كيف يمكن مواجهة الأثار النفسية المترتبة على حرب فلسطين؟

صورة موضوعية
صورة موضوعية


مشاهد تتناقلها يوميا مواقع التواصل والسوشيال ميديا ووسائل الإعلام المختلفة عما يجري داخل غزة تفطر القلوب، فبعد قرابة الشهر ونصف هي مدة الحرب الدائرة في غزة، خلفت هذه الفترة الكثير من الأثار النفسية، وقد حذرت منظمة الصحة العالمية من تفاقم الأوضاع جراء هذه الحرب، وأشارت إلى الآثار والعواقب النفسية طويلة الأمد على الناجين والأسر، هذا بالإضافة إلى الأثار التى يعاني منها كل من يشاهد هذه الأحداث.


وللحرب تأثير كارثي على صحة الأمم ورفاهيتها، وتشمل هذه التأثيرات أضرار جسدية ونفسية طويلة المدى على الأطفال والبالغين، فضلا عن الفقر وسوء التغذية، والإعاقة، والتدهور الإقتصادي، والأمراض النفسية والاجتماعية.


وعن المشاكل النفسية التى تخلفها مثل هذه الحروب، خاصة ما نراه من جرائم غير مسبوقة في غزة ضد الأطفال، فأكد دكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي أن الحزن والتأثر رد فعل طبيعي لما نراه ويتعرض له الشعب الفلسطينى، موضحا أنه بالنسبة لمن هم خارج دائرة الحرب فبمجرد أن تضع الحرب أوزارها سينتهي الأمر، وبالنسبة للغالبية العظمى منهم كذلك الأمر، فهذا يسمي بـ "الاكتئاب التفاعلي" نتيجة لفقدان العزيز وفقدان المنزل والعمل والظروف الحياتية المتدهورة، وهذا يزول بزوال الأزمة.


متابعا أنه لن يتبقى متأثر بهذه الأحداث سوى نسبة قليلة قد لا تتجاوز الـ 2% ممن يعيشون الحرب، وهؤلاء سيعانون الباقي من عمرهم، وهم من لديهم استعداد للمرض النفسي أو جينات وراثية لأمراض نفسية، وتبدأ في الظهور بعد من ثلاثة إلى ستة أشهر من انتهاء الحرب، وهؤلاء يمكن أن يصابوا بالفصام والوسواس القهري والاكتئاب الوجداني، وتسمى بأعراض الصدمة، وبمجرد أن تنتهى هذه الأحداث تبدأ هذه الأعراض في الظهور لديهم، ومع سماع أى صوت مرتفع يبدأ مع هؤلاء ما يسمى بـ "إجترار الذكريات السيئة"، وتبدأ بعض الأعراض في الظهور لديهم مثل الشعور بصداع وزغللة ورعشة في الجسم تصل أحيانا لتبول لا إرادي وخوف شديد.


وأشار فرويز إلى أننا قد نجد تأثيرات الأفراد بهذ الأحداث مختلفة وهذا نتيجة للاختلافات الفردية ما بين الناس، واختلافات في استقبال القضية، الاختلافات الفكريه، فيختلف التأثير، مؤكدا أن توقيف الحياة لهذه الأحداث أمر ليس جيد ولن يفيد في القضيه في شيء ولن يفيد الفلسطينيين ايضا، والصواب هو أن يرى كل شخص ما يمكنه فعله ويقدمه، ويكتفي من يعاني نفسيا من هذه المشاهد بمتابعه الاخبار في اوقات معينه ومعرفه ما هو هام وما هي الأحداث الأهم والابرز على الساحه دون الدخول في كل التفاصيل ورؤيه كل هذه المشاهد الدموية.


ولفت إلى أن هناك بعض الاشخاص تاثروا بدرجه كبيره جدا لدرجه انهم يضعون أنفسهم مكان هؤلاء ممن يعانون أثار الحرب، فهناك منا الكثير من يعاني ولا يستطيع النوم بشكل جيد ولا يستطيع الأكل، وهذا نتيجه طبيعيه لما نراه وانعكاس طبيعي لما نشاهده يوميا من أحداث على التلفزيون فهذا حدث طبيعي وهذا شعور طبيعي لاي انسان، فالعقل البشري لا يمكن تقبل هذه المشاهد بشكل طبيعي.


وأردف دكتور جمال أن تماسك الفلسطينيين وأن روح الجماعة هي ماتمنحهم هذه القوة، فالعمل الجماعى ولأأنهم يعيشون المعاناة مع بعضهم البعض وليس أفراد يخفف من حدة الأمور، ويقوى التماسك، خاصة وأن هذه ليست أول حرب يخوضها هذا الشعب.


وأضاف دكتور نبيل نصر اخصائي نفسي أن ما حدث خلال هذه الفتره وهذا ما تعلمناه منهم أن هذا يزيدهم صمودا وقوة وإصرارا على ما هم فيه، وهذا لا ينفي ان هذا قد يؤثر على بعض منهم بالسلب، ومنهم من يعاني من بعض الأمراض النفسية جراء هذا، ولكنهم لديهم القدرة على مواجهه هذا، ويتعلمون ويعرفون جيدا كيف يسندون بعضهم البعض.


موضحا أن هذا نتيجة لطبيعة المجتمع نفسه، وطبيعة ماعاشه طوال عقود طويلة مضت، فالحروب التي عاشوها منذ سنوات جعلت لديهم القدرة على الاستمرارية ومواجهه هذا العدوان، فقد اعتادوا على هذه الاحداث وتربوا ونشأوا على الصمود والمواجهة، لانه كلما زادت الرفاهيه والحمايه بشكل مفرط فان هذا يقلل فرصة الفرد في اكتساب المهارات لمواجهة هذه الاحداث، وهذه هي طبيعة الحياة والمجتمع نفسه، بالاضافة إلى العقيدة بقضيتهم والايمان بها، وانهم لابد لهم من تحرير أرضهم يوما ما، وهذا ما يتربى عليه الاطفال منذ نعومة أظافرهم، وهذا ما شهدناه خلال الفترات الماضية على القنوات المختلفه من أطفال يتحدثون بلهجة وبنبرة لا نراها في رجال ونساء باللغين.

 

اقرأ أيضا : أجساد صغيرة .. وصمود عظيم

ترشيحاتنا