المزايدات و تصفية الخلافات .. ظاهرة تعصف بسفراء الفن المصري

فرقة كوفية السويد
فرقة كوفية السويد

 


 

القوى الناعمة للفن تواجه مؤخرا واحدا من أشرس الحروب وأكثرها هدما، تشبه إلى حد كبير ما كان يحدث في المراحل التمهيدية للمدارس، مواد الرياضة والرسم والموسيقى وربما الدين واللغة العربية - في حالة وجود مقررات لها - هي الأولى بالإلغاء على حساب أخرى كالرياضيات والعلوم والتاريخ، فلم نتعلم في الصغر كيفية تنمية قدراتنا الفنية والبدنية وانصب اهتمامنا على المعادلات والنظريات على الرغم من تعلقنا بنجوم الفن والكرة، لم يسلم أي منا من ازدواجية المعايير في نظرتنا للأمور، النشأة كانت السبب الرئيسي حتى حدثت غزوة السوشيال الميديا بما تضمنته من مغريات مادية ومعنوية.

قيمة الفنان الحقيقية لا يمكن تجاهلها خاصة لمن يحتكون بشعوب أخرى ويلاحظون ارتباطهم بمصر "لهجة وعادات وغيرها"، الفنان هو الوسيلة الأسرع والأقوى للترويج لمكان أو سلعة أو رأي، تأثيره لا يقارن بغيره ودوما كان محركا لصيحات وموضات بل وقوانين في بعض الأحيان، فالأغنية على سبيل المثال سلاحا حماسيا لا يستهان بها، الكلمة واللحن والصوت أدوات للصراخ والتعبير عن الأوجاع وللفرحة والتعبير عن النصر، لا تموت مع الزمن وتأثيرها لا يخفت أيضا، الدليل الأبرز على ذلك والذي سلط الإعلام الضوء عليه خلال الأيام الماضية هو أغنية تحيا فلسطين باللهجة السويدية، والتي ترجمت للعديد من اللغات الأوروبية منذ ما يقترب من الخمسين عاما، فقد كانت متصدرة للمشهد خلال الأحداث الدامية لطوفان الأقصى.

كلمات الأغنية لشاعر فلسطيني يدعي جورج توتاري هاجر إلى السويد عام 1967 ، أسس فرقة "كوفية السويد" في السبعينات حتى يعرف العالم القضية الفلسطينية، وله العديد من الألبومات وأبرزها "لا للحرب" و "غبننة فلسطين" و"نار نار على الصهيونية، وبعد تصاعد الأحداث في فلسطين ظهرت الأغنية من جديد بتقنية الذكاء الصناعي وانتشرت بشكل كبير، كما حرص مغني الراب المصري "ويجز" في حفلة خارج مصر على تعريف الجمهور بويلات الحرب على غزة عبر كلمة باللغة الإنجليزية، استثمر وجود عدد كبير من معجبيه وكاميرات التليفزيون لتسليط الضوء على جريمة بشعة يرتكبها الكيان الصهيوني ويغلفها أمام العالم بأنها حرب ضد الإرهاب، تفاعل الجمهور مع كلماته يؤكد أن تأثير الفنان في توضيح الصورة أقوى من منصات إعلامية كبيرة.

وكما يقال "عدوك ابن كارك" فإن الفنان هو عدو الفن والفنانين الأول في هذا الزمان، فقد حفزت السوشيال ميديا عددا ممن ينتمون للوسط الفني لتصفية حساباتهم مع زملائهم، وطفت على السطح المزايدات الوطنية والإنسانية على مرأى ومسمع الجميع، الخصوصية معدومة لدى المشاهير بإرادتهم لتتحول إلى سلاح يوجه إليهم، وأزمة محمد سلام وبيومي فؤاد ومسرحية زواج اصطناعي وموسم الرياض بمراحلها نتاج طبيعي لما سبق ذكره، فالمواقف تتضخم وتؤول لتصنع أبطالا أو مجرمين دون غيرهما.

مهما كانت المطالبات باستمرار الحياة وسط الأزمات دون أن يتوقف أحدنا عن تأدية عمله، إلا الفن وأهله دائما في مهب الريح بين التحريم والترفيه والثراء، يساهم في ذلك دون شك الفنانين أنفسهم بانتقادهم زملاء لم يلزموا بيوتهم واستكملوا تقديم أعمالهم، زملاء لم يستطيعوا إلغاء إرتباطاتهم الثقافية وحرصوا على حضورها، نشدد على دور الفن والثقافة في أصعب المواقف ويفندها أهلها، تحول دور الفن بفضل أهله إلى عامل ترفيه وتسلية لا عامل دعم وبناء كما كنا نردد.

ترشيحاتنا