الأزمة العالمية الحالية عكرت مزاج المصريين

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

محمد نور - علا نافع

«دماغ المصريين متكلفة»، كلمات تجسدها أرقام عديدة وترصدها تقارير حجم استهلاك المواطنين للبن والشاى والسجائر بمختلف أنواعها، فملايين المصريين يتناولون فنجان القهوة يوميًا مرتين على الأقل «لتظبيط المزاج»، لكن يبدو أن الأزمة العالمية الحالية التى أدت لإرتفاع أسعار السلع ونقص الإنتاج ستؤدى لتعكير مزاجهم، بعد أن ارتفعت أسعار السجائر والبن وانتشرت الأنباء عن قلة المعروض من الشاى..

 

أزمة تغير المناخ، تسببت فى نقص إنتاج البن، خاصة فى أمريكا اللاتينية، فبحسب خبراء تقلصت المناطق المهيئة لزراعة البن بنسبة 50٪ على مستوى العالم، مما كان له تأثير سلبى على صناعة البن فى كولومبيا، ومزارعه فى البرازيل التى عانت من الجفاف والصقيع، بينما تشير إحصائية إلى أن استهلاك مصر من القهوة يبلغ 39 ألف طن سنويًا، وهو ما يعادل نصف استهلاكها من الشاى، حيث ارتفع متوسط استهلاك الفرد من 150 جراما سنويًا، إلى 400 جرام، فى دلالة على انتشارها بين المصريين على نطاق واسع.

 

أزمة عالمية
النشرة الصادرة عن الجهاز المركزى للإحصاء عن شهر يونيو الماضى، فيما يخص واردات مصر من البن، كشفت عبر بيانات التجارة الخارجية، أن فاتورة واردات مصر من البن غير المحمص غير منزوع الكافيين خلال الفترة من شهر يناير وحتى سبتمبر العام الماضى بلغت 102.19 مليون دولار، مقابل 78.538 مليون دولار، خلال نفس الفترة من 2020، بنسبة ارتفاع وصلت لـ30.1%، كما ارتفعت فاتورة الواردات خلال شهر سبتمبر 2021 بنسبة وصلت لـ66.3% لتصل لـ11.699 مليون دولار مقابل 7.033 مليون دولار.

 

شعبة البن: 25 % من محصول البرازيل تعرض للتلف

حسن فوزى، رئيس شعبة البن بالغرفة التجارية، أكد أن سبب المشكلة العالمية للقهوة يعود لتلف 25% من محصول البن فى البرازيل، وهو ما أدى لارتفاع الأسعار فى الأسواق، موضحًا أن القهوة يتم استيرادها من دول الـــبرازيل وكـــولومبيـــا وفيتنــام، وإندونيسيا، إضافة للهند وإثيوبيا، مشيرًا إلى وجود سبب أدى لنقص مخزون البن يتمثل فى انخفاض سلاسل الإمداد وحركة النقل العالمى التى تأثرت فى الفترة الأخيرة.

 

أضاف، أن مصر تستورد البن من الخارج، لأن زراعته تحتاج درجات حرارة ورطوبة عالية غير متوافرة فى مصر، موضحًا أن سبب ارتفاع سعر البن فى الأسواق المصرية، هو النقص فى توفيره لأن أى سلعة تنقص يزيد سعرها.

 

تجارب مستمرة لزراعة البن والشاى محليا

إمكانات الزراعة
ومع نقص البن والشاى بالأسواق، تجدد الحديث مرة أخرى عن إمكانية زراعة المحصولين فى الأراضى المصرية، وحقيقة تجارب زراعتها ومصيرها، وقد بدأت محاولات المصريين لزراعة البن على يد محمد على باشا وذلك لعشقه للقهوة، فأعطى أوامره لزراعتها فى حديقة قصره بشبرا ولكنه فشل، ثم خصص حديقة كاملة أطلق عليها «جنة البن»، وكانت فى إحدى مدن الصعيد لكنها اندثرت ولم يعد لها وجود حاليًا، وتوالت تجارب الزراعة بالتحديد فى الصعيد وجاء ذلك فى كتاب «مناهج الألباب المصرية فى مباهج الآداب العصرية» لرفاعة الطهطاوى الذى أشار فيه إلى أن البن المزروع لا يضاهى جودة البن اليمنى، فمثله مثل البن الذى يُزرع فى فرنسا، وهو النوع الذى كان المصريون لا يفضلون تناوله، وتوالت تجارب زراعته مثل المحاولة التى جرت فى بستان الجيزة الذى ضم شتلات من البن.

 

وفى السبعينيات تمت تجربة زراعته بعد جلب الشتلات من اليمن، لكن بسبب الإهمال وعدم وجود الدافع للزراعة توقفت الأبحاث، حتى تم إحياؤها مرة أخرى فى بداية الألفية الجديدة وبالتحديد فى 2002، حيث بدأت زراعته فى محطة بحوث القناطر الخيرية بمناطق زراعة أشجار النخيل والمانجو على مساحة الفدانين، أو المناطق البعيدة عن أشعة الشمس المباشرة فتعريض أشجار البن لأشعة الشمس يسبب احتراق أوراقها، وخروج الثمار فارغة.

 

وتحتاج أشجار البن إلى تربة تتسم بحمضيتها العالية وكونها غنية بالعناصر المعدنية كالبوتاسيوم والمواد العضوية، وهو ما تمتاز به أراضى توشكى وبعض أراضى محافظة البحيرة الرملية، ومنذ عدة سنوات خرج علينا أحد مواطنى محافظة أسوان بعد نجاح تجربة زراعة البن فى حديقته الخاصة ليدعو بتعميم التجربة فى كافة أراضى محافظته.

 

أما زراعة الشاى فلم تطفُ على السطح إلا مؤخرًا خاصة أن مصر تتربع على قائمة الدول العربية الأكثر استهلاكًا له، فقد تم إجراء تجارب لزراعة الشاى فى مصر منذ حوالى عشر سنوات فى وزارة الزراعة بمركز البحوث الزراعية «النباتات الطبية والعطرية»، وذلك بمحطات التجارب فى بهتيم وقها بالقليوبية بُذلت فيها مجهودات قيمة وصادقة وكذلك بالقطاع الخاص بمحافظة الشرقية وأعطت المؤشرات الأولية نتائج مبشرة بالنسبة للنمو الخضرى، لكن توقف المشروع لخلافات وعراقيل فضلًا عن تكلفة زراعته العالية.

 

وطالب النائب البرلمانى علاء حمدى قريطم، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، بضرورة تبنى مصر خطة لزراعة الشاى فى محافظات الصعيد لما تتمتع به تلك الأراضى من تربة مناسبة إلى حد كبير لزراعة النبات.

 

وتقول الدكتورة نهاد مصطفى، أستاذ البن فى معهد البساتين: «يعتقد الكثير أن تربة ومناخ مصر لا يسمحان بزراعة البن، لكن جاءت تجربة زراعته فى محطة بحوث القناطر الخيرية لتؤكد إمكانية نجاحها، وحاليًا تُجرى بحوث لزراعتها بعدد من المناطق فى الإسماعيلية والبحيرة وأسوان للتأكد من نتيجتها، مؤكدًة أن إنتاجية الشجيرة الواحدة من البن قد تصل إلى 5 كجم»، وتشير إلى أن الأجواء المناسبة لزراعته هى الرطوبة العالية والظل وهذا يعنى أن المنتج المصرى من البن لن يضاهى جودة البن البرازيلى أو اليمنى.

 

أسعار السجائر
ولم يكن الشاى أو البن هما السلعتان الوحيدتان اللتان عكرتا مزاج المصريين، فهناك السجائر ويرجع ذلك لأسباب عدة منها نقص بعض أصناف السجائر المستوردة بالسوق المحلى، إضافة لقيام بعض التجار بتخزينها بهدف بيعها بسعر أعلى وتحقيق الأرباح، إضافة إلى أن بعض الشركات أوقفت استيراد التبغ، ووجود شركات أخرى أوقفت التوكيلات وسحبتها من مصر، وهو ما أدى لتحكم تجار الجملة فى الأسعار، لأنه لا يوجد سعر لدى الشركات، فهؤلاء التجار لديهم مخزون من السجائر، وقاموا برفع الأسعار.

 

أثناء جولتنا فى العديد من منافذ بيع السجائر، لاحظنا تفاوت وتخبط فى الأسعار، فمثلًا سعر سجائر المريت الأصفر بسعر الجملة يصل لـ٤٨٧ جنيهًا لـ»الأروسة»، بينما تباع بالأكشاك والمحلات بـ500 جنيه، وتتفاوت أسعار العلبة الواحدة منها ما بين ٥٠ لـ٦٥ جنيهًا، أما السجائر الـ«LM» الأحمر والأزرق والأبيض فتتراوح بين ٣٤٠ لـ٣٥٠ جنيهًا لـ»الأروسة»، ويتراوح سعر العلبة الواحدة بين ٣٥ - ٣٧ - ٤٠ جنيهًا، أما سجائر «كليوباترا» و»بوكس» فسعر الجملة لـ»الأروسة» يصل لـ٢٠٠جنيه، بينما تبيعها بأسعار بين ٢٥ لـ٢٨جنيهًا للعلبة الواحدة، ويصل سعر الجملة لـ»الأروسة» «مارلبورو» لـ٤٧٠ جنيهًا، وتباع العلبة بسعر يتراوح بين ٤٧ - ٤٩ -٥٠ جنيهًا، أما أسعار سجائر «مونديال أحمر» و»لاكى ستريك» فتراوح بين ٣٢ لـ٥٠ جنيهًا للعلبة الواحدة.

 

وكشفت أحدث الإحصائيات الصادرة عن الجهاز المركزى للإحصاء، أن نسبة المدخنين بين الذكور فى مصر تبلغ 35.6٪ مقابل 0.3٪ بين الإناث، وأن 17.7٪ من إجمالى السكان «15 سنة فأكثر» مدخنون، وهو ما يمثل 18 مليون نسمة وفقًا لتقديرات عدد السكان 2020، كما تشير التقديرات إلى أن نسبة الأسر التى بها فرد مدخن فى مصر تبلغ على أقل تقدير 41.3%، وهو ما يؤكد وجود 24 مليون فرد غير مدخن، لكنهم عرضة للتدخين السلبى.

 

شعبة الدخان: نعمل على تصنيع السجائر المستوردة محليا بخطوط إنتاج «الشرقية للدخان»

خريطة الدخان
السيد إبراهيم الإمبابى، رئيس شعبة الدخان والمعسل بغرفة الصناعات، تحدث عن الأسباب التى أدت لنقص بعض أصناف السجائر المستوردة بالسوق المحلى، موضحًا أن السبب يعود لبعض التجار الذين قاموا بتخزينها بغرض تعطيش الأسواق والبيع بسعر مرتفع وتحقيق مكاسب طائلة، لافتا إلى أن السجائر المستوردة يتم حاليًا العمل على تصنيعها عن طريق خطوط إنتاج الشركة الشرقية للدخان، وهذه الشركة وطنية ومتخصصة فى إنتاج السجائر بالسوق المحلى، فضلًا عن وجود بعض الشركات الأجنبية فى مصر الخاصة بإنتاج السجائر، وعددها 4 شركات أجنبية وهى «موريس، وفيليب، وجى تى إى اليابانية»، إضافة لشركة المنصور الدولية، وهذه الشركات تصنع منتجاتها عن طريق خطوط إنتاج الشركة الشرقية للدخان، إضافة لـ»المتحدة للتبغ»، وهى شركة مصرية أيضًا.

 

أضاف، أن هناك شركات تستورد سجائر من الخارج وهذه الشركات متوقفة، لافتًا إلى أن إنتاج السجائر بالسوق المصرى يصل لـ85 مليار سيجارة، وأن إنتاج «الشـــرقية للـــدخـــان» يصل لـ68مليــــار ســــيجارة، والشركات الأجنبية فى مصر تنتج 17مليار سيجارة، مشيرًا إلى وجـود 3 شرائح من الشعب المصرى تستهلك السجائر فى السوق المحلى، وهى «الشريحة الدنيا» التى تستهلك السجائر بسعر 24 جنيهًا فيما أقل، و«الشريحة الوسطى» تستهلك السجائر التى يصل متوسط سعرها بين 24 لـ35 جنيهًا، و«الشريحة العليا» التى تستهلك السجائر التى يزيد سعرها على 35 جنيهًا فأكثر.

 

اقرأ أيضا: لـ الشاى فوائد وأضرار والأحمر لأصحاب المزاج


 

ترشيحاتنا