية والإنسانية والتاريخية بحضور نخبة من الفنانين والنقاد والادباء ومديري المتاحف بالإسكندرية: القمص/أثناسيوس جورج مدير مدرسة تيرانس للتعليم اللاهوتي، د/ أبو الحسن سلام أستاذ مناهج التمثيل والإخراج جامعة الإسكندرية، د/ فينوس فؤاد وكيل وزارة الثقافة وأستاذ النقد التشكيلي، الفنان/ أحمد الجنايني رئيس أتيليه القاهرة، د/ خالد هنو الفنان التشكيلي. كما يقوم الفنان إبراهيم نصير بعزف قطعة موسيقية واغان وطنية كذلك يقوم الشاعر والاديب لورنس رومان بإلقاء بعض ابيات الشعر "أنشودة الطبيعة والتوحيد".

 

ترشيحاتنا