من مشرفة حتى أبو بكر رمضان.. ذكرى وفاة سميرة موسى تفتح جروح إغتيال علماء مصر

سميرة موسى
سميرة موسى


بدأ برنامج الطاقة النووية المصري في عام 1954؛ فقد تم إنشاء أول مفاعل نووي للأبحاث حمل اسم مفاعل البحث والتدريب التجريبي-1 (ETRR-1) والذي تم الحصول عليه من الاتحاد السوفيتي حيث بدأت البعثات العلمية المصرية في مجال العلوم الذرية تتوجه إلى الاتحاد السوفيتي عوضا عن الولايات المتحدة وأوروبا قبل عام 1952 ، وفي عام 1958 أعلن جمال عبد الناصرعن افتتاح المفاعل في أنشاص الرمل بمحافظة الشرقية ردا على البرنامج النووي الإسرائيلي الذي بدأ ينشط آنذاك بالتعاون مع فرنسا.
وعلى مدى العقود الممتدة من الخمسينيات والستينيات وصولا إلى الثمانينيات حتى سنوات قليلة مضت دأب الموساد الإسرائيلي على تصفية الكثير من العلماء المتخصصين في مجالات تهدد وفق النظرية الإسرائيلية- وجود إسرائيل، وفي مقدمتها التكنولوجيا النووية؛ وكان لمصر وفلسطين النصيب الأكبر من استهدافات الموساد ، حيث إغتيلت أسماء مشهورة لمعت في سماء البرنامج النووي المصري، كان أبرزها مصطفى مشرفه وسميرة موسى وكان أخرهم أبو بكر عبد المنعم رمضان فى عام 2019 فى المغرب.
 

مصطفى مشرفة( آينشتاين العرب)


ولد علي مصطفى مشرفة في 11 يوليو 1898 في حي المظلوم بمدينة دمياط ، وكان حافظا للقرآن منذ الصغر، وكان محافظا على صلاته  طوال حياته مقيما لشعائر دينه كما علمه والده ، وكان متفوقا فى دراسته خاصة فى المواد العلمية ، وقرر الانتساب إلى دار المعلمين العليا، حيث تخرج فيها بعد ثلاث سنوات بالمرتبة الأولى، فاختارته وزارة المعارف العمومية لبعثة علمية إلى بريطانيا على نفقتها.
وحصل مشرفة عام 1924 على الدكتوراه في العلوم من جامعة لندن، وهي أعلى درجة علمية في العالم، حيث لم يتمكن من الحصول عليها سوى 11 عالما في ذلك الوقت، وكان أول مصري يحصل على هذه الدرجة العلمية.
وحين تم افتتاح جامعة القاهرة عام 1925 عُيّن فيها أستاذا مشاركا في الرياضيات التطبيقية بكلية العلوم، ثم انتخب عميدا لكلية العلوم عام 1936 فأصبح بذلك أول عميد مصري لها، وتتلمذ على يده مجموعة من أشهر علماء مصر، ومن بينهم عالمة الذرة سميرة موسى.
بدأت أبحاث مشرفة تأخذ مكانها في الدوريات العلمية وعمره لم يتجاوز 25 عاما، وألف عدة كتب في الميكانيكا العلمية والنظرية والهندسة الوصفية والمستوية والفراغية، والذرة والقنابل الذرية ، وكان من القلة التي عرفت سر تفتت الذرة، وحارب استخدامها في الحروب، مثلما رفض تطوير أبحاث صنع القنبلة الهيدروجينية بعدما ألمّ بتقنيات استخدام الهيدروجين في تصنيع قنبلة مدمرة ، وتوفي علي مصطفى مشرفة في 15 يناير 1950 إثر أزمة قلبية، وهناك شك في كيفية وفاته؛ إذ يعتقد أنه مات مسموما، ويعتقد أنها إحدى عمليات جهاز الموساد الإسرائيلي
سميرة موسى.. مس كوري المصرية
ولدت يوم 3 مارس 1917 فى قرية تابعة لمركز زفتى بمحافظة الغربية، وأكملت تعليمها بتشجيع من والدها الذي أنتقل الى القاهرة ليفسح المجال لابنته لإتمام دراستها ، والتحقت بكلية العلوم، وحصلت على الباكالوريوس وكانت الأولى على دفعتها، وانتقلت إلى لندن حيث حصلت على الماجستير في موضوع التواصل الحراري للغازات.
ثم عادت سميرة موسى لاحقا إلى بريطانيا حيث درست الإشعاع النووي، وحصلت على شهادة الدكتوراه في الأشعة السينية وتأثيراتها على المواد ، حرصت الولايات المتحدة على تبني موهبتها وعرضت عليها التجنيس، لكنها رفضت وعادت إلى مصر، وأنشأت هيئة الطاقة الذرية، وعملت على تنظيم لقاءات دولية حول الطاقة الذرية وكيفية تسخيرها لخدمة الإنسان.
سميرة موسى كانت دائما ترفض أن تكون جهودها العلمية خارج مصر ورفضت اغراءات العمل والجنسية  ، وفضلت البقاء في مصر، و لكنها تقبل دعوات السفر إلى الخارج للمشاركة في ندوات علمية، وكانت إحداها إلى الولايات المتحدة في أغسطس 1952 ، حيث سافرت إلى كاليفورنيا الأميركية لزيارة معامل نووية هناك، ويوم 15 أغسطس 1952، كانت تقطع طريقا وعرا في مرتفع بكاليفورنيا، وسرعان ما فاجأتها سيارة نقل من الاتجاه الآخر صدمتها وألقت بها في المنحدر وماتت على الفور، و قيدت الواقعة ضد مجهول، ولم تظهر حقيقة ما جرى نهائيا ، ومن أشهر أقوال سميرة موسى سأعمل ليصبح العلاج الذري متاحًا قدر الإمكان، ورخيصًا كدواء الأسبرين. 

وفي 2015، أعلنت ريتا ديفد توماس حفيدة الممثلة الراحلة راشيل أبراهام ليفي -الشهيرة براقية إبراهيم- أن جدتها ساهمت في قتل سميرة موسى التي كانت صديقتها، وسبق أن عرضت عليها نسيان فكرة النووي المصري والحصول على الجنسية الأميركية، وحذرتها من مصير مجهول في حال رفضت، لكن سميرة كررت رفضها عرض راقية التي كانت متزوجها من يهودي أميركي، وقطعت علاقتها بها ، وأكدت ريتا ديفد أن أسرتها عرفت ذلك بعد العثور على مذكرة شخصية كانت الجدة تحتفظ بها في خزانتها القديمة.
يحيى المشد
تخرج في قسم الهندسة الكهربائية بجامعة الإسكندرية، وبفضل تفوقه كان ضمن بعثة دراسية إلى جامعة كامبريدج اللندنية عام 1956، لكنها تحولت إلى موسكو بسبب العدوان الثلاثي على مصر، حيث بقي هناك ست سنوات، ورجع إلى مصر خبيرا في مجال التصميم والتحكم في المفاعلات النووية.
وبدأ المشد مشواره المهني في المفاعل النووي لأنشاص، وانتقل للنرويج للتدريس، وهناك ضغط عليه ليتجنس ويعيش فيها لكنه ظل يرفض، وكان له أراء مناهضة للحركة الصهيونية بخصوص فلسطين، مما عرضه لمضايقات كثيرة، اضطر على إثرها للعودة القاهرة، ثم سافر بغداد لتأسيس البرنامج النووي العراقي، وأقام المشد علاقات جيدة بين فرنسا والعراق في مجال الحصول على التقنية النووية وعلى اليورانيوم المخصب، وقد استدعي ذات مرة إلى فرنسا لمعاينة شحنة من اليورانيوم، حيث عثر عليه مذبوحا في غرفته يوم 14 يونيو 1980 ، وُجهت الاتهامات إلى الموساد الإسرائيلي ، لكن تحقيقات الشرطة الفرنسية لم تنتهى إلى شيء ، وكالعادة قيدت القضية ضد مجهول.
سعيد بدير
سعيد السيد بدير هو نجل الفنان السيد بدير وكان أحد علماء البارزين في مجال الاتصال والأقمار الصناعية والمركبات الفضائية خارج الغلاف الجوي، وهو من مواليد روض الفرج يوم 4 يناير 1949 وتخرج من الكلية الفنية العسكرية وعين ضابطا بالقوات المسلحة حتى وصل لرتبة عقيد ثم استقال وسافر المانيا للتفرغ لأبحاثه.
توصل من خلال أبحاثه إلى نتائج متقدمة جعلته النادر في الهندسة التكنولوجية الخاصة بالصواريخ ويقال ان برنامج حرب الفضاء الذي نفذته الولايات المتحدة الأميركة كان نتيجة الابحاث التي سرقت منه كما ان اخر بحث له كان عن كيفية تسخير قمر صناعي معادى لمصلحتنا ، رفض تخصيص أبحاثه لصالح بعض الجهات الأجنبية و التي استخدمت معه كافة السبل لإغرائه لكنه رفض وخص مصر بأبحاثه جميعها ، وفى أحد الأيام بينما كان سعيد يعبر أحد الشوارع كادت سيارة مسرعة أن تدهسه وتوالت المكالمات الهاتفية على المنزل ومضمونها الرضوخ أو التصفية!! وفق ما أكدته زوجته.
وفى الرابع عشر من يوليو عام1989عثر على جثة سعيد بدير ملقاه من الطابق الرابع العقار رقم 20 بشارع طيبة الإسكندرية ، وبعد التحقيق والمعاينة عثروا على انبوبة البوتاجاز بغرفة نومه وبقعة دماء واحدة على سريره حيث كانت جثة الدكتور سعيد مقطوعة شرايين الأيدي ، وجاء تقرير الطبيب الشرعي على انها حالة انتحار فكيف يقوم بثلاث محاولات للانتحار فى بضع دقائق محدودة ، وأكدت زوجته ان الكثير من أوراق أبحاثه الخاصة التي كانت برفقته وقت الحادث فقدت ولم يعثر عليها وهذا يؤكد الشبهة الجنائية في الحادث.
أبو بكر عبد المنعم رمضان 
العالم النووي أبو بكر عبد المنعم رمضان رئيس الشبكة القومية للمرصد الإشعاعي، بهيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية ، توفي فى 4 سبتمبر2019 فى المغرب حيث كان متواجدا هناك لحضور مؤتمرا عربيا حول الطاقة وقد توفى في ظروف غامضة خلال إقامته بأحد الفنادق، وانتقل "رمضان" إلى مصحة خاصة، إثر إصابته بمغص في معدته داخل غرفته في الفندق ، ومات إثر إصابته بسكتة قلبية وفق بيان صادر عن عن السلطات المغربية.
وأبو بكر عبد المنعم رمضان" قد سبق وأن شارك في اجتماعات رسمية مع وزراء البيئة العرب عام 2014 ، وتم تكليفه إلى جانب خبراء عام 2015 بدراسة الآثار المحتملة للمفاعلات النووية بوشهر في إيران وديمونة في إسرائيل.
وغير العلماء فهناك بعض الرموز من الكتاب لم يسلموا من القتل بسبب أرائهم وكتبهم وكانوا مستهدفين دائما من قبل الصهيونية العالمية ومنهم :
جمال حمدان 
 هوعالم مصري ولد يوم 4 فبراير 1928 ، وتميز بفهمه للأبعاد الإستراتيجية للقضايا الكبرى، مستخدما تخصصه في الجغرافيا في فهم التاريخ وتطور الأحداث العالمية، حيث أن له السبق فى التنبأ بانهيار الاتحاد السوفياتي عام 1968 بعد دراسات وافية ، لكنه فى مقدمة أهتماماته دولة إسرائيل وتفكيك بنيتها الفكرية والأصول التي بنت عليها مشروعها، ونجح في هدم مقولاتها من وجهة نظر أنثروبولوجية ، كما تنبأ أيضا بانهيار الولايات المتحدة الأميركية.
و يوم 17 أبريل 1993  عثرعلى جثة حمدان ملقاة في بيته ونصفها الأسفل محترق، حتى يظن الجميع أن الوفاة بسبب تسرب غاز، بينما أكد مقربون منه أن الحادثة وقعت بفعل فاعل ، وفي 2010 قال الروائي يوسف القعيد أن حمدان كان قبيل وفاته قد انتهى من تأليف ثلاثة كتب "اليهود والصهيونية وبنو إسرائيل"، و"العالم الإسلامي المعاصر"، والثالث عن علم الجغرافيا، وكل تلك الكتب اختفت بعد موته.
ونقل عن شقيق حمدان قوله إن الأسرة سمعت بسفر مفاجئ لطباخ جمال حمدان ثم اختفائه نهائيا، مثلما تأكد أن رجلا وامرأة من الأجانب سكنا فوق شقته لشهرين ونصف، واختفيا بعد مقتله.
سلوى حبيب
وهى أستاذة في معهد الدراسات الأفريقية، تميزت بأبحاث مناهضة للحركة الصهيونية لتكشف محاولات سيطرة إسرائيل على منابع القوة في الدول الأفريقية ، حيث أنجزت بحثا عن "التغلغل الصهيوني في أفريقيا"، إلى جانب نحو ثلاثين بحثا كلها تتحدث عن إسرائيل والدول الأفريقية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وكان لأبحاثها تأثير كبير ، وقد وجدت سلوى حبيب مذبوحة في شقتها، ولم يتم العثورعلى القتلة الذين نفذوا العملية بشكل احترافي.
و في مارس عام 2019 أعلنت مصروفاة ستة مصريين، في حادث الطائرة الإثيوبية المنكوبة، إثر تحطمها بعد إقلاعها من مطار أديس أبابا في طريقها إلى نيروبي، من إجمالي 157 راكبا توفوا جميعا ، وكان من بين المصريين الستة ، ثلاثة علماء متخصصون في مجالات دقيقة، خاصة في مجال الزراعة"، واستخدم ، وهم: أشرف تركي، ودعاء عاطف عبد السلام، وعبد الحميد فراج مجلي نوفل ، حيث كانوا متوجهين في مهمة علمية عن التحسين الوراثي للإنتاج الحيواني والنباتي في العاصمة الكينية نيروبي وفق ما أكده بيان مجلس الوزراء حينها.
ووقتها تقدم محام مصري يدعي عمرو عبد السلام ببلاغ إلى النائب العام المصري لتشكيل فريق من النيابة بالتنسيق مع وزارة الخارجية لمتابعة سير التحقيقات التي تجريها السلطات الإثيوبية.
للوقوف على أسباب الحادث، و معرفة عما إذا كان قدريا أم أن الحادث مدبر؟ حيث أن الحادث يثير الشك والريبة، وفى حالة وجود شبهة جنائية مطالبا باتخاذ اللازم على ضوء ما تسفر عنه التحقيقات على الصعيد الدولي ، حيث جرى إيفادهم من قبل الدولة لأهتمامها بالتحسين الوراثي للإنتاج الحيواني والنباتي، في ظل سعيها للدخول في عمق أفريقيا بالتزامن مع رئاستها الاتحاد الأفريقي.










 

ترشيحاتنا