الدكتور محمود حسن يكتب: حين فقد الإعلام العالمي مصداقيته

د. محمود حسن رئيس المرصد الإعلامى لبحوث ودراسات الشرق الأوسط
د. محمود حسن رئيس المرصد الإعلامى لبحوث ودراسات الشرق الأوسط

هنا وبعيدا عن حسابات العقول ترى ما أرادوا لك أن ترى لا ما تريد أن تراه أنت .. ترى ما يراد ولا ترى ما قد كان .. لن ترى الحقيقة ..هنا حيث فقدت الحقيقة بصرها وبصيرتها .. حيث أصيب الإعلام بالعمى بعد أن كان متهماً بالعوار .. تشعر بالحزن والأسى حينما تلقي بنظرة علي شاشات التلفاز أو صفحات الجرائد العالمية خاصة التي تخاطب جمهور بعينه وتتحدث في اتجاه واحد وبلسان واحد حيث لا وجود للآخر ولا مجال للرأي الآخر .. هنا لكل دفة من يديرها ولكل وسيلة أيادي خفية تحركها فتارة ودون مبرر لا تكاد تسمع سوى التطبيل والتهليل،وتارة أخرى أكاذيب وافتراءات  وأجندات مدفوعة هي الأخرى قد وقعت في براثن الكذب والتضليل ، ولا عزاء للمتلقي القابع خلف الشاشة في حالة أقل ما يوصف بها أنه متلقي سلبي لا يحلل أو يفسر المادة التي تبث اليه ولكنه فقط  يتقن فن التبعية لهذه الوسيلة التي سلم اليها عقلة ووجدانه، شأنه شأن صانع المادة الإعلامية والذي فقأ عين الحقيقة بفساد عقله وتفكيره  ومهنيته ومعتقده.

منذ أن إقتحم إعلام الأجندات والرأسمالية مجتمعنا وبات بلا هدف أو استراتيجية تخاطب عقل ووجدان المتلقي بل بات يغازل دائماً غريزته، وبالمثل غابت مدارس الإعلام العالمية والتي تتسم بالمهنية والمصداقية  وبات خالياً من أي مضمون يوحي بمصداقيه أو توعية أو وضع الحقيقة نصب أعين المشاهد.

دعني أتطرق الى تغطية الأحداث داخل قطاع غزة المكلوم وما يحدث من وسائل الإعلام التي تغض الطرف عن الإبادة الجماعية بل أنها كانت عين الكيان الصهيوني في تسليط الضوء على ما تريد أن تظهره إدارة هذا الكيان الغاصب.

بالطبع هنا كلماتي الى القائمين على إدارة المؤسسات الإعلامية العالمية بانواعها المسموعة والمقروءة والمرئية والتي نرى أن الكثير منها قد فقد صوابه ليرتع في سباق المكاسب المادية التي تأتي من نسب المشاهدات بأعمال معظمها منافي لأخلاقيات المهنة  ومواثيق الشرف الإعلامي وغير مبالي بعقلية المشاهد وتناسى الجميع التعامل بشرف مع المواد التي تتناولها الوسيلة دون اللعب علي وتيرة عاطفية أو مساس بأديان سماوية أو الميل الى توجيهات وأجندات سياسة رخيصة.

تكمن حقيقة الإعلام ودوره  من خلال إبراز الحقيقة بمصداقية ودقة، تؤدي إلى مهنية في العمل، ترتقي به إلى الإبداع والجودة في المحتوى ، إلى جانب تشجيع التعددية، وإحترام الرأي والرأي الآخر، في مناخ من الاستقلالية والحرية المسؤولة، والتعبير عن الجماهير بفئاتها وأطيافها كافة وتلبية رغباتها ،والأخذ بعين الاعتبار التقنيات الحديثة في صناعة الإعلام  لتنعكس على توسيع مناخ الحرية، والإرتقاء بها مضموناً وشكلاً.

وطالما تحدثنا عن ثورة هائلة في التكنولوجيا حيث تعدد الوسائل وسرعتها ودقتها فبدلاً من استخدام هذه التكنولوجيا في اظهار الحقيقة ومساندتها اتخذها الكثير من القائمين عليها كوسيلة تقنية للتضليل وتشوية الحقائق .

في عالمنا لايرى الإعلام .. سوى بعين واحدة وذلك عن عمد منه لأجندة يدعمها أو توجه ينتمي إليه .

موضوعية .. دقة توازن تجرد تلك هي مواصفات الإعلام البناء فإن غابت لن ترى سوى مسخ أو دمية تحركها أيادي خفية.

كاتب المقال: د. محمود حسن رئيس المرصد الإعلامى لبحوث ودراسات الشرق الأوسط

ترشيحاتنا