مبادرة حبوب البحر الأسود .. هل تنقذ الدول من أزمة الغذاء العالمية

صورة موضوعية
صورة موضوعية

أصدرت "الأونكتاد" تقريرًا بعنوان "أمل تجاري...تأثير مبادرة حبوب البحر الأسود"، أوضح أن الأزمة الروسية الأوكرانية تسببت في حدوث موجات من الصدمات للاقتصاد العالمي، لاسيما حدوث الاضطرابات التجارية في المواد الغذائية والأسمدة من اثنتين من أهم دول العالم المنتجة للغذاء، وهما: أوكرانيا، وروسيا.
 
وأشار التقرير إلى أنه في يوليو 2022، تم توقيع مذكرة تفاهم بين الأمم المتحدة، وروسيا؛ لتسهيل وصول صادرات الأخيرة من المواد الغذائية والأسمدة دون عوائق إلى الأسواق العالمية، وبالتوازي تمت مبادرة حبوب البحر الأسود، التي وقعتها روسيا، وتركيا، وأوكرانيا برعاية الأمم المتحدة؛ للسماح بالتصدير الآمن للحبوب، والأسمدة، والمواد الغذائية الأخرى من الموانئ الأوكرانية في البحر الأسود، وقد ساعدت مذكرة التفاهم والمبادرة في خفض تكلفة الغذاء وتحقيق الاستقرار في الأسواق العالمية.
 
هذا، ويركز التقرير على إظهار فوائد مبادرة "حبوب البحر الأسود" ومساهمتها في تخفيف ضغوط السوق، وتجنب أسوأ آثار أزمة الغذاء، حيث إن استمرار المبادرة وتنفيذها بشكل فعال أمر حيوي للأمن الغذائي العالمي، خاصة وأن الأزمة قد تسببت في توجيه الكثير من الشحنات إلى الطرق البحرية الداخلية مثل الأنهار، على رأسها "نهر الدانوب".
 
وفي هذا الصدد تظهر إحصاءات التجارة في الفترة من يناير إلى نوفمبر 2022 زيادة صادرات الحبوب الأوكرانية إلى رومانيا من أقل من ألف طن في عام 2021 إلى أكثر من مليون طن في عام 2022، لكن التجارة عبر المجاري المائية الداخلية تأتي بتكلفة أعلى، ولا يمكن للطرق النهرية التعامل مع السفن الكبيرة، بل تستخدم بدلًا من ذلك سفن شحن صغيرة ومتعددة الأغراض تحمل كميات أقل.
 
ومع ذلك، فإن هذا التقدم هش ولا تزال ضغوط الأسعار قائمة، بينما انخفضت أسعار المواد الغذائية عن أعلى مستوياتها على الإطلاق في بداية الأزمة، إلا أنها لا تزال مرتفعة مقارنة بمستويات ما قبل الحرب الروسية الأوكرانية، علاوة على ذلك، فإن انخفاض قيمة العملة يمنع العديد من البلدان النامية من الاستفادة من انخفاض الأسعار العالمية، كما تتحمل الفئات الأكثر ضعفًا -لا سيما النساء- العبء الأكبر من ارتفاع الأسعار.
 
هذا، ولا تزال الأمم المتحدة ملتزمة بمذكرة التفاهم مع روسيا ومبادرة حبوب البحر الأسود، وإزالة جميع العوائق المتبقية التي تقيد وصول الأغذية والأسمدة من روسيا وأوكرانيا إلى الأسواق العالمية.
 
ومن الجدير بالذكر أن العديد من البلدان النامية والأقل نموًا تعتمد على واردات الحبوب من روسيا وأوكرانيا لتوفير الغذاء بأسعار معقولة لسكانها، ففي إطار المبادرة، تمكنت صادرات الحبوب الأوكرانية من استئناف وصولها إلى الأسواق العالمية، حيث ذهبت صادرات الذرة إلى البلدان المتقدمة والنامية بشكل متساوٍ تقريبًا، بنسبة 51% و49% على التوالي، كما ذهبت صادرات القمح إلى البلدان النامية والأقل نموًا، وتم الحصول على 65% من إجمالي شحنات القمح.
 
ختامًا، تُعدّ مبادرة حبوب البحر الأسود أحد الأمثلة على الإجراءات الملموسة للتغلب على بعض أسوأ أزمات تكلفة المعيشة التي واجهها العالم منذ عقد، ولكن هناك حاجة إلى جهود عالمية منسقة للعمل جنبًا إلى جنب، حيث تمكنت المبادرة من توجيه التجارة في الاتجاه الصحيح لتوفير الوصول إلى المنتجات الغذائية بأسعار معقولة للجميع، ومع ذلك، لا يزال يتعين القيام بالمزيد.

ترشيحاتنا