أخر الأخبار

المديح .. من «العباس بن عبدالمطلب» إلى «ياسين التهامي»

ياسين التهامي
ياسين التهامي

المديح النبوي شعر يهتم بمدح الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، والتغزل فى صفاته الخُلُقية والخَلقية وإظهار الشوق لرؤيته وزيارته والأماكن المقدسة التي ترتبط بحياته، مع ذكر معجزاته الماديّة والمعنويّة والإشادة بغزواته والصلاة عليه تقديراً وتعظيماً.

وغالبا ما يتداخل المديح النبوي مع قصائد التصوف، وقد عرفه زكي مبارك بأنه: «فن من فنون الشعر ساعد على نشرها التصوف، وهي لون من التعبير عن العواطف الدينية، وباب من الأدب الرفيع؛ لأنها لا تصدر إلا عن قلوب مفعمة بالصدق والإخلاص».

والمديح النبوي يمتلئ بالمشاعر الصادقة ونبل الأحاسيس ورقة الوجدان وحب النبي (صلى الله عليه وسلم)، طمعاً في شفاعته يوم الحساب. 

وظهر المديح النبوي مع ميلاد الرسول، ولكن ارتبط  أكثر بالشعر الصوفي مع عم بن الفارض وغيره، والمديح لم يزدهر ويترك بصماته إلا في القرن السابع الهجري مع الإمام البوصيري، وهناك من يقول بأنه إبداع شعري قديم ظهر مع الدعوة النبوية والفتوحات الإسلامية مع الصحابة حسان بن ثابت الملقب بـ«شاعر الرسول»، والذي كان ينصب له منبراً يلقي فيه الشعر والمديح، وكعب بن مالك وكعب بن زهير وعبد الله بن رواحة.

البعض الآخر أكد أن المديح ظهر في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وخصوصاً ما قاله عمّه العباس بن عبد المطلب، عندما قال: «يا رسول الله؟ أريد أن أمتدحك»، فقال رسول الله: «قل لا يفضض الله فاك»، وأمتدحه عمّه أبو طالب أيضا فقال:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه        ثمال اليتامى عصمة للأرامل

ومدحه الصحابي كعب بن زهير في قصيدة مشهورة عرفت بـ«البردة»، ويبقى البوصيري بحسب كثير من المؤرخين من أهم شعراء المديح النبوي كما في قصيدته الميمية المسمى بـ«البردة» أو «الكواكب الدريَّة في مدح خير البرية».

ومن أهم الكتب في المديح النبوي هى

- المجموعة النبهانية في المدائح النبوية، تأليف: يوسف النبهاني.
- موسوعة المدائح النبوية، تأليف: عبد القادر الشيخ علي أبو المكارم.
- المطالع الشمسية في المدائح النبوية، تأليف: النواجي، المتوفى سنة 859 هـ.
- المدائح النبوية حتى نهاية العصر المملوكي، تأليف: محمود سالم محمد.
- المدائح النبوية في الأدب العربي، تأليف: زكي مبارك.

ومن أشهر المداحين:
- الصحابي حسان بن ثابت، الصحابي عبد الله بن رواحة، الصحابي كعب بن مالك، الصحابي كعب بن زهير، الفرزدق، شرف الدين البوصيري، يوسف النبهاني، أحمد شوقي أمير الشعراء.

وفي العصر الأموي، امتزج المديح بالتيارت السياسية فبدأ يضمحل وقتها، ومن أشهر وأصدق شعراء هذا العصرهو الفرزدق، وفي العصر العباسي استمر المديح النبوي كما كان عليه في العصر مع اختلاف بسيط فى الصور والظروف، ومن أشهر شعراء هذا العصر، مهيار الديلمي، وابن الفارض اللى من اشهر أبياته فى مدح الرسول هى:

أرى كل مدح في النبي مقصرا     **        وإن بالع المثنى عليه وأكثرا
إذا الله أثنى بالذى هو أهله          **        عليه فما مقدار ما يمدح الورى 

ثم تحول المديح النبوي إلى مصطلح أدبي، فى العصورالمتتابعة، وتحديدًا في القرن السابع الهجري، حيث لجأ الشعراء إلى استرجاع السيرة النبوية والتغني بالشمائل التي تميز بها الرسول (ص).

وكان من أهم الأسباب السياسية والاجتماعية والنفسية لظهورها في تلك الفترة هو اجتياح التتارللشرق الإسلامي فدمروا البلاد وأهلكوا العباد وقضوا على الخلافة العباسية في بغداد سنة 656هـ .

وهناك شعراء كثيرون مدحوا النبي (ص) ولم يكونوا متصوفة ، لأنّ حب النبي (ص) ومدحه لا يقتصر على فئة أو مذهب أو جماعة من المسلمين فقد اُرسِل النبي (ص) للناس كافة.

ويُعتبر البوصيري بقصيدة البردة هو أستاذ هذا الفن بلا منازع، ليس في عصره فقط، لكن في العصور اللاحقة، واللى من أشهرهم الشعراء محمود سامي البارودي، رائد الشعراء المحافظة والمولود فى1838م وتوفى عام 1904م وله مطولة هي " كشف الغمة في مدح سيد الأمة" ، ثم أحمد شوقى.

ومن أشهر من عنوا فى مدح النبي صلى الله عليه وسلم أم كلثوم ، حيث غنت له 4 قصائد من شعر أمير الشعراء أحمد شوقي في مديح النبي الكريم، أشهرها قصائد "ولد الهدى" و"نهج البردة" للإمام البوصيري وقلد فيها شوقى الوزن واغنية "إلى عرفات الله" ثم قصيدة "سلوا قلبي"، 

ومن أشهر المداحين محمد الكحلاوى ، مداح الرسول، المنشد والمداح الذى أبكى القلوب ومن أشهر أغانيه «لاجل النبي، يا قلبى صلى على النبي، خليك مع الله، نور النبي، وخللى السيف يجول».

أحمد التونى، وهو شيخ المنشدين، وسلطان المداحين، وهو أشهر وأكبر المنشدين فى الصعيد ، ويطلق عليه لقب "ساقى الأرواح"، استطاع بأدائه المتميز الخروج بالغناء الصوفى من المحلية إلى العالمية، إذ دعى للمشاركة فى العديد من المهرجانات الموسيقية الروحية.

الشيخ عليوه ، وهو سيد المداحين فى عشق النبى، وحصل على لقب مداح الرسول، فلم يترك مناسبة حتى مدح فى سيد الخلق، وخاتم المرسلين، وأنشد بصوته قصائد العشق الروحى، فكان أميرا بين المتصوفين ، ويعتمد إنشاد الشيخ عليوة على النهج الروحي، فقد تأثر بقصائد الحلاج ومحيى الدين بن عربى وبن الفارض، ومن اشهر أناشيده حب النبي، وعلى باب الكريم، وقلبى إلى الحبيب، وحياتى أنا.

أحمد برين، وهو المنشد الذى اجتمع فى حبه المسيحى قبل المسلم، فاستحق عن جدارة لقب سيد المنشدين، حفظ الإنشاد القبطى وتغنى فى حب العذراء ويسوع المسيح، ورتل بصوته العذب قصائد الصوفين، وتغنى فى خاتم المرسلين، فكان كبيرا بين المداحين.

ياسين التهامى وقد نشأ فى بيئة صوفية، منذ الصغر عاش فى أجواء من الروحانيات والشق الإلهى، فأصبح سلطانا للعاشقين ، وكبير وعميد للمداحين  ، ومعظم القصائد التى ينشدها من تراث المتصوفة الذين تربطه بهم علاقة عشق، وأشهر من يُنشد لهم «ابن الفارض» الذى أنشد تائيته المشهورة المكونة من 537 بيتًا على حفلات متفرقة، وأيضًا أنشد للإمام عبد القادر الجيلاني، وعبد الكريم الجيلي، وغيرهم من شعراء الصوفية.

الشيخ أمين الدشناوي ، وقد لقبه محبيه بـ"ريحانة المداحين" و"مداح العصر"، نظرًا لصوته العذب وقصائده الرصينة والتى عشقها محبى آل بيت النبي، وتجلت موهبته على يد معلمه الشيخ أحمد أبوالحسن ملهمه وأستاذه وكاتب قصائده التى تفيض بالمعانى الصوفية،‏ ثم انطلق ينشد فى كل مصر والوطن العربى وباقى دول العالم ، والدشناوى ثانى عربى يعتلى خشبة مسرح شات ليه بباريس بعد كوكب الشرق أم كلثوم.

ترشيحاتنا