أخر الأخبار

باحث مصري يطور أداة ذكية تحسِّن علاج سرطان البروستاتا

د.هيثم عبد الرحمن المراكبي
د.هيثم عبد الرحمن المراكبي

ولحل هذا اللغز، لجأ المصري هيثم عبد الرحمن المراكبي -المدرس بقسم النظم والحاسبات بجامعة الأزهر، والباحث في تقنيات الذكاء الاصطناعي بمركز دانا فاربر للسرطان بجامعة هارفارد الأمريكية- إلى محاولة كشف أسرار هذا المرض الخبيث في حالة مرضى سرطان البروستاتا.

ووفقًا لنتائج دراسة حديثة نشرت مؤخرًا في دورية نيتشر (Nature)، نجح فريق بحثي بقيادة “المراكبي”، المؤلف الأول للدراسة، في تطوير نموذج جديد يمكنه التفريق بين الملامح الجينومية لسرطان البروستاتا القاتل، وتلك التي من غير المرجح أن تسبب أعراضًا أو تؤدي إلى الوفاة، كما نجح في تحديد السمات الجزيئية والجينات والمسارات البيولوجية المرتبطة بتطور المرض.

النموذج الذي يحمل اسم (P-NET) يساعد أيضًا الأطباء على التنبؤ بما إذا كان ورم سرطان البروستاتا سينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم أو يصبح أكثر مقاومةً للعلاج بمرور الوقت.

“المراكبي” المولود في قرية كفر طبلوها بمحافظة المنوفية في مصر، عبَر محطاتٍ عدة قبل أن يصل إلى وجهته الحالية في جامعة هارفارد الأمريكية، إحدى أقدم جامعات العالم وأفضلها، إذ تخرج في كلية الهندسة بجامعة الأزهر في القاهرة بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وكان ترتيبه الأول على دفعته، وعيّن معيدًا بالكلية ذاتها، ثم حصل على الماجستير من جامعة القاهرة في هندسة الحاسب، قبل أن يسافر إلى الولايات المتحدة ليحصل على الدكتوراة في علوم الحاسب من جامعة فرجينيا للتقنية، ويتخصص في أبحاث الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مجال الصحة وعلاج الأمراض.

و يقول “المراكبي”: إن النموذج الجديد يمكنه التنبؤ بأن الورم السرطاني لدى مريضٍ ما قد تكون لديه القدرة على التقدم ويصبح أكثر مقاومةً للأدوية بمرور الوقت، ما قد يساعد أطباء الأورام على تعديل خطة العلاج وتحسين نتائجها.

ويضيف أن (P-NET) هو نموذج حاسوبي غير تقليدي، يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلُّم الآلة، وتحديدًا ما يُعرف بالتعلُّم العميق، الذي يمكنه تحديد مرحلة السرطان أوتوماتيكيًّا بعد تدريبه على القراءة التحليلية لبيانات السجلات الجينية للمرضى.

ويوضّح: استطاع النموذج الحسابي المطوَّر (لوغاريتمات التعلُّم العميق) تحديد مرحلة السرطان التى يمر بها المريض بدقة، ما يعني أنه يستطيع التمييز بين سرطان البروستاتا المبكّر والمتقدّم، عبر تحليل السجل الجيني للمريض.

ويعد سرطان البروستاتا أحد أكثر أنواع السرطانات شيوعًا من حيث الحالات الجديدة، إذ أصاب 1.41 مليون شخص حول العالم في 2020، وفق منظمة الصحة العالمية، ويستهدف هذا النوع من السرطان غدة البروستاتا لدى الرجال، وهي غدة صغيرة على شكل حبة الجوز، تنتج السائل المنوي الذي يغذي الحيوانات المنوية ويساعد على حركتها.

ويشير “المراكبي” إلى أن الأداة الجديدة مكّنت الفريق من تحديد هدف دوائي محتمل جديد وهو (MDM4)، مضيفًا أنه علينا التحقق من دوره تجريبيًّا في تعديل استجابة الخلايا السرطانية للأدوية، مشددًا على أن هذا يوضح قوة استخدام البيانات والذكاء الاصطناعي في تحقيق اكتشافات رائدة في بيولوجيا السرطان واكتشاف الأدوية، وفق قوله.

وأضاف أن نتائج البحث لها آثارٌ فورية على علاج المرضى، إذ يمكن بدء تجربة سريرية لاختبار تأثير تثبيط جين (MDM4) لدى مرضى سرطان البروستاتا على نتائجهم السريرية، ويمكن تكرار النهج نفسه في أنواع السرطان الأخرى لاكتشاف هدف علاجي جديد.

لجأ الفريق إلى تقنيات متخصصة في التعلم العميق مزودة بقدرات محسَّنة وأفضل قدرة على التحليل والتشخيص مقارنةً بالخوارزميات الأخرى، لتطوير نموذج يمكنه التمييز بين أورام سرطان البروستاتا المبكرة والمتقدمة.

يسرد “المراكبي مميزات الاعتماد على هذا النهج في الحرب ضد السرطان، مشيرًا إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي لديها القدرة على محاكاة قدرة الإنسان في التعلم والتفكير؛ إذ يمكن استخدام نظم الذكاء الاصطناعي لفهم كيف تصبح الخلية السرطانية أكثر مقاومةً للأدوية التي يتم تناولها، ما يساعد الباحثين على العثور على أهداف جديدة للأدوية، وتعديل خطط العلاج لمرضى السرطان بخطط أخرى مناسبة وأكثر فاعلية.

ويتابع أن نماذج الذكاء الاصطناعي يمكن أن تساعد أخصائيي الأشعة على تحديد مناطق الورم للعلاج الجراحي أو التقليدي واتخاذ قرارات أفضل، كما يمكنها أيضًا أتمتة (العمل ذاتيًّا دون تدخل بشري) عملية استخراج البيانات من التقارير والصور والملحوظات الطبية، ما يفتح الباب للتنبؤ بالنتائج السريرية لدى المرضى باستخدام معالجة اللغات الطبيعية (NLP) التي تمكِّن نماذج الذكاء الاصطناعي من تعلُّم اللغات البشرية وتفاعلها معها، ومعالجة اللغة وفهمها وتوليدها والتعرُّف على النصوص والكلام.

 

ويتابع أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد أطباء الأورام في توقُّع مدى تحمُّل المريض للعلاج الكيميائي وعليه تعديل خطة العلاج إذا لزم الأمر، علاوةً على ذلك، يمكنه التعامل مع أنواع عديدة من البيانات، ومن ضمنها “الجينوميات” والصور والنصوص، ما يجعل أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرةً على الجمع بين الأدلة من أشكال متعددة من البيانات.

 

ترشيحاتنا