دراسة: الخلافة العثمانية ساهمت فى خروج حجر رشيد من مصر 

حجر رشيد
حجر رشيد

 

 دراسة قانونية جديدة للدكتور محمد عطية محمد هواش مدرس بقسم الترميم بكلية الآثار جامعة القاهرة وباحث دكتوراه في القانون الدولي الخاص تكشف عن دور اتفاقيات الخلافة فيينا 1978 وفيينا 1983 ومدي انطباقها علي حالة حجر رشيد ودور الخلافة العثمانية فى خروج حجر رشيد من مصر.


ويشير الدكتور محمد عطية هواش إلى الظروف السياسية لمصر وقت خروج حجر رشيد  حيث كانت مصر تابعة للخلافة العثمانية منذ 1517 حتي 1799 وبدخول المستعمر الفرنسي انقطعت تلك التبعية لمدة 3 سنوات عادت بعدها مصر الي الخلافة العثمانية منذ 1801 حتي 1914 وهو تاريخ اعلان الانتداب البريطاني والذي استمر إلى سنة 1922.


ويضيف بأن اتفاقية العريش فى 24 يناير 1800 بين الفرنسيين والعثمانين  والخاصة بإخلاء مصر من الفرنسيين تضمنت فى المادة 9" ترجيع الأموال والأملاك المتعلقة بسكان البلاد والرعايا من الفريقين أم دفع مبالغ أثمانها لأصحابها  وكانت شروط اتفاقية العريش 16 شرط ولكن تم نقض الاتفاقية بسبب إصرار الانجليز علي خروج الفرنسيين كأسري حرب وتسليم أنفسهم وأسلحتهم، وبالتالى فإن التنازل عن حجر رشيد كان بإصرار من الجانب الانجليزي بعد حصار الاسكندرية ودمياط وتفاوض الانجليز والفرنسيين علي شرط التسليم في 30 اغسطس 1801 .


ويرصد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار معالم الدراسة مشيرًا إلى دور الخلافة العثمانية فى خروج حجر رشيد حيث كانت انجلترا وروسيا والخلافة العثمانية في حلف واحد لمنع توسعات بونابرت في أوروبا، وأمام إصرار انجلترا علي تسليم الجيش الفرنسي كأسري حرب حتي لا يقاتل الجيش الفرنسى الخارج من مصر في الحرب الدائرة في أوروبا وقد انتهت بالاتفاق علي خروج الجيش الفرنسى من مصر علي سفن انجليزية وعدة سفن أخري تدبرها الخلافة العثمانية مع تقليص عدد مدافع الجيش الفرنسي إلي عدد قليل جًدًا حتي لا يستطيع الجيش المغادر الاشتراك في الحرب الدائرة بأوروبا .


ونظرًا للحلف القائم بين الخلافة العثمانية وانجلترا في هذا الوقت يعتبر اصرار انجلترا علي أخذ حجر رشيد من الفرنسيين أمرًا مقبولًا من قبل الخلافة العثمانية التي تعتبر مصر إحدي أقاليمها وبالتالي فإن الخلافة العثمانية أعطت الإذن الضمني بالموافقة علي أخذ الأسلاب والغنائم المتحصلة من الجيش الفرنسي المغادر لحساب الانجليز .


وينوه الدكتور ريحان إلى اتفاقيات الخلافة فيينا 1978 وفيينا 1983 ومدي انطباقها علي حالة خروج حجر رشيد وهى اتفاقية فيينا بشأن خلافة الدول فيما يتعلق بأملاك الدولة والمحفوظات والديون1983 وقد جاء فيها أن مبادئ الموافقة الحرة وحسن النية والعقد شريعة المتعاقدين هي مبادئ عالمية معروفة وتناولت مادة 2 شرح مفاهيم الخلافة بين الدول وهي "خلافة الدول" تعني استبدال دولة بأخرى في المسؤولية عن العلاقات الدولية للأراضي، "الدولة السلف" تعني الدولة التي حلت محلها دولة أخرى، "الدولة الخلف" تعني الدولة التي حلت محل دولة أخرى،  "تاريخ خلافة الدول" يعني التاريخ الذي حلت فيه الدولة الخلف محل الدولة السلف في المسؤولية عن العلاقات الدولية للإقليم المتعلقة به خلافة الدول.


كما تناولت المادة 12 عدم وجود أثر لخلافة الدول على ممتلكات دولة ثالثة بحيث لا يجوز لخلافة الدول أن تؤثر على الممتلكات والحقوق والمصالح التي في أراضي الدولة السلف والتي كانت في ذلك التاريخ مملوكة لدولة ثالثة وفقًا للقانون الداخلي للدولة السلف. 


وأردف الدكتور ريحان أن مفهوم هذه المادة يعنى أن خلافة دولة مثل مصر للامبراطورية العثمانية لن يؤثر علي الحق الذي اكتسبته انجلترا بموافقة العثمانيين بشأن أخذ انجلترا لحجر رشيد من الفرنسيين خاصة أن ذلك قد وافق مبدأ الموافقة الحرة من قبل العثمانيين الذين كانو في حلف مع الانجليز حينها وهذا المبدأ نصت عليه ديباجة الاتفاقية وبذلك يكون  موقف الانجليز في حيازتهم لحجر رشيد سليم من الناحية القانونية .


كما ذكرت اتفاقية فيينا بشأن خلافة الدول في المعاهدات1978 أن قواعد القانون الدولي العرفي ستظل تحكم المسائل التي لا تنظمها أحكام هذه الاتفاقية . 


وهنا اذا ما أقررنا بأن حجر رشيد كان أحد غنائم الحرب التي اكتسبها الانجليز فطبقًا للعرف الدولي فهو من حق الانجليز خاصة مع موافقة العثمانيين الذين كان لهم الحق في الاعتراض أو أخذ حجر رشيد من الفرنسيين وكان الانجليز على دراية بقيمة حجررشيد عكس العثمانيين الذين لم يستخدموا حق الاعتراض على خروجه من مصر .


وقد تناولت المادة 34 خلافة الدول في حالات انفصال أجزاء من الدولة، عندما ينفصل جزء أو أجزاء من إقليم دولة ما لتشكيل دولة واحدة أو أكثر، سواءً استمرت أو لم تستمر الدولة السلف في الوجود فإن أي معاهدة سارية فيما يتعلق بكامل أراضي الدولة السلف في مواجهة كل دولة خلف تشكلت على هذا النحو.


وبهذا يؤكد سريان اتفاق جلاء الفرنسيين عن مصر بكامل تبعاته ومنها خروج حجر رشيد في مواجهة الخلافة العثمانية أولًا ثم دولة الخلف وهي مصر ثانيًا

وتابع بأنه طبقًا لاتفاقيات فيينا للخلافة 1978, 1983 فإن كلا النوعين من الاتفاقيات السابق الاشارة اليهما تحكمها فكرة الخلافة وذلك ضمانًا لاستقرار الأوضاع علي المستوي الدولي وأيضًا تطبيق مبدأ الصحيفة البيضاء للدول الخلف وهو مبدأ مفاده أن الدولة الخلف لا تلتزم بما اتفقت عليه الدولة السلف, وهذا المبدأ واقعيًا لا يمكن تطبيقه إلا في حدود ضيقة جدًا ويكون مع الدول المستقلة حديثًا فقط . 


ويؤكد الدكتور ريحان بأنه طبقًا للدراسة القانونية للدكتور محمد عطية محمد هواش مدرس بقسم الترميم بكلية الآثار جامعة القاهرة وباحث دكتوراه في القانون الدولي الخاص فإن موقف انجلترا من حيازتها وامتلاكها لحجر رشيد هو موقف سليم قانونًا وعرفًا علي المستوي الدولي والسبيل الوحيد لاسترداد حجر رشيد لن يكون بالطرق القانونية كدعوي الاسترداد بل يمكن أن يكون بالطرق الدبلوماسية حينما تكون الظروف الدولية ملائمة لذلك .


ومن هذا المنطلق يجب الاستفادة من أضرار الإرث التاريخي الناتج عن خلافة مصر للدولة العثمانية وذلك بمراجعة كافة الاتفاقيات التي أبرمتها الخلافة العثمانية ولها تأثير علي مصر ومراجعة كافة الاتفاقيات التي أبرمتها بريطانيا أثناء فترة الانتداب وتمثيل مصر علي المستوي الدولي كما يجب أن يكون هناك تحفظًا بشأن التراث وإن كان هذا مكفولًا ببعض الاتفاقيات مثل لاهاي 1954عند التوقيع علي أي تعديل مستقبلي أو التوقيع علي أي شكل من أشكال معاهدات الخلافة.

ترشيحاتنا