يرسخ لفكرة أرض الميعاد..

«طريق الخروج».. رحلة مزعومة لتزييف التاريخ وتهويد السياحة المصرية| خاص

تماثيل للملك توت عنخ آمون
تماثيل للملك توت عنخ آمون


 زاهي حواس: ليس لدينا معلومات عن طريق الخروج.. والفكرة تخدم أغراض شخصية


في الوقت الذي يحتفل فيه الشعب المصري خلال الشهر الحالي باليوبيل الذهبي لنصر أكتوبر العظيم وفي غفلة من الزمن نشر المرشد السياحي «ألكسندر شيك» المحاضر في ندوة الكتاب المقدس في بون بألمانيا حوارا مع البروفيسور الأمريكي «جيمس ك. هوفماير» أعلن خلاله عن تنظيم رحلات لما أسماه طريق الخروج لليهود من مصر يمر بعدد من المحافظات بدءا من فاقوس بمحافظة الشرقية ومحافظة الإسماعيلية مرورا بقناة السويس ودير سانت كاترين جنوب سيناء في محاولة منه لإحياء أفكار إسرائيلية قام بها علماء آثار إسرائيليين خلال فترة إحتلال سيناء.. ودعاية لأفكار يتبناها.. وعلى سبيل إغراء وزارة السياحة المصرية بزيارة وفود سياحية إسرائيلية لمصر.

ألكسندر شيك خلال حواره مع جيمس ك. هوفماير

هذه الرحلة المزعومة التي أطلقوا عليها "طريق خروج اليهود من مصر" والتي يخطط لها "جيمس ك. هوفماير" لأنها ليست كرحلة العائلة المقدسة ولا مسار آل البيت، لذلك فقد حذر منها علماء الآثار، وإلى التفاصيل..

 

تفاصيل الرحلة المزعومة

البداية كانت عندما نشر المرشد السياحي ألكسندر شيك على صفحته الشخصية على فيس بوك إعلاناً يحكي تفاصيل هذه الرحلة المزعومة لطريق خروج اليهود من مصر متسائلا: " هل أنت مهتم بجولة دراسية كتابية أثرية خاصة عبر بلدان الكتاب المقدس تحت إشراف الخبراء؟ مع التركيز على الكتاب المقدس وعلم الآثار.

 

وأضاف شيك المحاضر في ندوة الكتاب المقدس في بون، والمحرر المشارك لكتاب إلبرفيلد الدراسي للكتاب المقدس: "توجد قائمة حجز لرحلة مصر سيناء مع البروفيسور الأمريكي جيمس ك. هوفماير.

 

موعد الجولة

 

وأعلن شيك عن رحلة دراسية أثرية إلى مصر وسيناء على خطى موسى والخروج وحدد موعد الرحلة التي ربطها بالكتاب المقدس في نوفمبر 2024 مع عالم المصريات البروفيسور "جيمس أوف ماير" جامعة ترينيتي الدولية وألكسندر شيك لتبدأ من القاهرة إلى الأقصر إلى دير سانت كاترين في سيناء وأشار في الفيديو أنهم يخططون لهذه الرحلة في نوفمبر 2024 وقال إننا نخطط لرحلة دراسية أخرى إلى أرض الفراعنة متسائلا: هل أنت مهتم برحلة استثنائية إلى أرض الفراعنة مع أحد كبار الخبراء في العالم ولم يحدد إسمه !

 

وأضاف شيك قائلا: سيتم ترجمة كل شيء إلى الألمانية مشيرا إلى أن دليلهم الناطق بالألمانية هو أيضا عالم مصريات يدرس هناك هيروغليفية.

 

 أبرز مزارات الرحلة

وأشار إلى أن أبرز المزارات خلال الرحلة المزعومة هى الأهرامات ومومياوات الفراعنة والكنز الذهبي للملك توت عنخ آمون بالمتحف المصري الكبير فضلا عن فاقوس بمحافظة الشرقية ودير سانت كاترين بمحافظة جنوب سيناء وقناة السويس إضافة إلى معبد الكرنك بالأقصر مشيرا إلى أنه تم تصوير أحد أفلام جيمس بوند وأضاف أن الرحلة تتضمن زيارة وادي الملوك والملكات مع قبر سيثوس الأول وقبر نفرتاري القبر الأجمل والأروع على الإطلاق.

أما المهم فيما جاء في الموضوع هو التخطيط لزيارة  أرض غوشين زاعما أن الإسرائيليين عاشوا رحلة من أقدم الرحلات من قناة السويس إلى أقدم دير في العالم دير سانت كاترين في سيناء مشيرا إلى أن محرك القيادة على طول طريق الهجرة الصحراوي.

وأضاف شيك أن الزيارة ستكون بين عشية وضحاها وتتضمن لقاءات مع كبار الشخصيات في دير سانت كاترين بسيناء.

 

جيمس هوفماير

 

أغلفة كتب جيمس هوفماير

يذكر أن جيمس ك. هوفماير كان رئيساً لبعثة آثار تعمل في حفائر تل البرج بجوار القنطرة شرق بمنطقه آثار شمال سيناء ثم تم وقف عمل البعثة عن العمل لقيامه بتأليف كتابين الأول بعنوان "إسرائيل في مصر" والثاني "إسرائيل في سيناء" قام بتغيير عنوانه فيما بعد إلى "إسرائيل سيناء".

 

مؤتمر الآثار التوراتية

 

يذكر أن شهر نوفمبر القادم 2023 سيشهد عقد مؤتمرا لعلم الآثار التوراتي في اسرائيل في الفترة من 10 - 11 نوفمبر القادم.

 

حواس يوضح

عالم الآثار المصري د. زاهي حواس

يشير د. زاهي حواس عالم الآثار المصري ووزير الآثار الأسبق في تصريح خاص لـ «موقع الأخبار المسائي» إلى أن هوفماير عالم آثار عمل في مصر في الدلتا وهو يهودي الأصل ويحاول دائما إثبات أشياء خاصة باليهود في مصر موضحا أنها معلومات خطأ فأولا لا يوجد لدينا أي معلومات خاصة بمكان الخروج إطلاقا، ولا أحد يعرف خروج بني إسرائيل من مصر كيف حدث، ولا متى، ولابد من التفرقة بين ما كتب في الكتب الدينية والآثار فلا يوجد في الآثار أي شئ علمي يثبت وجود أنبياء الله إذاً لا يمكن علمياً الربط بين التوراة والآثار.

ويشير د. زاهي حواس إلى أن أي شئ ممكن يضر بالسياحة ويخربها مشيرا إلى أن هوفماير يسعى طيلة عمره لتحقيق أهداف شخصية ولا يمكن أن يعمل هذا الرجل من أجل السياحة المصرية إنما من أجل الدعاية لإسرائيل في سيناء مؤكدا أن علم الآثار شئ والدين شئ آخر تماما.

 

محاولات إسرائيلية لتزييف تاريخ سيناء

عالم الآثار د. محمد عبد المقصود

 

ويشير د. محمد عبد المقصود الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار إلى أن هناك محاولات جرت من بعض علماء الآثار الإسرائيليين أثناء احتلال سيناء في الفترة من 1967 إلى 1982 بقيامهم بإجراء حفائر غير شرعية بسيناء لتزييف حقائق تاريخية رغم أن معظمهم ذكر أنه لم يعثر على آثار مادية لطريق الخروج أو عصر التيه.

ويلفت د. عبد المقصود إلى أن تنظيم رحلات لمسار طريق الخروج من مصر لسيناء يحتاج لموافقات عديدة من جهات مصرية وليس بإعلان البعض على فيس بوك ومواقع التواصل الإجتماعي.

 

أغراض شخصية

 

ويرى خبير الآثار د. عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة الواريخ والآثار أنه ليس من حق جيمس ك. هوفماير أو أي شخص أجنبي أن يخطط لرحلات لمواقع بعينها ويزعم أنها مسار خروج اليهود من مصر لأغراض شخصية فالأمر لا يعنيه كما أنها ليست أرضه ولا هذا المسار يخصه.

عالم الآثار د. عبد الرحيم ريحان

ويشير د. ريحان إلى أن تاريخ مصر القديمة تاريخ انتصارات وفخر ولم يذكر المواقف الخاصة بالأعداء ويعتبر تاريخ بني إسرائيل ليس مسار فخر لهم بل ارتبط ببلاءات نتيجة رفضهم خروج بني اسرائيل وارتبط بغرق فرعون وغيره فلم يكتب عنه التاريخ المصري القديم شىء لهذا السبب.

 

بدعة الآثار التوراتية

 

 أما علم الآثار التوراتية فيؤكد د. عبد الرحيم ريحان أنه علم ابتدعته المنظمات الصهيونية لإضفاء صفة يهودية على أي كشف أثري وربطه بالتوراة وهناك أمثلة كثيرة على تزوير التاريخ بربطه بعلم الآثار التوراتية ومنها في سيناء تزوير تاريخ قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون بطابا وربط الميناء الإسلامي بها من عصر صلاح الدين إلى عصر نبى الله داود ونشاطاته البحرية بخليج العقبة.

 

علم الآثار التوراتي

 

يذكر أن العلاقة بين علم المصريات وعلم الآثار التوراتي كما أشار إليها علماء الآثار تتمثل في أن علم المصريات منذ نشأته الرسمية فى عام 1822م بفك رموز حجر رشيد والكشف عن أسرار اللغة المصرية القديمة قد أصبح من العلوم الفريدة التى تحظى بقدر هائل من الاهتمام والتقدير على مستوى العالم ، وكما هو معلوم فإنه لم تعد هناك جامعة في أوروبا وأمريكا لا تمتلك قسماً أو معهداً يدرس فيه ذلك العلم الرفيع ، بالإضافة إلى عشرات المتاحف العالمية في أوروبا وأمريكا التي تمتلك مجموعات قيمة من الآثار المصرية والتى تعد مؤسسات علمية رفيعة المستوى في دراسة علم المصريات كذلك.. كما أن البعثات الأجنبية التابعة لهذه الجامعات والمعاهد تقوم بالتنقيب عن الآثار في مصر، نظرا لما قد يمثله هذا من ترويج تاريخى وسياسى لفكرة امتلاكهم لأرض الميعاد المزعومة من ناحية ، ونظرا للأهمية البالغة التى تمثلها العلوم الانسانية فى ثقافات الشعوب المتقدمة والتي لها تأثير ملحوظ في قراراتها السياسية من ناحية أخرى !

 

وفى السنوات الأخيرة أصبح ما يسمى بعلم الآثار التوراتى Biblical Archaeology مدرسة علمية مستقلة في علوم الآثار ، له مقالاته الغزيرة والمتنوعة وينتمى إليه كم غفير من الباحثين على مستوى العالم ، بل أصبح متصلا ومتسقا مع علم المصريات Egyptology إلى حد كبير وفي كثير من الجوانب ، وكان هذا العلم قد وضعت بذرته منذ سنوات طويلة من قبل بعض علماء الآثار الرواد كعالم الآثار الانجليزى الشهير فلندرز بترى وآخرين.

 ومع تطور أعمال الحفائر الأثرية داخل أرض فلسطين التاريخية المسماة بأرض كنعان المسيطر عليها من قبل الاحتــلال الإسرائيلى أو الجامعات الغربية المنسقة معهم زادت كثيرا الدراسات والرؤى والنظريات المرتبطة بهذا العلم.

 

الإمبراطورية المصرية

ويوضح علماء الآثار أن أرض فلسطين كانت حقلا خصباً للعديد من الاكتشافات الأثرية المهمة حتى من قبل نشأة دولة الاحتــلال في عام 1948م. وبالفعل تم الكشف عن العديد من الآثار المصرية في أرض فلسطين أو أرض كنعان والتي كان يعود تاريخها إلى عصر الإمبراطورية المصرية أو عصر الدولة الحديثة (1550 – 1069 ق.م) ، والذى كانت تسيطر فيه مصر سياسيا وعسكريا وثقافيا على بلاد كنعان التى أصبحت الإقليم الأهم في أقاليم الإمبراطورية المصرية في آسيا.

 

يذكر أن العلاقات الحضارية والتاريخية الوطيدة بين مصر وكنعان كانت تعود إلى أقدم عصور التاريخ المصري ، ولم تبدأ منذ عهد الإمبراطورية المصرية فحسب ، ولكن كانت الاكتشافات الأثرية الأبرز والأهم للآثار المصرية في أرض فلسطين يعود إلى هذه الحقبة البالغة الأهمية فى تاريخ مصر ومنطقة الشرق الأدنى القديم.

ويشير العلماء الى أن كما كبيرا من هذه الاكتشافات قد وقع قبل قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي ، ولكن حين رسخت دولة الكيان أقدامها سياسياً وحضارياً في المنطقة ، بدأت الدراسات المقدمة من المعاهد والجامعات الإسرائيليـة في تقديم دراسات متطورة عن الآثار المصرية المكتشفة في فلسطين قديما وحديثا ، وتمكنوا من تحقيق اكتشافات أثرية بالغة الأهمية ، بل وعملوا على تطوير مواقع الآثار المصرية في فلسطين واستغلالها ثقافيا وسياحيا ، فعملت هيئة الآثار الإسرائيلية على الترويج السياحي والتاريخي لمواقع الآثار المصرية في يافا وتل الحصن ببيسان المعروفة باسم بيت شان بشكل كبير ، وكلا الموقعان كانا من مراكز الإدارة السياسية والعسكرية المصرية في كنعان خلال عهد الإمبراطورية.

 

 «الإرث المزعوم»

 

ويلفت العلماء أن الدراسات الأثرية والتاريخية العميقة والمستفيضة لعلماء وآثاريين دولة الكيان قد تعدت حدود أرض فلسطين التاريخية إلى شبه جزيرة سيناء منذ وقوعها تحت وطأة الاحتلال الإسر ائيلي ، وقامت العديد من أعمال الحفائر الأثرية بداخلها - خلال حقبة الاحتلال - بحثا عن الإرث الإسرائيلى المزعوم فى قضية الخروج والتيه ، ولم تتوقف الدراسات والنظريات الإسرائيلية منذ ذلك الحين حول سيناء وآثارها وتراثها التاريخي والحضاري إلى وقتنا الراهن ، وقد ارتبطت هذه الدراسات ارتباطا وثيقا بالتراث الأثري المصري خاصة تلك الآثار المصرية الفريدة التي تعود إلى عهد الإمبراطورية المصرية (1550 - 1069 ق.م) ، والتى يعتقد غالبية العلماء أنها الفترة التي شهدت خروج  اليهود من مصر.

 

ويحاول علماء علم الآثار التوراتي ربطه بعلم المصريات ولم تثبت الكشوف الأثرية سواء في مصر أو سيناء أي علاقة لمواقع ترجع لطريق خروج اليهود من مصر والشركة المنظمة للرحلات المزعومة في مصر هى محاولة للترويج لكتاب جيمس ك. هوفماير وفكرة إسرائيل في مصر وسيناء.

 

تورنة علم المصريات

 

وفي النهاية لسنا ضد رحلات إسرائيلية تتوجه للأقصر أو المتحف الكبير أو أي مزار سياحي فمصر ترحب بكل السياح من جميع الجنسيات إنما ما يرتبط بالترويج لكتب ومؤلفات تستهدف مصر وتخدم أغراض ليست علمية وتروج لفكرة طريق خروج اليهود من مصر وتورنة علم المصريات في محاولة لتثبيت مواقع لطريق الخروج من مصر.. فهذا أمر مرفوض، حذر منه علماء الآثار مؤكدين أنه أمر مفزع وبالغ الخطورة ظهر في مقال حديث لباحثة إسرائيليــة قامت بالتنظير فيه لمصطلح جديد هو علم المصريات التوراتى Biblical Egyptology ، وقد وضعت له أسس وقواعد علمية جديدة.. وربما يشير هذا إلى منهجية واستراتيجية جديدة يتبعها علماء الآثار الاسرائيليين فيما هو قادم.

ترشيحاتنا