الخبراء : 2022 عام التوجه العالمي للتحول للسيارات الكهربائية

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كان من المفترض أن يكون عام 2021 هو عام التعافي للاقتصادات والشركات التي تأثرت بشدة بوباء "كورونا"، وعلى الرغم من أن لقاحات فيروس "كورونا" سمحت للعديد من البلدان بتخفيف الإغلاق والبدء في التعافي، فإن حالات الإصابة ظلت مرتفعة بشكل كبير، وظلت الحدود الدولية تخضع لقيود شديدة، وكان أحد الآثار غير المباشرة للوباء هو اضطرابات سلسلة التوريد التي أعاقت قدرة الشركات على تلبية طلب المستهلكين؛ مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، ومن المتوقع أن يستمر العديد من هذه المشكلات حتى عام 2022، وقد تأثر العديد من الصناعات بسبب الوباء سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، كما خلق فرصًا للبحث عن تكنولوجيا جديدة والسعي لتطبيقها سريعًا، وكان من أهم هذه الصناعات صناعة السيارات.

ففي عام 2017 وصلت مبيعات السيارات الجديدة إلى ذروتها؛ حيث بلغت حوالي 66 مليون سيارة في 60 دولة، قبل أن تتعثر في 2018-2019، وجاء فيروس "كورونا" فأحدث تقلبات شديدة في كل الأسواق تقريبًا؛ فخلال عام 2020، انخفضت تسجيلات السيارات الجديدة بنسبة 16.5٪، وكان الانخفاض أكثر حدة في النصف الأول من العام، حيث انخفضت المبيعات بنسبة 31٪ على أساس سنوي؛ بسبب حالة الإغلاق التي دخل فيها معظم العالم، حيث تأثر كلًا من العرض والطلب بسبب إغلاق المصانع والوكالات، وبداية من النصف الثاني من العام بدأت الأسواق تتعافى تدريجيًّا، ومن المرجح أن ترتفع مبيعات السيارات الجديدة بنسبة 7.8٪ مع نهاية عام 2021، وسيستمر التعافي في أسواق السيارات العالمية في عام 2022، مع زيادة مبيعات السيارات الجديدة بمعدلات نمو مماثلة لتلك التي حدثت في عام 2021.

وقد تعافت مبيعات السيارات الجديدة في أمريكا الشمالية وآسيا خلال عام 2021، ومن المتوقع تعافي مبيعات السيارات في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية خلال عام 2022، ولكن سيتعين على أوروبا الغربية وأمريكا اللاتينية الانتظار حتى عام 2023، للعودة إلى مستويات ما قبل الجائحة، وستشكل الصين وحدها 30٪ من المبيعات في عام 2022، بينما سيشكل نصيب الولايات المتحدة 19٪.

أثر اختناقات سلاسل التوريد على صناعة السيارات كانت صناعة السيارات من أكثر الصناعات التي تضررت بسبب التقلبات الشديدة في سلسلة التوريد لصناعة السيارات في عام 2021، وأدى تعافي الطلب مرة أخرى إلى حدوث فجوة بين العرض والطلب؛ مما سيحد من الانتعاش العالمي في مبيعات السيارات عام 2022.

هذا وسيستمر النقص العالمي في المكونات الرئيسة لصناعة السيارات في التأثير على قدرة الشركات على تلبية الطلب المرتفع، فمن المتوقع أن تستمر أزمة الرقائق الإلكترونية حتى عام 2022. كما سيحدث نقص طويل الأمد في المغنيسيوم، وهو عنصر أساسي لإنتاج سبائك الألومنيوم المستخدمة في المركبات، وكذلك نقص الطاقة الذي قد يمتد طوال الربع الأول من عام 2022، خاصة في الصين الذي يمثل الإنتاج فيها 87٪ من الإمداد العالمي، بالإضافة إلى ذلك، هناك نقص شديد لدى صانعي السيارات الكهربائية من الليثيوم والكوبالت، وهما عنصران أساسيان لتصنيع البطاريات.

 وسيؤدي اتساع فجوة العرض والطلب إلى ارتفاع أسعار السيارات الجديدة والمستعملة، كما سيتسبب في انتظار العملاء لفترات طويلة حتى استلام سياراتهم، وقد صرحت بعض الشركات بأن بعض المشترين سيتعين عليهم الانتظار أكثر من عام حتى يتمكنوا من استلام سياراتهم الجديدة.

السيارات الكهربائية

كانت مبيعات السيارات الكهربائية هي النقطة المضيئة الوحيدة للصناعة خلال انتشار الوباء؛ فوفقًا لوكالة الطاقة الدولية، تم تسجيل 3 ملايين سيارة كهربائية جديدة في عام 2020، بزيادة قدرها 41٪ عن العام السابق، واستمر الزخم القوي للسيارات الكهربائية في العام نفسه؛ حيث وصلت المبيعات في الربع الأول من عام 2021 إلى أكثر من ضعف المبيعات في الفترة نفسها من العام السابق، وذلك بسبب الحوافز الحكومية لدعم التعافي البيئي، وتشريعات الانبعاثات الأكثر صرامة، وإطلاق نماذج جديدة.

ومن المرجح أن ترتفع مبيعات السيارات الكهربائية الجديدة بنسبة 51٪ عام 2022، وهو ما يمثل حوالي 9٪ من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة، وبناء على هذه المعدلات الهائلة للنمو، بحلول عام 2025، ستصل مبيعات المركبات الكهربائية إلى 8.7 ملايين سيارة، أي حوالي 19٪ من إجمالي السوق.

هذا وقد استحوذت الصين على حوالي 51٪ من سوق السيارات الكهربائية العالمية في عام 2019، ولكن من المرجح أن تتقلص حصتها إلى 44٪ مع نهاية عام 2021، فقد كانت الحكومة الصينية قبل الوباء تخطط للتخلي التدريجي عن مخطط الدعم الذي دام عقدًا من الزمن للسيارات الكهربائية الجديدة بحلول نهاية 2020 ثم تم تأجيل الخطة حتى عام 2022، لكن الحكومة قررت خفضها بنسبة 10٪ في عام 2020، و20٪ في عام 2021 وبنسبة 30٪ في عام 2022، وقد بدأ المصنِّعون المحليون يفقدون قوتهم أمام المنافسين الغربيين مثل شركة "تسلا"، مع تزايد عمليات إطلاق المركبات الكهربائية.

وفي الوقت نفسه، نمت سوق السيارات الكهربائية في أوروبا بنسبة 170٪ في عام 2020، حيث استغلت الحكومات الوباء كفرصة لزيادة دعمها للمركبات الكهربائية. ومن المتوقع أن تتفوق السوق الأوروبية على السوق الصينية مع نهاية عام 2021 حيث تقدم دول الاتحاد الأوروبي والرابطة الأوروبية للتجارة الحرة والمملكة المتحدة الآن مجموعة من إعانات الشراء والحوافز الضريبية، وقامت الحكومة الألمانية بتمديد الدعم على مشتريات السيارات الكهربائية حتى عام 2025.

التحول للسيارات الكهربائية

أنفق المستهلكون 120 مليار دولار أمريكي على شراء السيارات الكهربائية في عام 2020، بزيادة قدرها 50٪ عن عام 2019، والتي تنقسم إلى زيادة بنسبة 41٪ في المبيعات، 6٪ زيادة في متوسط الأسعار. ففي عام 2020، كان متوسط السعر العالمي للسيارة الكهربائية حوالي 40 ألف دولار أمريكي، و50 ألف دولار أمريكي للسيارة الكهربائية الهجينة.

أنفقت الحكومات في جميع أنحاء العالم 14 مليار دولار أمريكي على حوافز الشراء المباشر والخصومات الضريبية للسيارات الكهربائية في عام 2020، بزيادة قدرها 25٪ على أساس سنوي. ومع ذلك، فقد انخفضت حصة الحوافز الحكومية في إجمالي الإنفاق على المركبات الكهربائية من 20٪ في عام 2015 إلى 10٪ في عام 2020.

جدير بالذكر أن كل هذه الزيادة في الإنفاق الحكومي كانت في أوروبا، حيث استجابت العديد من البلدان الأوروبية للانكماش الاقتصادي الناجم عن الوباء من خلال خطط الحوافز التي عزَّزت مبيعات السيارات الكهربائية. وعلى الرغم من أهمية الدعم الحكومي، فإن النفقات تشير إلى أن المبيعات مدفوعة بشكل متزايد باختيار المستهلك.

وتقوم الحكومات في جميع أنحاء العالم حاليًّا بوضع لوائح أكثر صرامة للحد من الإنبعاثات الكربونية لوسائل النقل، وتشمل هذه اللوائح تسريع اعتماد المركبات الكهربائية، ووضع مواعيد محددة للتخلص التدريجي من محركات الاحتراق الداخلي؛ لذا من المتوقع أن تقوم شركات صناعة السيارات بتوسيع خطط إطلاق السيارات الكهربائية، ومن المرجح أن تكون هذه المتطلبات أكثر صرامة في البلدان المتقدمة؛ مما يشكل معضلة لشركات صناعة السيارات حول ما إذا كان ينبغي إيقاف نماذج الوقود الأحفوري بالكامل، أو تحويل عمليات الإنتاج والمبيعات إلى البلدان النامية.

وفي إطار التحول نحو تصنيع السيارات الكهربائية اتجهت شركات التكنولوجيا إلى مجال تصنيع المركبات الكهربائية، فقد أعلنت شركة "فوكسكون" عن ثلاثة نماذج أولية للمركبات الكهربائية، ومن المتوقع أن تقوم شركة "Apple" ببناء نسخة تجريبية من "Apple Car" السرية الخاصة بها في عام 2022 كما تقوم شركتا Sony وXiaomi بتسريع خطط السيارات الكهربائية الخاصة بهما. كذلك تتجه شركات تأجير السيارات إلى السيارات الكهربائية؛ ففي أكتوبر 2021، صرحت شركة Hertz لتأجير السيارات بأنها تخطط لتقديم 100 ألف سيارة كهربائية من شركة "تسلا" للسائقين بحلول نهاية عام 2022، إلى جانب شبكة محطات لشحن البطاريات.

وتتجه العديد من شركات السيارات إلى تطبيق تكنولوجيا خلايا الوقود الهيدروجينية من خلال سيارات كهربائية تعمل بوقود الهيدروجين (FCEVs) لتسريع التحول نحو الطاقة النظيفة، وقد انخفضت تكلفة خلايا الوقود الهيدروجينية للسيارات بنسبة 70٪ منذ عام 2008 بفضل التقدم التكنولوجي والمبيعات المتزايدة للسيارات الكهربائية التي تعمل بخلايا الوقود(FCEVs)، وقد زاد عدد السيارات التي تعمل بخلايا الوقود الهيدروجينية لأكثر من ستة أضعاف من 7 آلاف سيارة في عام 2017 إلى أكثر من 43 ألف سيارة بحلول منتصف عام 2021.

هذا وتتمتع مشروعات خلايا الوقود الهيدروجينية في اليابان بدعم حكومي ضخم؛ حيث تسعى الدولة إلى التحول للطاقة النظيفة من خلال استخدام وقود الهيدروجين، وفي أكتوبر 2020، شكَّلت تسع شركات يابانية خاصة اتحادًا للهيدروجين؛ لتطوير سلسلة توريد الهيدروجين كوقود للصناعة.

كما تتم تجربة تقنيات جديدة في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية؛ لتجنب المخاطر الشائعة لاستخدام بطاريات الليثيوم آيون؛ حيث أنها قابلة للإشتعال، لذا في عام 2022، سيختبر صانعو السيارات الكهربائية أنواعًا أخرى من البطاريات، بما في ذلك فوسفات الليثيوم والحديد (LFP) والبطاريات ذات الحالة الصلبة، ويعتبر كلا النوعين من البطاريات أقل عرضة للنيران من أيونات الليثيوم، لكنهما أكثر تكلفة حاليًّا، وقد يؤدي الاستثمار المكثف فيهما إلى خفض التكاليف.

كما أن هناك تطورًا آخر ألا وهو التوسع في تكنولوجيا السيارات المتصلة، حيث تخطط Apple للتعاون مع شركات صناعة السيارات لتوسيع نطاق الربط بين هاتف آيفون والسيارة، وسيشمل ذلك التحكم في مكيف الهواء، بالإضافة إلى الوصول إلى قراءة عداد السرعة، ودرجة الحرارة، ومستشعر الرطوبة.

وأخيرا فوفقًا للوكالة الدولية للطاقة، فمن المتوقع أن يصل عدد السيارات الكهربائية في جميع أنحاء العالم إلى 145 مليون سيارة كهربائية بحلول عام 2030، وإذا سرَّعت الحكومات جهودها في التحول للطاقة النظيفة، وتقليل الانبعاثات الكربونية فقد يصل إلى 230 مليون سيارة. وإذا اجتمعت الحكومات في جميع أنحاء العالم معًا لتحقيق الهدف الأكثر طموحًا، والمتمثل في الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية على مستوى العالم بحلول عام 2050، فإن عدد المركبات الكهربائية العالمي سينمو بشكل أكبر.

ترشيحاتنا