فن صناعة الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي

اسماء رفاعى
اسماء رفاعى

 

 

اكد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء انه في ضوء تعاظم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، والاعتماد عليها كمصدر للحصول على المعلومات ومتابعة الأخبار، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي بمثابة حاضنة جديدة لصناعة وتداول الشائعات، وبيئة خصبة لانتشارها، إذ أفضى الاستخدام المفرط للإنترنت، ولا سيَّما وسائل التواصل الاجتماعي، إلى تغيير الطريقة التي يتواصل بها البشر، ومن ثمّ تغيير طرق تداول المعلومات والشائعات.
 
وفي هذا الإطار تشير أ. أسماء رفاعي الشحري باحث سياسي - إدارة القضايا الاستراتيجية - مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار و تسلِّط هذه الورقة الضوء على المحددات والعوامل التي تُسهم في صناعة وتداول الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فضلا عن الوباء المعلوماتي الذي انتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي إبَّان تفشي جائحة كورونا

لافته ان وسائل التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لنمو الشائعات فقد حَظِيت دراسة ظاهرة الشائعات بأهمية بالغة في أبحاث العلوم الاجتماعية على مدار القرن المُنصرم، وتوصلت تلك الدراسات حينها وحتى حقبة الحرب العالمية الثانية إلى أن الكلام الشفهي كان الوسيلة الرئيسة لتداول الشائعات، إلا أن استخدام الإنترنت على نطاق واسع لاحقًا أدى إلى ظهور مرحلة جديدة في دراسة الشائعات، ولا سيَّما في أعقاب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي على مدار العقدين الماضيين؛ إذ وفرت تلك الوسائل أدوات جديدة لمشاركة المعلومات، تُمكِّن أي شخص من مشاركة أي محتوى على تلك المنصات والوصول إلى شريحة عريضة من المستخدمين دون قيود، بما يجعلها بيئة خصبة لنمو الشائعات. 


وفي هذا السياق، فإن تعريف مصطلح الشائعة ظل محل جدل بين باحثي العلوم الاجتماعية، ولم يتم التوصل إلى تعريف نهائي لتلك الظاهرة كسائر مفاهيم العلوم الاجتماعية الأخرى، إلا أن هناك اتفاقا بشأن مجموعة من السمات المتعلقة بظاهرة الشائعات؛ وهي: أولا: أنها تنطوي على معلومة خاطئة أو مزيفة، ثانيًا: تكون المعلومة ذات صلة بالموضوعات المتداولة في فترة معينة، ثالثًا: تفتقر تلك المعلومات إلى الأدلة، رابعًا: تنشأ في بيئة من الغموض الذي يكتنف حدثا معينا أو في سياق انتشار الخطر أو التهديد المحتمل. 
 
وفي السياق ذاته، تُعرف الشائعة بأنها: «معلومات أو أخبار شفهية أو كتابية غير مؤكدة المصدر، تظهر لتفسير موقف يكتنفه الغموض نتيجة لغياب الأخبار الدقيقة والموضوعية والشاملة، ويدور موضوع الشائعة حول شخص أو فكرة أو شيء ما، ويعتمد مدى انتشار الشائعة على أهمية موضوعها في حياة الناس ووجود وضع غامض يحتاج إلى تفسير»، فيما يعرفها بعض العلماء بأنها «خبر أو مجموعة من الأخبار الزائفة التي تنتشر في المجتمع بشكل سريع، ويتم تداولها بين العامة؛ ظنًا منهم في صحتها، ودائمًا ما تكون هذه الأخبار شيقة ومثيرة، وتفتقر إلى المصدر الموثوق به الذي يحمل أدلة على صحتها، وتهدف هذه الأخبار إلى التأثير على الروح المعنوية وإثارة البلبلة وزرع بذور الشك، وقد تكون ذات طابع عسكري أو سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي».