تأجيل الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمة تثير جدلا دستوريا في الكويت

البرلمان الكويتي
البرلمان الكويتي

 

فيما تتسارع الجهود لحل أزمة التشكيل الوزاري في الكويت، شهدت البلاد جدلا جديدا حول دستورية تأجيل افتتاح مجلس الأمة.

وما بين الأزمة الأولى والثانية شهدت الكويت موجة جديدة من التفاؤل بتجاوز تلك الأزمات عقب كشف مصادر برلمانية، الأحد، أن رئيس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح يعتزم لقاء نواب غدا الإثنين، للتباحث حول التشكيل الحكومي القادم.

وشهدت الكويت انتخابات برلمانية 29 سبتمبر الماضي، عقب حل مجلس الأمة السابق في 2 أغسطس الماضي على خلفية أزمات متواصلة بين الحكومة والبرلمان.

وفي أعقاب الإعلان عن نتائج انتخابات مجلس الأمة قدمت حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح استقالتها، تمهيدا لتشكيل حكومة جديدة، بحسب ما ينص الدستور.

أزمة تشكيل الحكومة

الأربعاء، صدر أمر أميري بإعادة تعيين الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح رئيساً لمجلس الوزراء، ليقوم بالإعلان مساء اليوم نفسه عن تشكيل أعضاء الوزارة الجديدة التي تضم 15 وزيرا، من بينهم 9 وزراء جدد و6 عائدين من الحكومة السابقة.

وأعقب الإعلان عن تشكيل الوزارة الجديدة جدلا واسعا في الكويت، إثر استقالة "الوزير المحلل" النائب عمار العجمي، لاعتراضه على وجود بعض الوزراء في التشكيل الحكومي.

وانضم عدد من نواب مجلس الأمة الكويتي مؤيدين موقفه واعتراضاته، مشيرين إلى أن "الحكومة الجديدة أقل من الطموح الشعبي والنيابي".

وعلى خلفية الاحتقان النيابي إثر دخول وزراء سابقين إلى التشكيل الحكومي الجديد، لم يؤد أعضاء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية لأداء مهامهم حتى اليوم.

ونقلت صحف محلية عن مصادر حكومية لم تذكر اسمها، قولها إن أعضاء الحكومة الجديدة الذين تم تكليفهم الأربعاء وضعوا استقالاتهم تحت تصرف رئيس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح.

ونقلت جريدتا "القبس" والرأي" عن مصادر حكومية، اليوم الأحد، قولها إن حكومة تصريف الأعمال (الحكومة السابقة التي تم تشكيلها مطلع أغسطس/آب الماضي بعد تعيين الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح رئيسا للوزراء لأول مرة في 24 يوليو/تموز الماضي) ستعود لممارسة مهامها لحين حسم التشكيل الوزاري الجديد.

تأجيل افتتاح البرلمان

وفي خضم أزمة التشكيل الوزاري، صدر مرسوم، مساء أمس السبت، بتأجيل انعقاد البرلمان إلى 18 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وهو ما يعني تأجيل الافتتاح لمدة أسبوع بدلا من الموعد السابق المقرر في 11 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وأعلن رئيس مركز التواصل الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة طارق المزرم صدور مرسوم بتأجيل انعقاد اجتماع مجلس الأمة للدور العادي الأول من الفصل التشريعي السابع عشر إلى صباح يوم الثلاثاء 18 أكتوبر/تشرين الأول 2022، استناداً للمادة ١٠٦ من الدستور.

وتنص المادة 106 من الدستور على "للأمير أن يؤجل بمرسوم اجتماع مجلس الأمة لمدة لا تتجاوز شهرا، ولا يتكرر التأجيل في دور الانعقاد الواحد إلا بموافقة المجلس ولمدة واحدة، ولا تحسب مدة التأجيل ضمن فترة الانعقاد".

وأثار مرسوم تأجيل انعقاد الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمة جدلا واسعا حول دستوريته.

يرى المؤيد لعدم دستورية التأجيل أنه لا يجوز العمل بالمادة 106 قبل بدء دور الانعقاد للفصل التشريعي، خصوصا أن الدستور اشترط في المادة 87 اجتماع المجلس المنتخب لأول مرة في خلال أسبوعين من انتهاء الانتخابات.

وتنص المادة 87 من الدستور على أنه "يدعو الأمير مجلس الأمة لأول اجتماع يلي الانتخابات العامة للمجلس في خلال أسبوعين من انتهاء تلك الانتخابات، فإن لم يصدر مرسوم الدعوة خلال تلك المدة اعتبر المجلس مدعواً للاجتماع في صباح اليوم التالي للأسبوعين المذكورين".

ويتبنى هذا الرأي عدد من النواب السابقين والحاليين، من أبرزهم رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم، الذي غرد قائلا :"المجلس يعتبر مدعوا للاجتماع بقوة الدستور صبيحة يوم الأحد ١٦ أكتوبر/تشرين الأول وفقا للمادة ٨٧ من الدستور ما لم يصدر مرسوما بدعوته للانعقاد قبل ١٤ أكتوبر/تشرين الأول".

وأردف "أما المادة ١٠٦ فلا يجوز إعمال حكمها قبل بدء دور الانعقاد الذي لم يبدأ".

بدورها، قالت النائبة في البرلمان الجديد الدكتور جنان محسن رمضان بوشهري: "ما يحدث من إجراءات يعتبر عبثا في الدستور والحياة الديمقراطية، فلا يمكن لحكومة تصريف العاجل من الأمور رفع مرسوم تأجيل انعقاد المجلس، ولا يمكن لحكومة لم تؤد اليمين الدستورية رفع المرسوم".

الرأي نفسه عبر عنه عدد من النواب، مؤكدين عدم دستورية تأجيل الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمة.

في المقابل يستند من يرى دستورية التأجيل إلى أنه صدر بعد تحديد موعد افتتاح البرلمان يوم 11 أكتوبر بموجب المادة 87 من الدستور، ثم تم التأجيل بموجب المادة 106 من الدستور.

هنا يقول الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي لصحيفة "الراي" المحلية: إنه "وفق المادة 87 يجب أن يصدر مرسوم خلال أسبوعين (من الانتخابات) يحدد موعد الجلسة الافتتاحية، فإن لم يصدر المرسوم تعتبر الدعوة موجهة للمجلس في اليوم الذي يلي نهاية الأسبوعين، أما بخصوص استخدام المادة 106 فلا يستقيم إلا ربطاً بدور انعقاد قائم، ودور الانعقاد يجب أن يبدأ بدعوة من أول اجتماع للمجلس، كما الفصل التشريعي من أول اجتماع".

وأضاف: "استخدام المادة 106 يقتضي تحديد ميعاد، فإذا تم التحديد خلال أسبوعين من ظهور نتائج الانتخاب، هنا يمكن التأجيل استناداً لهذا التحديد".

لقاءات الإثنين.. أمل جديد

وفيما يتواصل الجدل حول دستورية التأجيل من عدمه، شهدت البلاد موجة جديدة من التفاؤل بتجاوز تلك الأزمات عقب كشفت مصادر برلمانية لصحف محلية، الأحد، أن رئيس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح يعتزم لقاء نواب غدا الإثنين للتباحث حول التشكيل الحكومي القادم.

وكشفت مصادر برلمانية أن مكتب رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد بدأ اتصالات منذ ليلة الأحد مع العديد من النواب، من أجل لقاء الكتل البرلمانية غدا، للتباحث حول التشكيل الحكومي القادم.

ووفق المصادر، فإن نواباً أبدوا استجابة مع دعوة رئيس الوزراء ومن المقرر أن تتضح الرؤية حول التشكيل الحكومي المرتقب خلال الأيام القليلة القادمة.

بدورها نقلت جريدة "الراي" عن مصدر برلماني تأكيده على أن الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح سيبدأ من غدٍ الإثنين استقبال الوفود والجماعات البرلمانية للاستئناس بآرائهم وتصوراتهم تجاه التشكيل الحكومي المقبل.

وأوضح أن اللقاءات لن تكون محصورة بأطراف محددة أو نواب معينين، وأن الهدف هو بلوغ الدرجة المطلوبة من التعاون والإنجاز المأمول للمرحلة القادمة.

وغرد النائب حمد عادل العبيد مرحبا بتلك الدعوة، قائلا: "استجابة رئيس الوزراء لدعوتنا له بالتأني واستشارة نواب الأمة بشأن التشكيل خطوة إيجابية".

وأردف :"نأمل أن تثمر تشكيلا حكوميا على قدر توقعات أهل الكويت الذين يرغبون بحكومة قوية وفاعلة تقود التنمية وتحمي مصالحهم وترعى شئونهم".

 

 

ترشيحاتنا