زهدى: أفريقيا تبحث إعفاءها من فوائد القروض ودعم الغذاء فى القمة الروسية الإفريقية

 رامى زهدى الخبير في الشؤون  الإفريقية
رامى زهدى الخبير في الشؤون  الإفريقية

 تبدأ غدا أعمال القمة الروسية الإفريقية الثانية التى تستضيفها مدينة سان بطرسبورج  وتعد  الأهم والأبرز علي الإطلاق علي مستوي ثنائية العلاقات الروسية الإفريقية بل أنها تمثل قمة هرم الصعود المتنامي خلال السنوات الأخيرة في علاقات الإتحاد الروسي مع القارة الإفريقية كدول فرادي. 
وكمشمول القارة بشكل عام بالتوازي مع علاقات استراتيچية مباشرة وثيقة بين روسيا ودول أفريقية كبري مؤثرة في محيطها القاري والدولي منها مصر، وأيضا جنوب افريقيا التي تتشارك عضوية تجمع بريكس مع روسيا،  الجزائر،  اثيوبيا،  ودول أخري، ويفتتح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، القمة الروسية الإفريقية الثانية في مدينة (سان بطرسبرج)، والتي تعتبر الحدث الرئيسي في العلاقات بين الجانبين في ضوء أنها ستحدد تطور هذه العلاقات في السنوات المقبلة، وستسهم في بناء نظام عالمي أكثر عدلاً ومتعدد الأقطاب.

ويقول رامى زهدى الخبير في الشؤون  الإفريقية أن روسيا تبحث من جديد عن تأثير الإتحاد السوفيتى القديم المفقود وأدركت روسيا أن أهم مناطق المناورات الإستراتيچية بالنسبة لها الآن ومستقبلا هي أفريقيا  والتى تمتلك أدوات جيوسياسية وإقتصادية قوية يمكن تطويعها لدعم خطط العودة والسيطرة المهموم بها الإتحاد الروسى منذ العام 2006 تقريبا بعد تعضيد أركان الحكم والسياسة فى روسيا،وخاصة أن إفريقيا قارة التأثير المرجحة في النظام العالمي الجديد،  الذي يبدو أنه لن يستطيع أصحاب النظام العالمي المزمع تشيكله هزيمة أو محو أو تفكيك النظام القديم أو القائم  على الإطلاق، ولكنهم علي الأقل يمتلكون كل الثقة من قدراتهم علي توسعة النظام الحالي وتعديله ليشمل قوي صاعدة متعددة في العالم الجديد أو المتجدد والفرق بين الجديد والمتجدد واضح, فبعض القوى الصاعدة الحالية جديدة تماما على المشهد العالمى بينما قوى أخرى قديمة تجدد وتغير من منهجيتها للتعاطى مع الظروف والمتغيرات غير النمطية وغير المتوقعة التى أصابت العالم فى آخر 10 أعوام على الأقل.  
 

ويضيف: سوف تكون الكتلة الإفريقية جزء مبهر من هذا النظام خاصة وسط سعي قوي العالم لتواصل إيجابي مع القارة يتم فيه إصلاح عيوب وسقطات التحالفات السابقة مع القارة واستحداث تحالفات جديدة يتم بنائها من خلال علاقات تشاركية متوازنة متكافئة يحظي جميع أطرافها بالعدالة والندية والإحترام والمنافع المشتركة من خلال استرايچية "رابح رابح" وهى الآن الإستراتيجية الوحيدة التى يقبلها الأفارقة الذين قدموا كثيرا دون مقابل , وواجهوا منفردين كل الظروف الصعبة دون دعم أو مساندة حقيقية مخلصة شريفة أو بغير هدف مصالح من منظورطرف واحد حتى لو كانت ضد أو عكس مصالح الشعوب الإفريقية.

ويوضح رامى زهدى  خبير الشؤون الإفريقية الإقتصادية والسياسية والإستثمار أن المنتدى  الاقتصادي والإنساني الروسي الإفريقي الثانى  يرتكز ، على دعم (موسكو) لتعزيز السيادة الإفريقية وحماية المصالح السياسية لدول القارة، بما في ذلك توسيع تمثيل الدول الإفريقية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجموعة العشرين.،  وسط إيمان كامل مشترك بين طرفي القمة سواء دول القارة الإفريقية أو روسيا أن الطرفان معاَ أقوي كثيراَ، وأن كلاَ منهما يملك أوجه دعم مباشر وغير مباشر غير محدود للآخر وهو ما يجعل بناء هذه العلاقة بناء وثيق الجذور وإن كان يظل دائما موضع تهديد وإستهداف من القوي الغربية المنافسة للإتحاد الروسي خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وحتي من المعسكر الشرقي ذاته من قوي مثل الصين،  الهند حيث تحرص كلا منهما علي وضعها القوي في القارة الإفريقية ولايشفع لهما عضويتهم جميعا بالإضافة الي روسيا في تجمع بريكس من التنافس فيما بينهم.

ويؤكد زهدى أن هناك تحدي آخر يهدد عمق البناء الروسي الإفريقي وهو تعدد الدول الإفريقية (54 دولة)، و لايمكن الجزم أبدا بدرجة توافقها العام خاصة، وأن كل دولة لها إمكانيات،  قدرات،  أهداف ومصالح مختلفة بل أن معظمها له إرتباط وثيق بقوي غربية أو شرقية في اطار تنافس قوي مع الإتحاد الروسي،  ولا يمكن أبدا إغفال تأثير ودور لدول مثل فرنسا،  بريطانيا،  إيطاليا،  ألمانيا،  بيلچيكا،  البرتغال في القارة الإفريقية بالإضافة للصين،  الهند،  اليابان،  إيران وحتي إسرائيل وتركيا أيضا والكتلة الخليجية خاصة الإقتصادية متمثلة في المملكة العربية السعودية،  الإمارات العربية المتحدة،  والكويت. 

موضوعات فوق الطاولة 
وتابع رامى استعراض ما تم من تقدم منذ القمة الأولي في العام 2019 والتي عقدت في سوشي ومثلت وقتها بوادر تغيير جوهري في توجه الإتحاد الروسي الإستراتيچي الخارجي، وفي هذه القمة اتفق الجانبان على إقامة منتدى شراكة روسية - إفريقية، لتنسيق تطوير العلاقات الروسية الإفريقية، وجعل قمة روسيا - إفريقيا كهيئة عليا لها تنعقد مرة كل ثلاث سنوات، فضلا عن عقد مشاورات سياسية سنوية بين وزراء خارجية روسيا والدول الإفريقية،  كما تم توقيع عدد من الإتفاقيات الإقتصادية والعسكرية تجاوزت قيمتها وقتها تيرليون روبل روسية، الا أن أربعة أعوام مابين القمة الأولى والثانية تعنى الكثير ويمكن قياس وتقييم عدد من ملفات التعاون التى تم التوافق عليها ما بين القمتين وقياس درجات التقدم والتحديات وعوامل الـتأخير، خاصة وأن روسيا مازالت الى الأن الأقل فى حجم الإستثمارات المباشرة , التجارة البينية , الدعم ملفات ومشروعات التنمية , المنح والقروض بالنسبة للقارة الإفريقية بالمقارنة بالقوى الأساسية المتنافسة مع الإتحاد الروسى وهى مجموعة دول الإتحاد الأوروبى , الولايات المتحدة الأمريكية والصين التى مازالت متوفقة على الجميع وتسبق الكل بخطوات مؤثرة داخل القارة الإفريقية, وبخلاف التعاون العسكرى , صفقات الأسلحة والذخيرة , البرامج العسكرية المتبادلة , التدريب والمناورات العسكرية المشتركة , بالإضافة لملف الحبوب والغذاء ولم تقدم روسيا مايقنع 54 دولة أفريقية وإن بدا التعاون الروسى مع بعض الدول الإفريقية أقوى من غيرها الا أنه لم يطال عدد غير قليل من الدول خاصة الأصغر والأكثر فقرا.

تحديات ونقاط أقل إيجابية

ويؤكد زهدى  بالتأكيد هناك أطراف عديدة فى العالم تسعى لوضع حد للتمدد الروسى فى إفريقيا , وهذه الأطراف الدولية تمتلك من الأدوات مايمكنها من تعطيل جزء على الأقل لهذا التمدد بطرق مختلفة منها الضغوط الدولية , العقوبات , استخدام علاقتها المباشرة مع عدد أو كل الدول الإفريقية ومحاولة تقديم بدائل حاسمة عن الدور الروسى المرجو.


وجدير بالذكر أن الإقتصاد الروسى فى حد ذاته وفى ظل ظروف الحرب الحالية وطول أمد الصراع الدولى يمثل تحديا كبيرا على الإتحاد الروسى لأن إفريقيا بالتأكيد تتنظر منح , قروض , إعفاء من فوائد قروض , ودعم مباشر لملفات الغذاء والطاقة والأزمات الإنسانية , وبدون هذا المنح تظل العلاقات الروسية الإفريقية فى مراحلة النيات الحسنة دون واقع ملموس.
- من دون تقديم تغيير مؤثر لدول القارة , سوف تظل دول القارة فى إطار علاقتها مع بدائل تبدو أكثر ترجيحا لتحل محل الدور الروسى.
ولذلك على الإتحاد الروسى استخدام شمولية التعاون لكافة دول القارة الـ54 لأن هناك دول لم تدخل حتى الأن فى أى من إطارات العلاقات الروسية الإفريقية التشاركية المرجوة.
كما أن العقوبات والعقبات المتوقعة التى قد تنتهجها الولايات المتحدة الإمريكية وهى المنافس الرئيس للدور الروسى ضد الدول الإفريقية الأكثر دخولا فى إطار التعاون الروسى الإفريقي كنوع من الضغط على هذه الدول وتوجيه إرداتها بما يخدم الإستراتيجية الأمريكية فى المنطقة.
وأيضا الدور السياسى السلبى للإتحاد الروسى فى بعض الصراعات والأزمات الإفريقية , إما بالتداخل لدعم طرف ضد آخر أو لعدم التدخل على الإطلاق رغم ما يمكن لروسيا من أدوار مؤثرة ممكنة لدعم جهود إحلال الأمن والسلم فى القارة دون تدخل أو توجيه لإرادة الشعوب الإفريقية.

نتائج مرجوة ومتوقعة 

ويشير رامى زهدى  خبير الشؤون الإفريقية الإقتصادية والسياسية والإستثمار إلى تنفيذ حقيقى لخارطة طريق التعاون الروسى الإفريقي والإنتقال من مرحلة "التعهدات الى الإلتزام ثم التنفيذ الفعلى لهذه التعهدات"، وهو إطار تحرص مصر دائما على استخدامه وقد استخدم فى قمة الأمم المتحدة للأطراف المناخية عندما أعلنت مصر أنه أن الأون لتحول التعهدات الى التنفيذ ودخول قوى مؤثر للإتحاد الروسى لحل أزمة الغذاء والحبوب خاصة بعد إنسحاب روسيا من إتفاقية الحبوب، وربما ايجاد آليات بديلة للإتفاقية تضمن للدول الإفريقية الإبقاء على أنصبتها من واردات الحبوب بأسعار تنافسية أو شروط ميسرة أو إعفاء كامل ومنح لبعض الدول خاصة الدول الأكثر فقرا فى القارة.
كما أن ظهور أدوار أكثر قوة وأكثر تأثيرا للقطاعات الخاصة والمجتمعات المدنية فى روسيا وإفريقيا لتعضيد فرص التعاون والشراكة الإيجابية بين الطرفين.
وأيضا تطبيق فعلى لآليات دفع وتبادل تجارى ميسرة بين الطرفين سواء إطلاق التعامل بالعملات الوطنية المحلية , أو بالعملة الروسية أو استحداث عملة جديدة أو حتى آليات مقايضة وتبادل تتيح للدول الإفريقية التعاطى مع مشكلات النقد والصرف والأنظمة البنكية التى تأثرت بالعقوبات الدولية على روسيا وقد تتأثر أكثر فى المستقبل مما يهدد إعتمادية التبادل التجارى بين الطرفين.
- آليات أكثر حسما وواقعية لدور روسي قوى لدعم دول القارة خاصة فى قضية مواجهة التغيرات المناخية و الأمن الغذائى , والطاقة , والطاقات البديلة , النظيفة والمتجددة.
- دعم روسى حقيقي لملفات ومشروعات التنمية فى القارة.

مصر والقمة

ويستطرد زهدى فى القمة الأولى كان الحضور المصرى قوى جدا وكانت مصر فى موضع الرئاسة المشتركة للقمة , حيث تشارك الرئيسان بوتين والرئيس عبد الفتاح السيسى رئاسة القمة لأن مصر وقتها كانت رئيس الإتحاد الإفريقيى , بينما فى القمة الثانية ورغم أن مصر ليست على رأس الإتحاد الإفريقي الا أنها حاضرة وبقوة حيث يشارك الرئيس عبد الفتاح السيسى فى القمة ضمن أكثر من 40 رئيس إفريقى حيث وجهت الدعوة لـ 54 دولة دون إستثناء , مصر تحضر كالعادة فى كل القمم بأجندة عمل قوية , وواقعية وممنهجة لدعم القارة الإفريقية , بينما تحضر مصر القمة بعدة أدوار , منها أنها رئيس للذراع الإنمائى للإتحاد الإفريقي النيباد , وعضو مؤثر فى الكوميسا , وأحد أبرز دول الإتفاقية الشاملة للتجارة الإفريقية الحرة , كما أن مصر أحد الدول المشتركة فى المبادرة الإفريقية لحل الأزمة الأوكرانية.

وتبحث القمة قضايا الإرهاب , الأمن والسلم , الدعم الإنسانى للقارة , وحل مشكلات الغذاء والطاقة بالإضافة لقضية تراكم الديون ودعم جهود توطيد التجارات البينية بين الدول الإفريقية بعضها البعض وبين إفريقيا والعالم وخاصة الإتحاد الروسى وملف توحيد الجهود لدعم البنية التحتية بالقارة هى موضوعات حاضرة دائمة لدى الإدارة المصرية فى مثل هذه القمم , ودائما يتميز العرض المصرى بالشمولية والواقعية وإدراج فرص الحلول الممكنة والمرجحة جنبا الى جنب مع المشكلات المعروضة.

ترشيحاتنا