.. ورحل عمدة الفن المصري

صلاح السعدني
صلاح السعدني

رحل الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز الـ81 عاما، قضى أكثر من نصفها فى بلاتوهات الفن، حيث بدأ الفنان الكبير أول خطوة له مع عالم الفن فى عام 1960 بمسلسل (الرحيل)، وكان آخر أعماله الفنية منذ 11 عاما مسلسل (القاصرات).

وبين هذا العمل وذاك قدم السعدنى اكثر من 200 عمل فنى وكان ابرزهم على الاطلاق مسلسل ليالى الحلمية بأجزائه والذى كان سر تألقه وابداعه ووضع اسمه فى مصاف كبار نجوم الفن العربى..فمن قبل الحلمية كان فنان متميز يقدم اعمال فنية مهمة مثل اعمال ولسة بحلم بيوم وقال البحروابنائى الاعزاء شكرا ويوميات نائب فى الارياف وقصر الشوق.. وغيرها من الاعمال المتميزة حتى وصل الى مسلسل ليالى الحلمية الجزء الاول عام 1988 والذى يعتبر هو فتحة الخير الحقيقية له كنجم شباك خاصة فى التلفزيون يملك كاريزما خاصة به..واصبحت اطلالته على الشاشة لها مذاق فنى خاص لدى الجمهور العرب.

حيث ابدع السعدنى مع العمدة سليمان غانم لدرجة ان الجميع اشفق على هذا النجم المبدع فى كيفية الخروج من عباءة هذه الشخصية الدرامية التى عشقها الجمهور واصبح لايرى السعدنى الا فى عباءة وطربوش العمدة غانم..ولكن لان السعدنى فنان موهوب ويملك من الادوات الفنية مايجعله يستطيع التنقل من عباءة شخصية درامية الى عباءة اخرى بسهولة وإقناع ..ويذوب ويتوحد فى نسيج هذه الشخصيات الدرامية ويقنعك بأنه مثلا حسن ارابيسك دون ان تتذكر انه كان العمدة غانم من قبل..فهو يملك من الموهبة والذكاء الفنى مايقنع به المشاهد ان هذه الشخصيات حقيقية ولاعلاقة بينهما فكل منهم انسان مختلف عن الاخر بل ومختلف عن شخصية السعدنى نفسه..فتجد فقط الرابط بينهم اسم صلاح السعدنى على تتر العمل الفنى والذى تنساه ايضا مع اول اطلاله لهذه الشخصية الدرامية على الشاشة.

والمثير للإهتمام ان شخصية سليمان غانم لم يكن هو المرشح الاول لها بل كان الفنان الراحل سعيد صلاح والذى اعتذر عنها رغم موافقته عليها فى البداية بسبب مشاركته فى عمل اخر كان يظن انه سيكون اهم من الحلمية التى تحولت فيما بعد الىاحد اهم  ايقونات الدراما العربية طوال تاريخها الفنى..ولأن الدور الفنى رزق فهو من يبحث عن صاحبه وينادى عليه حتى لو لم يكن اساسا فى الترشيحات منذ بداياتها..ليفاجأ السعدنى الجميع بإبداعه لهذه الشخصية التى تعلق بها الجميع واصبحت من اهم عوامل نجاح الحلمية عند الجمهور الذى توحد بوجدانه وتعاطف بكل مشاعره مع العمدة غانم..الذى اصبح لحم ودم وانسان حقيقي يعيش وسط الناس والجميع يعشقه ليس فقط على الجيل الذى عاصر وقت عرض المسلسل بل حتى مع الاجيال الجديدة حتى وصل الى اجيال السوشيال الميديا الذى يستعين بكلامه وإفيهاته وصورة على بوستاتهم وتعليقاتهم..حيث نجح السعدنى فى جعل العمدة غانم ايقونة من ايقونات الشخصيات الدرامية فى الاعمال الفنية مثل كشكش بيه لنجيب الريحانى وعثمان عبد الباسط لعلى الكسار. وقال الراحل صلاح السعدنى انه استوحى اداء شخصية سليمان الغانم من طريقة واداء شقيقة الكبير الكاتب الكبير الراحل محمود السعدنى الذى كان يتمتع بخفة دم وعبقرية فى السرد والحكى بشكل ممتع لدى المستمع اليه..واضاف اليها بهارات شخصية العمدة التى تحتاجها دراما الشخصية والعمل ككل.

ولم يكن للسعدنى حظ وافر مع السينما فرغم تقديمه الكثير من الاعمال السينمائية الا انها لم تلقى نفس نجاحاته وتألقه مع الدراما التلفزيونية الذى اصبح اهم اعمدتها على مدار التاريخ وكما قال عنه صديقه الصدوق سعيد صالح ان صلاح السعدنى هو احد اضلاع مثلث الاصدقاء الثلاثة عادل امام وصلاح السعدنى وسعيد صالح..وهو يعد سفيرنا وممثلنا فى التلفزيون..فهم اكثرنا نجاحا فيه واعتقد والكلام على لسان سعيد صالح اننا عادل امام وانا لو استمرينا فى اعمال التلفزيون لن نحقق نصف نجاح السعدنى الذى اصبح اهم نجوم الدراما التلفزيونية فى الوطن العربى.

كما قال عنه سعيد صالح انه هو مثقف الشلة حيث كان يملك من الثقافة مايؤهله ان يكون كاتب وصاحب رأى..

والمثير للإهتمام ايضا انه مثل ماكان اعتذار سعيد صالح عن ليالى الحلمية وش السعد على صلاح السعدنى ..كان انسحاب صلاح السعدنى من مسرحية مدرسة المشاغبين لظروف سفرها للعرض فى لبنان وكان السعدنى مرتبطا بتصوير عمل فنى فى القاهرة فحالت الظروف سفره فحل محله عادل امام لتكون مسرحية مدرسة المشاغبين فتحة خير للزعيم.

لتأتى اخر محطات النجم الراحل منذ 11 عاما مع مسلسل القاصرات تأليف سماح الحريرى واخراج ملك الفيديو مجدى ابوعميرة..والذى شعر بعدها السعدنى بحالة من الإكتفاء والإشباع الفنى..فهو قدم كل الاشكال والانواع الدرامية بمختلف شخصياتها  المتنوعة خاصة فى الدراما التلفزيونية التى كان هو احد اهم نجومها..كما ان الصحة تحتاج للراحة ومتابعة الفن من مقاعد المشاهدين بعد مشوار طويل من العطاء والجهد والعناء.

ترشيحاتنا